العلاقة بين الدال والمدلول

كتابة:
العلاقة بين الدال والمدلول

العلاقة بين الدال والمدلول عند القدماء

الدال والمدلول أو ما يطلق عليه في بعض الأحيان اللفظ والمعنى، هما جزء مما يُعرف بعلم الدلالة، أحد فروع اللسانيات الحديثة، ويهتم بدراسة الألفاظ والجمل دراسة وصفية موضوعية.[١]


تطور علم الدلالة على مراحل عدة عبر التاريخ، ففي اليونان قبل الميلاد رأى أفلاطون وأستاذه سقراط أن الصلة بين الألفاظ ومدلولاتها صلة طبيعية ذاتية، أما أرسطو فقد رأى أن الصلة بين اللفظ والمعنى اصطلاحية يتواضع عليها الناس في مجتمع ما.[١]


بدورهم رأى الهنود أن الكلمة تضم ثلاثة أقسام هي: الكلمة، والإدراك، والمحتوى، فالكلمة مركبة من وحدات صوتية، أما الإدراك والتصوير فهو ربط بين اللفظ والشيء المدلول عليه، أما عند العرب القدماء فقد مال أكثر اللغويين إلى القول بالصلة الطبيعية بين اللفظ ومدلوله.[١]


العلاقة بين الدال والمدلول عند سوسير

الدال والمدلول عند سوسير يقعان ضمن نطاق الإشارة اللغوية، والتي هي كيان سايكولوجي (نفسي) له جانبان: الدال الذي يعبر عن الصورة الصوتية للكلمة من الناحية السايكولوجية أي الانطباع والأثر الذي تتركه في الحواس، والمدلول الذي يعبر عن الفكرة في صورتها المجردة للكلمة.[٢]

للدال والمدلول عند سوسير أو بالأحرى للإشارة اللغوية (كونها الفكرة الكلية التي تجمع داخلها جزأي الدال والمدلول) مجموعة من الصفات فيما يأتي:[٢]

  • الاعتباطية: فكرة "أخت" لا ترتبط بأية علاقة داخلية بتعاقب الأصوات (أ، خ، ت) التي تقوم بوظيفة الدال في اللغة العربية، فهذه الفكرة يمكن التعبير عنها باستخدام أي تعاقب صوتي آخر في اللغات المختلفة التي تستخدم إشارات مختلفة.
  • الطبيعة الخطية للدال: بما أن الدال شيء مسموع (يعتمد على السمع) فهو يظهر إلى الوجود في حيز زمني فقط، أي أنه يمثل فترة زمنية تقاس ببعد واحد فقط على هيئة خط، وعناصر الدال السمعي تظهر على التعاقب، وهي تؤلف سلسلة، وتتضح هذه الخاصية حينما نعبر عن الدال كتابة، فيحل الخط المكاني لعلامات الكتابة محل التعاقب الزمني.
  • الثبوت: يُقصَد به ثبات الدال، فالدال ليس حرا بالنسبة للمجتمع اللغوي الذي يستخدمه، والدال الذي تختاره اللغة لا يمكن استبداله بغيره.
  • التغيير: هو يعني التغيير في العلاقة بين الدال والمدلول، ويعني أيضا أن اللغة تتغير مع أن المتكلمين غير قادرين على تغييرها، وذلك عبر قوة الزمن الذي يضمن استمرارية اللغة، ويدفع إلى التغيير السريع أو البطيء للإشارة اللغوية.


العلاقة بين الدال والمدلول عند العرب المعاصرين

رفض أكثر المعاصرين العرب العلاقة الطبيعية بين الدال والمدلول أو اللفظ والمعنى، وقد برهنوا على ذلك بما يأتي:[٣]

  • اللفظ الواحد في اللغة الواحدة قد يعبر عن دلالات متنوعة، وهو ما يطلق عليه بالمشترك اللفظي.
  • المعنى الواحد قد يُعبَّر عنه بعدة ألفاظ، وهو ما يسمى بالترادف.
  • التطور اللغوي قد ينتج عنه تطور الألفاظ وتغيرها من جهة الشكل مع احتفاظها بذات الدلالات، وقد ينتج عن تغير الدلالات مع الاحتفاظ بالشكل الأوحد.


العلاقة بين الدال والمدلول عند النظريات اللسانية الغربية الحديثة

تناولت كثير من النظريات اللسانية العلاقة بين الدال والمدلول على النحو الآتي:[٤]

النظرية الإشارية

صاحباها هما العالمان الإنجليزيان أوجدن وريتشاردز، ويرتكز مفهوم نظريتهما على أن معاني الكلمات هو ما تؤديه الإشارة إلى أشياء غير نفسها، وقد تكون العلاقة بين الشيء والفكرة علاقة مباشرة حين نفكر مثلًا بأشياء ملونة عندما نراها، وغير مباشرة كأن نفكر في أرسطو مثلًا.


النظرية التصورية

كانت بدايتها عند جون لوك الذي يقول: "استعمال الكلمات يجب أن يكون الإشارة الحساسة إلى الأفكار، والأفكار التي تمثلها تعد مغزاها المباشر الخاص"، تقول النظرية إن اللغة وسيلة لتوصيل الأفكار أو هي تمثيل معنوي لما في داخل المتكلم، وأن ما يتم التعبير عنه لغويا يعتبر علامة تدل على فكرة معينة.


النظرية السلوكية الأمريكية

صاحبها العالم اللغوي الأمريكي بلومفيلد، وترتكز النظرية على ما يستلزمه استعمال اللغة في الاتصال، فهي تعتمد على المعنى الذي يُنَبِّه الاستجابة اللفظية المعينة، والمعنى عند بلومفيلد هو مجموعة النتائج المُحصَّل عليها من خلال الموقف الذي يحدث فيه الكلام المعين، ويحصل ذلك من خلال عنصري المثير والاستجابة.


النظرية الاجتماعية الإنجليزية

معنى الكلمة عند أصحاب هذه النظرية هو استعمالها في اللغة أو الطريقة التي تُستعمل بها أو الدور الذي تؤديه، وهو دراسة الكلمة داخل التركيب أو التشكيل الذي ترد فيه، إذ لا يظهر معنى الكلمة الحقيقي إلا من خلال السياق بضروبه المختلفة، وبالتالي فإن المعنى يُفسَّر باعتباره وظيفة في سياق.


نظرية الحقول الدلالية

تعرف الحقول الدلالة بأنها مجموعة من الكلمات التي ترتبط دلالتها ضمن مفهوم محدد، أي هو مجموعة المفاهيم التي تنبني على علاقات لسانية مشتركة كأن نقول (أب، أخ، أم.. إلخ) فهي بهذا المفهوم تنتمي إلى حقل القرابة على سبيل المثال.


المراجع

  1. ^ أ ب ت عبلة شريفي، جهود فريدينان دي سوسير في علم الدلالة، صفحة 33 - 34. بتصرّف.
  2. ^ أ ب فردينان دي سوسور، علم اللغة العام، صفحة 84 - 97. بتصرّف.
  3. محمد أحمد أبو عيد، الدال والمدلول دراسة في الفكر اللغوي عند ابن جني، صفحة 9 - 10. بتصرّف.
  4. عبلة شريفي، جهود فريدينان دي سوسير في علم الدلالة، صفحة 49 - 55. بتصرّف.
5358 مشاهدة
للأعلى للسفل
×