العلاقة بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر

كتابة:
العلاقة بين الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر

العلاقة بين الإيمان بالله والإيمان اليوم الآخر

كثر في القرآن الكريم اقتران الإيمان بالله واليوم الآخر، وذلك للعلاقة الوثيقة بينهما، وفيما يأتي توضيح لذلك:

الإيمان بالله يستلزم الإيمان باليوم الآخر

الإيمان بالله يستلزم الإيمان باليوم الآخر؛ وذلك لأن الإيمان الصحيح بالله -سبحانه- يتضمن الإيمان بكمال الله وقدسيته، فالله سبحانه لا يعتريه نقص أو عيب، ومن كماله -سبحانه- أنه لا يخلق خلقه عبثاً ينتهي كل شيء بموتِهم، قال -تعالى-: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ* فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).[١][٢]

ومن آمن بكمال الله سبحانه كان إيمانه بالبعث بعد الموت من لوازم ذلك، ومن صحة وسلامة إيمانه بكمال الله -سبحانه-، وبعده عن العبثية والنقص، فمن لم يؤمن باليوم الآخر لم يكن مؤمناً بكمالِ ربِّه -سبحانه-.[٢]

الإيمان باليوم الآخر من لوازم الإيمان بعدل الله

خلق الله العباد وكلَّفهم وأمرهم بالعدل واجتناب الظلم والاعتداء على بعضٍ، ورتَّبَ على ذلك الثواب والعقاب، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)،[٣] ولن يتحقّق كمال عدلِ الله -سبحانه- إلا بالقضاء والحكم بين العباد في الآخرة، وسيبعث عباده ويحكم بينهم، ويعيد للمظلومين حقوقهم، وينال الظالمون عقابهم؛ ليتحقق بذلك كمال العدل الذي اتّصف به -سبحانه-.

ثواب الله سبحانه وعقابه مكتمل في اليوم الآخر

من الإيمان بالله -سبحانه- الإيمانُ بتكليف عباده، وأنَّه رتَّبَ الجزاء من الثواب والعقاب على أفعالهم وأقوالهم واعتقاداتهم، وجزاء ذلك لا يكتمل في هذه الحياة الدنيا، بل تمامه إنما يكون في الآخرة في الجنة أو النار بميزان عدلٍ: (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ* وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ* فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ).[٤]

ومن صحَّ إيمانه بالله -سبحانه- وبأنه كلَّف عبادَه وأمرهم ونهاهم فإنه يبذل وسعه في الالتزام بتلك التكاليف ليكون في الآخرة من المفلحين، وبهذا يكتمل ويسلم الإيمان بالله سبحانه، ومن صفات المؤمنين التي أثنى الله -عز وجل- عليها أنهم يؤمنون بالغيب، ومن ذلك إيمانهم بالله وإيمانهم باليوم الآخر.[٥]

وإنما انبنى إيمانهم هذا على النقلِ وعلى التأمل والنظر في عجائب هذا الكون العظيم وما فيه من آيات دالة على الله الخالق البارئ سبحانه، فلم يُوجِد ذلك ليفنى وينتهي وإنما ليحكم بين عباده ويجزي كل نفس ما كسبت، فالإيمان بالله واليوم الآخر هما ركنا الإيمان بالغيب الذي يتفرّع عنه كل ما اتصل بالغيب مما أخبرنا الله -عز وجل- ورسلُه به.[٥]

من كفر باليوم الآخر نسبَ إلى الله النقص

الله -عز وجل- خالق هذا الكون هو الكامل في أسمائه وصفاته وأفعاله، وأكثر حوادث الدنيا والعلاقات بين الناس في هذه الحياة لا تُفْصلُ وتُنهى فيها، بل تبقى معلقةً غير منتهية، ولا يتم الفصل والحكم فيها إلا بحياة أخرى يكون فيها الجزاء والحكم بالحق، ومن لم يؤمن باليوم الآخر فقد نسب الظلم والعبثيةَ إلى الله -عز وجل-، وجعل أفعال الله -سبحانه- خارجة عن الحكمة والعدل والكمال.[٦]

المراجع

  1. سورة المؤمنون، آية:115 - 116
  2. ^ أ ب الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 18 - 135. بتصرّف.
  3. سورة النساء، آية:40
  4. سورة القارعة، آية:6-9
  5. ^ أ ب مجموعة من العلماء، المختصر في تفسير القرآن، صفحة 349. بتصرّف.
  6. الألوسي، روح المعاني، صفحة 9 -269. بتصرّف.
6753 مشاهدة
للأعلى للسفل
×