الفتح الإسلامي للأندلس

كتابة:
الفتح الإسلامي للأندلس

بداية التفكير في فتح الأندلس

كان عقبة بن نافع أوّل من فكّر بغزو الأندلس بعد التقدّم الكبير الذي قام به في إفريقيا، فنصحه صاحب سبتة بترك الأمر طالما أن كثيرًا من البربر لا زالوا يعادون المسلمين ويثيرون القلاقل، وقد كان محقًا إذ لم يستقرّ الأمر للمسلمين في المغرب إلا بعد سنين، فلمّا تم فتح بلاد المغرب في بداية عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك على يد القائد موسى بن نصير، بدأ المسلمون بالتفكير بجديّة في التّوسع نحو الأندلس، ولم يكن بينها وبينهم غير هذا المضيق اليسير، وتاليًا حديث مفصّل عن الأسباب المباشرة وراء الفتح الإسلامي للأندلس مع سرد لوقائع الفتح وانتصارات المسلمين.[١]

أسباب فتح الاندلس

يضع المؤرّخون عدّة أسباب ونقاط ساعدت المسلمين ليبدؤا مشروعهم في ضمّ الأندلس إلى بلادهم، ولعل من أبرزها الاستمرار في نشر الدين ودعوة النّاس للإسلام، بالإضافة إلى أن الأندلس كانت ترزح تحت حكم قبائل القوط الذين اجتاحوها، وأخرجوها عن سلطة البيزنطيين، وأسسوا بها مملكة القوط وعاصمتها طليطلة، لكنها كانت دولة متسلّطة ظالمة، وكثيرة الاضطرابات لكرهها الكبير من جهة سكّان البلاد الأصليين الذين سمعوا عن المسلمين؛ كيف أنهم أصحاب دعوة ودين جديد انصهرت ضمنهم قبائل البربر حتى وصل بعضهم لتولي المناصب السياسية والعسكرية.[٢]

وهو ما لا يكون في صفة الغزاة المحتلين، ولذلك كان استقبال الكثير من أهل الأندلس للمسلمين استقبالًا جيدًا، حتى أنّ بعض الأساقفة النّصارى ساعدوا المسلمين، وأكبر دليل على هذا تمكّن المسلمين من فتح الأندلس وصولًا إلى حدود فرنسا في ثلاثة أعوام.[٢]

الفتح الإسلامي للأندلس

كان ميناء سبتة أقرب المدن المغربية إلى الأندلس، وقد دفع حاكم سبتة الكونت يوليان الجزية لموسى بن نصير، وظل نائبًا بالاسم للإمبراطور لذريق حاكم طليلة، ولكنه في حكمٍ شبه ذاتيّ للمدينة، وقد استغلّ موسى بن نصير الأحقاد الكبيرة بين يوليان ولذريق فراسل يوليان، وكسب وده، فشجعه يوليان على فتح الأندلس، وإسقاط الدولة القوطية، فاستأذن موسى بن نصير الخليفة الأموي، فأذن له على أن يرسل السراية ويستطلع أمر البلاد قبل أن يزج بالمسلمين في غمار البحر.[٣]

فأرسل يوليان بعض المقاتلين إلى سواحل الأندلس، فسلبوا وغنموا، فتشجّع المسلمون، وشاع الخبر، فتحمس المقاتلون، وأرسل موسى بن نصير طليعة من 500 مقاتل على أربعة سفن بقيادة القائد طريف بن مالك، فرست سفنه عام 91 هـ على جزيرة حملت اسمه إلى اليوم، وعاد سالمًا غانمًا فاتخذ موسى بن نصير القرار الحاسم بإرسال الجيوش إلى الأندلس ووكل بهذا المهمة واليه على طنجة القائد طارق بن زياد.[٣]

انتصارات طارق بن زياد في الأندلس

عبر طارق بن زياد المضيق إلى الأندلس، ومعه سبعة آلاف من المسلمين أكثرهم من مقاتلي البربر الأشداء، وقد ساعده جيش يوليان في مهمة عبور المضيق؛ حيث أحضر يوليان السفن ليلًا لتحمل الجند سرية بعد سرية، ولم يعلم أهل الأندلس إلا وقت رست جموع المسلمين بسلام، وكان ذلك في رجب من عام 92 هـ، وتحرك بهم طارق إلى جبل كالبي الذي سمّي بعد ذلك بجبل طارق، وسيطر على الجزيرة الخضراء، وكان الإمبراطور لذريق وقتها في الشمال، فلما علم بما حلّ على الشواطئ الجنوبية عاد مسرعًا، واسترضى أعدائه من أبناء غيطشو، وكان قد سلب وراثة الحكم منهم، فاجتمعوا بقيادته في جيش ضخم، وتجهز لرد جيش المسلمين[٤]

