مخافة الوقوع في الرياء والنفاق
طالما العبد المسلم يتوخّى الوقوع في النفاق والرياء فهو على خير، فإنّ من علامات الإيمان أن لا تغيب عن المؤمن الخشية من أن يقع في الرياء والنفاق، وهذا من دلائل الخير ولا يُعدّ من الهواجس أو الوساوس، شريطة أن لا يحمل هذا التفكير صاحبه إلى الوقوع في القنوط واليأس، فعلى الإنسان المسلم أن يتنبه لنفسه ولأعماله أهي خالصة لله، أم هي من أجل غيره، وهذا أمر محمود لا مذموم بشرط أن لا يزيد عن حدّه، فيقع صاحبه في هواجس ووساوس لا نهاية لها.[١]
الفرق بين الرياء والنفاق
جاء في تعريف الرياء أنّه مشتقّ من الرؤية، فيحب صاحب الرياء أنّه إذا عمل عملًا أن يراه الناس، فالرياء والإخلاص ضدّان، فإن عمل الإنسان عملًا لوجه الله ورآه الناس فهذا لا حرج فيه، فالنيّة يجب أن تكون معقودة لله لا للناس، وقد سُمّي الرياء باسم الشرك الخفي، وقد قال ابن قدامة: "وشوائب الرياء الخفي كثيرة لا تنحصر، ومتى أدرك الإنسان من نفسه تفرقة بين أن يُطَّلَع على عبادته أو لا يطلع، ففيه شعبة من الرياء، ولكن ليس كل شوب محبطاً للأجر، ومفسداً للعمل بل فيه تفصيل، فإن قيل: فما ترى أحداً ينفك عن السرور إذا عُرِفت طاعته، فهل جميع ذلك مذموم؟ فالجواب: أن السرور ينقسم إلى محمود ومذموم، فالمحمود أن يكون قصده إخفاء الطاعة، والإخلاص لله، ولكن لما اطلع عليه الخلق، علم أن الله أطلعهم، وأظهر الجميل من أحواله، فيُسَرُّ بحسن صنع الله، ونظره له، ولطفه به، حيث كان يستر الطاعة والمعصية، فأظهر الله عليه الطاعة وستر عليه المعصية، ولا لطف أعظم من ستر القبيح، وإظهار الجميل"، وقد جاء في تعريف النفاق أنّه مقرون بالمنافق الذي يخفي في داخله الكفر، ويظهر أمام الخلق الإيمان، فكل من ينافق ويظهر للناس أنّه مؤمن فهو مُراء، ويقصد من هذا إفهام الناس أنّه مؤمن وهو بخلاف ذلك، وليس كلّ من يرائي بأعماله أمام الناس منافقًا يخفي في داخله الكفر ويظهر الإيمان؛ لأنّ الرياء أحيانًا يكون من العبد المسلم الذي آمن بالله، لكنه يحب أن يرائي بأعماله كي يُقال فيه ما يرجوه من الخلق، فإنّ الرياء والنفاق مختلفان في أشياء ومتفقان في أشياءٍ أخرى، فالرياء والنفاق صفتان ملازمتان للمنافقين، أمّا المسلم المؤمن فتعتريه صفة الرياء أحيانًا.[٢]
تحذير الشرع من الرياء والنفاق
قد بيّن الشرع أمر النفاق وبيّن جزاء المنافق، حيث قال الله -تعالى- في محكم تبيانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}؛[٣] لأنّ المنافقين يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان، وعلى وجه الخصوص قد حذّر الله -تعالى- العبد المسلم من الرياء، حيث قال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}،[٤] فينبغي على المسلم أن تكون أعماله خالصة لله تعالى، في ظاهره وفي باطنه، ومما جاء في السنّة الشريفة أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عن ربّه، حيث قال الله تعالى: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ"،[٥] فلا يقبل الله عملًا ما لم يكن خالصًا له.[٦]
المراجع
- ↑ "binbaz.org.sa"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 11-1-2020. بتصرّف.
- ↑ "الفرق بين الرياء والنفاق"، www.islamweb، اطّلع عليه بتاريخ 11-1-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 145.
- ↑ سورة البينة، آية: 5.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2985، صحيح.
- ↑ "التحذير والبراء من الرياء "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-1-2020. بتصرّف.