محتويات
اسم أم شريك ونسبها
هي أُمُّ شريك بنت جابر الغفاريَّة الأنصاريَّة، وهناك من قال بأنَّها بنتُ أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد من بني عبد الأشهل الأنصاريَّة، وقيل: هي بنتُ خالد بن لوذان بن عبد ودِّ بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة من الأنصار، وقيل: هي بنتُ أبي العسكر بن تيمي، وقيل: غيرُ ذلك في اسمها ونسبها، وقيل: أنَّها أُمُّ شريك القُرشيَّة، وجاء عن ابن حجر أنَّ أُمُّ شريك الأنصاريَّة أو القُرشيَّة واحدةٌ، مع الاختلاف في نسبها بين العامريَّة من قُريش أو من الأنصار، أو من قبيلة الأزد من بني دوس، والجامع بين الرِّوايات الثَّلاث في نسبها،أنَّها من قُريش ثُمَّ تزوَّجت من دوس فنُسبت إليهم، ثُمَّ تزوَّجت أحد الأنصار فنُسبت إليهم، أو لم تتزوَّج ونُسبت إلى الأنصار بالمعنى الأعم.[١]
وقيل: إنَّ اسمها غَزِيَّةُ بنتُ جابر بن حكيم، وكان مُحمد بن عمر يقول عنها: إنَّها من بني مَعيص بن عامر بن لؤي، وقيل: هي من الأزد من قبيلة دوس، وجاء عن موسى التيميُّ عن ابيه: إنَّها من بني عامر بن لؤي من بني مَعيص،[٢] وقيل: إنَّ اسمها غُزَيْلَةُ بنتُ جابر بن حكيم من قبيلة دوس الأنصاريَّة،[٣] وقيل: إنَّ اسمها غزية وليس غُزيلة، وجاء عن أبو عُمر أنَّها من الأنصار من بني النَّجار، والصَّواب في اسمها أنَّه عزيلة،وروى عنها العديد من الصَّحابة والتَّابعين، كجابر بن عبد الله، وابن المُسيب.[٤]
صحة زواج الرسول من أم شريك
جاء عن قتادة أن النبيَّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- تزوَّج بإمرأةٍ من الأنصار من بني النَّجار، وهي أُمُّ شريك، فقال: إني أحبُّ الزواج من الأنصار، وأخبر أنَّه يكره غيرتهنَّ فلم يدخُل بها،[٥] وذُكر أنَّها كانت قد وهبت نفسها للنبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-، ولكنَّهُ طلقها قبل الدُّخول بها،[٦][٧] وقيل: إنَّها وهبت نفسها للنبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- ولكنَّه لم يقبلها، وبقيت من غير زواجٍ حتى ماتت، وجاء عن وكيع أنَّ نساءً كُثر وهبن أنفُسهنَّ له -صلى الله عليه وسلم-، فدخل ببعضهنَّ وأرجأ بعضهُنَّ فلم يتزوجن بعده، وذلك لقوله -تعالى-: (تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ)،[٨] وكانت أُمُّ شريك ممَّن أرجأها.[٩]
قصة شربها من ماء السماء
ذكر عكرمة عند تفسيره لآية: (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)،[١٠] أنَّها أُمُّ شريك من بني دوس، لمَّا أسلم زوجُها أبو العَكر، هاجر مع أبي هُريرة -رضي الله عنه- وقبيلته بني دوس، فجاءها أهل زوجها، وقالوا لها: لعلكِ أسلمتِ كما أسلم زوجك، فأخبرتهم بإسلامها، فقاموا بتعذيبها بحملها على جملٍ غليظٍ من جِمالهم، ويُطعمونها الخُبز بالعسل؛ لكي تعطش، ولا يُسقونها، وفي مُنتصف النَّهار جلسوا في أخبيتهم وتركوها في حرِّ الشَّمس حتى ذهب عقلُها وسمعها وبصرها، وبقوا يُعذبوها لثلاثة أيَّامٍ، وبعد ذلك قالوا لها: إنَّهم يُريدون العفو عنها إن رجعت عن إسلامها، ولكنَّها ثبتت وكانت تُشيرُ بإصبعها إلى السَّماء، فأبقوها بالشَّمس، وقالت إنَّها وجدتُ دلواً من الماء على صدرها، فشربت منه مرةً واحدةً، ثُمَّ أُخذ منها، فنظرت إليه فإذا هو مُعلَّقٌ بين السَّماء والأرض، ثُمَّ نزل إليها فشربت منه مرةً ثانيةً، ثُمَّ رُفع، ثُمّ نزل إليها فشربت منه مرةً ثالثةً حتى ارتوت، وغسلت به رأسها ووجهها وثيابها، فلمَّا رأوا أهل زوجها ذلك قالوا لها: من أين أتيتِ بالماء يا عدوة الله، فأخبرتهم: أنَّ عدو الله من يُخالفُ دينه وأمره، وأنَّه رزقٌ من الله -تعالى- لها، ثُمَّ رجعوا إلى قِرَبِهِم فوجدوها موكَّأة لا تصلحُ للشُّرب، فلمَّا رأوا ذلك أسلموا جميعهم وهاجروا إلى النبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-، ثُمَّ بعد ذلك عرضت نفسها على النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- ليتزوَّج بها، وسمَّاها الله -تعالى- بالمؤمنة.[١١]
