العباسة أخت الرشيد

كتابة:
العباسة أخت الرشيد

الخلافة العباسية

يعدُّ العصر العباسيّ الأول هو العصر الذهبيّ للعباسيين، وقد كانت السلطة فيه للخلفاء العباسيين، وعلى الرغم من ظهور دول استقلت عن الدولة العباسيَّة، ومن هذه الدول دولة الأمويين في الأندلس، ودولة الأدارسة في المغرب، ودولة الأغالبة في تونس، والدولة الرستمية في الجزائر، ومع ذلك فقد بقيت الدولة متماسكة حتى انتهى هذا العصر، فقد جمعت تلك الدولة راية الإسلام، وربطتهم الحضارة الإسلاميَّة، وقد قامت هذه الدول على توحيد الله، آمنت بمبادئ التسامح والمساواة والقيم، وأثبت التاريخ أنَّ حضارة العباسيين كانت حضارةً عالميّة إنسانيَّة، وسيتحدث هذا المقال عن العباسة أخت الرشيد خامس الخلفاء العباسيين.[١]


الخليفة هارون الرشيد

هو أبو جعفر هارون بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، ولد في مدينة الريّ عام 149هجريَّة، وهو خامس الخلفاء العباسيين، وتوفي في مدينة طوس عام 194هجريَّة، بويع الخليفة هارون الرشيد في الليلة التي توفي فيها الخليفة موسى الهادي، وذلك عام 170هجريَّة، وقد كان عمر الرشيد 22 عامًا عندما استلم الخلافة عن أخيه، ويُعدُّ هارون الرشيد من أشهر خلفاء بني العباس، وذُكر في أكثر من مصدر تاريخيِّ أجنبيّ، وقد تحدثت عنه المصادر العربية كثيرًا وباستفاضة حتى امتزجت قصصه بالخيال، فقد صوره كتاب "ألف ليلة وليلة" بأنَّه ذاك الخليفة المسرف في ملذاته وترفه، ويعيش حياته بين الخمور والمراقص والغانيات.[٢]


لكنَّ الخليفة هارون الرشيد لم يكن كذلك بل كان من أفضل الخلفاء العباسيين وأتقاهم، حتى أنَّه كان يغزو عامًا ويحجُّ عامًا، وكان من المُصلين المُتصدقين، يحب العلم والعلماء، ويعظم شعائر الدين وحرماته، وقد اتسعت في خلافته رقعة الدولة الإسلاميَّة وازدادت الفتوحات، وعم الأمن والأمان والخير على كلِّ المسلمين.[٢]


العباسة أخت الرشيد

هي علية بنت المهدي، عُرفت بالعباسة، وهي أخت الخليفة العباسيّ هارون الرشيد، وهي من الشاعرات العربيات في ذلك الزمان، ولدت العباسة أخت الرشيد في عام 160 هجريَّة، كانت العباسة من أميرات العصر العباسي، كانت مشهورةً بعزفها وشعرها، واشتهرت خلال فترة خلافة أبيها المهدي بالشعر والعزف.[٣]


ترعرعت العباسة على يدَيْ أخيها غير الشقيق الرشيد، وكانت تحب الغناء والعزف والشعر مثل أخيها المهدي، ولكنَّها فاقته مهارةً، كانت جلُّ قصائدها مصممةٌ للغناء، بذلك الأسلوب المحدث الذي يتكلم عن الحبِّ والصداقةِ ويمدح الخليفة، والهجوم على الأعداء، كان المرجع الأساس لحياة العباسة في القرن العاشر هو الكتاب المشهور كتاب الأغاني لمؤلفه أبي الفرج الأصفهاني، إضافةً إلى مراجع أخرى وصفت حياة العباسة أخت الرشيد فجاء وصفها كامرأةٍ بارعة حظيت بمكانةٍ رفيعة في مجتمعها، مع أنَّها كانت لا تحبُّ أن يكون لها دور في الحياة العامة، وقد كانت ثريةً وليها من الجواري الكثير، وعلاقتها وطيدة مع اخوتها الخلفاء، وتشير التراجم عن حياتها أنَّها كانت محافظةً على دينها، والتزامها بالشريعة الإسلاميَّة.[٣]


