محتويات
هل هناك تاثير للصوم على قدرة اللاعبين البدنية؟ وما هي النصائح الفعالة لمساعدة الصائم الذي يبذل مجهودا بدنيا كبيرا ؟
كثر الجدل مع بداية شهر رمضان الكريم وتأهل المنتخب الجزائري إلى دور ثمن النهائي من نهائيات كأس العالم، حول صيام لاعبي المنتخب الجزائري، واختلفت الأراء بهذا الشأن بين مؤيد ومعارض. ففي حين اعتبر بعض اللاعبين أنه يجب التقيد بفريضة الصيام، رأى اخرون بجواز الإفطار بسبب السفر ومن ثم تعويض هذه الأيام لاحقا.
نحن (في سؤال) لسنا مخولين الخوض بالناحية الشرعية لجهة وجوب الصوم او جواز الافطار، ونترك ذلك لاهل العلم المؤهلين لذلك، ولكننا سنتناول الموضوع من الناحية الصحية فقط وانعكاسات الصوم على القدرة البدنية وبذل الجهد المطلوب في الفعاليات الرياضية وخصوصا لعبة كرة القدم. اذا السؤال هو: هل هناك تاثيرللصوم على قدرة اللاعبين البدنية؟ وما هي النصائح الفعالة لمساعدة الصائم الذي يبذل مجهودا بدنيا كبيرا ؟
الجزائر وقرار الصيام:
لم يتخذ المنتخب الجزائري القرار بالصيام من عدمه حتى الان، بالرغم من قيام المدير الفني للمنتخب الجزائري لكرة القدم، المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش، بنصح اللاعبين بالإفطار عند مواجهتهم لألمانيا، مع إمكانية الصيام في الأيام الأخرى التي تجري فيها تدريبات فقط، لكن، وبالطبع، لم يصدر أي قرار يجبرهم على الإفطار.
لم تكن هذه هي المرة الاولى التي يقف فيها عالم كرة القدم في مواجهة هذه المسالة، فقد تطرق الاتحاد الجزائري بالذات لهذه المسالة قبل اكثر من عقد حيث كان قد طلب الاتحاد الجزائري لكرة القدم في عام 2003 من جمعية مركز الأبحاث والتقييم الطبي لكرة القدم (F-MARC)، فحص ما اذا كان هناك تأثير للصيام (شهر رمضان) على قدرات واداء لاعبي كرة القدم المحترفين، وبالفعل تم تنفيذ دراسة شاملة حول الموضوع في عام 2004 وشملت ناديين من الجزائر وفي سنة 2006 شملت اربعة نواد اخرى من تونس. وقد تمت هذه الدراسة تحت اشراف الدكتور ياسين زرقيني، عضو اللجنة الطبية بالاتحاد العالمي لكرة القدم (الفيفا)، حيث تم تقسيم اللاعبين إلى فرقتين، الاولى من الصائمين والثانية تضم لاعبين مفطرين، وتم اجراء عدد من الإختبارات، منها قياس السرعة، قدرة التحمل، جودة النوم وغيرها وتم ايضا أخذ عينات من الدم. هذا وقام فريق البحث بمقارنة النتائج في فترتين مختلفتين: الاولى 15 يوما قبل رمضان والثانية 15 يوما أثناء الصيام في رمضان. ووفق النتائج التي اعلنها الدكتور زرقيني فانه لم يكن هناك اي تاثير سلبي للصيام على القدرة البدنية، وحتى انه كانت هنالك مفاجاة بهذا الصدد حين اتضح ان اللاعبين الصائمين تفوقوا في اختبار السرعة على اللاعبين المفطرين. هذا ولم يلاحظ اي تغيير في فحوصات الدم التي اجريت للاعبين الصائمين مقارنة بالمفطرين.
