الفن البيزنطي

كتابة:
الفن البيزنطي

الفن

يُعرّف الفن أنّه كلّ الأنشطة البشرية بما تتضمّنه من أعمال ملموسة مرئية أو سمعية أو أعمال أداء حركي، للتعبيرعن ذات الفنان أو أحاسيسه ومشاعر، ولا تختص بحاجات الإنسان الأساسية لبقائه، وقد مُورُس الفن منذ ٣٠ ألف سنة، حين كان الإنسان يرسم صورًا لحيوانات وأشكال رمزية على جدران الكهوف، ثم تطور الفن شيئًا فشيئًا لتضيف كل حضارة لما سبقتها طابع جديد قد ينمّي سابقه أو ينسخه ليحلّ محله، ومن الفنون التي تركت أثارًا شاهدةً حتى الآن الفن الإغريقي والفن البيزنطي والفن الاسلامي والمصري.[١]

الفن البيزنطي

بدأ الفن البيزنطي بالظهور في القرن الرابع ميلادي، مرتبطًا بنشأة القسطنطينية، حيث التقت فيها الحضارات الشرقية من فارس وسوريا ومصر، وأصبح الفن مزيجًا من المؤثرات الشرقية المنصبّة من هذة الحضارات،جميعًا، وأمتد تأثير هذا الفن حتى أيطاليا في الغرب، فتصدّر الفن البيزنطي وأخذ مكان الفن اليوناني، فأصبح الفن يتضمن الالوان والزخارف والأقبية والاقواس، وتخلى عن البساطة ليستبدلها بالفخامة والتفاصيل، ثم امتد هذا الفن نحو الشرق في آسيا الصغرى، وفارس، وأرمينية، ومصر وسوريا، حيث دخل الفن البيزنطي هذة البلاد مع دخول الجيوش، وكانت موضوعات الفن بداية تقتصر على نشر عقيدة المسيحية وتمجيد الدولة، أي أن الفن اتخذ الطابع الديني فظهر ذلك جليًا في الملابس والاقمشة ذات الزركشات، وفي الفسيفساء والرسومات على الجدران خصوصًا في الكنائس والتي كانت تحكي قصص السيد المسيح.[٢]

السمات العامة للفن البيزنطي

كان الفن البيزنطي في بداياته فنًا مسيحيًا اي أنّه كان بطابع ديني بحت، ثم ما لبث هذا الفن أن تأثر بالحضارات الشرقية، فأخذ من الاسكندرية طابع الخيال على الجداريات وخاصةً ما كانت تصور المناظر الطبيعية، كما أخذ منها البورتريهات التي أشتهرت فيها الفيوم والتي كانت الاساس الذي استُمد منه فن الأيقونات فيما بعد، كما عُرف الفن البزنطي القباب المبنية على قواعد مربعة، وركّز أيضًا على التأثيرات الحسّية مثل الالوان، كما غلب على الفن البيزنطي الواقعية التصورية وذلك ليجاري بدائية كثير من شعوب الشرق التي لم تعرف الحضارة والتي كانت تدين بالمسيحية انذاك، لكن ذلك لم يستمر فتحول الفن من الطابع الديني التمجيدي للطابع الروحي والتأمل، كما ساد فيه الفن التشخيصي آخر الأمر.[٣]

مجالات الفن البيزنطي

تعددت الفنون التي عرفتها حضارة بيزنطة وتنوعت بين فنون العمارة والنحت والتصوير والنسيج والصباغة ومابين الفسيفساء والفريسكو ولربما كان أبرزها وأجملها فن العمارة الذي أبدع فيه المعماريين كثيرًا، ويجدر بالذكر أن كثيرًا من المؤرخين وضعوا فن العمارة والنحت والتصوير في خانة واحدة لوجودها داخل العمل الواحد في أغلب ما قام به البيزنطيين من أعمال فنية:

  • العمارة: كان التركيز في العمارة يتجه نحو بناء الكنائس والتركيز على التصميم الداخلي وخصوصا القبة فوق بهو مربع وكيفية موازنتها كما ركزوا على بناء حجرات للكنيسة واستخدموا أنواع معينة من الأثاث والاواني والمصنوعات المعدنية التي كانت تستخدم في الشعائر الدينية، وركزوا على تزيين جدران المعابد بالصور الملونه والزخارف، وأعتمدت عمارة الكنائس على وجود العديد من الأعمدة لتساعد في حمل الأقبية الضخمة، وتعد العمارة أبرز مجالات الفن البيزنطي التي تضمنت إضافات بارزة وناجحة، ومن أجمل الامثلة التي لا زالت قائمة حتى الآن وشاهده على عبقرية الفن البيزنطي بناء آيا صوفيا في العاصمة التركية إسطنبول.[٢]
  • النحت: رُكِز في النحت البيزنطي على التماثيل التي تظهر صورة الجسم من الامام، مع ملاحظة أن الأجسام كانت طويلة ولا تتناسب مع حجم الرأس، أما في نحت الوجة كان التركيز على أن يكون الوجه هادئًا والأنف مستقيم والشفاة صغيرة ودقيقة، ونظرة العينان مستقرة.[٢]
  • الفسيفساء: وهي عبارة عن قطع مربعة من الرخام الذي يتخذ ألوانًا عدة، واستخدم لتزيين ارضيات المباني، كما اُستُخدمت الفسيفساء في تشكيل الصور التي تُزيّن البيوت والكنائس. [٢]
  • التوابيت الحجرية: كانت التوابيت تنقش عليها رسوم لشعارات دينية، كما تضمنت صورًا لحيوانات وطيور.[٤]
  • التحف العاجية: دخل العاج في الكثير من الصناعات كاللوحات العاجية المزينة الكنائس والتي تحكي قصص دينية، كما استخدم في صناعة صناديق حفظ المجوهرات، ودخل العاج في صناعة الأثاث الديني مثل كرسي الاسقف.1ذ[٤]
  • تزويق المخطوطات: يعتبر هذا الفن من المجالات التي أبدع فيها البيزنطيون , ولقد تطور أسلوب التصوير في المخطوطات كثيرًا مارًا بمراحل عدة، حتى وصل لمرحلة الحيوية وقوة التعبير، وقد غلب على هذه المخطوطات الطابع الديني، رغم وجود الطابع الفنَي.[٤]

آيا صوفيا

من أجمل واضخم وأدقّ ما تركه البيزنطيون من آثار فنية غاية في الدقة والفخامة، وقد كانت كاتدرائية ارثذوكسية قبل أن يحولها السلطان محمد الفاتح إلى مسجد ومن ثم تحولت إلى متحف يزوره الناس من كل بقاع الأرض، بناها الإمبراطور الروماني جستنيان عام ٥٣٧م مستغرقًا بنائها خمس سنوات، أراد هذا الإمبراطور أن يُنشِئ كنيسة بطراز فريد وغير اعتيادي، ولكنّه لم يستدعِ مهندسين من روما، بل كلّف مهندسين أثنين من آسيا لبناء هذا الصرح وهما إيسودور الميليسي وأنثيميوس التراليني، وهذا يدل على براعة المهندسين في آسيا ومدى تقدّم فن العمارة في الحضارة البيزنطة الشرقية.[٥]

ويلاحظ في هذا البناء اندماج فنّ العمارة البيزنطي بالفن الإسلامي، يتشكل البناء من قبة ضخمة بُنيت على طراز الباسيليكا، يبلغ ارتفاعها ٥٠ مترًا، ولكن الهزة الأرضية التي أصابت إسطنبول سببت سقوط الجزء الأكبر من القبة وتصدع احد جوانب البناء فأُعيد بنائها لتصبح بأرتفاع أعلى من القبة السابقة، أمّا البناء من الأسفل فهو مربع الشكل، أما بناء الكنيسة فهو مستطيل ويحوي بالإضافة للبهو ساحة رئيسية وساحات جانبية، لكن جمالية المبنى في تصميمه الداخلي حيث الجدران الرخامية الملونة بكل الألوان ذات الجمالية الخاصة كالاحمر والأرجواني والذهبي، أمّا السقوف فغطّتها الفسيفساء والفريسكو، وتدلّت منها المصابيح الكثيرة المصنوعة من الفضة، وفيها المنبر الذي رُصِّع بالفضة والعاج والحجارة الكريمة.[٥]

في العهد العثماني غُطيت معظم المناظر في السقوف والجدران بطبقات من الجبس ورُسمت الزخارف والخطوط العربية لإضفاء الطابع الاسلامي على البناء، إلا أنّ أغلب هذة الطبقات وقعت مع الزمن ليظهر ما تحتها، والجدير بالذكر أن السلطان محمد الفاتح أضاف إليها منارة حين حولها لمسجد ثم قام بذلك أيضاً السلطان بأيزيد الثاني، وبقي هذا البناء مسجدًا مدة ٤٨١ سنة ليحوله أتاتورك بعد ذلك لمتحف عام ١٩٣٤م.[٥]

المراجع

  1. "فن"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "الفن البيزنطي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2019. بتصرّف.
  3. د. ثروت عكاشة، الفن البيزنطي، صفحة 43-49. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت "الفن البيزنطي"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "آيا صوفيا"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-10-2019. بتصرّف.
5221 مشاهدة
للأعلى للسفل
×