روايات أخرى في قصة شُرب أُمّ شريك من ماء السماء
ويذكُر ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّها أسلمت في مكَّة وكانت مُتزوِّجةً من أبي العسكر من قبيلة دوس، فكانت تدعو نساء قُريشٍ إلى الإسلام في السِّر، فلمَّا علموا بأمرها، قالوا لها: لولا قومك لقتلناك ولكنَّنا سنُعيدكِ إليهم، وقاموا بتعذيبها كما ذكر سابقاً،[١٢] وذكر ابنُ إسحاق في قصَّة شُربها من ماء السَّماء، أنّها كانت في سفرٍ فلم تجد ماءً إلَّا عند رجُلٍ من اليهود، فرفض أن يُسقيها حتى تكفُر وتدين بدينه، ففضَّلت الموت على أن ترجع عن إسلامها، فنزل عليها دلوٌ من السَّماء فيه ماءٌ، فشربت منه، وقصَّةُ شُربها من ماء السماء لم يذكُرها إلَّا أصحاب السِّيَّر، وأمَّا غيرُهم من المُحدِّثين، وأصحاب الصِّحاح، والسُّنن، والمسانيد فلم يذكروُها في كُتُبِهِم.[١٣]
ويُذكرُ عنها أنّها كانت غنيَّةً وكريمةً، يقصدُها الضُّيوف، وروت العديد من الأحاديث، منها حديث أمر النبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، وذكر ابنُ إسحاق عن أبي هُريرة -رضي الله عنه- أنَّها أسلمت في شهر رمضان، فقرَّرت الهجرة إلى النبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- وبحثت عمَّن يأخُذها إليه، فوجدت أحد اليهود فسألها عن حالها، فأخبرته بأنَّها تُريد الهجرة إلى النبيِّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلام-، فوافق على طلبها، فأخذها وأخذ معه زوجته، وقرَّرا ألا يُطعمانها أو يسقيانها وهي صائمةٌ، فنزل عليها في الَّليل دلوٌ أو جِرابٌ من الماء فشربت منه، فلمَّا سمع اليهودي صوت الماء خرج إليها.[١٤]
المراجع
- ↑ محمد بن يوسف الصالحي، سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد، صفحة 235-236. بتصرّف.
- ↑ محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 154. بتصرّف.
- ↑ أبو نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابة، صفحة 3406. بتصرّف.
- ↑ أبو الحسن علي بن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 206. بتصرّف.
- ↑ تقي الدين المقريزي، إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، صفحة 97. بتصرّف.
- ↑ مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير، جامع الأصول في أحاديث الرسول، صفحة 104. بتصرّف.
- ↑ [المقريزي]، امتاع الأسماع، صفحة 97.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:51
- ↑ محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 154. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:50
- ↑ محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 155-156. بتصرّف.
- ↑ جمال الدين الجوزي، صفة الصفوة، صفحة 330-331. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن السهيلي، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية، صفحة 578. بتصرّف.
- ↑ أحمد بن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، صفحة 416. بتصرّف.