الطلاق بالثلاث هل فيه رجعة

كتابة:
الطلاق بالثلاث هل فيه رجعة

الطلاق بالثلاث هل فيه رجعة؟

يعدُّ الطلاق بالثلاث طلاقًا بائنًا بينونةً كبرى وهو الطلاق الذي ينفرط به عقد الزوجية، فلا يحلُّ للزوج أن يرجع زوجته إلى عصمته حتَّى تتزوج من غيره زواجًا صحيحًا بدخول، وأن لا يُصاحب هذا الزواج نيَّة التحليل، أي أنّ الزواج الثاني كان بهدف الطلاق ثمّ الرجوع للزوج الأوّل، وفيما يأتي تفصيل لحالات الطلاق بالثلاث المختلفة:


الطلاق بالثلاث إن كانت الطلقات متفرقات هل فيه رجعة؟

إنّ الطلاق بالثلاث إن كانت الطلقات متفرِّقات هو طلاق بائن بينونة كبرى، حيث قال تعالى في كتابه العزيز: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ}،[١] وقال أيضًا: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}،[٢] أي أنّ الطلاق الذي يكون فيه رجعة هو ما لم يصل لثلاث طلقات.[٣]


كما اتفق الفقهاء على أنّ الرجل إذا طلّق زوجته طلقةً واحدةً سواءً كانت الطلقة رجعيةً أم بائنةً ثمّ رجع إليها في أثناء العدة أو بعقدٍ جديد، ثمّ طلقها مرة ثانية سواءً أكان الطلاق رجعيًا أو بائنًا، ثمّ عاد إليها برجعةٍ أو بعقد جديد، ثمّ طلقها ثالثةً، فليس هناك رجعة في هذه الصورة من الطلاق، وهي ثلاث طلقات متفرّقات، ولا يمكن للرجل العودة إلى زوجته إلّا إذا تزوّجت برجلٍ آخر بنكاح صحيح ودخول ثمَّ فارقها بطلاق أو بموت.[٤]


الطلاق بالثلاث في حالة الغضب هل فيه رجعة؟

إنَّ حكم الطلاق بالثلاث في حالة الغضب يقتضي النظر لزاويتين: الأولى وهي الآلية التي وقعت بها الطلقات الثلاث وهل هي بلفظٍ واحد ومجلس واحد وغير ذلك، والثانية هي درجة الغضب، فالغضبان له ثلاث حالات:[٥]

  • الأولى: وهي وهي أن يزول عقل الرجل بسبب شدّة غضبه، فلا يضبط ما يقول، وهذا يُعد كالمجنون وهو على حالتك تلك فلا يقع طلاقه سواءً طلّق واحدة أم ثلاث.[٥]
  • الثانية وهي حالة الغضب العادي وليس الشديد الذي يؤثّر على العقل والكلام، وهذه يقع الطلاق فيها.[٥]


الطلاق بالثلاث في حالة الغضب الشديد غير المؤثِّر على العقل

هل يقع طلاق الغضبان؟

هذه الحالة محلُّ خلاف بين أهل العلم، وفيما يأتي تفصيل لأقوال المذاهب في وقوع طلاق الغضبان:[٦]


الحنفية وبعض الحنابلة

قال الحنفية وبعض الحنابلة أنّ طلاق الغضبان هو لغو، ولا عبرة فيه ولا يقع، وعدم وقوع الطلاق يقتضي عدم الحاجة للرجعة، واستدلُّوا بمجموعة من الأدلَّة على قولهم هذا.[٦]


المالكية والحنابلة

قال المالكية والحنابلة بوقوع طلاق الغضبان، وهذا يقتضي النظر في الآلية التي نطق بها الغضبان للطلقات الثلاث ونيَّته من تلك الطلقات، وغير ذلك من الأمور التي يسأل عنها أهل الإفتاء والقضاء ليقضوا بجواز الرجعة من عدمها.[٦]


الطلاق بالثلاث بلفظ واحد هل فيه رجعة؟

إنّ معنى الطلاق بثلاث بلفظٍ واحد أن يقول الرجل لزوجته: أنت طالق بالثلاث، أو أن يقول أنتِ طالق ويشير إلى ذلك بيده، وغير ذلك من الهيئات، وهذا النوع من الطلاق يُسمّى طلاقًا بدعيًا وهو مخالف للسنة من جهة العدد،[٧] وبالنسبة لجواز الرجعة في طلاق الثلاث بلفظٍ واحد، ففيه تفصيل وفيما يأتي بيانه:[٨]


