العقل والقلب
ميَز الله سبحانه وتعالى الإنسان عن باقي المخلوقات بالعقل والفهم، حيث يدرك الأمور ومآلها، ويميزبين الحق والباطل، وبذلك أصبح من أهل التكليف، فيستطيع أن يختار بين الطريق المؤدي إلى الجنة أو الطريق المؤدي إلى النار، وقال الله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا}[١]، فهذه الآية توحد بين القلب والعقل وبذلك تبين تلك العالقة بين العقل والقلب في عملية الإدراك والفهم وأنهم متعلقون ببعضهم كثيرًا، ولكن تعلقهما مع بعض لا يعني أنهما واحد، حيث إن للعقل قوة الإدراك وللقلب قوة الفهم، حيث يقول ابن تيمية: "فإن العقل في القلب مثل البصر في العين، يُراد به الإدراك تارة، ويراد به القوة التي جعلها الله في العين يحصل بها الإدراك"، فما العلاقة بين العقل والقلب.[٢]
العلاقة بين العقل والقلب
على الرغم من أن الإنسان كائن حي معقد، فإنه يعيش معظم حياته بعقله أو بقلبه، غالبًا ما تكون طرق التواجد هذه بمثابة مدخلين منفصلين للوجود، مما يؤدي إلى تجربة مختلفة تمامًا، يمكنه تحويل تجربته مع تحول التركيز، حيث يكمن جمال العقل في قدرته على التركيز والتنظيم والتصنيف والعقل وحل المشكلات، فعند استخدام هذه المهارات، تكون العقول مفيدة، والقلب هو المدخل إلى الوجود أو الوعي أو كونه المدخل إلى العالم الروحي، كما أنه في الحياة العملية اليومية يمكن لمعظم الأشخاص الوصول إلى طاقة القلب الواسعة من خلال التفكير في شخص يحبه دون قيد أو شرط سواء طفل أو حيوان أليف، أو تصور شيء من الجمال ذلك إذا تم التركيز على التعاطف أو الامتنان.[٣]
العلاقة بين العقل والقلب في الإسلام
إن العلاقة بين العقل والقلب علاقة مترابطة غير ظاهرية، حيث إن كثيرًا من الأمور نربطها بالعقل ولكن يكون المسؤول الأول عنها هو القلب ولكن دون العلم بذلك، وفيما يأتي توضيح العلاقة بين العقل والقلب خصوصا من وجه القرآن الكريم:[٤]
- مركز الفهم والتعقل: حيث قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[١]، بذلك جعل الله تعالى الإنسان يفهم ويفقه بقلبه، وأيضًا قال الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}،[٥] وبذلك ينسب إلى القلوب عمل العقل والفكر.
- مركز المسؤولية: حيث قال الله تعالى: {وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[٦]، أي أن القلب يطيع وينفذ، ويأثم ويعصي، وبذلك فإنه المسيطر والمسؤول هو القلب وليس العقل.
- مركز الإيمان والكفر: حيث قال الله تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[٧]، بالقلب يكون مركز الإيمان والكفر.
- مركز الإحساس: حيث قال الله تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[٨]، فالترابط بين المؤمنين هو ترابط الشعور والإحساس العميق بينهم، حيث القلب هو المسؤول الأول عن مركز الإحساس وبذلك يعكس التصرفات.
- مركز الوعي في الإنسان: قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ}[٩]، حيث يكون القلب هو مركز الوعي وليس العقل.
- مركز الذوق: حيث قال الله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[١٠] ، بذلك القلوب تشمئز كما تفرح وتستبشر.
المراجع
- ^ أ ب سورة الأعراف، آية: 179.
- ↑ "العقل والقلب عند الإمام ابن تيمية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-01-2020. بتصرّف.
- ↑ "Mind and Heart: The Doorways to Existence", www.psychologytoday.com, Retrieved 01-01-2020. Edited.
- ↑ "ما العلاقة بين القلب والعقل ؟"، islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-01-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة الحج، آية: 46.
- ↑ سورة البقرة، آية: 283
- ↑ سورة النحل ، آية: 106.
- ↑ سورة الأنفال، آية: 63.
- ↑ سورة الشعراء، آية: 192-195.
- ↑ سورة الزمر ، آية: 45.