أرسل طارق إلى موسى بن نصير بخبر حشد القوط يطلب منه مددًا، فجاءه المدد من موسى بخمسة آلاف مقاتل، وأخذ طارق لجيشه منبسطًا عند وادي برباط ليكون ميدان القتال، وتقابل الجيشان في أواخر رمضان سنة 92 هـ واستمرت المعركة ثمانية أيام استشهد فيها آلاف المسلمين وعشرات الآلاف من جيش لذريق، ويقال أن أبناء غيطشة تركوا لذريق ظنًا منهم أن المسلمين يعودون بالغنائم من حيث أتوا فيبقى الملك لهم.[٤]

وكان للمسلمين النصر العظيم الذي فاجأ القوط النصارى حتى جعلهم يشيعون أنّ طارق بن زياد أقدم على حرق السفن ليستميت جنده بالقتال، وهي رواية ضعيفة لم ينقلها أحد من الثقات، وواضح أن الأوربيين قد اختلقوها ليبرروا انتصار جيش طارق باثني عشر ألف مقاتل على مئة ألف من جند لذريح.[٥]

بعد النّصر الكبير تدفق النّاس من الشمال الإفريقي إلى الأندلس للانضمام إلى جيش طارق، فوجد طارق الفرصة سانحة للتوغل في أرض الأندلس، واستغلال الروح العالية لدى جنده مع ضعف المعنوية الذي أصاب القوط، وزّع طارق جيشه الذي ازداد بشكل كبير بين الأنحاء، وقصد هو استجة، وفي الطريق فتح شذونة ومورور، ثم قاتل من تحصن في استجة حتى استسلموا لدفع الجزية، فيما كانت انتصارات السرايا الأخرى التابعة لجيشه في غرناطة وألبيرية ومرسية وقرطبة، واتجه الجيش إلى طليطلة، ودخلها بدون قتال، ثم تابع شمالًا فحاز قشتالة وليون واسترقة، حتى بلغ خليج غسقونية على المحيط الأطلسي؛ حيث انتهت هناك فتوحاته.[٥]

تمام فتح الأندلس على يد موسى بن نصير

عبر موسى بن نصير إلى الأندلس بعد عام سنة 93 هـ فأعاد قبل لقائه بطارق بن زياد شذونة، وفتح قرمونة ورعواق، ثم حاصر إشبيلية عدة أشهر إلى أن استسلمت، وتابع بعدها إلى ماردة، وأعاد فتح استجة التي نقضت عهدها مع طارق بن زيادن ثم التقى موسى بطارق، وفتحا معاً سرقسطة ووشقة ولاردة وطرمونة وبرشلونة وجلّيقية، ثم انقسم الجيش، ففتح موسى بلد الوليد وقلعة لُك وخيخون، وفتح طارق أماية وأشرقة وأعاد فتح ليون فتمّ لهم الفتح الإسلامي للأندلس إلا صخرة بلاي التي لم يتمكنوا من فتحها حيث عادا إلى دمشق بأمر من الخليفة الوليد بن عبد الملك، الذي خشي من توغل المسلمين بعيدا وولى موسى بن نصير بعده ولديه فساروا على نهج أبيهم حتى ضمنوا استقرار الأندلس ليبدأ عهد الإسلام الذي امتد بعدها في الأندلس ثمانية قرون.[٦]

المراجع

  1. "موسى بن نصير"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-08-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "الفتح الإسلامي للأندلس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 10-08-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "فتح الأندلس"، al-hakawati.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-08-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "فتح الأندلس في رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-09-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب راغب السرجاني (2011)، قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط (الطبعة الأولى)، القاهرة-مصر: مؤسسة إقرا، صفحة 60، جزء 1. بتصرّف.
  6. "قادة فتح الأندلس"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-08-2019. بتصرّف.
3705 مشاهدة
للأعلى للسفل
×