الشفاه وظائفها، أمراضها، هل يمكن البقاء بدونها؟

كتابة:
الشفاه وظائفها، أمراضها، هل يمكن البقاء بدونها؟

الشفاه

توصف الشفاه تشريحيًا بأنها تراكيب ليّنة وطريّة وتشكّل أطراف الفم، وتتكوّن من الجلد كطبقةٍ سطحيةٍ ومن النسيج الضام وطبقةٍ عضليةٍ، ويوجد في الجلد عند الإنسان الشعر والغدد الدهنية والعرقية، أما حواف الشفاه فتكون حمراء اللون، وهي مزوّدة بأعدادٍ كبيرة من النهايات العصبية الحسية، وتعتبر هذه الحواف المنطقة الانتقالية بين المنطقة الجلدية المحتوية على بصيلات الشعر والبطانة المخاطية الداخلية، حيث أنّ السطح الداخلي للشفتين مغطّى بغشاء مخاطي رطب، ويكون أكثر سمكًا عند الأطفال حديثي الولادة مقارنةً بغيرهم من المراحل العمرية المختلفة، ويحتوي على غددٍ دهنيةٍ وبروزاتٍ تشبه الحُليمات، ويتناسب هذا التركيب مع عملية المص لديهم، وتحيط العضلة المدارية بفتحة الفم، وتتجه باتجاه الخدين، وبذلك يحدث اختلاف في شكل الشفاه، وتصاب الشفاه كغيرها من أجزاء الجسم بعدة أمراضٍ بعضها يكون على شكل بثورٍ وبعضها على هيئة بقعٍ سرطانيةٍ، وقد تكون أطراف الشفاه متشقّقة وملتهبة بفعل الجفاف في الجو الحار أو بسبب التعرّض للمهيّجات الكيميائية أو كمضاعفاتٍ جانبيةٍ لاستخدام بعض المضادات الحيوية.[١]

أجزاء الشفاه

تحتل الشفة العليا المنطقة المحصورة بين قاعدة الأنف من الجهة العلوية والطيات الشفوية الأنفية من كلا الجانبين ولغاية الحافة الحرة من الشفة من الأسفل، بينما تمتد الشفة السفلية من الحافة من الجهة العليا إلى صوار الفم وهو اتصال الشفة العليا للفم بالسفلى ومن ثم إلى الفك السفلي، ويبرز خط رفيع شاحب اللون على حدود الشفاه يقوم مقام الخط الفاصل عن الجلد الطبيعي، وتتكوّن الشفتين العلوية والسفلية من عدة طبقات من الخارج إلى الداخل وتشمل طبقة البشرة وأنسجة تحت الجلد وألياف وعضلات وغشاء مخاطي، وعند أخذ مقطع عرضي في الشفة لدراسة مكوّناتها يمكن ملاحظة الشرايين الشفوية العلوية والسفلية أثناء مرورها بين ألياف العضلات المدارية والغشاء المخاطي، وتكسب الشفاه لونها المميّز بسبب وجود العديد من الشعيرات الدموية المغطاة بظهارة حرشفية غير مقترنة، ويمكن مشاهدة أيضًا عدد من الغدد اللعابية.[٢]

وظائف الشفاه

تتميّز الشفة العليا بوجود زوجٍ متناظرٍ من حوافٍ طرفيّة عموديّة تحت حاجز الأنف مباشرة، ويتم اكتساب شكلها بواسطة وجودالكولاجين الجلدي إلى جانب أنسجةٍ مرنةٍ بشكلٍ وفير، ومع تناقص المرونة وتقدّم العمر يتراجع بروز هذه الحواف، وتقوم هذه الحواف بدور في تمدّد الشفة العليا، وعمومًا تحيط الشفاه بتجويف الفم وتلعب دورًا مهمًا في عملية المضغ وإظهار تعابير الوجه، كما وتساعد في عملية تناول الطعام والمحافظة عليه داخل التجويف الفموي خلال المضغ، كما أنّها تمنع تسرّب السوائل واللعاب، وللشفاه دورٌ مهمٌ جدًا عند الأطفال خلال عملية الرضاعة بحيث يتناسب شكل الشفاه وحركتها بأخذ وضعية تناسب شفط حلمة الثدي، ولا يمكن عزل الشفاه عن عملية إصدار الأصوات والتحدّث؛ حيث إنّ الشفاه تشارك في إصدار بعض الحروف كالميم والباء، وفي حالات فقدان السمع قد يعتمد الشخص الأصم على قراءة حركة الشفاه والفهم دون سماع صوت المتحدّث، وتلعب الشفاه دورًا أيضًا في عمليات عزف الموسيقى في الآلات التي يتم النفخ فيها، ويمكن التعبير بواسطة الشفاه عن عواطف الإنسان وحالته النفسية بإظهار الابتسامة التي تدل على التفاؤل أو إظهار العبوس والامتعاض، ونظرًا لتواجد النهايات العصبية الحسيّة فإنّ الشفاه تعتبر منطقة جذب جنسية كما أنها وسيلة للتعبير عن المحبة عن طريق التقبيل.[٣]

