الفرق بين الخوف الطبيعي وخوف العبادة

كتابة:
الفرق بين الخوف الطبيعي وخوف العبادة

الفرق بين الخوف الطبيعي وخوف العبادة

يُعرَّف الخوف لغةً: بمعنى الفزع، خاف يخاف بمعنى فزع، وشرعاً يقول ابن القيم الجوزية -رحمه الله- في تعريف الخوف على أنه اضطراب في القلب بسبب تذكّر واستحضار الذي يخاف منه أو المخوف، وسنبين الفرق بين الخوف الطبيعي وخوف العبادة فيما يأتي.[١]

الخوف الطبيعي

وهو اضطراب ووجلٌ يصيب القلب، وسبب هذا الاضطراب هو إشارة ظنيّة أو معلومة للشخص الخائف تجعله يتوقّع أن يحصل معه حدث معين مكروه في المستقبل القريب أو البعيد في الحياة أو ما بعد الموت،[٢]والخوف الطبيعي منه ما هو مذموم كالخوف الذي يكون بسبب الوهم أو الجُبن وليس فيه سببٌ يوجب الخوف.[٣]

وأما ما ليس مذموماً من الخوف؛ فهو مثل الخوف الذي في قصة موسى -عليه السلام- الواردة في سورة القصص قوله -تعالى-: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ)،[٤][٣]فهذا الخوف الذي له سبب موجب، وهو يمكن أن يكون ضرورياً لدفع الشخص لفعل ما يحمي ويُحصِّن به نفسه، مثل أن يُحصّن المرء نفسه بأدوات الحرب خوفاً من العدو استعداداً للقائه.[٣]

والخوف ضد الأمن ويُستَعمل في أمور الدنيا والآخرة من الوجل من توقع المكروهات أو فوات محبوب، وهو اضطراب القلب وحركته أو فزعه من مكروه يناله أو محبوب يفوته والانخلاع من الطمأنينة للخوف.[٥]

ومن أمثلة ذلك قوله -عز وجل- في سورة الأحزاب: (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا)،[٦] وقوله -تعالى- في نفس السورة: (فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ).[٧]

خوف العبادة

يقول الله -تعالى- في كتابه العظيم: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)،[٨] وهذه الآية دليل على الخوف الذي يكون عبادة والذي يلزمه ألا يكون إلا من الله -عز وجل- ويجب إفراده -عز وجل- به، ولا يجوز أن يكون لغيره من المخلوقات، وهذا هو الخوف الذي يقود الإنسان لفعل الطاعات وتجنُّب المعاصي والمنكرات.[٣]

ويُطلق أهل العلم على خوف العبادة وصف خوف السر الذي يتقرب به المعبود من خالقه -عز وجل- باستحضار وجوده في كل وقتٍ وحين مما يدفعه لتجنّب ما يغضبه، وهو على قسمين فمنه ما هو واجب وهو الذي يقود صاحبه للامتناع عن الكبائر مثلاً.[٩]

وهناك قسم آخر وحكمه مستحب وهو الذي يجعل من صاحبه ذا همة في أداء النوافل والسنن من العبادات والقربات،[٩] وهناك نوعٌ آخر من الخوف منهيّ عنه وهو الذي يدفع صاحبه للإحجام عن الطاعات، كالخوف من العدو الذي يُفضي لعدم تلبية داعي الجهاد في سبيل الله، أو الخوف المُقعِد عن أداء الفرائض التي فرضها الله -عز وجل- على العبد.[٩]

المراجع

  1. أحمد بن علي الزاملي، كتاب منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين، صفحة 86. بتصرّف.
  2. عبد الرحيم الطحان، خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان، صفحة 6. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث ابن المصلح، شرح ثلاثة الأصول، صفحة 7. بتصرّف.
  4. سورة القصص، آية:21
  5. محمد عويضة، فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 190. بتصرّف.
  6. سورة الأحزاب ، آية:10
  7. سورة الأحزاب، آية:19
  8. سورة آل عمران، آية:175
  9. ^ أ ب ت أحمد بن علي الزاملي، منهج الشيخ عبد الرزاق عفيفي وجهوده في تقرير العقيدة والرد على المخالفين، صفحة 87. بتصرّف.
4083 مشاهدة
للأعلى للسفل
×