يتميز بعد الاطفال التوحديين بقدرات غير عادية.. ما هي هذه القدرات؟ اليكم بعض الامثلة بالصور
هل ذكاء الأطفال التوحديين عادي؟
كثيراً ما يتردد أن الأطفال التوحديين تكون قدراتهم العقلية (مستوى ذكاؤهم) عادية إلا أنهم لا يتركون هذا الانطباع لدى الغير بسبب ما يعانونه من صعوبات في قدرتهم على التواصل والتفاعل الاجتماعي.
وتشير الدراسات إلى أن ثلثي الأطفال التوحديين تقريبا عندما يخضعون لاختبارات الذكاء تكون درجاتهم دون المتوسط أي أنهم يعانون من إعاقة عقلية بالإضافة إلى التوحد. أما الثلث الأخير فتكون درجاتهم ضمن المتوسط أي أن قدراتهم العقلية عادية.
وتوفر نتائج الأطفال التوحديين في مقاييس الذكاء مؤشرات معقولة يمكن الاعتماد عليها في توقع ما سوف تكون عليه مستوياتهم التعليمية والاجتماعية.
وهذا أمر مهم لأن قرابة الثلثين من الأطفال التوحديين تكون درجات ذكاؤهم دون المتوسط (أقل من 70)، وانخفاض درجات ذكاء التوحديين ليس نتيجة لتدني أو انعدام الدافعية أو عدم الرغبة في الاختبار حيث ثبت أنه عندما تكون الاختبارات المقدمة في مستوى قدراتهم فإنهم يقبلون عليها بدافعية عالية.
كما أن انخفاض الدرجات ليس بسبب صعوبة اللغة أو تأخر اكتسابها حيث أوضحت نتائج بعض الأطفال التوحديين أداء ضعيفاً عندما تكون الأسئلة لفظية في حين يكون أداؤهم عادياً عندما تكون الأسئلة غير لفظية.
بعض القدرات التي يتميز بها الأطفال التوحديين:
قدرات رسم غير عادية:
أظهرت طفلة توحدية قدرة غير عادية على الرسم وتعتبر حالتها من أول الحالات التي تم توثيقها علماً بأن الطفلة لم تكن قادرة على الكلام عندما تم التعرف على قدرتها غير العادية. هذه الطفلة بدأت ترسم الأشياء التي تنظر لها عندما كان عمرها ثلاث سنوات فقط في حين أن الأطفال العاديين لا يبدؤون في الغالب رسم الأشياء التي ينظرون إليها قبل سن المراهقة. واتسمت رسومات الطفلة التوحدية بالتكرار مجسدة بذلك رغباتها الاستحواذية.
فعلى سبيل المثال عندما كان عمرها ثلاث سنوات كانت مغرمة لدرجة الاستحواذ بالخيول ورسمت خلال السنوات القليلة مئات الخيول وفي منتهى الدقة. أي أنها ترسم ما تقع عليه العين بشكل حرفي كما لو كانت كاميرا تصوير علما بأن الطفلة لم تكن تمضي وقتاً يذكر في دراسة الخيول ومتابعتها على أرض الواقع وكانت تكتفي بصور الخيول التي تراها بشكل عابر في كتب القصص التي تطلع عليها.
إن عدد رسومات الطفلة التوحدية بدأ يقل بشكل متدرج عندما بلغت سن الحادية عشرة. وتطورت قدرتها على الكلام أما الآن فهي لا ترسم إلا بعض الرسومات من حين لأخر.
أحد رسومات الطفلة التوحدية وعمرها ثلاث سنوات.
أحد رسومات الطفلة التوحدية وعمرها خمس سنوات.
طفل آخر توحدي كان مغرماً برسم المباني وعلى العكس من الطفلة السابقة كان يزور المباني التي يرسمها.
وقد رسم أهم المباني الموجودة في نيويورك ولندن وغيرها. ويلاحظ أن الشبه كبير جداً بين رسوماته والمباني الأصلية لا سيما فيما يتعلق بالتصاميم والنوافذ والزخارف لدرجة تثير الدهشة والإعجاب على الرغم من أنه لم يرى المباني الأصلية إلا مرة واحدة قبل أن يرسمها. وغالبا ما يبدأ الرسم بعد أن يعود إلى المنزل أو المدرسة . ولابد لنا أن ننوه هنا على أن غالبية الأطفال التوحديين لا يظهرون قدرات رسم غير عادية.
