الفرق بين الصوفية والسنة

كتابة:
الفرق بين الصوفية والسنة

الطوائف الإسلامية

الطوائف في اللغة جمعٌ لكلمة طائفة، والطائفة تعني مجموعة من الناس الذين يجمعهم المبدأ أو الانتماء أو الدين الواحد، وقد انقسم المسلمون إلى طوائف كثيرة، كلُّ طائفة منها حملت مبدأً خاصًّا وآمنت بشيء كفرت به طوائف أخرى، وجدير بالذكر إنَّه قد تجتمع بعض الطوائف على توحيد الله -عزَّ وجلَّ- وتختلف فيما بينها بأشياء أخرى من صلب الدين وأساس العقيدة، ومن أشهر الطوائف الإسلامية التي عرفها التاريخ الإسلامي: الأشاعرة، السلفية، الماتريدية، المرجئة، المعتزلة، الصوفية، الجهمية، وقد تتفرَّعُ عن هذه الطوائف أيضًا جماعات وطوائف أصغر، وفيما هذا المقال سيتم تسليط الضوء على الفرق بين الصوفية والسنة.

الفرق بين الصوفية والسنة

إنَّ الفرق بين الصوفية والسنة يتوضَّح ويظهر جليًا من خلال تسليط الضوء على كلّ طائفة من الطائفتين بشكل تفصيلي، فتعريف كلٍّ من أهل السنة والصوفية سيؤدي إلى بيان الفرق بين الصوفية والسنة من حيث العقيدة والانتماء والمعتقدات والعبادات التي يقوم بها أهل كلِّ طائفة من الطائفتين، وفيما يأتي تعريف الصوفية وأهل السنة:

الصوفية

الصوفية مفرقة وطائفة من الطوائف الإسلامية، وهو منهج يتَّبعه الصوفيون سعيًا للوصول إلى الحقيقة المطلقة، والحقيقة المطلقة التي يسعون للوصول إليها هي الله -جلَّ وعلا-، والصوفية أيضًا هو علم تُعرَف به أحوال النفس البشرية وتُضبط به أخلاقها وتصرفاتها، وقد عرَّف الصوفِيُّ أبو الحسن الشاذلي الصوفية قائلًا: "التصوف تدريبُ النَّفس على العبودية، وردِّها لأحكام الربوبية"، وقد تصوَّف عبر التاريخ أنا كُثر منهم العلماء والأدباء والمفكرون، فكان للمذهب الصوفي حضوره القوي في التاريخ الإسلامي، ولعلَّ أبرز المتصوفين: محي الدين بن عربي، جلال الدين الرومي، أبو حامد الغزالي، النووي وغيرهم، وجدير بالقول إنَّ للصوفية أحكامًا ومعتقدات ما أنزل الله بها من سلطان، هذه المعتقدات والمناسك والأوراد التي يقومون بها كالحضرات ومجالس الذكر المترافقة مع استحضار شيخ الطريقة أو المريد حتَّى يصله بالله تعالى، كلُّ هذه الأمور تخالف صلب الدين الإسلامي وتنخر في أساسه، وهي معتقدات فاسدة ما أنزل الله بها من سلطان، لذلك تعرَّض الصوفيون لكثير من الانتقادات من أهل السنة والجماعة في تاريخهم، مما دفع بعض علماء الصوفية إلى تأليف بعض الكتب في سبيل رد الشبهات عن المذهب الصوفي، لذلك ينبغي على المسلم أن يكون على دراية تامَّة، فالانقياد وراء عبادات وطُرق اتصال بالله لا أساس لها من الصحة سيدخل الإنسان في الشرك والضلال، والله أعلم.[١]

أهل السنة

يُعدُّ مذهب أهل السنة والجماعة أو المذهب السُّنِّيُّ أكبر المذاهب الإسلامية عددًا، حيث يشكِّلُ أهل السنة والجماعة القسم الأكبر من المسلمين حول العالم، ويتبع أهل السنة ما جاء في القرآن الكريم وما صحَّ من سنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وهم يؤمنون بما قام به الخلفاء الراشدون الأربعة: أبو بكر الصديق، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب، ويعتبرون مذهب هؤلاء الخلفاء هو المذهب الإسلامي الصحيح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وترجع أصول المذهب السني إل بدايات الإسلام، وخاصة إلى ما بعد وفاة رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- حيث سعى الصحابة إلى جمع أقوال الرسول وأفعاله وتطبيقها بوصفها جزءًا من الدين الإسلامي، وجعلوا السنة النبوية مصدر التشريع الإسلامي الثاني بعد القرآن الكريم، وقد اشتهر من أهل السنة والجماعة العلماء الأربعة وهم: أبو حنيفة النعمان، مالك بن أنس، الشافعي، أحمد بن حنبل، حيث وضَعَ هؤلاء أصول الفقه الإسلامي للناس وشرَّعوا لهم كلَّ ما يتعلَّق بأمور دينهم استنادًا على ما جاء في القرآن والسنة، كما يعتبرُ أهلُ السنة والجماعة صحيحَ الإمامِ البُخاري وصحيح الإمام مسلم أصدق كتابَينِ بعد كتاب الله تعالى، ومنهما يأخذ أهل السنة والجماعة كثيرًا من أحكام الدين، والله أعلم.[٢]

