السن المعتبرة شرعًا في الأضاحي على اختلاف أنواعها

كتابة:
السن المعتبرة شرعًا في الأضاحي على اختلاف أنواعها

السن المعتبرة شرعا في الغنم

يُشترط لصحّة الأضحية من الغنم عددٌ من الشروط؛ منها أن تبلغ الأضحية السّنّ المقرّر لها شرعاً، والغنم نوعان هما: الضّأن والمعز، وقد حدّد الشّرع السّنّ لكلّ منها، وهو فيما يأتي:

  • الضأن: اتّفق الفقهاء على صحّة ذبح الضّأن إن كان من الثّني؛ وهو من أتمّ السّنة الأولى من عمره، ودخل في السّنة الثّانية، ولكنّ آراءهم تباينت في جواز ذبح الجَذع من الضّأن؛ وهو الذّي أتمّ ستّة أشهر ودخل في الشّهر السّادس، فقد ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ الجذع من الضّأن يُجزء أن يكون أضحية، إن كان سميناً وعظيماً، ويُعرف بأنّه قد أصبح جذعاً ببدء نمّو الصّوف على ظهره، في حين ذهب الشّافعيّة وبعض المالكيّة إلى عدم جواز ذبح الضّأن إلّا عند إتمامها سنة والدخول في السنّة الثّانية،[١] والرّاجح في المسألة أن يُذبح ما أتمّ السّنة من الضّأن فهو أسلم وأحوط، إلّا في حال عدم توفّرها فيصحّ ذبح ما دون السّنة منها وفوق السّتة أشهر؛ وذلك عملاً بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ).[٢][٣]
  • الماعز: لا يُجزئ الذّبح بالماعز إلّا أن تُتمّ سنة وتدخل في السّنة الثّانية، ولا يصحّ ذبح الجذع من المعز؛ أيّ من له ستّة أشهر ودون العام، وهذا باتّفاق جميع الفقهاء.[٣]


السن المعتبرة شرعا في الإبل والبقر

تعدّ الإبل والبقر من الأنعام التي يجوز التّضحية بها، ويُشترط فيها أن تكمل السّنّ المقررّ لها شرعاً، أمّا سنّ الإبل فقد اتّفق الفقهاء من الحنفيّة والحنابلة على أنّ السّن المعتبرة لقبول أضحية الإبل هي خمس سنوات، ولا تصحّ مَن كانت أصغر من ذلك، وأمّا البقر فيجب أن تتمّ السّنتين لتكون الأضحية مُجزئة،[٤] وخالفهم في ذلك المالكيّة واعتبروا سنّ البقر ثلاث سنوات.[١]


السنن المستحبة في اختيار الأضحية

يُستحبّ للمسلم عند اختياره الأضحية وعند ذبحها أن يقوم بجملة من السُّنن، نذكر بعضها فيما يأتي:

  • أن يتخيّر من الأنعام التي يريد تضحيتها ما تكون سمينة وعظيمة وكاملة؛ لأنّ السمينة يكثر لحمها ويطيب، وفي ذلك تعظيم لشأن الأضحية وليس تبخيساً بها، قال الله -تعالى-: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)،[٥] وقد فسّر بعض الفقهاء أنّ اختيار السّمينة والكاملة يُعدّ تعظيماً لشعائر الله -تعالى-، كما أنّه رُوي عن بعض الصّحابة -رضوان الله عليهم- أنّهم كانوا يحرصون على تسمين أنعامهم التي يريدون ذبحها.[٣]
  • أن يضحّي من كان مقتدراً بالإبل فهي الأفضل والأكمل يليها البقر، ويليهما الغنم،[٣] وإن ضحّى بالغنم فليختار منها ما ضحّى به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد اختار لأضحيّته الكبش الأبيض الأملح الأقرن الفحل.[١]
  • أن يأتي بالأضحية إلى مكان الذّبح بطريقة غير معنّفة، فيسوقها سوقاً جميلاً.[٦]
  • أن لا يحلب لبن الأضحية، ولا يجزّ منها الصّوف، ولا ينتفع منها بأيّ شكل كركوبها أو ما شابه؛ لأنّها معدّة للقربة.[٦]
  • أن يُباشر صاحب الأضحية الذّبح بنفسه، فإن عجز عن ذلك وكّل مسلماً لذبحها عنه، ولكنّه يسنّ له أن يحضر ذبحها، وأن يقول: بسم الله، الله أكبر، اللهمّ تقبّل منّي.[٦]
  • أن يتوجّه الذّابح باتّجاه القبلة، ويجعل الأضحية مضطجعة على جنبها الأيمن.[٦]


