الفرق بين الأخلاق الفلسفية والأخلاق الدينية

كتابة:
الفرق بين الأخلاق الفلسفية والأخلاق الدينية

الأخلاق الفلسفية والأخلاق الدينية

يأتي أصل كلمة الأخلاق من الخُلْقُ، بالضم وبضَمَّتَيْنِ، وذلك يعني: السَّجِيَّةُ والطَّبْعُ، والمُروءةُ، كما جاء في قاموس المحيط،[١] وتنقسم إلى قسمين؛ حسن وقبيح، وتنقسم الأخلاق من حيث الحسن والقبح إلى نوعين:[٢]

  • خلق حسن

وهو الأدب والفضيلة والتزام القيم العليا، وينتج عنه أقوال وأفعال حسنة محمودة عقلاً وشرعاً.

  • خلق سيئ

وهو سوء الأدب والرذيلة والتخلي عن القيم العليا، وينتج عنه أقوال وأفعال قبيحة مذمومة عقلاً وشرعاً.

الفوارق ين الأخلاق الفلسفية والأخلاق الدينية

إن ما يهم الحديث به هنا هو الأخلاق الحسنة الفاضلة التي بها يستقيم السلوك في سبيل الخير والفضائل، والأعمال المحمودة الممدوحة، ونبيّن الفرق بينها من منطلق ديني ومنطلق فلسفي فيما يأتي:

  • الفرق الأول

الأخلاق الدينية تنبني على اعتبار الجزاء والعاقبة الحسنة في الآخرة؛ وذلك لأن سلوك المتدين كله محكوم بالمحاسبة في كل تفاصيل حياته، وليس أمر الجزاء بالثواب أو العقاب مقتصراً على الشعائر أو العبادات دون غيرها؛ بل كل عمل ابن آدم محكوم بذلك مسؤول عنه عند ربه، فإن أحسن وأجاد راجياً ثواب الآخرة ناله بفضل الله -عز وجل-.[٣]

وإن أساء وأفسد فإن يعرض نفسه للعقوبة والعذاب الأخروي -نسأل الله العافية-، في حين أن الأخلاق الفلسفية لا تعتبر مسألة الجزاء الأخروي، وإنما مبناها على استحسان العقول والأعراف، والمعاملة الحسنة التي يتفق عليها مجتمع ما أو أمة من الأمم.[٣]

  • الفرق الثاني

الأخلاق الدينية منضبطة بقواعد ربانية عامة في نصوص شرعية قرآنية، وهذا الأمر يجعلها أعلى مرتبة وأدعى لقبولها، والالتزام بها من الأخلاق الفلسفية التي تخضع للتجربة والنظر العقلي الإنساني.[٤]

وهذا لا ينضبط لدرجة أن يقدم الحقيقة مجردة تماماً عن ميوله أو مؤثرات فيه؛ إما نفسية أو مجتمعية أو عرفية، فهي محل تبدلٍ وتغير وفق ما يغلِّبه منظرو أمة من الأمم، وكونها صادرة عن الإنسان نفسه فلن يكون لها الهيبة الموجودة في الأخلاق الدينية.[٤]

  • الفرق الثالث

الأخلاق الدينية صالحة لكل زمان ولكل أمة؛ وذلك لأنها صادرة عن وحي إلهي عليم بحقيقة الإنسان، وحاجاته ومصالحه الأممية المجتمعية، فلذلك تكون موضوعية في ذاتها مجردة عن رغبات الإنسان وأهوائه؛ التي قد تزين له الباطل فيراه حقاً.[٥]

وقد يقلب عليه الحقائق فيجعله يستحسن القبيح ويقنع نفسه بجعل الرذيلة فضيلة؛ بسبب تحكم المؤثرات الكثيرة التي يتعرض لها، فتصرفه إلى البعد عن الحقيقة الموضوعية، في حين تجد الأخلاق الفلسفية لا تسلم من كل ذلك، وإن كانت تسلم من بعضه أحياناً، أو في مجتمع ما فإنها ليست كذلك في مجتمع آخر أو زمانٍ آخر.[٥]

مكانة الأخلاق في نفوس المسلمين

سئل مسلم إن كان قد قرأ في أدب النفس لأحد الفلاسفة، فقال: بل قرأت أدب النفس لمحمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فوجدنا ما تخيله الأولون من الفضائل مجسداً في حياة وسلوك النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان أسوة أخلاقية عظيمة وقدوة قيَمية رائدة عُليا.[٦]

وقال: ورأينا أن ما كان مستنداً ومتصلاً بوحي الإله العليم الخبير؛ قابلاً للوجود في الواقع الإنساني محققاً مصالح الأمة، غير ملغٍ لمصالح أفرادها، ولم يكن مغلباً الرغبات الفردية على المصلحة الأممية، بل كان الوسط العملي المتزن الواقعي القابل للتطبيق والوجود بين الناس.[٦]

المراجع

  1. الفيروزآبادي، القاموس المحيط، صفحة 881. بتصرّف.
  2. وزارة الأوقاف السعودية، الأخلاق في الإسلام، صفحة 3. بتصرّف.
  3. ^ أ ب مصطفى حلمي، الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الدين، صفحة 29. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مصطفى حلمي، الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الدين، صفحة 33.
  5. ^ أ ب مصطفى حلمي، الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الدين، صفحة 47 -48. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد الغزالي، خلق المسلم، صفحة 3 -4. بتصرّف.
3573 مشاهدة
للأعلى للسفل
×