أمراض الشفاه

لا يواجه الأطباء المختصيين صعوبةً في ملاحظة وتشخيص أمراض الشفاه، ويعزى ذلك إلى أنّ الشفاه من الأجزاء الظاهرة للعيان في جسم الإنسان، وعند حدوث أي تغيّرات تدل على التهابات أو ردّ فعلٍ تحسّسي أو تهيّج أو ورم يمكن تقييمه بسهولة، ويتم الحكم وتشخيص الأمراض بإجراء مقدّم الرعاية الطبية فحص بدني تام للمريض بعد أخذ السيرة المرضية منه بالتفصيل، ويجب تقييم الشفاه بالنظر واللمس وفحص العقد اللمفاوية الموجودة في العنق والعقد الموجودة أسفل الفك وتحت اللسان، وقد يتم اللجوء للفحص المخبري ولقسم علم الأمراض لتحليل العينة تحت المجهر لتحديد السبب الكامن وراء التغيرات الطارئة في الشفاه، ومن السهل علاج الحالات المرتبطة بالشفاه بالذات التي قد تتحوّل لنموٍ سرطانّي؛ ويرجع ذلك إلى إمكانية التشخيص المبكّر، ويعتمد علاج أمراض الشفاه غالبًا على المسبّب فيمكن علاج التحسّس بتجنّب المواد المسبّبة للتهيّج، وعلاج الأمراض التي سبّبها الجلد بالمراهم اللازمة،[٤] ويمثّل التالي عرضًا لأهمّ الأمراض التي تصيب الشفاه بشيءٍ من التفصيل:

تقرّحات الفم

وغالبًا هذه الحالة لا تعدّ خطيرةً وتزول التقرّحات الفمويّة من تلقاء نفسها في غضون أسبوعٍ أو أسبوعين، ويجب على المريض خلال فترة الاستشفاء تجنّب المواد التي تهيّج التقرّحات لضمان تسريع عملية الشفاء وتقليل الألم والحدّ من فرصة تكرار حدوث هذه التقرّحات، ويمكن استخدام غسول الفم المضاد للميكروبات مع تقرّحات الفم، وتعتبر تقرّحات الفم غير معدية وتبدأ غالبًا في الظهور على هيئة حكة أو حرقان حول الفم.[٥]

تشقق الشفاه

ويستخدم هذا التعبير لوصف جفاف الشفاه، ويحدث الجفاف نتيجة التعرّض للطقس الحار أو بسبب تناول بعض أنواع الأدوية كالليثيوم وفيتامين A والرتنويدات، وتعتبر الشفاه المتشقّقة حالة شائعة كثيرًا لدى الناس، ويتم علاج جفاف الشفاه غالبًا باتباع أساليب بسيطة علاجية ووقائية، وتظهر أعراض تشقّق الشفاه على هيئة تقشّر وتقرّحات وجروح في الجلد، وقد يحدث توّرم ونزف.[٦]

التهاب الشفاه

وتسبّب هذه الحالة بقعًا حمراء منتفخة على الشفاه، ويمكن أن تحدث في كلا جانبيّ الشفاه، وتظهر أعراض التهاب الشفاه في الشعور بالألم والحكّة، وقد لا يستطيع المريض تناول الطعام بشكلٍ جيّد ممّا يؤدي إلى فقدانه للوزن، ويحدث التهاب الشفاه نتيجةً لجفاف اللعاب في زوايا الفم، وعند لعق الشفاه يحدث ظرف مثالي من الرطوبة لنمو الفطريات وتكاثرها، ويترافق التهاب الشفاه مع فقر وسرطان الدم ومرض السكري ومتلازمة داون وفيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة وسرطان الكبد والرئة والبنكرياس والكلى.[٧]