اختيار الأضحية من الأنعام والعيوب التي ترد بها

تصحّ الأضحية بالأنعام فقط؛ وهي الإبل، والبقر، والغنم، ولا يصحّ بغيرها من الحيوانات، قال الله -تعالى-: (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ)،[٧] كما أنّه لم يُروَ عن رسول الله -صلّى عليه وسلّم- أنّه ضحّى بغير الأنعام،[٨] وهذا ما اتّفق الفقهاء جمعيهم عليه،[٩] في حين أجازالبعض أن تكون بقرة الوحش والضّب على غير المشهور عند فقهاء المذاهب،[١٠] وهو قول شاذّ ولا يُعمل به، وذبح غير الأنعام يُعدّ مخالفة لكتاب الله -تعالى- وسنّة نبيّه -عليه الصّلاة والسّلام-،[١١] ويُشترط لهذه الأنعام كافّة أن تخلو من جملة من العيوب والنّقائص حتى تكون مقبولة عند الله -تعالى-، ونذكر هذه العيوب، فيما يأتي:[٣]

  • العوْراء البيّن عورها، وهي التيّ غطّى البياض أغلب عينها، وإن كان شيئاً يسيراً فإنّها تُجزئ.
  • المريضة البيّن مرضها، أمّا ما كان مرضها يسيراً فلا تردّ.
  • العرجاء البيّن عرجها، أو من كانت مقطوعة رجلها أو مكسورة، أو كلتيهما.
  • العجفاء أيّ الهزيلة الضّعيفة التي لا تقوى على شيء، كناية عن كبر سنّها، وقد جاء النّص صريحاً في ذكر هذه العيوب، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يُضَحَّى بالعرجاءِ بَيِّنٌ ظَلْعِهَا، ولا بالعوراءِ بَيِّنٌ عورها، ولا بالمريضةِ بَيِّنٌ مرضها، ولا بالعجفاءِ التي لا تَنْقَى).[١٢]
  • الثولاء: فلا تُجزئ المجنونة التي تسبّب جنونها في هزلها؛ لأنّها لا ترعى إلّا يسيراً، ولا خِلاف في ذلك.
  • المقطوعة الأُذُن: وهي الشاة التي قُطِعت أُذُنها؛ فإن كان بعض الأذن مقطوعاً والقَطع ليس ظاهراً فإنّها تجزئ، أمّا إن كان كثيراً فلا تُجزئ، وهي تُجزئ إذا كان هناك كَيّ في الأُذُن، أو كانت أُذُنها صغيرة، أمّا التي وُلِدت بلا أُذُن فإنّها لا تُجزئ.
  • ويجدر الذّكر أنّ عيوباً أخرى يُكرهُ وجودها في الأضحية، ومن ذلك: التضحية بالعصماء والشرقاء، والعصماء هي: مكسورة القرن، أمّا الشرقاء، فهي: من اختُرِقت أُذُنها نتيجة الكيّ، وتُكرَه أيضاً التضحية بالخَرقاء؛ وهي ذات الأُذُن المَشقوقة بالطول، بالإضافة إلى أنّ التضحية بالعضباء مكروهة أيضاً؛ وهي التي انكسر قَرْنها بالكامل؛ وكراهة ذلك كلّه جاءت من كون هذه الصفات تُشينها.[١٣]








المراجع

  1. ^ أ ب ت وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، سوريا:دار الفكر، صفحة 2723-2726. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:1963، صحيح.
  3. ^ أ ب ت ث ج كمال السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة:المكتبة التوفيقية، صفحة 371-374، جزء 2. بتصرّف.
  4. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الدرر السنية، صفحة 348. بتصرّف.
  5. سورة الحج، آية:32
  6. ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة 4)، دمشق:دار الفكر، صفحة 2733-2734، جزء 4. بتصرّف.
  7. سورة الحج، آية:34
  8. كمال السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة:المكتبة التوفيقية، صفحة 369، جزء 2. بتصرّف.
  9. يحيى بن هبيرة (2002)، اختلاف الأئمة العلماء (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 332، جزء 1. بتصرّف.
  10. محمد ساعي (2007)، موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي (الطبعة 2)، مصر:دار السلام، صفحة 401، جزء 1. بتصرّف.
  11. حسام عفانة، المفصل في أحكام الأضحية، صفحة 54. بتصرّف.
  12. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم:1497، حسن صحيح.
  13. يحيى بن شرف النووي، المجموع شرح المذهب، صفحة 399-402. بتصرّف.
4333 مشاهدة
للأعلى للسفل
×