رأي علماء السنة بالصوفية

بعد تعريف الصوفية وأهل السنة كلٍّ على حدة، وإظهار الفرق بين الصوفية والسنة، جدير بالذكر إنَّ في عقيدة أهل السنة والجماعة مبدأ يشير إلى أنَّ الدين القويم الصحيح هو الذي يستند على سنة رسول الله وسنة الخلفاء المهديين من بعده، ويستدلون في هذا على حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الذي قال فيه: "عليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدِين المهدِيِّينَ مِن بعدي"،[٣]ولهذا وقف علماء أهل السنة في الغالب ضد الصوفية لما فيها من البدع والضلالات التي لا توافق الكتاب والسنة، ومن أشهر آراء علماء أهل السنة بالصوفية:[٤]

  • يقول الإمام الشافعي: "صَحِبْتُ الصُّوفِيَّةَ، فَمَا انْتَفَعْتُ مِنْهُمْ إِلَّا بِكَلِمَتَيْنِ: سَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ: الْوَقْتُ سَيْفٌ، فَإِنْ قَطَعْتَهُ وَإِلَّا قَطَعَكَ، وَنَفْسُكَ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهَا بِالْحَقِّ، وَإِلَّا شَغَلَتْكَ بِالْبَاطِلِ".
  • ويقول الإمام الشافعي أيضًا: "مَا لزم أحد الصوفية أربعين يوما فعاد عقلُهُ إليه أبدًا".
  • يقول القرطبي: "فَأَمَّا طَرِيقَةُ الصُّوفِيَّةِ: أَنْ يَكُونَ الشَّيْخُ مِنْهُمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَشَهْرًا، مُفَكِّرًا لَا يَفْتُرُ، فَطَرِيقَةٌ بَعِيدَةٌ عَنِ الصَّوَابِ، غَيْرُ لَائِقَةٍ بِالْبَشَرِ، وَلَا مُسْتَمِرَّةٌ عَلَى السُّنَنِ".
  • وفي رأي الإمام مالك بن أنس قال المسيبي: "كنَّا عند مالك وأصحابُهُ حولَهُ، فقال رجل من أهل نصيبين: يا أبا عبد الله، عندنا قوم يُقالُ لهم الصُّوفية، يأكلون كثيرًا، ثم يأخذون في القصائد، ثم يقومون فيرقصون، فقال مالك: الصِّبيان هم؟ قال: لا، قال: أمجانين؟ قال: لا، قوم مشائخ، قال مالك: ما سمعت أن أحدًا من أهل الإسلام يفعل هذا".

حكم الانتماء إلى الصوفية

بعد الحديث عن الفرق بين الصوفية والسنة، يمكن القول إنَّ الانتماء إلى الصوفية أمر حذَّر منه أهل العلم، وإنَما هذا التحذير جاء بسبب ضلال هذه الفِرقة وكثرة البدع التي لا أصل لها، وكلُّ بدعة في الإسلام ضلالة وكلُّ ضلالة في النار، وقد أوضح رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- للناس المنهج الصحيح في هذا الدين في حديث حسَّنه الألباني، روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "تركتُ فيكم أمريْنِ لن تضلُّوا ما تمسَّكْتُم بهما: كتابَ اللهِ وسُنَّةَ رسولِه"،[٥]لذلك فالانتماء إلى الصوفية غير جائز، وإنَّما الدين الحقُّ ما ارتبط بكتاب الله وسنة رسول الله، وما دون ذلك مخالف للشرع القويم، وهذا ما رآه أهل العلم والفقه في منهج الصوفية، والله تعالى أعلم.[٦]

مصطلح أهل السنة والجماعة

في ختام ما ورد من إظهار الفرق بين الصوفية والسنة، تجب الإشارة إلى أنَّ مصطلح أهل السنة والجماعة مصطلح واسع الانتشار والاستخدام يدل على المنتمين للمذهب السُّنِّي القائم على كتاب الله تعالى وسنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، والسنة هي ما جاء عن رسول الله من أقوال وأفعال وتقارير، ويختلف أهل السنة مع الشيعة اختلافًا كبيرًا في المبدأ والعقيدة، نشأ هذا الخلاف منذ أيام الفتنة الكبرى والصراع بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وعلى الرغم من انتشار مصطلح أهل السنة والجماعة وانتماء أكبر عدد من المسلمين إلى هذا المذهب، إلَّا أنَّ مذهب أهل السنة أيضًا تعرَّض لانفصال مجموعات من الناس المنتمين إليه وتشكيلهم جماعات أخرى كالوهابية والسلفية وكلهم يجتمعون تحت ما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله، والله أعلم.[٢]

المراجع

  1. "صوفية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "أهل السنة والجماعة"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  3. رواه الشوكاني، في الفتح الرباني، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم: 5/2177، صحيح.
  4. "آراء أئمة الإسلام في التصوف وأهله"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في التوسل، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 16، إسناده حسن وله شاهد.
  6. "التصوف: تعريفه، نشأته، حكم الانتماء إليهم"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 01-07-2019. بتصرّف.
5864 مشاهدة
للأعلى للسفل
×