زرقة الشفاه

يختلف لون الدم في جسم الإنسان مع اضطراب مكوّناته واختلافها عن القيم الطبيعية، فمثلًا يظهر المؤكسد بلونٍ أحمرٍ فاتح، بينما يظهر الدم الذي يفتقر إلى الأكسجين بلونٍ أحمرٍ داكن أو أرجواني مزرق، وبذلك يمكن أن يسبّب انخفاض نسبة الأكسجين في الدم بتغيير لون الشفاه والجلد إلى اللون الأزرق، ويحدث داء الزرقة عندما تنخفض نسبة تشبّع الأكسجين في الدم إلى ما دون 85 %، وقد تتطوّر الزرقة أيضًا نتيجةً لاعتلال هيموغلوبين الدم، وهو البروتين الذي يرتبط بجزيئات الأكسجين وينقلها في أنحاء الجسم، وتشمل أسباب الزرقة علاوةً على ما سبق ما يأتي:[٨]

  • الإصابة بالتهاب الرئة.
  • وجود تجمّع للسوائل داخل تجويف الصدر.
  • جلطات الدم.
  • النوبات القلبية.
  • التعرّض لبعض المركّبات السامة.
  • انخفاض درجة الحرارة إلى حدّ التجمّد.
  • الأشخاص الذين يعيشون في الجبال العالية.
  • تشير الزرقة إلى وجود مرضٍ كامنٍ يجب علاجه إذا شعر المريض بصعوبةٍ في التنّفس وألمٍ في الصدر ودوار وفقدان للإتزان.

سرطان الشفاه

يحدث السرطان في الجلد المغطّي للشفاه، ويعدّ أحد أنواع سرطان الفم، ويحدث في أيّ مكانٍ من الشفتين العليا والسفلى ولكنّه أكثر شيوعًا في الشفة السفلى، وأغلب أنواع سرطان الشفاه يكون في الخلايا الحرشفية، والتي تتواجد في الطبقات السطحية والمتوسطة، ويعدّ التعرّض لأشعة الشمس إلى جانب التدخين أهم العوامل التي تزيد من فرصة الإصابة بسرطان الشفاه، وبناءً على ذلك يمكن الحدّ من سرطان الشفاه بالإقلاع عن التدخين واستخدام الواقيات الشمسية، وتظهر أعراض سرطان الشفاه على شكل بقعٍ مرتفعةٍ تميل إلى اللون الأبيض، كما أنّه تتطوّر لدى المريض تقرّحات مزمنة وإحساسٌ بالألم والخدر والوخز، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ أصحاب البشرة البيضاء هم أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الشفاه من أصحاب البشرة السمراء، كما أنّ الأشخاص الذين لديهم ضعف في الجهاز المناعي هم أكثر عرضةً، ويتم تشخيص سرطان الشفاه بالفحص السريري للشفاه والوجه والرقبة، ثم باستئصال عيّنة من الشفاه لدراستها مخبريًا وتحديد نوع السرطان وما إذا كان خبيثًا أو حميدًا، ويمكن أن يستعين مقدّم الرعاية الصحية بالتصوير المقطعي أو بالرنين المغناطيسي للحم على السرطان بالانتشار خارج الشفاه أو نفي ذلك.[٩]

يتم علاج سرطان الشفاه جراحيًا بإزالة المنطقة المصابة مع وجزءٍ من النسيج الصحيّ، ويقوم الطبيب المعالج بإجراء عملية تعويض وترميم للشفاه لتسهيل عملية الأكل والشرب والحفاظ على وظائف الشفاه، وقد يتم العلاج بالإشعاع كالأشعة السينية والحزم البروتونية للقضاء على الخلايا السرطانية، ويمكن استخدام هذا الوسيلة بشكلٍ منفرد أو تطبيقها بعد إجراء الجراحة، وهناك أيضًا علاج بواسطة الأدوية لقتل الخلايا السرطانية، وقد يتم استخدام طرق لتنشيط جهاز المناعة لمحاربة السرطان.[٩]

