العصر الأندلسي من الفتح إلى عصر الولاة

كتابة:
العصر الأندلسي من الفتح إلى عصر الولاة


العصر الأندلسي من الفتح إلى عصر الولاة

أقام المسلمون حضارة في الأندلس استمرّت ما يُقارب السبعة قرون، ولا تزال شاهداً على ما وصل إليه العرب من رُقي وتقدم في شتّى العلوم، ولا يزال العالم بأسره مفتونًا بالآثار الأندلسية في إسبانيا، ومن أبرز التفاصيل ذات العلاقة بالعصر الأندلسي من الفتح إلى عصر الولاة:


تجهيزات فتح الأندلس

من أهم التفاصيل عن الفترة التي سبقت فتح الأندلس:[١]

  • كان المسلمون قد أنهوا فتح شمال القارة الأفريقية، واستتبت الأمور لهم، فكانت عيونهم تتجه نحو الأندلس، ولم يكن هدف المسلمين هو البحث عن أراضٍ واسعة لتمديد دولتهم بقدر ما كان نشر الدعوة الإسلامية.
  • وخلال تلك الفترة، كان الوضع في شبه الجزيرة الإيبرية غير مُستقر ويشهد ظُلماً وكبتاً سياسياً من قِبل الحاكم لذريق، الذي كان قائد الجند في جيش الحاكم غيطشة، وبعد قتل غيطشة تسلل لوذاريق إلى الحكم عن طريق الإيقاع بين أولاد غيطشة.
  • في ذلك الوقت، كان حاكم سبتة، الميناء الذي استعصى فتحه على المُسلمين، هو يُليان، وتذكر المصادر أنّ حقداً دفيناً كان بين لوذاريق ويليان، فما كان من يُليان إلا أن ينتقم من لذريق، وكان ذلك بمُساعدة المسلمين على فتح الأندلس، وتوفير التسهيلات لهم، وقد زاد نفوذ المسلمين في المنطقة خلال تلك الفترة، وأصبحوا يُشكلون تهديداً حقيقياً على الأندلس.


بنود التفاوض

أرسل يُليان إلى والي طنجة طارق بن زياد رسالة احتوت على تفاوض يطرحه يليان من أجل تسهيل فتح الأندلس من قبل المسلمين، وتشمل بنود التفاوض ما يأتي:[٢]

  • تسليم ميناء سبتة، الذي عجز المسلمون عن فتحه لمرات عديدة.
  • توفير المعلومات الكافية عن الأندلس، وكان كل هذا مُقابل ضيعات وأملاك غيطشة التي صادرها لذريق.


فتح الأندلس

من أهم ما يذكر عن هذا الحدث التاريخي المهم:

  • أرسل طارق بن زياد سَرية على رأسها طريف بن مالك إلى الأندلس كمهمة سرية لجمع المعلومات، وبعد انتهاء مهمّته عاد طريف إلى موسى بن نصير الذي كان والياً على شمال إفريقيا ليُحدثه بما رآه من خير ونعيم في هذه الأراضي.[٣]
  • جهّز موسى بن نصير والي إفريقيا جيشه، ووضع خططه بناءً على المعلومات التي جمعها من طريف، وأخذ هذا التجهيز سنة كاملة، وبعدها غزى المسلمون الأندلس على مراحل عدّة، انتهت بفتح طليطلة التي كانت العاصمة في ذلك الوقت، وبهذا النصر الكبير والفتح العظيم سنة 92هـ، طوت الأندلس صفحة من الجهل، والظلم، والاستبداد، وبدأت صفحة من الرقي والتحضر.[٤]


عصر الولاة

من أهم ما يذكر عنه:

  • بعد انتهاء عهد الفتح، بدأ عهد الولاة من عام 95هـ واستمرّ مدة 42 عاماً، حيث انتهى في عام 138هـ، وعهد الولاة يعني أنّ حُكم الأندلس في هذه الفترة كان يتولّاه رجل يتبع الحاكم العام للمسلمين، وهو الخليفة الأموي الموجود في دمشق.[٥]
  • كان أوّل الولاة على الأندلس عبد العزيز بن موسى بن نصير، وكان كأبيه في جهاده وتقواه وورعه، ثمّ تعاقب على حكم الأندلس اثنان وعشرون والياً، خلال اثنين وأربعين عاماً؛ أي أن كلّ والي حكم ما يُقارب السنتان أو الثلاثة فقط.[٦]
  • ولا شك أنّ هذا التغيير المُتتالي للحكام قد أثر تأثيراً سلبياً على بلاد الأندلس، إلا أنّ هذا التغيير في الواقع كان له ما يُبرره؛ حيث كان هناك في بادئ الأمر كثير من الوُلاة الذين يستشهدون أثناء جهادهم في بلاد فرنسا، ثمّ جاءت مرحلة كان فيها كثير من الولاة يغيرون عن طريق المكائد والانقلابات.[٦]


مراحل عصر الولاة

من هنا، قسم المؤرخون عصر الولاة إلى مرحلتين؛ حيث كانت المرحلة الأولى مرحلة فتوح وجهاد في فتح فرنسا، والأخرى كانت مرحلة مؤامرات، وضعف، ومن أهم سمات كل مرحلة:


المرحلة الأولى من 95 هجري إلى 123 هجري

وتتسم هذه الفترة بعدة أمور، منها ما يأتي:[٧]

  • نشر الإسلام في بلاد الأندلس: بعد أن تمكّن المسلمين من توطيد أركان الدولة الإسلامية في الأندلس، بدأوا يعلمون الناس الإسلام، لأنه دين الفطرة، فأقبل عليه أصحاب الفطر السوية .
  • نشأة جيل المولدين: زكان ذلك نتيجة انصهار وانخراط الفاتحين بالسكان الأصليين، وانتشار الإسلام بصورة سريعة، الأمر الذي ساعد في نشأة جيل جديد عرف باسم المُولدين، وهم من آباء عرب، أو أمازيغ، وأمهات أندلسية الأصل.
  • إلغاء الطبقية ونشر الحرية العقائدية: ألغى المسلمون الطبقية التي كانت سائدة قبل ذلك، حتّى كان الحكام والمحكوم يقفان سوياً أمام القضاء للتحاكم في المظالم، وعمل المسلمون على إتاحة الحرية العقائدية، فتركوا للنصارى كنائسهم.
  • الاهتمام بالحضارة المادية: وضع المسلمون أسس الإدارة، وأقاموا العمران، وأنشؤوا القناطر والجسور، وممّا يدل على براعتهم في هذا لأمر القنطرة العجيبة التي تسمى قنطرة قرطبة.


المرحلة الثانية من 123 هجري إلى 138 هجري

وهي مرحلة الضعف وانهيار عصر الولاة، ويُرجع المؤرخون ذلك إلى أسباب عدة منها الصراع بين القيسية واليمنية؛ فقد كان لمقتل عبد الملك بن قطن رد فعل مؤلم ألهب مشاعر الحقد وجدد الصراع بين اليمنية والقيسية؛ فقد توجّه المُتحالفون مع قطن وأمية ابنا عبد الملك نحو قرطبة، ودارت بينهم وبين الشاميين معركة ضارية، وكان النصر حليف الشاميين.[٨]

المراجع

  1. راغب الرسجاني، قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، صفحة 39.
  2. راغب السرجاني، قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، صفحة 40. بتصرّف.
  3. أشرف يعقوب أحمد اشتيوي، الأندلس في عصر الولاة، صفحة 35. بتصرّف.
  4. راغب السرجاني، قصة الأندلس من الفتح الى السقوط، صفحة 49.
  5. الدكتور طه عبد المقصود، موجز تاريخ الأندلس من الفتح الإسلامي إلى سقوط غرناطة، صفحة 3. بتصرّف.
  6. ^ أ ب راغب السرجاني، قصة الأندلس من الفتح الى السقوط، صفحة 85. بتصرّف.
  7. راغب السرجاني، قصة الأندلس من الفتح الى السقوط، صفحة 87. بتصرّف.
  8. راغب السرجاني، قصة الاندلس من الفتح الى السقوط، صفحة 121.
3323 مشاهدة
للأعلى للسفل
×