الزبادي قد يساعد في علاج حمًّى الكلا

كتابة:
الزبادي قد يساعد في علاج حمًّى الكلا

تنوعت فوائد الزبادي بشكل كبير، ولا زال العلم يكتشف المزيد من الفوائد باستمرار، فماذا كشفت هذه الدراسة حول تناول الزبادي الذي يحتوي على البروبيوتيك؟ وما هي العلاقة التي تجمعهما؟

هل الزبادي هو سرُّ علاج حمى الكلا hay fever؟ ذكر تقرير الديلي ميل Daily Mail: "يمكن للبروبيوتكس أن تخفّف العطاسَ وحكة العين". وجد بحث جديد دليلاً أولياً، لكن ليس قطعياً، على أن البروبيوتكس تخفف من الأعراض التحسسية لبعض الأشخاص.

تصيب حمى الكلا واحداً من كل خمسة أشخاص، مسببةً عطاساً مستمراً وسيلان الأنف وحكة العينين. وتحدث عندما يطلق المُهَيّج المُحَسّس استجابة مناعية في الأغشية المخاطية الأنفية، مسبّباً تفاعلاً تحسّسياً. في معظم الأحيان يكون الأشخاص حسّاسين للعوامل المُحسّسة الفصلية كغبار الطلع، ومن هنا جاءت التسمية بحمى الكلا. لكن يمكن أن تستمرَّ الأعراضُ عند بعض الأشخاص على مدار السنة (وهذا يسمى التهاب الأنف الأرجي allergic rhinitis).

كان هناك كثير من الاهتمام حول قدرة البروبيوتكس – وهي بكتيريا نافعة تعيشُ في الأمعاء – على تخفيف اﻷعراض.

حدّدت هذه المراجعةُ 23 تجربةً تتحرى تأثير مكملات البروبيوتكس على التهاب الأنف الأرجي. كانت هذه الدراسات كثيرةَ التباين من ناحيةِ الأشخاص الخاضعين للدراسة، والبروبيوتكس المستخدمة، والمحصّلات المقاسة، وبشكل هامّ النتائج. في حين وجدت معظم الدراسات فائدة في محصّلة واحدة على اﻷقل، لم تجد دراسات أخرى أية فائدة.

استنتج الباحثون أنّه قد يكون للبروبيوتكس تأثيراً مفيداً عندما تضاف إلى عواملَ علاجية أخرى للالتهاب اﻷنف الأرجي، لكن ﻻزالت هناك حاجة لدراسات أكبر وبجودة أعلى ذات قياسات معيارية للتأثيرات.

من أين أتت القصة؟

أجرى الدراسةَ باحثون من كلية الطب في ناشفيل University School of Medicine in Nashville في الوﻻيات المتحدة الأمريكية، ولم يُذكَر تمويل الدراسة. ونُشرت في المجلة الطبية المحكمة International Forum of Allergy and Rhinology.

نقلت معظم وسائل اﻹعلام البريطانية النتائجَ الدراسة بشكلٍ غير ناقد، مقترحة أن الزبادي يمكن أن يكون علاجاً ﻷعراض حمى الكلا. لكن ليست كل أنواع الزبادي تحتوي على البروبيوتكس، وليس من الواضح كون الأشخاص في هذه الدراسات كانوا يتناولون البروبيوتكس بشكل زبادي أم كبسولات. لم تكن الدراسة مخصصة لمرضى حمى الكلا، حيث تضمنت أشخاصاً يعانون من التهاب الأنف الأرجي غير المرتبط بمثيرات الحساسية الفصلية، ولم تجد الدراسة تأثيراً شاملاً على مجموعِ الأعراض المعيارية ولم يقدم الباحثون توصيةً باستخدام البروبيوتكس كعلاجٍ مستقل.

من أي نوع كان هذا البحث؟

كانت الدراسة عبارة عن مراجعة منهجية بحثت في الأدبيّات لتحديد التجارب المضبوطة، قامت بدراسة تأثيرات البروبيوتكس على التهاب الأنف الأرجي. حمى الكلا هي أحد أنماط التهاب اﻷنف الأرجي التي يشير إليها الأخصّائيون الطبيون بالتهابِ اﻷنف التحسسي الفصلي.

وحيث أن تصاميم الدراسة ونتائجها المقاسة متشابهةً بشكل كافٍ، جُمعت نتائج هذه الدراسات في تحليل بُعدي meta-analysis. تهدف المراجعة إلى معرفةِ فيما إذا ساعدت مكملات البروبيوتكس اﻷشخاصَ الذين يعانون من التهاب اﻷنف الأرجي.

