الشاب الظريف (شاعر مترقق)

كتابة:
الشاب الظريف (شاعر مترقق)

من هو الشاب الظريف؟

هو محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله التلمساني وقد لُقّب بشمس الدين، والده هو أبو الربيع عفيف الدين سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين العابدي الكومي، وقد ولد هذا الشاعر في القاهرة لكنّه شب في دمشق؛ وذلك لأنّ والده كان وليًا على الخزانة في دمشق.[١]


لماذا سُمي بالشاب الظريف؟

لقب التلمساني بالشاعر الظريف بسبب رقة شعره وغلبة اللين على طبعه، فأصبح يُعرف بالشاب الظريف حتى صار هذا اللقب ملازمًا له أكثر من اسمه،[٢] وقال بعضهم إنّه لُقّب بالشاب الظريف بسبب ميله إلى شعر المجون، وكان كثيرًا ما يتغزل في النساء أو في الغلمان، وقد قال والده عن طريقته في الشعر: "إنّ إفراط شمس يعينه على أن يكون صوفيًا متحققًا على الطريقة الملامتية أي إدعاء الفجور والظهور بمظهره والتقوى والورع في باطنه".[٣]


حياة الشاب الظريف الشخصية

لقد ولد الشاب الظريف في القاهرة كما أسلفنا ذكر ذلك، لكنّه لم يعش فيها بل انتقل مع والده إلى دمشق من أجل عمل والده؛ حيث ولّي في تلك الفترة على الخزانة، فشبّ ابنه في دمشق وترعرع فيها واكتسب من أدبها، وقد عاش الشاب الظريف هناك مع والده إلى أن توفاه الله، ولم تذكر الكتب أو المصادر شيئًا آخر عن الحياة الشخصية للشاب الظريف، وربما يعود ذلك إلى الفترة القصيرة التي عاشها ذلك الشاب، إذ إنه لم يستطع أن يترك أثرًا على صعيد حياته الشخصي.[٤]


نشأة الشاب الظريف العلمية

لازم الشاب الظريف والده في المجالس العلمية؛ إذ إنّه قرأ مع والده كتاب المنهاج على يد مؤلفه ابن شرف النووي، وقد أجازهما معًا في ذلك الكتاب، ودرس كذلك على يد القاضي محي الدين النحاس، وقد ذكره الشاب في مجموعة من الأبيات الشعرية اللطيفة التي تمدحه، وأقام كذلك على يد الأثير الحلبي وهو الفقيه الذي عُني بالتأريخ في تلك الفترة، وقد قيل فيه مجموعة من الأقوال من بينها ما ذكره به الصفدي، إذ قال: "شاعر مجيد بن شاعر مجيد، وكان فيه لعب وعشرة وانخلاع ومجون"، وقال ابن تغري بردي عنه أيضًا: "كان شابًا فاضلًا ظريفًا وشعره في غاية الحسن والجودة".[٤]


وفاة الشاب الظريف

توفّي الشاب الظريف في عام 688 هجريًا، وكان ما يزال في ريعان شبابه، لم يتخط السابعة والعشرين من عمره، وقد دفن في دمشق في مقابر الصوفية، ولم يكن له أشقاء بل كان وحيدًا؛ لذلك فقد كان ألم والده عظيمًا جدًّا، وقد حزن عليه حزنًا كبيرًا، إذ كان قد فقد أخاه منذ فترة وجيزة قبل وفاة ابنه.[٤]


أبيات الشاب الظريف في حب النبي عليه الصلاة والسلام

ورد في ديوان الشاب الظريف مجموعة من الأبيات التي مدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي:[٥]

فَمَا زَالَ نُورُ المُصْطَفَى لائِحًا لَنَا

:::عَلَيْهَا وَأَعْلامُ الحِمَى تَتَشَخَّصُ

وَنَحْنُ إِذَا مَا قَدْ بَدَا عَلَمٌ غَدَا

:::لَنَا مُطْرِبٌ مِنْ أَجْلِ ذَاكَ وَمُرْقِصُ

وَقَالُوا غَداً نَأْتِي دِيَارَ مُحَمَّدٍ

:::فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الَّذي عَنْهُ أَفْحَصُ

أَنيخُوا فَمَا بَالُ الرّكُوبِ وَإِنَّها

:::عَلى الرَّأْسِ تَمْشِي أَوْ عَلَى العَيْنِ تَشْخصُ

أَلَيْسَ الَّذي لَوْلاهُ لَمْ يَنْجُ مُذْنِبٌ

:::وَلا كَانَ مِنْ نَارِ الجَحِيمِ يُخَلَّصُ

نَبيٌّ لَهُ آياتُ صِدْقٍ تَبَيَّنَتْ

:::فَكُلُّ حَسُودٍ عِنْدَهَا يَتَنغَّصُ

أَغاثَ بِرُحْمَاهُ الغَزَالَةَ إِذْ شَكَتْ

:::وَكَانَ لَهَا في ذَاكَ غَوْثٌ وَمَخْلَصُ

نَبِيٌّ بِأَمْلاكِ السَّماءِ مُؤَيَّدٌ

:::وَبِالمُعْجِزاتِ البيِّناتِ مُخَصَّصُ


أبيات الشاب الظريف في الغزل

ورد الكثير من الأبيات الشعرية في ديوان الشاب الظريف التي جاد بها في الغزل والعشق إذ قال:[٦]

