الفرق بين الفاسق والكافر والمنافق

كتابة:
الفرق بين الفاسق والكافر والمنافق

الفرق بين الفاسق والكافر والمنافق

الإيمان هو مصدر السعادة في الحياة، وهو طريق النجاة من عذاب الله -عز وجل- يوم القيامة، فقد جعل الله -تعالى- الإيمان محبّباً إلى النفس وجعل الكفر مكروها وكذلك الفسوق والعصيان والنفاق، وذلك لقول الله -تعالى-: (وَلَـكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَـئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ).[١]

وقوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)،[٢]ولأنّ الكفر يدخل في جميع هذه المفاهيم فتختلط رغم الاختلاف بينها من معان ودرجات ونتائج، فكان لا بدّ من بيان الفرق بين الفاسق، والكافر، والمنافق.

من هو الفاسق

الفاسق: هو الخارج عن طاعة الله ورسوله، وهو نوعان: فسق أكبر وهو الكفر، وفسق دون ذلك، وتوضيح ذلك فيما يأتي:[٣]

  • الفسق الأكبر

جاء الفسق الأكبر بمعنى الكفر في قول الله -تعالى-: (إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ)،[٤]وقوله -تعالى-: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ).[٥]

  • الفسق بمعنى المعصية

وأما ما دون ذلك فهو الخروج عن طاعة الله لكن دون الوصول إلى درجة الكفر المخرج من الملة، جاء في قوله -تعالى-: (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)،[٢]حيث فصل الله -عز وجل- الكفر عن الفسوق في هذه الآية الكريمة، فذكر الكفر وحده، والفسوق وحده، والعصيان -الذي هو دون الفسوق- وحده.[٣]

وقول الفقهاء -رحمهم الله- في كتبهم: لا تُقبل شهادة الفاسق، يعنون بذلك الفسق الذي دون الكفر،[٣]فالفاسق هنا هو مرتكب المعاصي والذنوب المصر عليها والمجاهر بها، إذ ليس بالضرورة أن يكون الفاسق كافراً، قال الشوكاني في الفسوق: "هو الخروج عن الطاعة وتجاوز الحد بالمعصية".[٦] 

والفسق يقع بالقليل من الذنوب إذا كانت كبائر وبالكثير، لكن عُرف فيما كان كثيراً، وقد يكون الفسق شركاً، وقد يكون إثماً، وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه.[٦] 

من هو الكافر

الكفر لغة: الستر والتغطية، واصطلاحاً: هو ما يضاد الإيمان من الأقوال والأفعال والاعتقادات، والكافر هو من قام به الكفر،[٧]وهو في الدين صفة لمن جحد شيئاً مما افترض الله -تعالى- الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه، بقلبه دون لسانه، أو بلسانه دون قلبه، أو بهما معا، أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان.[٧]

والكافر هو عكس المسلم وهو الذي لا يؤمن بالله ولا بوحدانيته، ولا بالنبوة، والملائكة، والقدر، واليوم الآخر، وكذلك هو من أنكر وجحد -إصراراً وليس جهلاً- ممّا علم من الدين بالضرورة، فهي أمور قطعية مجمع عليها لا يصح لأي مسلم الجهل بها.

وقد توعّد الله الكفار الذين ماتوا على كفرهم والذين قامت عليهم الحجة بتبلغهم رسالة الإسلام بوعيد شديد قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).[٨]

من هو المنافق

أفرد الله -عز وجل- سورة من سور القرآن الكريم وسمّاها سورة المنافقون، وجاء فيها الكلام عن المنافقين مفصّلاً، فكانت أول آية فيها قوله -تعالى-: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)،[٩]وبيّنت باقي السورة الكريمة صفاتهم وأخلاقهم.

وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صفات المنافق، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ).[١٠]

درجات النفاق

النفاق درجات وأنواع؛ فمنه ما هو نفاق اعتقادي، ومنه ما هو نفاق عملي، وبيان ذلك فيما يأتي:[١١]

  • النفاق الاعتقادي

وأعلاه الكفر بالله -عز وجل-، فالمنافق الخالص الذي لم يكن فيه خصلة أو أكثر من خصلة فقط، ولكن هو الذي كفر بالله وبالرسالة المحمدية، وأغلق باب الإيمان في قلبه، ولم يكتف بذلك بل أظهر الإسلام ليفسد بين المسلمين ويعرف أسرارهم، قال -تعالى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرً).[١٢]

  • النفاق العملي

وهو ما دون النفاق العقائدي، أي لا تُخرج المسلم عن إسلامه، وإن كان إيمانه ضعيفاً،[١١]أن يصدر من بعض المسلمين أعمال من صفاتها أنها تخص المنافقين التي ذكرت في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال:

(أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ)،[١٠]وهي من صفات النفاق العملي التي يتشبه بها المسلم في أفعاله بها بالمنافقين وأخلاقهم وهي من الصفات الذميمة المنهي عنها في الإسلام.

المراجع

  1. سورة الحجرات، آية:7
  2. ^ أ ب سورة النساء، آية:140
  3. ^ أ ب ت ابن عثيمين، نور على الدرب للعثيمين، صفحة 2. بتصرّف.
  4. سورة الكهف، آية:50
  5. سورة السجدة، آية:20
  6. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 140.
  7. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3159.
  8. سورة البقرة، آية:39
  9. سورة المنافقون، آية:1
  10. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:34، حديث صحيح.
  11. ^ أ ب محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، صفحة 1924.
  12. سورة النساء، آية:145
3319 مشاهدة
للأعلى للسفل
×