غالباً ما تكون المُراجعاتُ المنهجية لتجارب مضبوطة مصدراً جيداً للدليل الموثوق ﻹظهار إذا كانت المعالجة مفيدة. على أية حالٍ فإنّ المراجعة هي فقط لجودةِ الدراسات التي أجريت.

ماذا يتضمن البحث؟

قام الباحثون بالبحث عن التجارب المضبوطة التي درست تأثير البروبيوتكس على التهاب اﻷنف الأرجي، حسب الخصائصِ مسبقة التعريف، ولخّصوا نتائج الدراسات التي توافقت مع معاييرهم النوعية. ثم قاموا بتحليلٍ ﻻحق، حيث جمعوا نتائج تلك الدراسات التي قد استخدمت القياسات السريرية المعيارية لعلاجِ التهاب اﻷنف الأرجي، ﻷخذ صورة شاملة للتأثير العلاجيّ.

وجد الباحثون 153 دراسة، 42 منها كانت مناسبةً. قاموا باستبعاد 19 دراسة، لأنها لم تعطِ نتائجاً باستخدام قياسات محصّلات سريريّة معيارية. كانت الدراسات الـ 23 الباقية بمعظمها تجارب مزدوجة التعمية مضبوطة، مع تجربتين عشوائيّتين تعابُريّتين. أدرجت هذه الدراسات التي ضَمّت 1919 مشاركاً في المراجعة.

تضمنت النتائج المُقاسة قياسين لضبط الأعراض: أحدهُما استبيان نوعيةِ الحياة مع التهاب اﻷنف RQLQ، الذي يتضمَّن أسئلة حول مدى تأثيرِ اﻷعراض على نشاطات النّاس اليومية، والآخر هو اجمالي الأعراضِ الكُلية في التهاب اﻷنف RTSS. قامت بعض الدراسات بقياس مستويات الغلوبولين المناعي E (IgE) في الدّم أيضاً، وهو جسم مضاد موجود طبيعياً ويتدخّل في التفاعلات التحسّسية.

عند اﻹمكان، قام الباحثون بجمعِ النتائج السريرية لهذه القياسات المختلفة ﻷخذ صورةٍ شاملةٍ لتأثير البروبيوتكس.

ما هي النتائج الأساسية؟

وجدت المراجعة أن 17 دراسة من أصل 23 بينت وجودَ تحسّنٍ هامٍ في واحدة على اﻷقل من النتائج المقاسة عند اﻷشخاص الذين تناولوا البروبيوتكس، بينما أظهرت 6 دراساتٍ عدم وجود أيةِ فائدةٍ من البروبيوتكس.

كانت نتائج التحليل البُعدي مختلطة. وكان استبيان نوعيةِ الحياة مع التهاب اﻷنف RQLQ هو القياس الوحيد الذي أبدى تحسناً واضحاً عند تناول البروبيوتكس. عند جمع النتائج من الدراسات الأربع التي قامت بقياس استبيان نوعيةِ الحياة مع التهاب اﻷنف بطريقة سمحت بالمقارنة المباشرة، وجدت الدراسة انخفاضاً متوسطاً مقارنة بالدواء الغُفل placebo يبلغ -2.23 نقطة (95% مجال ثقة (CI) -4.07 إلى -0.4). يقول الباحثون أن انخفاضاً بقيمة 0.5 أو أكثر يعتبر هاماً.

لم يجد الباحثون فرقاً إحصائياً هاماً بين استخدام الغُفل والبروبيوتكس في نتائج RTSS (من مجموع تحاليلٍ ﻷربع تجارب) ونقاط IgE (من ثماني تجارب).

كيف فسر الباحثون النتائج؟

كان الباحثون حذرين في النتائج، وقالوا أنَّ الاختلافات بين الدراسات، كالأنماط المختلفة من البروبيوتكس المستخدمة والأحجام المختلفة في مجموعات أفراد الدراسة، تعني أنه من المحتمل أن يكون التأثير اﻹيجابي الذي وجدوه للبروبيوتكس على نوعيّة للحياة "قد يكون جزئياً على الأقل بسبب عوامل مربكة واختلافات بين الدراسات". وقد أشاروا إلى أن الدراستين القديمتين الأصغر أظهرتا تأثيراً أكبر، بينما لم تجد دراستان أكبر وأحدث تأثيراً أو كان التأثير صغيراً.

وقالوا أن تحليلَهم البُعدي "يشير إلى امتلاكِ البروبيوتكس القدرة على تغيير شدةِ المرض والأعراض ونوعية الحياة" ﻷشخاص يعانون من التهاب اﻷنف الأرجي، لكن الدليل ليس بشكل كافي للتوصية باستخدام المعينات الحيوية لوحدِها لتحسين وضع المريض.