أحد رسومات الطفل التوحدي (برج إيفل).
القدرة الموسيقية:
يحب الكثير من الأطفال التوحديين سماع الموسيقى ويستطيع بعضهم ترديد مقاطع بعض الأغاني حتى وإن كانت طويلة وبدقة متناهية. ويظهر بعض الأطفال التوحديين موهبة موسيقية خاصة مثل العزف على بعض الآلات التي لم يسبق لهم تعلم العزف عليها لدرجة أن باستطاعة بعضهم عزف الألحان التي يستمعون لها لمرة واحدة بشكل دقيق. وكما هو الحال بالنسبة للقدرة على الرسم فإن القدرة الموسيقية لا تظهر إلا عند قليل من التوحديين.
مهارات الحفظ والحساب:
يلاحظ على الأطفال التوحديين قدرتهم على الحفظ فبإمكانهم تخزين قوائم المعلومات في ذاكرتهم وحفظها لفترات طويلة بنفس التفاصيل دون أن يحدث لها أي تغير يذكر.
ومن المظاهر الفردية التي كان يعتقد أنها مؤشر على قدرة الحفظ ما يتعلق بحساب التقويم وهي القدرة على تسمية أي أيام الأسبوع سيصادف تاريخ معين. والتي أتضح أنها ليست مجرد قدرة على الحفظ لأن هناك تواريخ كثيرة حدثت في الماضي أو ستحدث في المستقبل، ومثل هذه المعلومات لا تتوفر في تقويم محدد وبالتالي لا يمكن أن يكون الطفل قد حفظها ولذلك فإن الأطفال التوحديين الذين تكون لديهم قدرة حساب التقويم يعرفون القواعد الأساسية التي تعمل بموجبها التقاويم ويقومون بتطبيق هذه القواعد بشكل آلي وبسرعة فائقة حتى وإن كانوا لا يعرفون كيف يقومون بذلك.
وبالفعل يمكن أن يقوموا بهذه العمليات في بعض الأحيان بسرعة تفوق سرعة المختصين في الرياضيات الذين سبق لهم دراسة المعادلة الخاصة بحساب التقويم.
كما أن مهارة الحساب هذه تظهر في بعض الأحيان بشكل آخر مثل القدرة على إجراء العمليات الحسابية (الجمع، الطرح، الضرب، القسمة). بسرعة تفوق في بعض الأحيان سرعة من يستخدم الآلة الحاسبة حتى وإن كانت الأرقام كبيرة.
قدرات أخرى:
من القدرات الأخرى التي لوحظت عند بعض الأطفال التوحديين القدرة على تجميع أجزاء الألغاز المصورة حتى وإن كانت درجة صعوباتها تفوق العمر الزمني للطفل وفي بعض الأحيان يستطيع الطفل التوحدي تجميع هذه الألغاز وهي مقلوبة أي في أي وضع لا يرى فيه الطفل الوجه الذي رسم عليه.
وهذا يدل على أنهم لا يعتمدون على الصورة بل أن بإمكانهم الاستعاضة بمؤشرات أخرى مثل: شكل القطعة أو ملمسها ليتمكنوا من معرفة موقعها من اللغز.
إن الأسباب التي تقف وراء هذه المواهب والقدرات الفائقة لدى الأطفال التوحديين ليست معروفة حتى الآن.
وقد يكون التدريب المكثف أحد تلك الأسباب إلا أن بعض الأطفال تظهر لديهم تلك القدرات في سن مبكرة وبدون تدريب مكثف مثل حالة الطفلة التوحدية التي ذكرناها سابقاً في قدرتها على الرسم.
ولهذا لا يزال الاعتقاد قائما بان هناك نمط تنظيمي غير مألوف في عمليات المخ لدى التوحديين. يُنصح الآباء والأمهات الذين يلاحظون موهبة معينة عند طفلهم التوحدي بتنميتها وتشجيع الطفل على تطويرها لأنه لم يثبت أن تطوير مثل هذه المهارات يمكن أن يعطل نمو الطفل في جوانب أخرى. كما أن الاهتمام بتنمية المهارات الخاصة لا يعني إهمال جوانب النمو الأخرى.