من المؤكد ان للعامل النفسي تاثير كبير في هذه الحالة ايضا فمن الممكن ان يكون هناك دافع نفسي كبير لدى اللاعب الصائم الذي يريد أن يثبت ان ايمانه هو من دوافع نجاحه فيبذل بالتالي جهدا اكبر لاثبات ذلك.
ولمن قرر الصيام من اللاعبين فهذه بعض الأرشادات التي يمكنها ان تساعد في تحسين الاداء:
- التركيز في فترة السحور على البروتينات ومصادرها مثل: اللحوم والبيض والحليب ومشتقاته والبقوليات، فهي تحتاج لوقت أطول للهضم وتساعد في زيادة فترة الاحساس بالشبع.
- تناول الكربوهيدرات المعقدة والمصنوعة من الحبوب الكاملة والعالية بالالياف في السحور اذ ان عملية هضمها ابطىء من غيرها من النشويات وتحافظ على مستوى السكر في الدم ضمن المعدل الطبيعي ولفترة اطول.
- يجب شرب ما بين 470-950 مل من المياه او المشروبات الرياضية وعلى فترات وبالتدريج ما بين فترة الافطار وحتى فترة السحور.
- تجنب تناول الاغذية المالحة حتى لا تشعر بالعطش اثناء الصيام والمباراة .
- تجنب تناول مصادر الكافيين في فترة لا تقل عن 72 ساعة قبل المباراة، حيث انها مدرة للبول وستؤدي الى خسارة السوائل من الجسم.
- يفضل اللجوء لمشروبات الرياضيين الخاصة والغنية بالكربوهيدرات البسيطة والاملاح والمعادن، وليس لمشروبات الطاقة الغنية بالمنبهات.
- يفضل قبل المباراة تجنب اي مجهود او نشاط قد يؤدي الى زيادة التعرق مثل حمامات البخار والسونا والتعرض للشمس لفترة طويلة.
مسلمون اخرون في المونديال:
المنتخب الجزائري ليس هو المنتخب الوحيد الذي يضم لاعبين مسلمين، بل هناك لاعبون مسلمون في منتخبات أخرى منها: الفرنسي، الألماني، البلجيكي، النيجيري وغيرها (جميعها لديها مباريات خلال شهر رمضان). ويعود قرار الصيام لهؤلاء اللاعبين لنفسهم، حيث لا يتدخل أي مدرب من المدربين في مثل هذا القرار. فمثلا قرر اللاعب الألماني مسعود اوزيل عدم الصيام خلال مباريات كأس العالم لهذا العام، وذلك خوفا من تأثير الصيام على أداءه في النهائيات. وضم المدافع الفرنسي باكاري سانيا صوته إلى أوزيل بعدم الصيام أثناء المباريات. هذا ويعتبر هذا التزامن بين شهر رمضان وكأس العالم الأول من نوعه منذ العام 1986!
أما بالنسبة لمباراة منتخب الجزائر وألمانيا وظروفها، فستكون يوم الاثنين الساعة الخامسة عصرا بتوقيت البرازيل، أي قبل بحوالي 36 دقيقة من أذان المغرب وبعد ما يقارب الـ 13 ساعة من الصيام! مما يزيد من المشقة التي سيتحملها اللاعبين في هذه المباراة، لكن تمتاز المدينة التي ستستضيف المباراة (بورتو اليجري) باعتدالها، اذ تهبط درجات الحرارة الى 10 درجات مئوية خلال ساعات الليل وترتفع في النهار الى ما دون الـ 20 درجة مئوية فقط، مما سيخفف العبء على اللاعبين الصائمين. بينما ترتفع نسبة الرطوبة بشكل كبير لتصل إلى 94% مسببة تعرقا أكثر، وفقدان أسرع للسوائل، بالتالي صعوبة أكثر على الصائمين!
وعلى اي حال نتمنى للمنتخب الجزائري النجاح والتوفيق ونرسل له دعمنا الكامل ودعواتنا الخالصة بالفوز!