العرج ما أسبابه وعلاجه؟

كتابة:
العرج ما أسبابه وعلاجه؟

العرج

قبل البدء بالحديث عن العرج من المُهمّ التمييز ما بين مُصطلح العرج الشائع بين الناس (Limping)، والذي يشير إلى مواجهة الشخص لأي صعوبة في المشي، مما يتسبب في الارتكاء على قدم واحدة والاعتماد عليها أكثر من الثانية،[١] وبين حالة العرج أو العرج المُتقطّع (Claudification, Intermittent claudification) الذي سنتناوله في هذا المقال بالتفصيل نظرًا لانخفاض المراجع التي تتحدث بالتفصيل عن الحالة الأولى، ولوجود تشابه كبير بينهما.

يُعدّ العرج أو العرج المتقطع أحد أعراض بعض الأمراض والاضطرابات الصحيّة، وبالأخصّ مرض الشريان المُحيطيّ (PAD)، إذ يُعاني 30-40% من مُصابيه من العرج، ويُعرَف العرج بأنّه ألم في العضلات (عضلات الرجلين عادًة) نتيجة نقص في توصيل الدم إليهم، أمّا عن سبب اتّصال تسميته بكلمة المُتقطّع؛ فذلك لأنّ الألم غير مستمر ومُرتبط بالمشي في أغلب الأحيان، ولأنّ شدّته عادًة ما تزول عند الراحة. وبناءًا على ذلك؛ ما هي الخيارات العلاجيّة المُتاحة للعرج؟ وهل هنالك أسباب أُخرى للإصابة به غير ما ذكرناه؟[٢][٣]


ما هي أسباب وعوامل خطر الإصابة بالعرج؟

يُعدّ مرض الشريان المُحيطيّ المسؤول الأكبر والأكثر شيوعًا عن الإصابة بالعرج، وفيه تتضيّق الشرايين المُغذّية لأطراف الجسم (الرجلين والذراعين)؛ نتيجة تصلّب الشرايين، وانسدادها أو تضيّق مجراها بطبقة مُترسّبة تُعرَف باللويحات، وهي متكوّنة من الكوليسترول وخلايا الدم والدهون الأخرى، لذلك فإنّها تعلَّق على جدران الشرايين وتُعيق تدفّق الدم وجريانه كما يجب، ويبدو تأثير نقص التدفّق واضحًا عند المشي أو الجري، الذي عادًة ما يتطلّب مزيدًا من الأكسجين والعناصر الغذائيّة المحمولة عبر الدم، ونقص التزويد هذا يتسبّب بالعرج لدى المُصابين.[٤] كما أنّ هناك حالات مرضيّة واضطرابات أُخرى تُساعم في الإصابة بالعرج، يُذكر منها ما يأتي:[٥]

  • تلف الأعصاب الناجم عن الإصابة باعتلال الأعصاب المُحيطيّة.
  • التضيّق الشوكيّ، أو ما يُعرَف أيضًا بالتضيّق الفقريّ (Spinal stenosis).
  • تمدّد الشرايين الموجودة في الرجل أو البطن، والتي تُعرَف بأمّ الدم.

ومن ناحية أُخرى؛ فإنّ هناك فئة من الناس أكثر عُرضة للإصابة بالعرج مُقارنًة بغيرهم؛ نظرًا لوجود بعضٍ واحد أو أكثر من عوامل خطر الإصابة الآتية:[٤]

  • وجود تاريخ عائلي مرضيّ للإصابة بالعرج، أو الإصابة بتصلّب الشرايين، أو بمرض الشريان المُحيطيّ.
  • ارتفاع نسبة الكولسيترول في الدم.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الإصابة بالسكّري.
  • الأفراد ممّن أعمارهم أكثر من 70 عامًا.
  • الإصابة بأمراض مُزمنة في الكلى.
  • المّدخّنين.
  • من يُعانون من السّمنة، ويكون مؤشّر كُتلة الجسم لديهم أكثر من 30.
  • الأفراد ممّن أعمارهم أكثر من 50 عامًا، ويُعانون من السكّري، أو أنّهم من المُدخّنين.


