الكون

كتابة:
الكون


تعريف الكون

يعرف الكون بأنه كل ما يحتويه الفضاء، ويشمل الكائنات الحية، والأرض، والقمر، والكواكب الأخرى والأقمار التابعة لها، بالإضافة إلى الكويكبات والمذنبات، والشمس، وأعداد النجوم الهائلة والتي يُقدّر عددها بمئات المليارات، والمجرات.[١]


ويشمل الكون أيضًا كل الأشياء التي لم يستطع العلماء ملاحظتها أو الوصول إليها.[٢]


نشأة الكون

مرت نشأة الكون بالعديد من المراحل، وفيما يأتي تفصيل لكل منها:


التوسّع الأول للكون وحركة الجسيمات الأولية

كانت جميع المواد والطاقة التي يمكن ملاحظتها قبل 15 مليار عام تقريبًا تتركّز معًا في منطقة صغيرة جدًا، ثمّ بدأت هذه المواد والطاقة بالتمدد والتوسّع بسرعةٍ هائلة.[٣]


وعند انخفاض درجة حرارة الكون إلى ما يصل 100 مليون ضعف حرارة نواة الشمس، اتخذت قوى الطبيعة الخصائص التي تمتلكها حاليًا وبدأت الجسيمات الأولية (المكوّنة للمادة والمعروفة باسم الكواركات) بالتجوّل بحريّة في هذا الفراغ، وعندما اتّسع الكون 1000 ضعف، تشكل جزء من النظام الشمسي.[٣]


تَشكّل النوى الذرية

كانت الكواركات الحرّة عبارة عن النيوترونات والبروتونات فقط، وبعد 1000 سنة إضافية على تطور الكون، اجتمعت النيوترونات والبروتونات معًا مشكلةً نوى ذرية، ومنها؛ الهيليوم، والديوتيريوم، المعروفيْن في الوقت الحالي.[٣]


ظهور الذرّات المحايدة والنجوم

كانت درجة حرارة الكون لا تزال شديدة، بشكلٍ يمنع النوى الذرية من الحصول على الإلكترونات، وبعد مرور 300 ألف عام على استمرار التوسّع، كان الكون لا يزال أصغر حجمًا مما هو عليه الآن بـِ 1000 مرة.[٣]


ظهرت الذرّات المحايدة (المتعادلة كهربائيًا)، ثم التحمت معًا لتُشكّل سُحبًا غازية، والتي تطورت فيما بعد إلى نجوم، وعندما توسع الكون إلى خُمس ما هو عليه الآن، أصبحت النجوم مُقسّمةً في مجموعات تُعرف بالمجرات الصغيرة.[٣]


تَشكُّل النظام الشمسي

وعندما توسّع الكون ليُصبح نصف حجمه الآن، نتجت عن التفاعلات النووية الحاصلة في النجوم غالبية العناصر الثقيلة التي تتألف منها الكواكب، وعندما أصبح حجم الكون ثلثيّ حجمه الحالي، أي قبل خمسة مليارات عام تقريبًا، تشكل النظام الشمسي ومكوناته.[٣]


مع مرور الوقت، استهلكت عملية تكوّن النجوم إمدادات الغاز الموجودة في المجرّات؛ لذا بدأ عددها بالتضاؤل، وهذا يعني أنّ بعد مرور خمسة عشر ملياراً من الوقت الحالي، ستُصبح النجوم نادرة نسبيًا.[٣]


عمر الكون

تِبعًا للدراسات، يبلغ عمر الكون حوالي 13.8 مليار عام تقريبًا، وقد تمكّن العلماء من تحديد ذلك بعد قياس معدّل توسع الكون وأعمار النجوم الأكثر قدمًا، وقد قاسوا التوسّع عن طريق ملاحظة تأثير دوبلر (بالإنجليزية: Doppler Shift) الذي يعبر عن تغير الضوء المنبعث من المجرات مع حركتها.[٢]


بداية الحياة على الكون

وفيما يأتي بعض النظريات التي توضح كيفية بداية الحياة في الكون:


نظرية الحساء البدائي

نظرية الحساء البدائي (بالإنجليزية: Primordial Soup) هي النظرية الأولى التي اعتمدها العلماء لتوضيح بداية الحياة على الكون، وتُشير إلى أنّ الكرة الأرضية وهي لا تزال حديثة النشأة، كانت محيطاتها غنية بمواد كيميائية بسيطة ضرورية للحياة، والتي تجمّعت معًا في نهاية الأمر لتكوين خلايا حية بسيطة.[٤]


طُرحت هذه النظرية في عشرينيات القرن الماضي من قبل باحثيْن يعمل كل منهما بشكلٍ منفصل عن الآخر، هما: ألكسندر أوبارين عالم الوراثة البريطاني في الاتحاد السوفيتي، وقد أيّدتها تجربة (Miller-Urey) الذي قام بها طالب دراسات عليا أمريكي يدعى ستانلي ميلر، بإشراف هارولد أوري الحائز على جائزة نوبل.[٤]


