محتويات
الغزل عند ابن خفاجة
يعد ابن خفاجة من أبرز شعراء الغزل في العصر الأندلسي، وقد غلب على شعره وصف الطبيعة، وورد عنه مجموعة من القصائد الغزلية،[١] ولعل من أبرزها ما يلي:
قصيدة أبشرك أم ماء يسح وبستان
قال الشاعر ابن خفاجة:[٢]
أَبِشرُكَ أَم ماءٌ يَسُحُّ وَبُستانُ
- وَذِكرُكَ أَم راحٌ تُدارُ وَرَيحانُ
وَإِلّا فَما بالي وَفَودِيَ أَشمَطٌ
- تَلَوَّيتُ في بُردي كَأَنِّيَ نَشوانُ
وَهَل هِيَ إِلّا جُملَةٌ مِن مَحاسِنٍ
- تَغايَرُ أَبصارٌ عَلَيها وَآذانُ
بِأَمثالِها مِن حِكمَةٍ في بَلاغَةٍ
- تُحَلِّلُ أَضغانٌ وَتَرحَلُ أَظعانُ
وَتُنظَمُ في نَحرِ المعالي قِلادَةٌ
- وَتُسحَبُ في نادي المَفاخِرِ أَردانُ
كَلامٌ كَما اِستَشرَفتَ جيدَ جَدايَةٍ
- وَفُصَّلَ ياقوتٌ هُناكَ وَمُرجانُ
تَدَفَّقَ ماءُ الطَبعِ فيهِ تَدَفُّقاً
- فَجاءَ كَما يَصفو عَلى النارِ عِقيانُ
أَتاني يَرِفُّ النَورُ فيهِ نَضارَةً
- وَيَكرَعُ مِنهُ في الغَمامَةِ ظَمآنُ
وَتَأخُذُ عَنهُ صَنعَةَ السِحرِ بابِلٌ
- وَتَلوي إِلَيهِ أَخدَعَ الصَبِّ بَغدانُ
وَجَدتُ بِهِ ريحَ الشَبابِ لُدونَةً
- وَدونَ صِبا ريحِ الشَبيبَةِ أَزمانُ
وَشاقَ إِلى تُفّاحِ لُبنانَ نَفحَهُ
- وَهَيهاتَ مِن أَرضِ الجَزيرَةِ لُبنانُ
فَهَل تَرِدُ الأُستاذَ مِنّي تَحِيَّةٌ
- تَسيرُ كَما عاطى الزُجاجَةَ نَدمانُ
تَهَشَّ إِلَيها رَوضَةُ الحَزنِ سَحرَةً
- وَيَثني إِلَيها مِن مَعاطِفِهِ البانُ
تَحَمَّلَها حَملَ السَفيرِ بَنَفسَجٌ
- تَحَمَّلهُ حَملَ السَريرَةِ سَوسانُ
قصيدة أفي ما تؤدي الريح عرف سلام
قال الشاعر ابن خفاجة:[٣]
أَفي ما تُؤَدّي الريحُ عَرفُ سَلامِ
- وَمِمّا يَشُبُّ البَرقُ نارُ غَرامِ
وَإِلّا فَماذا أَرَّجَ الريحَ سَحرَةً
- وَأذكى عَلى الأَحشاءِ لَفحَ ضِرامِ
أَما وَجُمانٍ مِن حَديثِ عَلاقَةٍ
- يَهُزُّ إِلَيهِ الشَيخُ عِطفَ غُلامِ
تَحَلَّت بِهِ مابَينَ سَلمى وَمَربَعٍ
- سَوالِفُ أَيّامٍ سَلَفنَ كِرامِ
لَقَد هَزَّني في رَيطَةِ الشَيبِ هَزَّةً
- أَرَتني وَرائي في الشَبابِ أَمامي
فَلَولا دِفاعُ اللَهِ عُجتُ مَعَ الهَوى
- وَجُلتُ بِواديهِ أَجُرُّ خِطامي
وَرُبَّ لَيالٍ بِالغَميمِ أَرِقتُها
