الفرق بين اللغة الفصحى والعامية

كتابة:
الفرق بين اللغة الفصحى والعامية

أصل اللغة

بالبحث عن الأصل الّلغوي لكلمة "لغة" ستُوجد في مادة لَغى يَلغي، ويقال لغوت بمعنى تكلّمت، وتحت مسمّى اللغة يندرج العديد من الاصطلاحات مثل لغة الإشارة، ولغة الجسد، ولغة الآلة، ولغة الضاد، ولكلٍّ مما سبق تعريف خاص به، إلا أن اللغة بمفهومها العام الرائج لا تخرج عن تعريف أبي الفتح ابن جني حين قال "اللغة أصوات يُعبّر بها كل قوم عن أغراضهم" فاللغة إذًا أصوات يعبّر بها الإنسان عن حاجاته.[١] وبالبحث في أصل اللغة يجد الباحث مجموعة من الآراء المختلفة لأصل اللغة، فيرى بعض العلماء أن اللغة ملهمة للإنسان إلهامًا كما يُلهم الحيوان الأصوات التي يتفاهم بها، ومنهم من قال إنها فطرية وأن الله خلق آدم ولديه غريزة تحمله على التعبير، وعُبر عن كل شيء محسوس بصوت خاص، وذهب بعض العلماء إلى أن اللغة محاكاة لأصوات الطبيعة مع الاستعانة بالإشارات ثم طور الإنسان الوسائل في التعبير إلى أن وصل إلى النطق ومن ثم إلى الكتابة، فاللغة سابقة الكتابة.[٢]

اللهجات العامية

كان العرب قبل الإسلام يتحدثون عدّة لهجات منها: الكشكشة والشنشنة والعجعجة والفحفحة وغيرها الكثير، وكانت تُعد أغلب اللهجات العربية فصيحة، إلا أن لهجة قريش وتميم كانت أفصحها، ونزل القرآن الكريم وقُرئ بعدة قراءات منتشرة إلى يوم الناس هذا، وكُلّ القرءات التي قرأ بها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فصيحة صحيحة لها سند متصل، غير أن بعض اللهجات العربية كانت منبوذة مذمومة لم يتكلم بها فصحاء العرب، وبالانتقال إلى العصر الحديث يُلحَظ انتشار اللهجات العامية مثل: اللهجة المصرية واللهجة السورية واللهجة اللبنانية وغيرها، بل حتى في اللهجة الواحد يوجد عدّة لهجات، مثلًا اللهجة السورية فيها: الدمشقية والحمصية والحلبية، وتنوع اللهجات يعود للبيئة التي تحتضن هذه اللهجة، وإلى مخالطة العرب للأعاجم وتأثرهم بهم، فاللهجة العامية هي المتداولة بين الناس في العمل والأحاديث، وتبتعد العامية عن قوانين اللغة العربية الفصحى، ويكاد الإنسان العربي يقف أمام بعض اللهجات لا يفقه منها شيئًا، فنجد اللهجة المغربيّة عصية الفهم على أهل الشرق والعكس صحيح، ولكن لمجرّد الكلام باللغة الفصحى وهي لغة الكتابة والتأليف والنشر نجد أن أبناء المشرق يفهمون قول أبناء المغرب العربي، والعكس صحيح، وتُعد العامية عند العلماء مرفوضة لأنّ فيها الكثير من الألفاظ من لغات أخرى، وتخرج في كثير من الأحيان عن قواعد اللغة العربية وأصولها.[٣]

اللغة الفصحى

اللغة العربية الفصحى هي اللغة التي تسخدمها كل الدول العربية في دوائرها ومعاملاتها، وهي اللغة الرسمية لهذه البلاد، واللغة العربية بالنظر إلى جذورها هي لغة تنتمي إلى اللغات السامية المنتشرة في العالم القديم، وتُعد اللغة العربية الأوسع انتشارًا بين كل اللغات السامية، والعربية تنقسم إلى خمسة مستويات هي وفق الترتيب الآتي: الفصحى, الفصيحة، الصحيحة، السليمة، العامية، وتُعد اللغة العربية الفصحى أعلى مستوى من المستويات السابقة، وهي لهجة قريش وقبائل عدنان، وبالفصحى نزل القرآن الكريم، وبالفصحى خطب النبي الكريم محمد في أمته، وبالفصحى قيل الشعر العربي، وبالفصحى أُلفت أمهات الكتب العربية، ومع انتشار اللهجات العامية اليوم، إلا أنه لا يمكن إغفال أهمية الفصحى فهي الوسيلة لفهم القرآن الكريم خصوصًا والدين الإسلامي عمومًا، والعربية الفصحى هي التي وحدت لسان كلّ الناطقين بالعربية فيستطيع الناطقون بها التواصل فيما بينهم بكلّ سهولة، لذلك فإنّ الفصحى هي المعتمدة في تدريس المناهج التعليمية في البلدان العربية، إضافة إلى ذلك فإنّ الفصحى هي التي تُكسب اللغة العربية هويتها وطابعها، وكيف لا تكون ذات طابع خاص وبها خاطب الله جل جلاله عباده في القرآن الكريم.[٤]