تزوجت العباسة أخت الرشيد من أحد الأمراء، ومن القصص المشهورة عنها هي علاقتها بأحد العبيد، والتي كانت تبادله الرسائل على شكل أشعار، وقد منعها أخوها الرشيد من ذكر اسم العبد والذي يدعى "طل"، وقد امتثلت لأوامره، فأرسل لها هارون "طل" كهدية، توفيت العباسة أخت الرشيد في عام 210هجريَّة، في بغداد وصلى عليها ابن اخيها المأمون.[٣]


أبو جعفر المنصور جد العباسة

بعد الحديث عن العباسة أخت الرشيد يمكن الحديث عن جدها أبي جعفر المنصور، والذي يُعدّ المؤسّس الحقيقي للدولة العباسيَّة، التي امتدت لخمسة قرون وكانت مركز الحضارة، وعاصمة العالم، تستلم المنصور الخلافة بعد أن خاض التجارب العظام، ونضج وأصبح له خبرةٌ في الناس، وما إن أصبح على رأس الخلافة العباسيَّة حتى استطاع التغلب على كلِّ المصاعب والمحن والعقبات، ولد في قرية الحميمة عام 95هجريَّة، وكان والده هو الذي نظم الدعوة العباسيَّة.[٤]


ونجحت دعوة العباسيين وأطاحت بالأمويين وتولى أبو العباس السفاح عام 132هجريَّة، وطلب العون من أخيه المنصور، ليقضي على خصومه ويدير أمور الدولة، وكان المنصور أهلًا لذلك وعندما مرض أبو العباس فتولها في عام 136هجريَّة، وعمره حينها 41 عامًا.[٤]


الخليفة المهدي والد العباسة

تولى الخليفة المهدي الخلافة في ذي الحجة عام 158هجريَّة، حتّى محرم عام 169 هجريَّة وكان عمره 32 عامًا، وقد كانت خلافة المهدي مرفهة عن الرعيَّة، فأطلق كل من كانوا في السجن زمن المنصور من معارضيه، وكان المهدي يجلس لظالم الناس، وقد توسع العمران في خلافته توسعًا كبيرًا، وقد زاد في عهده من مساحة المسجد الحرام، فضم إليه الكثير من الدور التي كانت حوله، ومحا اسم الوليد بن عبد الملك من حائط المسجد النبويِّ وأمر بكتابة اسمه.[٥]


وقد كان والده المنصور قد وطدَ الأمور لولده المهدي، وأخضع له رقاب الناس قبل أن يسّمه الخلافة، وقد فُتحت خراسان في عهده على يد ابنه الرشيد، ولم تحصل في عهده الكثير من الفتوحات ولكنَّ الانتصارات كانت كثيرة، وكانت للمهدي محاسن كثيرة، وقد استخلف من بعده ابنه موسى الهادي.[٥]


قامت في عهد المهدي العديد من الحركات المناهضة لحكمه ومنها حركة الزنادقة أي حركة الشك والالحاد وفساد العقيدة والخروج عن الدين، وفي البداية أطلقت الكلمة على أتباع الديانات المجوسية، والزنادقة في الحقيقة هم حركة سياسية مغلقة بإطار فكري منظم، ترمي إلى هدم الدولة الإسلاميَّة من أساسها، وإقامة الدولة الفارسيَّة بدلًا منها، وقد أدرك المهدي خطرهم على الدين والدولة، فتتبهم وقضى عليهم، كما ظهرت حركة المقنع وهي من الحركات الالحادية أيضًا التي قامت في عهد المهدي وخروج زعيمها من ناحية مرو بخراسان بهدف تقويض الحكم الإسلاميّ العربيّ وإقامة الدولة الفارسيَّة، وتصدى له المهدي، وقضى على حركته، أمَّا المقنع فقد أحرق نفسه قبل القبض عليه.[٥]

المراجع

  1. "عباسيون"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "هارون الرشيد "، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "علية بنت المهدي"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "خلافة محمد المهدي وموسى الهادي"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-07-2019. بتصرّف.
4841 مشاهدة
للأعلى للسفل
×