البقع البيضاء

تتطوّر في هذه الحالة بقع بيضاء داخل الفم، وتختلف هذه البقع عن أنواع البقع الأخرى المصاحبة لمرض القلاع والحزاز المسطّح، وقد تتحوّل هذه البقع إلى سرطانٍ في الفم، ويحدث هذا التحوّل في غضون مدةٍ زمنيةٍ تصل إلى 15 عام، وتبلغ نسبة التحوّل السرطاني للبقع البيضاء من 3 - 17 % لسرطانٍ من النوع الحرشفي الجلدي، ويعتمد هذا التحوّل على حجم الخلايا وشكلها، ومن العوامل التي تزيد خطر الإصابة التدخين ومضغ التبغ وجوز الأريكا وشرب الكحول بشكلٍ مفرط، وقد يصاب الإنسان بهذه الحالة دون وجود سببٍ، وتحدث هذه الحالة في المرحلة العمرية من 50 - 70 عامًا وأقل من 1% من نسب الحالات للفئة العمريّة الأصغر من 30 عام، ولأنّ هذه البقع غالبًا لا تسبّب أعراضًا فيتم اكتشافها أثناء الفحص الروتيني للفم، وقبل تشخيص أيّ بقعٍ في الفم يجب استبعاد المسبّبات والأمراض الأخرى التي يترتّب عليها حدوث بقعٍ كالعض المتكرّر للخد والالتهابات الفطرية، ومن ثم إذا تم استبعاد جميع الأسباب ولم تتلاشى البقع خلال فترة زمنية من 2 إلى 4 أسابيع يتم أخذ خزعة منها وإرسالها للمختبر بغرض فحصها وتشخيص الحالة، ويكمن الهدف الرئيسي من علاج هذه البقع منع حدوث التحوّل السرطاني، ويمكن علاج هذا المرض ببعض الأدوية والنصائح أو عن طريق الجراحة، ومن النصائح المهمّة للحدّ من تطوّر سرطان داخل الفم ما يأتي:[١٠]

  • الإقلاع عن التدخين والتبغ.
  • اتباع نظام غذائي متوازن.
  • استخدام الريتينوئيدات، وهي علاجاتٌ قائمةٌ على فيتامين A.

وعند استخدام الجراحة لإزالة هذا الاعتلال، تبقى نسبة تكرار حدوث البقع البيضاء قائمة بنسبة تصل إلى 10 - 20 % و 3 - 12 % في المناطق المعالجة، وقد يدخل الليزر في العلاج والعلاج الضوئي والعلاج بالتبريد أيضًا.

هل يمكن البقاء بدون الشفاه

تتكوّن الشفاه في الأسبوعين الرابع والخامس من عمر الحمل، ومع نمو الطفل تنمو الخلايا ومكوّنات الوجه على الجوانب واتجاه مركز الوجه لتتحد سويًا لتكوين الوجه الطبيعي، وتحدث الشفة الأرنيبة إذا الم تلتصق الأجزاء التي تكوّنها قبل الولادة، وينتج عن ذلك وجود فتحة في الشفة، ويمكن أن تتراوح هذه الفتحة من كونها صغيرة الحجم أو كبيرة تعبر إلى الأنف، ومما سبق ذكره في بداية المقال في الحديث عن أهمية الشفاه للإنسان ولحياته، يجب إجراء جراحة تصحيحية لتجنّب مضاعفات هذه الحالة، حيث أن فقدان جزء من الشفاه يحدث الكثير من المشاكل فكيف إذا لم تكن موجودة بالكامل، وبعد علاج الشفة الأرنبية والخضوع للجراحة يستطيع المرضى العيش بشكلٍ طبيعيّ والتمتّع بصحةٍ جيّدة، عوضًا عن السعادة النفسية بحيث أنّ الأشخاص الذين لديهم تشوّهات ظاهرة قد يشعرون بمشاعر عدم احترام الذات والضيق، ويجب دعم الأطفال من قبل عائلاتهم بالذات الذين يعانون من عيوبٍ خلقيّةٍ في الوجه والرأس لحين الخضوع للجراحة التجميلية.[١١]

المراجع

  1. "Lips ANATOMY", www.britannica.com, Retrieved 2020-06-11. Edited.
  2. "Lips and Perioral Region Anatomy", emedicine.medscape.com, Retrieved 2020-06-11. Edited.
  3. "Anatomy, Head and Neck, Lips", www.ncbi.nlm.nih.gov, Retrieved 2020-06-11. Edited.
  4. "Diseases of the lips", www.sciencedirect.com, Retrieved 2020-06-11. Edited.
  5. "mouth ulcers", www.nhs.uk, Retrieved 2020-06-11. Edited.
  6. "What Causes Chapped Lips and How to Treat Them", www.healthline.com, Retrieved 2020-06-12. Edited.
  7. "Angular Cheilitis", www.webmd.com, Retrieved 2020-06-12. Edited.
  8. "8 causes of lip discoloration", www.medicalnewstoday.com, Retrieved 2020-06-12. Edited.
  9. ^ أ ب "Lip cancer", www.mayoclinic.org, Retrieved 2020-06-12. Edited.
  10. "Leukoplakia:", my.clevelandclinic.org, Retrieved 2020-06-12. Edited.
  11. "Facts about Cleft Lip and Cleft Palate", www.cdc.gov, Retrieved 2020-06-12. Edited.
4837 مشاهدة
للأعلى للسفل
×