يا رَاقِدَ الطَرْفِ ما لِلطَّرْفِ إغفاءُ

:::حَدّثْ بِذاكَ فما في الحُبِّ إخْفاءُ

إنَّ اللَّياليَ وَالأيَّامَ مِنْ غَزَلي

:::في الحُسْنِ والحُبّ أَبْناءٌ وأَنباءُ

إذْ كلّ نافرةٍ في الحُبّ آنِسةٌ

:::وَكُلّ مَائِسَةٍ في الحَيِّ خَضْراءُ

وَصَفْوَةُ الدَّهْرِ بَحْرٌ والصّبا سُفُنٌ

:::وَللِخلاعَةِ إرْساءٌ وإسْراءُ

يا ساكِني مِصْر شَمْلُ الشّوْقِ مُجْتَمِعٌ

:::بَعْدَ الفِراقِ وَشَمْلُ الوَصْلِ أَجْزاءُ

كأنّ عَصْرَ الصِّبا مِنْ بَعْدِ فُرْقَتِكُمْ

:::عَصْرُ التّصابي بِهِ لِلّهْوِ إِبْطاءُ

نارَ الهَوَى لَيْس يَخْشَى مِنْكِ قُلْبُ فَتىً

:::يكونُ فيهِ لإبراهيمَ أَرْجَاءُ


أهم قصائد الشاب الظريف

على الرغم من الحياة القصيرة التي عاشها الشاب الظريف وعدم معاركته الطويلة للحياة، فإنّه استطاع أن يتمخض عن مجموعة من القصائد الشعرية الجميلة، التي كان لها أثر حتى هذه اللحظة، ومن أهمّ القصائد التي ألفّها:[٧]


يا ذا القمر المنير في الآفاق

قصيدة يا ذا القمر التي لم تكن طويلة، إذ إنه اختصرها في بيتين اثنين، ولكن فيها من المعاني والتشابيه المعبرة ما تميل إليه القلوب والأذهان:[٨]

يا ذَا القَمَرُ المُنيرُ في الآفاقِ

:::الصَّبْرُ فُنِي فِيكَ وَوَجْدِي باقي

كَمْ تَلْسَعني عَقْرَبُ صُدْغَيْكَ عَسَى

:::أَنْ تَسْمَحَ لي مِنْ فِيكَ بالدّرْياقِ


أبدًا بذكرك تنقضي أوقاتي

وهي واحدة من القصائد التي صنفت من أجمل ما قيل في الحب والخلوات عند الصوفية، وهي:[٩]

أَبدًا بِذكْرِكَ تَنْقَضِي أَوْقَاتِي

:::مَا بَيْنَ سُمَّاري وَفي خَلَواتي

يَا وَاحِدَ الحُسْنِ البَديع لِذاتِهِ

:::أَنَا وَاحِدُ الأَحْزانِ فيكَ لِذَاتي

وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلتْ حَواسِي مِثْلَمَا

:::بِجَمالِكَ امْتلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي

حَسْبِي مِنَ اللَّذاتِ فِيكَ صَبَابةً

:::عِنْدِي شُغِلْتُ بِهَا عَنِ اللَّذَّاتِ

وَرِضَايَ أَنِّي فَاعِلٌ بِرِضَاكَ ما

:::تَخْتارُ مِنْ مَحْوِي وَمِنْ إِثْباتي

يَا حَاضِرًا غابَتْ بِهِ عُشَّاقُهُ

:::عَنْ كُلِّ ماضٍ في الزَّمانِ وآتِ

حَاسَبْتُ أَنْفاسِي فَلمْ أَرَ وَاحِدًا

:::مِنْهَا خَلَا وَقْتًا مِنَ الأَوْقَاتِ

وَمُدَلَّهِينَ حَجبْتَ عَنْكَ عُقُولَهُمْ

:::فَهُمُ مِنَ الأَحْياءِ كَالأَمْواتِ

تَتْلو على الهَضَباتِ تَطْلُبُ ناشِدًا

:::مِنْهُمْ كأَنَّك في ذُرَى الهَضَبَاتِ

لَمَّا بكوْا وضَحِكْتُ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ

:::شَأْني وَقَالوا الوَجْدُ بِالعَبراتِ


الشاب الظريف الشاعر المترقق الذي اشتغل أتباع والده في تفسير قصائده تفسيرًا صوفيًا، وقد تنوّع شعره ما بين غزل، ومجون، وله قصيدة واحدة في مدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.


المراجع

  1. خليل بن دعموش، الصورة الشعرية في ديوان أبي الربيع، صفحة 41. بتصرّف.
  2. الشاب الظريف، ديوان الشاب الظريف، صفحة 2. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب موجز دائرة المعارف الإسلامية، صفحة 371. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت محمد بن سليمان شاب الظريف، ديوان الشاب الظريف، صفحة 12. بتصرّف.
  5. " لعل أراك الحي ليلا أراكه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 10/9/2021.
  6. " يا راقد الطرف ما للطرف إغفاء"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 10/9/2021.
  7. قواجلية لامية، روبال وسام، شعرية الصورة في ديوان شمس الدين بن عفيف، صفحة 41. بتصرّف.
  8. "يا ذا القمر المنير في الآفاق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 10/9/2021.
  9. "أبدا بذكرك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 10/9/2021.
4994 مشاهدة
للأعلى للسفل
×