الفرق بين اللغة الفصحى والعامية

سلف الذكر بأنّ اللغة العربية من اللغات السامية وأنها أكثر اللغات السامية انتشارًا، والعربية قديمًا كان ينطقها العرب بأكثر من لهجة، فلكل قبيلة لهجتها، وهذه اللهجات منها الفصيح القوي ومنها المنبوذ المرزول، فكانت قريش أفصح القبائل، وكذلك قيبلة تميم، ومع التقدم العربي الإسلامي من فتوح وتطور علمي حضاري، دخل الإسلام الكثير من الأعاجم، واطلع العرب على لغات باقي الحضارات، فتسلل إلى العربية الكثير من الكلمات التي ليست بالعربية، وفي حين كان اللحن عند العرب القدامى عيبًا أصبح الحديث بالفصحى في هذا العصر صعبًا خصوصًا عند ذوي الثقافة المتدنية، غير أنَّ العامية فيها الكثير من الكلمات التي لا تتصل بالعربية، إضافة إلى أنها أحيانًا لا تخضع لقواعد العربية، ولا إلى المنطق الذي بُنيت عليه العربية، وذهب أنصار كل من العامية والفصحى بذكر مميزات كل منهما.[٥]

مميزات الفصحى

الفصحى هي ذات مستوى عالٍ من التّنسيق والتناغم بين المفردات، فهي تخضع لنظام لُغويّ يُعرف بالقواعد، وتلبّي حاجات المجتمع وتطوّره فهي قابلة للاشتقاق وتوليد مفردات تخدم التقدم، وهذا ما لا يراه دعاة العامية، وتبقى الفصحى هي الأساس، وفيما يأتي أهم مميزات الفصحى:[٦]

  • الفصحى هي اللغة التي تجمع العرب، فهي جزء من القومية العربية.
  • الفصحى يحتاجها كل مسلم ليفهم تعاليم الدين والقرآن.
  • الفصحى لها أسلوبها الفريد، فعبارتها متنوعة، ولديها قدرة في التعبير عن كل المعاني التفصيلية.
  • الفصحى تقوم على نظام لُغوي منظم من قواعد وصرف.
  • الفصحى هي التي تجمع العرب بكل المسلمين في العالم.
  • الفصحى تزخر بالمصطلحات العلمية الفنية التفصيلية، وهذا ما تفتقر إليه العامية.

مميزات العامية

يرى دعاة العامية العديدَ من الحُجج التي تجعلها رائدة ومنتشرة في المجتمع، وأرادوا للعامية أن تصبح لغة المؤلفات والتعليم، وروجوا لها، غير أن هذه المحاولة لم تلقَ الكثير من المؤيدين، والدعاة إلى العامية ذكروا لها عدة مميزات حسب زعمهم:[٣]

  • العامية فيها حياة تتطور مع التطور الاجتماعي، وتوظف الكلمات المناسبة التي تعبر عن الحالة بغض النظر عن أصلها.
  • العامية تجدد نفسها فتهمل كل ما ليس له ضرورة، وتقتبس من غير لغات ما تفرضه الحياة وضروراتها.
  • العامية لغة التعبير عن الحياة؛ كونها تستطيع أن تُعبر عن كل تفاصيل الحياة بحلاوتها وقسوتها، وهذا التعبير يكون مقيد في الفصحى، فالفصحى تقيد التعبير الحر بسبب القواعد، وبهذا لا يستطيع كل العرب التعبير عن مشاعرهم بطلاقة، ويكون ذلك حكرًا على المثقفين والمتعلمين.

المراجع

  1. "تعريف و معنى لغة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
  2. "أصل اللغة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "لهجات عربية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
  4. "اللغة العربية"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
  5. "اللغة العربية"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-11. بتصرّف.
  6. "العربية الفصحى"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-05-12. بتصرّف.
7376 مشاهدة
للأعلى للسفل
×