كانت تلك التجربة في عام 1953م، تم خلالها إنتاج الأحماض الأمينية (المكوّن الأساسي للبروتينات) من المواد الكيميائية، إذ وضع ميلر أربع مواد كيميائية بسيطة في أنابيب زجاجية، ثم سخّنها وعرّضها للاصطدام بالشرر الكهربائي محاكاةً للبرق، ونتج عن هذه التجربة الكثير من الأحماض الأمينية، وقد أظهرت تلك التجربة إمكانية تكون المواد الكيميائية بشكل طبيعي.[٤]


فرضية البروتينات

إنّ فرضية البروتينات وفقًا لعالمة الكيمياء الحيوية سيدني فوكس، والتي تحدّثت عنها بعد تجربة (Miller-Urey) سابقة الذكر، تُشير إلى تجمّع الأحماض الأمينية في بروتينات بسيطة، وهذه البروتينات الموجودة في الكائنات الحية الحديثة تؤدي عددًا كبيرًا من الوظائف، ومنها العمل كإنزيمات لتسريع التفاعلات الكيميائية؛ إلا أنّ هذه الفرضية تلاشت سريعًا.[٤]


علم الأحافير

لا يزال وقت نشأة الحياة على الكون موضعًا لتساؤل العلماء؛ فالمعروف بشكلٍ أكيد هو أنّ الأرض تكوّنت قبل 4.5 مليار عام، وأقدم الأحافير مؤكّدة الوجود كانت قبل 3.4 مليار عام، وقد حاول مجموعة من علماء الحفريات تحديداً أقدم آثار للحياة، إلّا أنّ نتائجهم كان مختلفًا عليها.[٤]


نظرية RNA

تُشير إحدى النظريات إلى أنّ الحياة على الكون بدأت مع ظهور الحمض النووي الريبوزي (RNA)، ويُمكن لل(RNA) حمل الجينات ونسخ نفسه كما يعمل الحمض النووي (DNA)، لكنّه يمكن أن يعمل أيضًا كإنزيم، أي مثل عمل البروتينات.[٤]


تُشير هذه النظرية إلى أنّ الكائنات الحية التي نشأت أولًا هي تلك التي تعتمد على الحمض النووي الريبوزي، ثمّ تطوّر كل من الحمض النووي (DNA) والبروتين لاحقًا، لكن وفي وقت لاحق أيضًا، توصل العلماء إلى أنّ (RNA) يستطيع القيام بعمله حقًا فقط عند اقترانه بالبروتينات، ولتبدأ الحياة يلزم أن يكون كلاهما موجودًا.[٤]


نظرية الفقاعات

تُشير إحدى النظريات إلى أنّ الكائنات الحية الأولى كانت عبارة عن فقاعات بسيطة، وكانت الخلايا الخاصّة بها تشترك مع خلايا الكائنات المتطوّرة الحديثة في صفة أساسية واحدة هي أنّ كليهما يعمل على حمل كافّة مكوّنات أو عناصر الحياة الأخرى للكائن الحي.[٤]


نظرية التمثيل الغذائي الأولي

تُشير نظرية التمثيل الغذائي الأولي (بالإنجليزية: Metabolism-first) إلى أنّ الحياة تكوّنت وبدأت نتيجة مجموعة من التفاعلات الكيميائية، والتي استخرجت بدورها الطاقة من البيئة، ثمّ استهلكت هذه الطاقة الناتجة لبناء عناصر ومكوّنات الحياة.[٤]


في نهاية الثمانينيات دعم الكيميائي الألماني غونتر واتشترشوزر (Günter Wächtershäuser) هذه النظرية، إلا أن هذه الفكرة استُبدلت في الوقت الحالي، نتيجة الاقتراح الذي قدّمه مايكل راسل (Michael Russell)، والذي يُفيد بأنّ الحياة الأولى كانت قد نشأت نتيجة تيارات من البروتونات المشحونة كهربائيًا والموجودة داخل فتحات في قاع البحر.[٤]


مكونات الكون

يعتقد العلماء أنّ الكون يتألف من ثلاثة أنواع من المواد وهي:[٥]


  • المادة الطبيعية

تتألف المادة الطبيعية من الذرات التي تُكوّن الكواكب والنجوم والبشر وكل الكائنات المرئية في الكون، ومن شبه المؤكد أنّ المادة الطبيعية تشكل أصغر نسبة من الكون، ما بين 1% و10%.


  • المادة المظلمة

في شكل الكون المعروف حاليًا، يُعتقد أنّ ما نسبته 70% منه طاقة مظلمة، و25% مادة مظلمة، و5% مادة طبيعية.