ما الأعراض التي ترافق العرج؟

باعتبار العرج ليس مرضًا بحدّ ذاته، وإنما عرض لمرض أو مُشكلة أُخرى؛ فإنّ الأعراض المُصاحبة له قد تختلف من شخص لآخر، وتجتمع جميعها على ألم الرجلين، المُسبّب للمشية العرجاء. ويُمكن إجمال أبرز الأعراض المُصاحبة للعرج في النقاط الآتية:[٦]

  • الشعور بألم في الساقين والأرداف عند المشي، بالتزامن مع الشعور بحرقة أو تعب شديد فيهم، وفي حال الشعور بالألم عند الجلوس أو أثناء الراحة؛ فإنّ ذلك يعني زيادة الحالة المرضيّة سوءًا لدى المُصاب، وزيادة الانسداد الحاصل في شرايين الساقين.
  • ألم في الساقين عند النوم ليلًا.
  • ظهور الساقين بلون باهت عند رفعهما، وتغيّرهما للوّن الأحمر عند إنزالهما.
  • برودة القدمين.
  • ظهور القدمين بشكل لامع، وظهور بُقع عليهم، وخلوّهم من الشعر، مع احتماليّة تقرّحهم أحيانًا.
  • الإصابة بالعجز الجنسيّ لدى الرجال.

تنويه: من المُهمّ معرفة أنّ الأعراض السابق ذكرها قد تتشابه مع العديد من أعراض اضطرابات وأمراض أُخرى، ولا يُمكن اعتماد مُلاحظتها فقط لتشخيص إصابة أحدهم بأي مرض، ولذا فإنّ استشارة الطبيب ومُراجعته ضرورية للغاية؛ لمعرفة أسباب الأعراض بالضبط، وعلاجها كما يجب.


كيف يمكن علاج العرج؟

تهدف الخيارات العلاجيّة المُتاحة للتعامل مع حالات العرج إلى السيطرة على الألم الذي يُعاني منه المُصابين، بالإضافة إلى تقليل عوامل الخطر المُسبّبة للإصابة به، وتقليل الضرر الواقع على الأنسجة في الجسم، مع تحسين القدرات الحركيّة للمُصاب،[٤] ويكون ذلك من خلال عدّة أمور، ستُذكر بالتفصيل فيما يأتي:

العلاجات الدوائيّة

وتتضمّن بعض الأدوية والعقاقير التي يصرفها الطبيب وفق حالة المُصاب؛ للسيطرة على عوامل المرض الموجودة لديه، ومنها:[٣]

  • أدوية تخفيض الكوليسترول، ومن أبرزها مجموعة أدوية الستاتين، التي قد تُساعد على زيادة المسافة التي يقطعها المُصاب عند المشي.
  • السيطرة على الألم، وذلك باستخدام دواء سيلوستازول، الذي يُحسّن من تدفّق الدم في الشرايين عند مُمارسة التمارين الرياضيّة أو المشي، مما يُقلّل من الألم المُصاحب لذلك.
  • أدوية تخفيض ضغط الدم المُختلفة، التي تُصرف من قبل الطبيب حسب حالة المُصاب؛ لحمايته من خطر الإصابة بالجلطات القلبيّة والسكتات الدماغيّة، والسيطرة على ضغط دمه.
  • علاجات أُخرى؛ كالأسبيرين، والكلوبيدوغريل، وهي من الأدوية التي تمنع تكوّن خثرات الدم، المُسبّبة للجلطات.

أساليب الرعاية المنزليّة

وهي مجموعة من الإجراءات والتعديلات التي تضمن للمُصاب حياة صحيّة أكثر؛ للمُساعدة على علاج العرج ومرض الشريان المُحيطيّ المُسبّب له، وذلك من خلال القيام بما يأتي:[٣]

  • تناول الأطعمة الصحيّة؛ كالحبوب الكاملة، والأسماك، ولحم الدجاج، والفاكهة، والخضار قليلة النشويات.
  • الإقلاع عن التدخين، ويُمكن طلب مُساعدة الطبيب أو المُختصيّن لذلك، إذ أنّ التدخين يرفع من احتماليّة الإصابة بالعديد من المُضاعفات الخطيرة.
  • العناية بالقدمين، وعلاج أيّ جروح تتعرّض لهما القدمان بمُساعدة الطبيب، بالإضافة إلى ارتداء الجوارب والأحذية المُناسبة لحمايتهما.
  • مُمارسة التمارين الرياضيّة، ويكون ذلك تحت إشراف الطبيب لتجنّب الألم المُصاحب للرياضة والمشي قدر الإمكان، إذ لا يُمكن الاستغناء عن الرياضة حتّى مع وجود الألم؛ وذلك لتقوية القلب ودعم صحّته، والحفاظ على الوزن.

