الشاعر بابلو نيرودا

كتابة:
الشاعر بابلو نيرودا

الأدب الإسباني

إنَّ تعريف الأدب بشكل عامّ هو نتاج شعري أو قصصي أو روائي بارزٌ ولامع وله مكانَتُهُ في ميزان الأدب العالمي، وهذا التعريف ينطبق على الآداب المختلفة باختلاف اللغة التي كُتِبَ بها كُلُّ أدب، وفيما يتعلّق بالأدب الإسباني على وجه الخصوص فإنَّهُ يمكن تعريفهُ على أنَّه الأدب التي كُتبَ باللغة الإسبانية مع اختلاف الأماكن التي كُتبَ فيها؛ وهذا لأنَّ اللغة الإسبانية متداولة في إسبانيا وأمريكا اللاتينية، ومن الجدير بالذكر أنَّ الأدب الإسباني حَوى أسماءً لامعة في ميزان الأدب العالمي شعرًا وروايةً وقصّةً، ولعلَّ أبرزَ هذه الأسماء الشاعر فيديريكو غارثيا لوركا والشاعر بابلو نيرودا، وهذا المقال مخصّصٌ للحديث عن بابلو نيرودا من جوانب عدّة.

نبذة عن بابلو نيرودا

بعد ما وردَ من تمهيد سابق تَجَسّد في تعريف الأدب الإسباني، لا بدَّ من التفصيل في أحد أعلام هذا الأدب، وهو الشاعر بابلو نيرودا، وسيكون التفصيل في حياتِهِ وأعمالِهِ على الشكل الآتي:

نشأة بابلو نيرودا

خفيَ عن الناس اسم بابلو نيرودا الحقيقيّ وهو نفتالي ريكاردو رييزولد، شاعرٌ لاتينيٌّ كتبَ باللغة الإسبانية وهو محسوب على الأدب الإسباني، ولدَ نيرودا في عام 1904 في قرية صغيرة وهي قرية بارال تقع وسط دولة تشيلي التي تمتدّ على طول الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، من أمٍّ تعمل في مجال التدريس وأبٍ يعمل في مجال السكك الحديدية، تزوّج نيرودا مرتين، الأولى من الهولندية ماريكا وأنجب منها طفلتَه مارفا مارينا، والثانية من الأرجنتينية ديليا ديل كاريل، وقد بدأ كتابة الشعر وهو ابن خامسة عشرة، وقد ذاع سيطُ قصائدهِ حتّى انتشرت في أرجاء تشيلي وخرجت إلى العالمية. [١]

المسيرة الأدبية للشاعر بابلو نيرودا

بدأ بابلو نيرودا كتابة الشعر -كما وردَ سابقًا- في سنِّ الخامسة عشرة، وقدْ قُدِّرَ لقصائدهِ أنْ تصلَ إلى العالمية، حتّى حصل على جائزة نوبل للأداب عام 1971، فكان نيرودا الشاعر الأشهر والاسم الأبرز بين شعراء أمريكا الجنوبية بشكل عامّ، ومن أشهر مؤلفات بابلو نيرودا المجموعة التي عنوانُها: "عشرون قصيدة حب وأغنية يائسة" وهي مجموعة شعرية ضمّت عشرين قصيدة تُرجمت لعددٍ من اللغات، وقد كتبَ نيرودا سيرته الذاتية تحت عنوان: "أشهدُ أنّني قد عشت" وتُرجمت سيرتُه لعدد من اللغات من بينها اللغة العربيّة، وقد اتّسم أدب نيرودا بالإنسانية، فقد وقف في صفِّ البُسطاء مُدينًا كلَّ اضطهاد ضدَّهم، ومُسلِّطًا شعرَه سيوفًا في وجه الطغاة والمتسلطين على خبز الفقراء، وهذا كانَ واضحًا في ديوانِه "إسبانيا في القلب"، الذي أظهر فيه جرأتَهُ ومواجهته الطويلة مع مُستغليّ الشعوب ومَصّاصي دماء البسطاء.

المسيرة السياسية للشاعر بابلو نيرودا

يمكنُ تلخيص المسيرة السياسيّة للشاعر بابلو نيرودا في أنّه كانَ منخرطًا في مجال السياسة بحكم عملِهِ سفيرًا في عدد من الدول الأوروبيّة، وكان نيرودا شيوعيًّا متعصِّبًا، يَعُدُّ الشيوعية سبيلاً وحيدًا وأخيرًا للخلاص من كلِّ المشكلات، وقد زاد تمسُّكُهُ بشيوعيَّتِهِ بعد تفشّي الشيوعية في روسيا وانتشارها على نطاق واسع، وممّا زادَ تعصّبَهُ أيضًا هو زواجه من الأرجنتينيّة ديليا ديل كاريل التي كانتْ تكبره بعشرين عامًا وهي شيوعية متعصبة، فكان مُخلصًا لانتمائه حتى استقالتِهِ من العمل في المجال السياسي أو الدبلوماسي، وفي عام 1968 تعرض للمرض الشديد الذي أقعدَهُ ومنعه من الحركة، وقد توفِّيَ نيرودا سنة 1973 متأثِّرًا بمرضِهِ تاركًا واءَهُ نتاجًا أدبيًا لم يزل يُثري خزينة الأدب العالمي، ولم يزل يُتدارس في كلِّ أنحاء العالم. [٢]

مختارات شعرية

إنَّ من أبرز قصائد بابلو نيرودا، قصيدته الرومانسيّة التي قال فيها: [٣].