الخلاصة

حدّدت هذه المراجعة 23 تجربة تتحرى تأثير البروبيوتكس على التهاب اﻷنف الأرجي، الذي يعاني منه معظم الناس بشكلِ حمى الكلا. بشكلٍ عام، وجَدَت ما يدلُّ على أنّ تناولَ البروبيوتكس في الزبادي ومكملاته يمكن أن يُحسّن نوعية الحياة عند أشخاص يعانون من التهاب الأنف الأرجي مقارنة بالأخرين. لكنها لم تجد تأثيراً مباشراً على اﻷعراض العامة أو على مستويات IgE في الدم.

أظهرت مراجعة البيانات بعض المشاكل في الأبحاث على البروبيوتكس المتعلقة بالتحسس. استخدمت كثير من سلالات من كائنات البروبيوتكس في الدراسة، على الرغم من أن معظمها من عائلة الشَّقَّاء Bifidobacterium أو العصيات اللبنية Lactobacillus. من المحتمل أن بعض السلاﻻت تؤثر جيداً والأخرى لا تؤثر على الإطلاق. أيضاً من غير الواضح من المراجعة ما شكل هذه البروبيوتكس المأخوذة، مثلاً بشكل زبادي أو مشروبات لبنية أو كبسولات أو أقراص. قد يؤثر هذا على الامتصاصِ والتأثيرات.

كما يحتمل أيضاً أن يكون اﻷشخاصُ الذين جَرت عليهم هذه الدراسات مختلفين كثيراً. على سبيل المثال، تمتد الفئات العمرية من الأطفال الصغار في بعض الدراسات إلى البالغين متوسطي العمر في دراساتٍ أخرى. كما أننا لا نعلم مِمَّ كانوا يعانون بشكلٍ خاص، مثلاً، قد يكون بعضهم يعاني من حمى الكلا، بينما آخرين من المحتمل أن عانوا من تحسّس من عثّ الغبار أو لفراء الحيوانات.

أبلغت بضع دراسات فقط عن نتائجها باستخدام القياسات المعيارية، مما يجعل من الصعب جمع البيانات من دراسات مختلفة. من خلال 23 دراسة حدّدت، جاءت التحاليل المجموعة للتأثيرات على اﻷعراض ونوعية الحياة من أربعِ دراساتٍ فقط لكل منها.

أظهرت المراجعة أن 17 دراسة من أصل 23 وجدت على اﻷقل نتيجةً سريريًّة إيجابيةً واحدةً عند اﻷشخاص الذين تناولوا البروبيوتكس. لكن لم يترجم هذا إلى نتائج مقنعةً على جميع اﻷعراض عند جمع نتائج أربعة من هذه الدراسات. كانت النتائجُ المجموعة إيجابيةً على نوعية الحياة، رغم أنّه بدون معلومات إضافية ﻻ يمكن معرفة عدد اﻵثار اﻹيجابية التي قد تؤثرُ على نوعية حياة المريض اليومية، يقول الباحثون أن انخفاضاً بمقدار 0.5 أو أكثر يعتبر هامّاً. لذلك فإن الانخفاض بمقدار 2.23 في النقاط يجب أن يؤدي إلى اختلاف. على أية حالٍ، إذا لم يكن للبروبيوتكس أي أثر على أعراضِ التهاب الأنف الأرجي، سيكون من المهم معرفةُ الطرقِ التي تحسِّنُ بها نوعيةَ حياة اﻷشخاص.

إن التهابَ الأنف الأرجي، أو بشكل خاصّ حمى الكلا، مشكلةٌ شائعة في المملكة المتحدة، والعلاج ﻻ يفيد الجميع. وبينما لا يُعد الدليل على التوصية بالعلاج بالبروبيوتكس قوياً كفاية، إلا أن الباحثين يقولون أن قليلاً من اﻷشخاص أَبلغوا عن تأثيراتٍ جانبية بسبب تناولها، حيث كان قد أبلغ بعض اﻷشخاص الذين يتناولون البروبيوتكس أنهم عانوا من إسهالٍ أو ألمٍ في البطن أو غازات، لكن أيضاً أعدادٌ مشابهة من الذين تناولوا الغفل placebo عانوا من تلك التأثيرات الجانبيّة.

بشكلٍ عام، ﻻ يمكن للمراجعة أن تحدد بشكل قطعيّ عدد الفوائد التي تمتلكها البروبيوتكس، وكما يقول الباحثون، هناك حاجة لدليلٍ بقوة أفضل.

أثبتت علاجات أخرى لحمى الكلا، كاﻷدوية المضادة للهيستامين، أنها فعّالة لدى كثيرٍ من الأشخاص.

4197 مشاهدة
للأعلى للسفل
×