- لِمَرضى جُفونٍ بِالفُراتِ نِيامِ
يَطولُ عَلَيَّ اللَيلُ ياأُمَّ مالِكٍ
- وَكُلُّ لَيالي الصَبِّ لَيلُ تَمامِ
وَلَم أَدرِ ما أَشجى وَأَدعى إِلى الهَوى
- أَخَفقَهُ بَرقٍ أَم غِناءُ حَمامِ
إِذا ما اِستَخَفَّتني لَها أَريحِيَّةٌ
- عَثَرتُ بِذَيلي لَوعَةٍ وَظَلامِ
وَخَضخَضتُ دونَ الحَيِّ أَحشاءَ لَيلَةٍ
- يُخَفِّرُني فيها وَميضُ غَمامِ
فَقَضَّيتُها ما بَينَ رَشفَةِ لَوعَةٍ
- وَأَنَّةِ شَكوى وَاِعتِناقِ غَرامِ
وَأَحسَنُ ما اِلتَفَّت عَلَيهِ دُجُنَّةٌ
- عِناقُ حَبيبٍ عَن عِناقِ حُسامِ
فَلَيتَ نَسيمَ الريحِ رَقرَقَ أَدمُعي
- خِلالَ دِيارٍ بِاللِوى وَخِيامِ
وَعاجَ عَلى أَجراعِ وادٍ بِذي الغَضا
- فَصافَحَ عَنّي فَرعَ كُلِّ بِشامِ
مَسَحتُ لَهُ عَن ناظِرِيَّ صَبابَةً
- وَأَقلِل بِدَمعي مِن قَضاءِ ذِمامِ
فَيا عَرفَ ريحٍ عاجَ عَن بَطنِ لَعلَعٍ
- يَجُرُّ عَلى الأَنداءِ فَضلَ زِمامِ
بِما بَينَنا بِالحِقفِ مِن رَملِ عالِجٍ
- وَفي مُلتَقى الأَرطى بِسَفحِ شِمامِ
تَلَذَّذ بِدارِ القَصفِ عَنِّيَ ساعَةً
- وَأَبلِغ نَداماها أَعَمَّ سَلامِ
وَقُل لِغَمامٍ أَلحَفَ الأَرضَ ذَيلَهُ
- فَلَفَّ فُجاجاً تَحتَهُ بِإِكامِ
أَما لَكَ مِن ظِلٍّ يُبَرِّدُ مَضجَعي
- أَما لَكَ مِن طَلٍّ يَبُلُّ أَوامي
وَأَيُّ نَدىً أَو بَردِ ظِلٍّ لِمُزنَةٍ
- عَلى عَقبِ أَترابٍ رُزِئنَ كِرامِ
وَقَفتُ وُقوفَ الشَكِّ بَينَ قُبورِهِم
- أُعَظِّمُها مِن أَعظُمٍ وَرِجامِ
وَأَندُبُ أَشجى رَنَّةٍ مِن حَمامَةٍ
- وَأَبكي وَأَقضي مِن ذِمامِ رِمامِ
قَضوا بَينَ وادٍ لِلسَماحِ وَمَشرَعٍ
- وَغارِبِ عِزٍّ في العُلى وَسَنامِ
وَمُنتَصِبٍ كَالرُمحِ هِزَّةَ عِزَّةٍ
- وَفَتكَةَ بَأسٍ وَاِستِواءَ قَوامِ
وَمُنصَلِتٍ كَالسَيفِ نُصرَةَ صاحِبٍ
- وَضِحكَةَ بِشرٍ وَاِعتِزازَ مَقامِ
وَمُنتَقِلٍ مُستَقبِلٍ كَعبَةَ العُلى
- يُصَلّي بِأَهليها صَلاةَ زُؤامِ
تَهِلُّ لَهُ مِن عِفَّةٍ في طَلاقَةٍ
- كَأَنَّ بِبُردَيهِ هِلالَ صِيامِ
وَما ضَرَّهُ أَن يَستَسِرَّ لِعاتِمٍ
- إِذا ما بَدا في آخِرٍ بِتَمامِ
قصيدة غازلته من حبيب وجهه فلق
قال ابن خفاجة في شعره:[٤]
