الفرق بين القضاء المبرم والمعلق

كتابة:
الفرق بين القضاء المبرم والمعلق

الفرق بين القضاء المبرم والمعلق

مفهوم القضاء المبرم

وهو القضاء المطلق ويعرف أيضاً بالقضاء المبرم، وهو ما سبق في علم الله -عز وجل- فلا يتغير ولا يتحول ولا يتأخر، وقدره الله -جل في علاه- قبل أن يوجِد الموجودات من الأرض والسماء وما فيها بخمسين ألف عام، قال الله -جل في علاه-: (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا).[١][٢]

وبيّن الله -تعالى- في أكثر من موضع في كتابه الكريم أن كلامه لا يتغير ولا يتبدل؛ وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأم حبيبة: (قدْ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ، وَأَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ، لَنْ يُعَجِّلَ شيئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أَوْ يُؤَخِّرَ شيئًا عن حِلِّهِ).[٣]

ويوضح الإمام النووي -رحمه الله- أن الأوقات والأعمار والأرزاق محددة مقدرة؛ لا تتبدل ولا تتحول عما حدده الله -جل وعلا- وعلمه في القديم الأزلي، فيستحيل الزيادة عليها أو الانتقاص منها.[٢]

مفهوم القضاء المعلق

هو ما يرتبط بعلم الملائكة الموكلين بمهام معينة من قبل الله -تعالى-، فيقع فيه الزيادة والنقصان، والتبديل والتغيير، والإثبات والإزالة كالزيادة في العمر والرزق كما يشاء الله -تعالى-، فيأمر الله -جل في علاه- الملك الموكل -مثلاً- برجل عمره خمسون، فإذا زار أقاربه ورحمه زيد ثلاثين عاماً.[٢]

ويكون قد سبق في علم الله الأزلي -جل في علاه- أنه سيزور رحمه فيكتب ثمانون، فيبدل في كتابة صحف الملائكة، ويبقى ثابتاً في علم الله وقد كتب وثبت في اللوح المحفوظ.[٢]

وعلى هذا فسروا قوله -تعالى-: (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)،[٤] وكذلك بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجر من يصل رحمه فإن الله سيطيل عمره ويؤخر أجله.[٢]

وروت عائشة -رضي الله عنها- حديثاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يبين فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن القدر واقع ونافذ لا محالة مهما كنت مستعداً ومتأهباً، وأن الدعاء يقي ويحمي مما ينزل من البلاء من السماء.[٥]

وقد صوّر ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الدعاء الصاعد يواجه القضاء المبرم النازل فيتدافعان حتى يوم القيامة، وهنا يبين -صلى الله عليه وسلم- أن الدعاء من أقوى أسباب رفع البلاء ودفعه ورده.[٥]

أحوال الدعاء مع القضاء المبرم

وللدعاء مع البلاء أحوال ومقامات، منها:[٦]

  • قوة الدعاء كفيلة برفع ودفع البلاء.
  • ضعف الدعاء لا يدفع البلاء؛ بل إن البلاء يغلبه فيصيبه البلاء.
  • أن يتعادل البلاء والدعاء من حيث القوة؛ فيظلان في مقاومة ومواجهة متواصلة فيرد كل منهما الآخر حتى يوم القيامة.

أسباب دفع البلاء قبل وقوعه

ومن الأسباب التي تدفع البلاء والقضاء ما يأتي:[٧]

  • عبادة الشكر

فالحمد والشكر سبيل لزيادة النعم ورد البلاء، فإذا شكرت الله -تعالى- على النعمة بقيت وإذا كفرت تولت، قال -تعالى-: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)،[٨] وكما أن هذه الآية برهان على أن الشكر لزيادة النعم؛ فهي برهان على أن جحود النعم وكفرانه سبب لذهابها.

  • عبادة التقوى

إن من تأمل أجر وثواب التقوى في كتاب الله -تعالى-، وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ تيقن بأنها سبيل كل خير في الدنيا والآخرة، والتقوى مفتاح كل بهجة وفرحة ومغلاق كل سوء وشر في الدنيا والآخرة، وهي سبب لدفع البلاء، ولا تأتي النقم والعقوبات إلا بسبب الغفلة أو الإخلال بالتقوى وإضاعتها.

  • التزود بالطاعات وترك ما حرم الله تعالى

إن التزود والإكثار من العبادات، وحفظ الأوامر والفروض، وترك المعاصي طريق لرد البلاء، واكتساب الخير والفرح ودوام المسرة.

  • عدم التعرض لأولياء الله -تعالى- المشهود لهم بالصلاح

لأنه متى تعرض لهم أحد بالاعتداء نزل عليه البلاء، إن ولي الله -عز وجل- لا يضره عدو إلا هزم وانتصر عليه؛ لمعية الله -تعالى- له، وأنه يسير في الدنيا بتوفيق الله -تعالى- وسداده وإرشاده وهدايته، وقد تعهده الله -تعالى- بالحفظ من الانحراف واتباع الشهوات.

  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

فعدم التناصح والتناهي عن المنكرات وعدم التواصي بالحق؛ سبب في وقوع البلايا على العصاة والمجرمين ومن حولهم، ويرد ويرفع البلاء إذا قام المصلحون بواجبهم نحو الدين من الدعوة إلى الله -تعالى-، وإنكار المنكرات وتغييرها بالخيرات.

  • صلة الرحم

سبب قوي في دفع البلاء وسبيل إلى بركة العمر المال والأهل والبدن.

  • عبادة الاستعاذة واللجوء والتوكل على الله تعالى

سبب في دخول دائرة ولاية الله -تعالى-، وهي سبب في دفع البلاء.

المراجع

  1. سورة المنافقون، آية:11
  2. ^ أ ب ت ث ج مجموعة مؤلفين ، كتاب فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 2507. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2663 ، صحيح.
  4. سورة الرعد، آية:39
  5. ^ أ ب ابن شاهين، كتاب الترغيب في فضائل الأعمال وثواب ذلك لابن شاهين، صفحة 57. بتصرّف.
  6. ماهر بن عبد الحميد بن مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، صفحة 24-25. بتصرّف.
  7. مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 172-195. بتصرّف.
  8. سورة ابراهيم، آية:7
5984 مشاهدة
للأعلى للسفل
×