العلاقة بين التوحيد والحرية في الإسلام

كتابة:
العلاقة بين التوحيد والحرية في الإسلام

العلاقة بين التوحيد والحرية في الإسلام

يختلط مفهوم الحرية في الإسلام مع الحريّة بالمفهوم الغربي اليوم، وحتى يُستوضح هذا الخلط يجب توضيح مفهوم الحرية المتاحة في الإسلام ثم ارتباطها بالتوحيد.[١]


إنّ الحرية في الإسلام ليس في مقاصدها ما في الحرية في المفهوم الغربي، لأن الإسلام في مقاصده الإقرار بالعبودية لله سبحانه، مع احترام الناس وإرادتهم بغير ظلم ولا عدوان، لذلك فإن السلطة التي تقوم على هذه الأسس لا تتعرض إلى الحرية الفردية التي قامت الأسس الغربية عليها لأن الإسلام لا ينادي بتحرر الإنسان من كل شيء تحررًا مطلقًا، ولا بمركزية الإنسان بل بمركزية الله سبحانه.[١]


فالمسلم خاضع للنص القرآني والتشريعات الإسلامية التي اختار الانصياع لها بإرادته، وكم الآيات القرآنية التي تشجع على حرية الإرادة كثيرة، منها: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}،[٢] وهذه من القواعد الكبرى في الدين، حيث الحر يختار الدين غير مكره، ثم يلتزم باختياره، فتتحقق الحرية مع الالتزام بمضمونها وتبعاتها.[١]


كما ويمكنك الاستزادة على صور الحرية في الإسلام بالاطّلاع على هذا المقال: بحث عن الحرية في الإسلام


ولذلك تتجلى الحرية في الإسلام على ما هي عليه عن طريق التوحيد في تحرر الإنسان من شهواته ورغباته، وحرية الإنسان من عبوديته للإنسان، إلى عبوديته للخالق الواحد المشرّع، رب الثواب والعقاب، وحين يتحرر الإنسان من ذلك كله، سيبصر الأخلاق الحميدة والإنصاف والعدل والخير كله، وبالتالي سيكون إنسانًا حرّا في اختياره عبادة الله سبحانه وتوحيده والالتزام بتشريعاته، ثم الالتزام باختياره.[٣]


وحين يقر التوحيد في القلب وخشية الله سبحانه، لن يخاف المسلم من غير الله، ولن يخشى على رزقه ولا على الوقوف في وجه الظلم، سيكون قويًا وحرًا لا يخضع لغير الله، حين يعلم أن الأمور ومقاليدها كلها في يده سبحانه،[٣] وعليه فإنه يتحرر من شهواته وهوى نفسه، ومن حاجاته ومخاوفه، ومن الناس وظلمهم، وبذلك تتحقق العلاقة بين الحرية والتوحيد.[١]


ويمكنك التعرّف على مفهوم الحرية لغة واصطلاحًا بالاطلاع على هذا المقال: تعريف الحرية


ويمكنك التعرّف على معنى المعتقد وما هي حرية المعتقد بالاطّلاع على هذا المقال: مفهوم حرية المعتقد


هل حدد الشرع الإسلامي ضوابط للحرية؟

إن الحرية كما تقدّم هي تحرر الإنسان من من شهواته ومخاوفه، وعبوديته للخالق سبحانه، وعليه فإن الإنسان له بحبوحة من الاختيارات الخاصة طالما هي لا تعترض أوامر الله سبحانه في القرآن أو السنة النبويّة، ثم تبتعد عن ظلم الناس والتعدّي على حريّاتهم، ثم بعد ذلك هناك بعض الضوابط التي يمكن أن تُستقرأ كإشارات، منها:[٤]


  • الحريّة ليست مطلقة: أنت في ملكوته سبحانه محكوم بقدرات وظروف، وبالتالي مهما حاولت فإنك لا تخرج عن كونك في ملكوته سبحانه، لذلك عليك أن تتأكد من أنك لا تتعدّى إلى ما يغضبه، وقد أمر سبحانه بالعدل واحترام الغير.
  • الحريّة لها ثمن: إنك حين تكون حرًا تكون مسؤولًا، حرية الإنسان تستلزم منه أن يفكر في أفعاله لأنه يتحمل نتائجها، لذلك العاقل مسؤول عند الله سبحانه.
  • الحريّة تحفظ الكرامة: الحر صاحب مروءة، لا يمكن مرء أن ينادي بالحرية، ثم يفع ما تمليه عليه نفسه، دون احترام لنفسه وغيره.


وللاستزادة والتعرّف على دور الحرية في حياة البشر يمكنك الاطلاع على هذا المقال: ما هي أهمية الحرية

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث فهد الرومي]، كتاب اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر [، صفحة 779-782. بتصرّف.
  2. سورة البقرة، آية:256
  3. ^ أ ب للإمام محمد الخضر حسين، كتاب موسوعة الأعمال الكاملة، صفحة 12-13. بتصرّف.
  4. [حسين بن محمد المهدي]، كتاب صيد الأفكار في الأدب والأخلاق والحكم والأمثال، صفحة 264-269. بتصرّف.
6264 مشاهدة
للأعلى للسفل
×