  • الطاقة المظلمة

يظن علماء الفلك أنّ البشرية تعيش في كون منخفض الكثافة تمثل فيه مادة غامضة وهي (الطاقة المظلمة) 70% من محتواها، وأنّها تهيمن على كل شيء.


يعتقد العلماء الآن أنّ الطاقة المظلمة التي تهيمن على الكون كما سبق وذكر غير موجودة، وذلك تبعًا للمعلومات الجديدة التي أوردها مرصد الأشعة السينية التابع لوكالة الفضاء الأوروبية (XMM-Newton)، فقد وجد اختلافات واضحة بين أشكال وأعداد المجرات الحالية وتلك الموجودة في الكون منذ سبعة آلاف مليون عام تقريبًا، فوجود مادة كبيرة في الكون لا يتيح مجالًا لوجود طاقة مظلمة.[٥]


شكل الكون

وفقًا لنظرية النسبية العامة؛ فإنّ الكون يجب أن يتخذ شكلًا من الأشكال الثلاثة الآتية: مغلق مثل الكرة، أو مسطح مثل الورقة، أو مفتوح مثل السرج، ويحمل الكون الشكل المسطح (ثلاثيّ الأبعاد) إذا كانت كثافة الكون منخفضة جدًا، وفي الوقت ذاته إذا كان الكون يتوسّع في كل اتجاه دون أي انحناء.[٦]


أمّا في حال كانت كثافة الكون كبيرة للدرجة التي تتغلّب فيها جاذبيته على قوّة التوسّع، فإنّ الكون سيحمل شكل الكرة، وهو ما يُعرف بالنموذج المغلق (بالإنجليزية: Closed Model)، أمّا إذا كانت كثافته منخفضة وليس بمقدورها إيقاف التمدّد، هذا يعني أنّ الكون سوف يلتف في الاتجاه المعاكس، ليُعطي شكلًا مفتوحًا مع بعض الانحناء، ليُشبه السرج.[٦]


في ظلّ هذا الاختلاف، اتُّفق على أنّ الكون يحمل شكل الكرة؛ وذلك وفقًا للورقة التي نشرها أليساندرو ملكيوري (Alessandro Melchiorri) في نهايات العام 2019م، والتي أشارت إلى أنّ قياسات الخلفية الكونية الميكروية (CMB)، وهي الشُعاع الذي تلى حدوث الانفجار العظيم، تدلّ على كون مغلق.[٦]


حجم الكون

بسبب تمدد الفضاء المستمر باستمرار، وجد العلماء أنّ نصف قطر الكون المرئي (الكون المرصود الذي نستطيع مشاهدته) حاليًا يساوي 46.5 مليار سنة ضوئية.[٧]


أمّا الكون غير المرئي فلا يعرف عنه العلماء شيئًا، وتستحيل الإجابة على قياس حجمه وفقًا لعالمة الفيزياء الفلكية سارة غالاغر في جامعة يوسترن في أونتاريو بكندا، رغم ذلك، أشارت إحدى الدراسات إلى احتمالية أن يكون الكون الفعلي أكبر من 46.5 مليار سنة ضوئية بـِ 250 مرّة على الأقل.[٨]


تمدد الكون

استنتج علماء الفلك باستخدام منظار هابل الفضائي التابع لناسا أنّ الكون يكبر في كل ثانية وأن المساحة بين المجرات تتمدد، ويحسب العلماء مدى سرعة توسّع الكون بمرور الوقت عن طريق قيمة تُسمّى ثابت هابل، والتقدير الحالي لهذا الثابت يساوي 74 كم/ث لكل ميجا فرسخ؛ والفرسخ هي وحدة قياس المسافة بين الأجرام السماوية.[٩]




المراجع

  1. خطأ استشهاد: وسم غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة ba6a4e4d_39e2_481f_8c01_6a85c3447401
  2. ^ أ ب "What is an Exoplanet?", exoplanets, Retrieved 20/9/2021. Edited.
  3. خطأ استشهاد: وسم غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة cdd46dee_c19c_496c_8287_ff1be0c6f53c
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر "How did life begin?", newscientist, Retrieved 21/9/2021. Edited.
  5. ^ أ ب "What is the Universe made of?", esa, Retrieved 21/9/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت "What Shape Is the Universe? A New Study Suggests We’ve Got It All Wrong", quantamagazine, Retrieved 28/9/2021. Edited.
  7. "The universe-- how big is it", britannica, Retrieved 21/9/2021. Edited.
  8. "How Big Is the Universe?", livescience, Retrieved 28/9/2021. Edited.
  9. "Mystery of the Universe’s Expansion Rate Widens With New Hubble Data", nasa, 25/4/2019, Retrieved 21/9/2021. Edited.
5619 مشاهدة
للأعلى للسفل
×