العمليات الجراحيّة

الذي يُعدّ الخيار الأخير في الحالات التي يُعاني فيها المُصابون من مُضاعفات كبيرة وخطرة للمرض الشريانيّ المُحيطي، وتتضمّن الآتي:[٣]

  • جراحة الأوعية، التي تهدف لعلاج نقص تدفّق الدم في الشرايين، بأخذ شريان سليم من الجسم ووضعه حول الشريان المُصاب؛ لتحسين تدفّق وجريان الدم في المنطقة المسؤول عنها.
  • جراحة الرأب الوعائيّ، التي تهدف لتوسعة الشريان المُصاب بواسطة أنبوب دقيق يُدخله الطبيب فيه، ويوسّعه باستخدام بالون موجود في نهاية الأنبوب، وتُثبّت نتيجة جراحة الرأب الوعائيّ أحيانًا بوضع شبكة أنبوبيّة بلاستيكيّة أو معدنيّة في الشريان المُصاب؛ للحفاظ على سريان الدم في الشريان كما يجب.


طرق تشخيص العرج

يعتمد الطبيب في تشخيص العرج على الأعراض التي يشكو منها المُصاب، مع تاريخه المرضيّ وتاريخ عائلته المرضيّ، بالإضافة إلى تحديد نمط حياته المُعتاد، مع واحد أو أكثر من الفحوصات الآتية:[٥]

  • صورة بالأشعّة فوق الصوتيّة (Ultrasound)، والتي تُبيّن مسار جريان الدم وسُرعته.
  • مؤشّر الضغط الكاحليّ العضليّ (Ankle brachial index)، الذي يُقارن ما بين ضغط الدم المُعتاد الذي يُقاس من الذراع، مع ضغط الدم في كاحل القدم، وفي حال كان الضغط فيه أقلّ من الضغط في الذراع فذلك قد يعني وجود انسداد أو تضيّق في شرايين الرجل.
  • صور تشخيصية أُخرى؛ كصور الرنين المغناطيسيّ (MRI)، والتصوير الطبقيّ المحوريّ (CT scan).


مضاعفات العرج

أمّا بالنسبة للمخاطر المُحتمل حدوثها للمُصابين بالعرج؛ فهي تحدث إن طالت فترة الإصابة، أو كانت الحالة شديدة أو مُتقدّمة، وينجم حينها واحد أو أكثر من المُضاعفات الآتية:[٧]

  • صعوبة التئام الجروح، وتقرّحها.
  • الإصابة بالتهابات شديدة في الجلد، كالغرغرينا.
  • دكونة لون الجلد وبرودته المُزمنة.
  • الإصابة بالجلطات القلبيّة والدماغيّة.
  • الإصابة بعجز حركيّ دائم.
  • الحاجة لبتر أحد الأطراف.


متى يجب مراجعة الطبيب؟

مُراجعة الطبيب عند المُعاناة من أيٍّ من أعراض العرج أمر شديد الأهميّة، ليس ذلك للتعامل مع الألم المُصاحب للمرض وحسب أو لمنع مُضاعفاته، بل أيضًا لحماية المُصاب من المخاطر الناجمة عن مرض الشريان المُحيطيّ المُسبّب له، وذلك للتشخيص والعلاج المُناسب وفق الحالة.[٤] وبالإضافة إلى ذلك؛ تجدر مُراجعة الطبيب في حال عانى المُصاب من زيادة شدّة أعراض العرج، أو في حال عانى من أعراض جديدة.[٦]


المراجع

  1. Melissa Conrad , "Limping: Symptoms & Signs", medicinenet, Retrieved 2020-09-23. Edited.
  2. "Peripheral arterial disease: Epidemiology, natural history, diagnosis and treatment", ncbi, Retrieved 2020-09-16. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث "Claudication", nchmd, 2020-01-10, Retrieved 2020-09-16. Edited.
  4. ^ أ ب ت ث "Claudication", mayoclinic, 2020-01-10, Retrieved 2020-09-16. Edited.
  5. ^ أ ب "Intermittent Claudication", webmd, 2019-10-16, Retrieved 2020-09-16. Edited.
  6. ^ أ ب "Claudication", hopkinsmedicine, Retrieved 2020-09-16. Edited.
  7. Jennifer Huizen (2019-10-02), "What is claudication?", medicalnewstoday, Retrieved 2020-09-16. Edited.
3810 مشاهدة
للأعلى للسفل
×