قول الجمهور ومنهم أئمة المذاهب الأربعة والظاهرية

إنّ الطلاق يقع إذا كان ثلاث بلفظٍ واحد، أي لا رجعة فيه، وقال بوقوعه أيضًا أكثر الصحابة والتابعين، وقد أخذت بهذا الرأي لجنة الإفتاء في الرياض.[٨]


قول الشيعة الإمامية

لا يقع به شيء، أي أنّه لا يحتاج للرجعة لعدم وقوعه أساسًا.[٨]


قول الزيدية وبعض الظاهرية وابن إسحاق وابن تيمية وابن القيّم

يقع به طلقة واحدة، ولا اعتبار للفظ فيه، أي أنّ فيه رجعة إن لم يكن طلَّقها من قبل طلاقين اثنين، وقد أخذ بهذا الرأي الإفتاء السوري والمصري،[٨] والأردني[٩]


الطلاق بالثلاث في نفس المجلس هل فيه رجعة؟

ومن صيغ الطلاق أيضًا، الطلاق بثلاث في مجلسٍ واحد، ومن أشكاله أن يقول الرجل لزوجته: أنت طالق بالثلاث، ثمَّ يخطو إليها ويطلقها مرةً ثانية ويقول: أنت طالق بالثلاث، وإن كرَّرها فخطى أيضًا وطلقها،[١٠] ومن أشكاله أيضًا أن يقول لها أنت طالق، طالق، طالق، في مجلس واحد،[١١] والطلاق بثلاث في مجلس واحد طلاق محرَّم؛ لما فيه من مخالفة للشرع وتعدٍ على الحدود، لأنّ الأصل في الطلاق أن تكون كلُّ طلقة منفردة عن الأخرى، لكي تتمَّ الرجعة،[١٢] وفي هذا النوع من الطلاق أقوالُ لأهل العلم سيتمُّ بيانها فيما يأتي:[١٣]

  • الأول: إن طلقها ثلاثًا في مجلس واحد ونوى وقوع الطلاق في الأولى والثانية والثالثة، فإنَّ الطلاق يقع عند أصحاب المذاهب الأربعة وهو طلاق بائن بينونة كبرى أي لا رجعة فيه، حتّى تنكح زوجًا غيره ويُفارقها.
  • الثاني: تقع به طلقة واحدة، أي يجوز الرجعة فيه إن لم يكن طلقها من قبل طلقتين، وهو قول بعض أهل الظاهر، وابن عباس وإسحاق وطاووس.
  • الثالث: إن طلقها ثلاثًا في مجلس واحد، وكان التكرار بلفظ الطلاق بنيّة التأكيد والإفهام على أنَّ الزوجة طالق، فتقع به طلقة واحدة، وفيه رجعة ما لم يكن طلقها من قبل طلاقين اثنين.


ما حكم يمين الطلاق بالثلاث؟

إنّ اليمين بالطلاق ثلاثًا، كأن يقول الرجل: عليَّ الطلاق بالثلاث، أو أن يقول عليَ الطلاق بالثلاث أن تفعل كذا أو أن لا تفعله، وفي هذا القول تفصيل، فإن كان قصده التأكيد والإلزام بالفعل أو بعدمه ولم يقصد إيقاع الطلاق فيُعامل هنا معاملة اليمين من حيث الإمضاء أو الكفارة، أمّا إن قصد إيقاع الطلاق على زوجته بفعل الشيء أو بعدم فعله، فيقع الطلاق هنا ويُعامل معاملة الطلقة الواحدة ولو بلفظ الثلاث، ويحقُّ له إرجاع زوجته ما دامت في العدَّة ما لم يكن طلقها من قبل طلقتين.[١٤]

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:230
  2. سورة البقرة، آية:229
  3. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 30. بتصرّف.
  4. ابن باز، كتاب مجموع فتاوى ابن باز، صفحة 398. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ابن باز، كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 135-136. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 348-855. بتصرّف.
  7. مجموعة مؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 351. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، صفحة 928-927. بتصرّف.
  9. "حكم طلاق الغضبان والطلاق البدعي من حيث الوقوع وعدمه"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-19. بتصرّف.
  10. مجموعة مؤلفين، كتاب فتاوى دار الإفتاء المصرية، صفحة 49. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين ، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 210. بتصرّف.
  12. مجموعة مؤلفين، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 359. بتصرّف.
  13. مجموعة مؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 211-210. بتصرّف.
  14. ابن باز، كتاب مجموع الفتاوى ابن باز، صفحة 110-109. بتصرّف.
4860 مشاهدة
للأعلى للسفل
×