فقه اللغة وعلم اللغة
فقه اللغة هو علمٌ يبحث في المعجمات والمفردات من حيث الأصالة، والمعنى، والسمات، واشتقاقها، وترادفها، إضافةً للهجات، وفكرة القياس، ووظيفة اللغة، والسّماع، والتعليل، أمّا علم اللغة فهو علمٌ يبحث عن المدلولات الجوهريّة للمفردات، والهيئة الجزئيّة التي وضعت مدلولاتها بالوضع الشخصي، وآليّة تركيب الجوهر وهيئته من حيث الوضعيّة والدّلالة على معاني اللغة الجزئيّة.
يهدف هذا العلم إلى الاحتراز من الخطأ في عمليّة فهم المعاني الوضعيّة، إضافةً للوقوف على كلماتِ العرب المفهومة؛ حيث يُستفاد منه في الإحاطة بطلاقة العبارة وجزالتها وكافة المعلومات حولها، للتمكّن من التفنن بالكلام، وتوضيح المعاني ببياناتها الفصيحة والبليغة.
الفرق بين فقه اللغة وعلم اللغة
هناك الكثير من الباحثين لا يُميزون بين فقه اللغة وعلم اللغة، لكن الدّروس اللغويّة الحديثة أظهرتْ الفرق بينهما بشكلٍ واضح، ويكمن هذا الفرق بينهما في عددٍ من النقاط، هي:
- تختلف منهجيّة فقه اللغة عن منهجيّة علم الكلام؛ حيث إنّ فقه اللغة يدرس اللغة على أنها وسيلةٌ لدراسة الأدب أو الحَضارة من خلال اللغة، وهنا يجب التفريق بين المُصطلحين: فقه اللغة وعلم اللغة، للتفريق بين دراسة اللغة على اعتبار أنّها وسيلة، وبين دراستها على اعتبار أنّها غاية في حدّ ذاتها، ويقول الباحث دي سوسير: إنّ علم اللغة الوحيد والصحيح هو اللغة في حدّ ذاتها ولأجل ذاتها.
- تُعتبر مَيادين فقه اللغة أشمل وأوسع، وغايتها في النهاية هي دراسة الأدب والحضارة، والبحث في الحياة العقليّة بكافةِ وجوهها ومن جميع جوانبها، لهذا فإنّ فقهاء اللغة صبوا جُلّ اهتمامهم لتقسيم اللغات ووضع مقارنةٍ بينها، إضافةً لشرح العديد من النّصوص القديمة وصياغتها بهدف معرفة ما تحويه من مضامينَ لغويّة وحضاريّة من كافةِ جوانبها، وهنا يتبيّن لنا أنَّ فقه اللغة هو تلك المساحة الشّاسعة المُمتدّة بين علم اللغة من جانب وبين كافة الدّراسات الإنسانيّة والأدبيّة من جانبٍ آخر.
- علم اللغة يُركّز على تركيب اللغة، وتحليلها، ووصفها باعتبارها ميدانه الرّئيسي، وعندما يُعالج علماء اللغة المعنى فإنّهم يتوسّعون في ميدانهم حد الاقتراب من مجال فقه اللغة.
- يُعتبر اصطلاح فقه اللغة هو الأقدم من النّاحية الزمانيّة، أمّا علم اللغة جاء لإيضاح التركيز اللغوي، وهُنا يكمن الفرق الأساسي بين المصطلحين؛ حيث إنّ فقه اللغة مقارن، أمّا علم اللغة فهو شكلي أو تركيبي؛ أي يُركّز على اللغة من ناحية الشّكل والتركيب فقط، ولا تعنيه مجالات اللغة الأخرى وما يدور حولها.
- وُصف علم اللغة منذ لحظة نشأته على أنّه علمٌ حسب المفهوم الدقيق له؛ حيث إنّ مُعظم علماء اللغة قد شدّدوا على هذه النّاحية اللغويّة، لكن لم يتصف فقه اللغة كونه علماً.
- عَمَلُ علماء اللغة هو وصفيٌ تقريري، أما فقهاء اللغة فهو عملٌ تاريخيٌ مقارن في غالبيته.