غازَلتُهُ مِن حَبيبٍ وَجهُهُ فَلَقُ
- فَما عَدا أَن بَدا في خَدِّهِ شَفَقُ
وَاِرتَجَّ يَعثُرُ في أَذيالِ خَجلَتِهِ
- غُصنٌ بِعَطفَيهِ مِن إِستَبرَقٍ وَرَقُ
تَخالُ خيلانَهُ في نورِ صَفحَتِهِ
- كَواكِباً في شُعاعِ الشَمسِ تَحتَرِقُ
عَجِبتُ وَاعَينُ ماءٌ وَالحَشا لَهَبٌ
- كَيفَ اِلتَقَت بِهِما في جَنَّةٍ طُرُقُ
قصيدة الليل إلا حيث كنت طويل
قال الشاعر ابن خفاجة:[٥]
اللَيلُ إِلا حَيثُ كُنتَ طَويلُ
- وَالصَبرُ إِلّا مُنذُ بِنتَ جَميلُ
وَالنَفسُ ما لَم تَرتَقِبكَ كَئيبَةٌ
- وَالطَرفُ مالَم يَلتَمِحكَ كَليلُ
فَلَقَد خَلَعتَ عَلى الزَمانِ مَحاسِناً
- تُثنى بِهِ أَعطافُهُ فَيَذيلُ
وَلَقَد شَمَلتَ الحَضرَتَينِ بِنِعمَةٍ
- يَجري الثَناءُ بِوَصفِها فَيُطيلُ
فَالصُبحُ ثَغرٌ في جَنابِكَ ضاحِكٌ
- وَاللَيلُ طَرفٌ في ذَراكَ كَحيلُ
وَأَقَمتَ مِن أَوَدٍ هُناكَ وَهَهُنا
- فَدَفَقتَ آراءً وَأَنتَ جَليلُ
وَتَكَشَّفَت لَكَ حالَةٌ عَن غادِرٍ
- مَلِقٍ وَمرعى الغادِرينَ وَبيلُ
فَقَعَدتَ بِالأَعداءِ قِعدَةَ خالِعٍ
- ثَوبَ العَزازَةِ عَنهُ فَهوَ ذَليلُ
وَهَدَدتَ هَضبَةَ عِزِّهِ فَكَأَنَّها
- نَسفاً كَثيبٌ بِالعَراءِ مَهيلُ
فَتَطَوَّقَت بِالهَونِ مِنهُ حَمامَةٌ
- يَعتادُها تَحتَ الظَلامِ عَويلُ
وَأَراهُ صَبوَةَ ماجَناهُ دَهمَةً
- نَظَرٌ جَزاهُ عَنِ القَبيحِ جَميلُ
فَاِعتاصَ مِن لُجٍّ وَأَعتَمَ مَسلَكٌ
- وَاِلتاثَ مُلتَمَسٌ وَضاقَ سَبيلُ
وَوَشى رِداءَ الحَمدِ بِاِسمِكَ خاطِرٌ
- قَد عاثَ فيهِ السُقمُ فَهوَ كَليلُ
فَسَجَعتُ في قَيدِ الشَكاةِ مُغَرِّداً
- طَرَباً وَلِلطَرفِ الرَبيطِ صَهيلُ
المراجع
- ↑ "معلومات عن ابن خفاجه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 12/9/2022. بتصرّف.
- ↑ "أبشرك أم ماء يسح"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022.
- ↑ "أفي ما تؤدي الريح عرف سلام"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022.
- ↑ "غازلته من حبيب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022.
- ↑ "الليل إلا حيث كنت طويل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 7/2/2022.