محتويات
السِّجعُ لغةً واصطلاحًا
السِّجعُ لغةً
ورد في معجم المعاني الجامع: سَجَعَ، يسجعُ، سجعًا: أي استوى واستقام واشتبه بعضه بعضًا، السِّجعُ: الكلام المُِقفَّى، وجمع السجع أسجاع وأساجيع، وسجَّع تسجيعًا تكلَّم بكلامٍ له فواصل كفواصل الشعر من غير وزن، سجع الحمام يسجع سَجْعًا: هَدل على جهة واحدة،[١] والسِّجعُ في تاج العروس: هو موالاة الكلام على رَويٍّ واحد، وعند ابن جنّي سُمّيَ سَجْعًا لاشتباه أواخره وتناسب فواصله، سَجع الكلام فهو مسجوع، وسجعَ بالشيء نطق به على هذه الهيئة، والأُسْجوعةُ: ما سُجِعَ به.[٢]
السِّجعُ اصطلاحًا
تتعدد تعريغات السجع وتتنوع، ومن تعريفاته عند ابن الأثير أنه تواطؤ الفواصل على حرف واحد، أو على حرفين اثنين متقاربين أو على مجموعة حروف متقاربة، وقد يقع السجع في الشعر وكذلك في النثر، ومن الأمثلة عليه قوله تعالى: "والطور، وكتاب مسطور، في رقٍّ منشور، والبيتِ المعمور"[٣] فهذه الآية تواطأت فيها الفواصل على حرف واحد.[٤]
سجع الكُهان والكاهنات في العصر الجاهلي
ظهر هذا الفن على يد الكُهان الذين ادعوا اتصالهم الوثيق بعالم الغيب، فكانوا يتقربون إلى آلهتم، ويكيلون السُبابَ واللعنات على أعدائهم بألفاظ سجعٍ، ومن الكهان الذين استخدموا أسلوب السجع في تكهناتهم الكاهن سلمة بن أبي حية، فكان من أكثر الكهان استخدامًا للسجع في العصر الجاهلي، ومما قاله: "والأرض والسّماء، والعقاب والصَّقعاء، واقعة ببقعاء، لقد نفر المجد بين العُشراء للمجد والسماء". [٥] بالإضافة إلى أن بعض الكاهنات كُن يستخدمن أسلوب السجع مثل الكاهة زبراء من بني رئام، حين أنذرت قومها من غارة قادمة من أعدائهم، بقولها: "واللوح الخافق، والليل الغاسق، والصباح الشارق، والنّجم الطارق، والمُزن الواد، إنَّ شجر الوادي ليأدوا خَتْلا، ويحرقُ أنياباً عُصْلًا، وإن صخر الطَّوْد ليُنذر ثُكْلا، لا تجدون عنه مَعْلا".[٦]
سجع التلبيات الدينية الجاهلية
كانت التلبية موجودة قبل الإسلام، وكان العرب يحجون إلى الكعبة، وكان لكل قبيلة صنم تبتهل وتلبي له بعبارات مسجوعة مكررة تعرف باسم التلبية،[٧] وقد أبقى الإسلام على التلبيات لكنه غيّر من صيغتها بما يوافق عقيدة التوحيد، وتلبية المسلمين هي: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمةَ لك والملك، لا شريك لك"، وتلبيات أهل الجاهلية كانت مختلفة، فتلبية قبيلة قريش هي: "لبيك اللّهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إلّا شريك هو لك، تملكه وما ملك، أبو بناتٍ في فَدَك" وكانت تلبية قيس هي: "لبيك اللهم لبيك، أنت الرحمن، أتتْ قيس عيلان، بحالها والركبان، بشيخها والولدان، مذلّلة للدّيان".[٨]
سجع الوصايا في النثر الجاهلي
الوصايا جمع وصية، وهي ما يُوصي به الحيَّ لبعد مماته، وتأتي بمعنى النصح والتوجيه، وكانت الوصايا تعجُّ بالسجع، نذكر منها وصية زوجة عوف بن ملحم الشيباني لابنتها حينما زفت إلى زوجها بن عمر ملك كندة، تقول: "يا بنية: احملي عني عشر خصال لتكن لك ذخرًا وذِكرًا، والصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والعهد لموقع عينه، والفقد لموضع أنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منكِ إلّا أطيب ريح، والتعهد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فإنَّ حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النّوم مُغضبه".[٩]
سجع الخطباء في العصر الجاهلي
تُعد الخطابة فنًا من فنون النثر، وهي تعد مليئة بالأمثال، وتحتوي على الكثير من السجع القصير، وتتطلب فصاحة اللسان، وقد ظهر العديد من الخطباء في العصر الجاهلي كعمرو بن كلثوم، والحارث بن عباد البكري، وأكثم بن صديق التميمي، وكان من أشهرهم قِس بن ساعدة الإيادي.[١٠]
خطبة سجع لقس بن ساعدة الإيادي
كان قس بن ساعدة الإيادي خطيب العرب، وقد حضر له النبي محمد صلى الله عليه وسلم خطبة في عكاظ، يظهر فيها السجع جليًا بفواصل قصيرة، وألفاظ قوية، إذ يقول فيها: "أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا وَعُوا، مَنْ عَاشَ مَات، وَمَنْ مَاتَ فَات، وَكُلُّ مَا هو آتٍ آت، ليل داجٍ، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة، وأنهار مجراة، إن في السماء لخيرًا، وإن في الأرض لعبرًا، مَا بَاْلُ النَّاسِ يَذْهبُونَ وَلاَ يَرْجِعُون؟! أرَضُوا فَأَقَامُوا؟ أمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟ يا معشر إياد، أين الآباء والأجداد، وأين الفراعنة الشداد؟ ألم يكونوا أكثر منكم مالًا وأطول آجالًا؟ طحنهم الدهر بكلكله ومزقهم بتطاوله."[١١]
المراجع
- ↑ "معنى سجع في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 23/2/2022.
- ↑ "معنى سجع في معجم تاج العروس"، معاجم المعنى الجامع، اطّلع عليه بتاريخ 15/2/2022.
- ↑ سورة الطور، آية:1-2-3
- ↑ "تعريف السجع لغة واصطلاحاً"، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022.
- ↑ شوقي ضيف (1960)، تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي (الطبعة 7)، مصر:دار المعارف، صفحة 420-421، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ شوقي ضيف (1960)، تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي (الطبعة 7)، مصر:دار المعارف، صفحة 421، جزء 1.
- ↑ رشيد محمد وليد، "تلبيات العرب في الجاهلية"، دار منظومة، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022. بتصرّف.
- ↑ قطرب، محمد بن المستنير، الأزمة وتلبيات الجاهلية، صفحة 39.
- ↑ "النثر الجاهلي، الوصايا"، المكتبة العربية الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 16/2/2022.
- ↑ أحمد حسن الزيّات، تاريخ الأدب العربي، صفحة 19- 20. بتصرّف.
- ↑ أحمد حسن الزيّات، تاريخ الأدب العربي، صفحة 21.