الصورة الشعرية عند نازك الملائكة

كتابة:
الصورة الشعرية عند نازك الملائكة

من هي نازك الملائكة

الشّعر فنٌّ من الفنون الإبداعيّة في الأدب العربيّ، فتتجسّد فيه رؤى الكاتب وخلجاته، فيعبّر عنها بقالب لغويّ فيه من الصور الشعرية المختلفة التي يستقيها من بيئته وموروثه الثقافيّ والشعبيّ والاجتماعيّ، فيعبّر عن الصورالشعرية بأساليب لغوية منها: التشبيه أو الاستعارة أو المجاز أو الكناية وغيرها، ففي الشّعر العربيّ القديم والحديث فالشّاعرالقديم يستخدم هذه الأساليب في صوره الشعرية ضمن قالب معيّن يمشي فيه على وتيرة واحدة من التناغم مع غيره من شعراء عصره، فعند ظهورالشعر الحديث وتنوّعه ظهرالاهتمام الكبير في الصورة الشعرية وذهب الشعراء إلى التّجديد فيها من ناحية الشّكل والمضمون. فكانت نازك الملائكة، الشاعرة العراقية أحد أبرزالشعراء المعاصرين في الشعر العربيّ الحديث، وتاليًا حديث حول الصورة الشعرية عند نازك الملائكة.

حياة الشاعرة نازك الملائكة

شاعرة ناقدة ولدت عام 1923م في بغداد العراق, حصلت دروسها من الإبتدائية إلى الثانوية في بغداد وتخرجت سنة 1939م من دار المعلمين العالية ببغداد فرع اللغة العربية، تابعت دروساً خاصة في جامعة برنستون وفي جامعة وسكونسن لإعداد الماجستير في الأدب المقارن درست في جامعات عدّة، بغداد والبصرة والكويت. أقامت في لندن والولايات المتحدة وزارات كلاً من فرنسا وإيطاليا وسوريا ومصر والكويت.[١]

وقد ساعدتها دراستها هذه المرة في الإطّلاع على أخصب الآداب العالمية، وإضافة لتمرّسها بالآداب الإنجليزية والفرنسية فقد اطّلعت على الأدب الألماني والإيطالي والروسي والصيني والهندي. تكاد تكون نازك الملائكة رائدة في الشعر الحديث، بالرغم من أنّ مسألة السبق في الريادة لم تحسم بعد بينها وبين بدر شاكر السياب، ولكن نازك نفسها تؤكد على تقدمها في هذا المجال عندما تذكر في كتابها قضايا الشعر المعاصر، بأنها أول من قال قصيدة الشعر الحر، وهي قصيدة الكوليرا عام 1947م، أما الثاني في رأيها فهو بدر شاكر السياب في ديوانه أزهار ذابلة، الذي نشر في كانون الأول من السنة نفسها. [٢]

مفهوم الصورة الشعرية

وفي الحديث عن الصورة الشعرية عند نازك الملائكة لا بُدّ من الإشارة إلى مفهومها المطلق، تعدّ الصورة الشعرية من أهم الركائز التي يقوم عليها العمل الأدبيّ ولا سيّما النّص الشعريّ فالشّعر ضربٌ من التصوير. تختلف الصورة الشعرية في التراث الأدبي القديم عنها في الأدب الحديث، بحيث لا يُعثر على تعبير الصورة الشعرية في الأدب القديم بمفهومه المتداول اليوم، وإن كان شعرنا القديم لا يخلو من ضروب التّصوير، فالصورة الشعرية هي ما يتعلّق بجماليات النّص الأدبيّ وما يدخل من عوامل في تحديد طبيعة هذه الصورة، كالتجربة والشعور والفكر والمجاز والإدراك والتشابه والدّقة، وتعدُّ الصورة الشعرية من أبرز المقومات الفنيّة للقصيدة بوصفها الجزء الأكثر قيمة في بنيتها، فالصورة ذاتها ليست عملية تشكيلية فقط بل هي تركيبية عقلية تنتمي في جوهرها إلى عالم الفكرة والخيال أكثر من انتمائها إلى عالم الواقع.[٣]

الصورة الشعرية عند نازك الملائكة

أسهمت نازك الملائكة إسهامًا كبيرًا في تطوير القصيدة العربية الحديثة في موضوعها وبنائها من خلال محاولاتها الشعرية فكان لها الفضل في انتشار الشعر الحرّ كحركةً بدأت في العراق وانتشرت في الوطن العربيّ بأجمعه. ولا بدّ من تقديم أُنموذج يمثّل الصورة الشعرية عند نازك الملائكة[٤] بعنوان النّهر العاشق، التّي قيلت وقت فيضان نهر دجلة وإغراقه بغداد فتقول:

أين نعدو وهو قد لفّ يديه
حول أكتاف المدينة؟
إنه يعمل في بطء وحزم وسكينه
ساكبًا من شفتيه
قبلًا طينية غطت مراعينا الحزينة

فُهمَ من النّص السابق موقف الشاعرة نازك الملائكة المتحرّك، وهي تعبّر عن الموقف النفسي من هذا الفيضان، فقد تمثّلت الصورة الشعرية عند نازك الملائكة في النّهر محبًا عاشقًا يطوّق المدينة بيديه، وينهال عليه لثمًا، ساكبًا طينه فوق المراعي. فوُجدَ أنّ فكر الشّاعرة يتّسع لكلّ أنموذج في هذه الحياة، كما أنّ في فكرها الناضج تمتلك قوّة إبداعية في الرّصد وتتسم بالدّقة والمهارة في صناعة الشعر وجودة اللفظ وحسن سبكها وعمق الفكر فيها، وكذلك صوّرت نازك الملائكة جانبًا صارخًا من حياة المرأة العراقية عبر قصيدتها غسلًا للعار، بحيث اتّسمت بحساسية الصورة ووضوحها وكانت صورة شعرية مزجت بين الواقع الاجتماعيّ والذهنيّة الفنية للشاعرة، فظهرت الصورة الشعرية عند نازك الملائكة بأبهى حُلّة، ولقد ركّزت نازك الملائكة على الصورة الشعرية في معظم قصائدها وأعطتها أهمية أكثر من موضوع القصيدة.[٥]

المراجع

  1. "معلومات عن نازك الملائكة"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-07-2019. بتصرّف.
  2. "نبذة حول : نازك الملائكة"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-07-2019. بتصرّف.
  3. الدكتورة دلال حسين العنبتاوي (2016)، بدر شاكر السياب قراءة أخرى (دراسة) (الطبعة الأولى)، عمّان-الأردن: الآن/ ناشرون وموزعون، صفحة 89-93. بتصرّف.
  4. نازك الملائكة (1970)، ديوان نازك الملائكة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار العودة، صفحة 537-536، جزء 2.
  5. أ.د.حافظ محمد الشمري (2014)، الفكر في الشعر العربي الحديث دراسة فنية موضوعية (الطبعة الأولى)، بغداد: مركز الكتاب الأكاديمي، صفحة 163 و294. بتصرّف.
6115 مشاهدة
للأعلى للسفل
×