أهواكِ عندما تصمتين

أهواكِ عندما تصمُتين فأنا أغيبُ في هذا الصمت

وأسمعُكِ من بعيدٍ، وصوتي لم يلامسْكِ بعدُ

بدتْ لي تلكَ العيونُ تُحلِّق

وبدت لي تلكَ الابتسامةُ الواضحة

ووجداني أصبح يكسو كلَّ الأشياء

وحَلَّقتْ فراشة في أحلامي، لامسْتَ روحِي

فبقيتِ رفيقًا لروحي، في كلمات حزينة

أهواكِ من بعيد وأهوى صمتَكِ مع هديلِ ذلكَ الطَّائر

وأسمعُكِ من بعيدٍ وصوتِيَ لم يلامِسْكِ بعدُ

فدعيني أصمُتُ مع صمتكِ

ودعيني أخاطبُ صمتكِ

مع ضوء ذاك القنديلِ

فأنتِ الليلُ بسكونِهِ وكواكبهِ

فصمتُكِ هو ذاك النَّجم البعيد الهادئُ

أهواكِ عندما تصُمتينَ لأنِّي أغيبُ في ذاكَ الصمتِ

فأنتِ بعيدة ومؤلمة مثل الموت

كلمة منكِ أو حتَّى بسمة تكفي

لأكون سعيدًا ولكنَّ تِلكَ السَّعادة لن تأتي.

  • وقال بابلو نيرودا أيضًا في قصيدة عنوانها:

يداكِ

حين تندفع يداكِ

يا حبيبتي

تجاه يديّ

ماذا تقدمان لي

إذْ هما تطيران؟

لماذا تتوقفان فجأة عند فمي

ولماذا أتعرَّفُ عليهما دائمًا

كما لو كنتُ قد لمستُهما

الآن ومن قبل

كما لو كانتا قد عبرتا فوق جبيني

وفوق خصري

من قبل أن توجدَا؟

/

لقد هفهفتْ عذوبتهما

فوق الزمن وفوق البحر،

فوق الدخان وفوق الربيع؛

وحين وضعتِ يديك على صدري

عرفتُ فورًا

جناحي تلك اليمامة الذهبية

عرفت فورًا

ذلك الصلصال

ولون القمح ذاك

/

لقد تجوَّلتُ طوالَ سنوات عمري

بحثاً عنكِ

صعدتُ السلالم

وعبرتُ الطرق

وحملتني القطارات

وأعادتني المياهُ

واعتقدتُ أنني قد لمستكِ

عندما لمستُ حبات الكرم

/

ويعيد لي صقيل الخشب فجأةً

ملمسكِ إلى ذهني

وتهتف بي شجرةُ اللوز

بعذوبتكِ الخفيَّة

إلى أنْ تنغلقَ يداكِ فِي صدري

وتنهيان رحلتهما هناكَ

كأنهما جناحانِ صغيرانِ.

وقال نيرودا أيضًا في قصيدة كتبها للشاعر الإسباني لوركا بعنوان نشيد لفيديريكو غارثيا لوركا:

لو كنت أستطيع البكاء في منزل وحيد، لو كنت أستطيع أن أقتلع عينيَّ وآكلهما، سأفعل ذلك من أجل شعرك الذي ينساب وهو يصرخ لأن المستشفيات، من أجلك، بالأزرق تُصبغ، وتكبر المدارس والأحياء البحرية، وتمتلىء بأجنحة الملائكة الجرحى، وتتدثر الأسماك بحراشفها والقنافذ تطير باتجاه السماء من أجلك، مشاغل الخياطة، وغلالتها السوداء، تمتلئُ بمعالق ودماء، وتبتلع أشرطة حمراء، وتقتل بعضها بعضًا بالقُبُلات وترتدي عباءة بيضاء عندما تحلق مرتديًا دراقًا عندما تضحك بضحكة أرز عاصف، عندما تحرّك لتغني بحنجرتكِ وأناملك سأموت من أجل الوداعة، التي هي أنت سأموت من أجل البحيرات الحمراء، في عزّ الخريف سأموت من أجل المقابر التي كأنهار رمادية، تنساب ليلا، حاملة مياها وقبورا، بين ألبسة غطس غرقى: أنهار متراصة مثل مضاجع جنود مرضى، فجأة تتجه صاعدةً نحو الموت، في أسواق مرمرية الأرقام، وتيجان عفنة، وزيوت مرمرية. سأموت، لأراك ليلا، تتطلع إلى المصلوبين الخاضعين، يمرون، واقفا وأنت تبكي، لأنك أمام نهر الموت تنتحب، تبكي منتحبًا، بعينين مليئتين بدموع، بدموع، بدموع ما نفع الأبيات، إذا لم تكن لهذا الليل الطويل، الذي فيه، يخترقنا خنجر مرّ، لهذا اليوم، لهذا الغسق، لهذه الزاوية المهشمة، حيث يتهيأ القلب المجلود للإنسان، للموت؟ [٤].

المراجع

  1. "10 حقائق مثيرة للاهتمام حول بابلو نيرودا"، www.dorar-aliraq.net. بتصرّف.
  2. بابلو نيرودا, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-10-2018، بتصرّف
  3. الشعر العالمي: بابلو نيرودا, ، "www.adab.com"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-10-2018، بتصرّف
  4. من قصائد بابلو نيرودا: نشيد إلى فيديريكو جارثيا لوركا, ، "www.marefa.org"، اطُّلِع عليه بتاريخ 17-10-2018، بتصرّف
4836 مشاهدة
للأعلى للسفل
×