المجاز
فرّق العلماء دارسو علم البلاغة بين الحقيقة والمجاز، فالحقيقة: اللفظ الذي وضع في الأصل للدلالة على معنىً ما، والمجاز: اللفظ الذي استعمل في غير مكانه، واللفظ يكون على حقيقته ما لم تأت قرينةٌ تصرفه عن معناه الحقيقي، فمثلاً كلمة زهرة تطلق على النبتة الجميلة وهذه حقيقة اللفظ، لكن إن قلت رأيت زهرةً تبكي فاللفظ هنا ليس على حقيقته لأن الزهرة لا تبكي.[١]وقد أدرج العلماء تحت المجاز هذه الأساليب:
المجاز العقلي
هو إسناد الكلمة لغير ما تسند إليه في الحقيقة والذي يحكم بأنّ هذا الإسناد ليس على الحقيقة هو العقل لوجود قرينة تمنع ذلك،[٢]ومن الأمثلة عليه قول الشاعر:
هِيَ الأُمُورُ كَما شاهَدتُها دُوَلٌ
- مَن سَرّهُ زَمَن ساءَتهُ أَزمانُ[٣]
فالزمن لا يسر الإنسان أو يسوؤه والعقل من حكم بذلك لأن العقل يعلم أنّ المسرة بيد الله تعالى.
المجاز المرسل
المجاز الذي تكون فيه العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي غير المشابهة، كأن تكون العلاقة التوسع في استعمال اللغة[٤]والعلاقة فيه تكون على أنواع، منها:[٥]
- السببية وهو أن يذكر السبب ويراد به المُسَبَّب كقولنا: رعت الماشية الغيث، فالماشية لا ترعى الغيث إنما ترعى العشب والغيث سبب في ظهور العشب.
- المسببية وهو أنّ يذكر المُسبِّب ويريد السبب كقوله تعالى: {وَیُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزقا} [٦] فالذي ينزل من السماء هو المطر الذي يكون سبباً في الرزق.
- الكلية وهو أنّ يذكر الكل ويقصد الجزء كقوله تعالى: {یَجعَلُونَ أصابعهم فِی ءَاذَانِهِم}[٧] فالمقصود أنهم يجعلون جزءاً من أصابعهم لا أصابعهم كلها.
- الجزئية وهو أنّ يذكر الجزء ويقصد الكل كقولنا: شربت مياه النيل، فمعلومٍ أنّ الشخص لا يشرب مياه النيل كلها إنما يشرب جزءاً منها.
الاستعارة
تعرف بأنها المجاز الذي تكون فيه العلاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي المشابهة، والاستعارة تشبيهٌ حذف أحد طرفيه (المشبه أو المشبه به).[٨]ومن الأمثلة عليه:
وَأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤأً مِنْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ
- وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُنَّابِ بِالبَرَدِ [٩]
يصف فيه الشاعر فتاةً تبكي والبيت بأكمله استعارات ففي قوله (أمطرت) يشبه البكاء بالإمطار وحذف المشبه والاستعارة تصريحية، و(لؤلؤاً) شبه الدموع باللؤلؤ وحذف المشبه فالاستعارة تصريحية، وفي قوله (من نرجس) يشبه العيون بالنرجس وحذف المشبه فالاستعارة تصريحية، وفي قوله (سقت ورداً) شبه خدودها بالورد وحذف المشبه فالاستعارة تصريحية، وفي قوله (عضت على العناب) شبه شفاهها بالعناب وحذف المشبه فالاستعارة تصريحية، وفي قوله (بالبرد) شبه أسنانها بالبرد وحذف المشبه فالاستعارة تصريحية.
الكناية
هي لفظٌ أطلق وأريد به لازم معناه مع وجود قرينةٍ لا تمنع من إرادة المعنى الحقيقي ومعنى ذلك أنك تذكر لفظاً وتريد المعنى الذي يجب وجوده من وجود هذا اللفظ،[١٠]
ومن الأمثلة على الكناية:
- قولك تصف فتاةً بعيدة مهوى القرط؛ أيّ أن القرط في أذنها طويلٌ حتى يصل لأكتافها والكناية هنا عن طول العنق ويلزم من طول قرطها أنّ عنقها طويلة.
- قولك عن شخصٍ كثير الرماد والكناية هنا عن الجود والكرم لأنه يلزم من كثرة الرماد كثرة الطبخ وهو دليلٌ على الكرم.
- قولك عن شخصٍ كثير الإخوان كناية عن حسن خلقه لأنه يلزم من كثرة الإخوان حوله أنّه يعاملهم معاملةً حسنةً.
المراجع
- ↑ عبد الرحمن حبنكة، البلاغة العربية، صفحة 217- 218. بتصرّف.
- ↑ أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 255. بتصرّف.
- ↑ أبو البقاء الرندي، "لكل شيء إذا ما تم نقصان"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 21/1/2022.
- ↑ عبد الرحمن حبنكة، البلاغة العربية، صفحة 271. بتصرّف.
- ↑ أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع، صفحة 252- 253. بتصرّف.
- ↑ سورة غافر، آية:13
- ↑ سورة البقرة، آية:19
- ↑ عبد الرحمن حبنكة، البلاغة العربية، صفحة 229. بتصرّف.
- ↑ المتنبي، "واحر قلباه ممن قلبه شبم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2022.
- ↑ حسن إسماعيل عبد الرزاق، البلاغة الصافية في المعاني والبيان والبديع، صفحة 58. بتصرّف.