اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية

كتابة:
اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية

اللوائح التنفيذية

تُعرف اللوائح في القوانين المعاصرة على أنّها: "مجموعة من القواعد والمبادئ الصادرة عن السلطة المختصة في الدولة وهي بالعادة تصدرعن السلطة المختصة ألا وهي السلطة التنفيذية، وتعتبر أقل قوةً من القانون"، وتتعدّد اللوائح وتتنوع فمنها ما يسمى بلائحة الضبط، واللائحة التظيمية، وأخيرًا اللائحة التنفيذية، وتعد اللوائح التنفيذية مجموعة من القواعد التفصيلية التي توضح ما ورد في نظام المرافعات، حيث إنّها قد تبين الشكليات التي لم يتطرق إليها نظام المرافعات، وبناءً على ما تقدّم سيتم توضيح نظام المرافعات الشرعية، وهدف نظام المرافعات الشرعية، واللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، ومناهج اللوائح التنفيذية.

نظام المرافعات الشرعية

يعد نظام المرافعات الشرعية من الأنظمة التي تحكمه قواعد الشريعة الإسلامية، حيث يجب على المحاكم أن تقوم بتطبيق أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية في أيّ قضية قد تعرض عليها، ومن الأدلة على ذلك حديث معاذ -رضي الله عنه- حين قال: "أنَّ النَّبيَّ -عليه الصلاةُ والسَّلامُ- حينَ بعَثه إلى اليمَنِ قال له: كيف تقضي إذا عرَض لكَ قَضاءٌ؟ قال: أقضي بما في كتابِ اللهِ، قال: فإن لم يكُنْ في كتابِ اللهِ؟ قال: بسُنَّةِ رسولِ اللهِ، قال: فإن لم يكُنْ في سنَّةِ رسولِ اللهِ؟ قال: أجتَهِدُ رأيي لا آلو، قال: فضرَب رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- صدرَه، ثم قال: الحمدُ للهِ الَّذي وفَّق رسولَ رسولِ اللهِ لِمَا يُرْضي رسولَ اللهِ"[١]، ويعتبر هذا الحديث من الأدلة الواضحة التي توجب الإحتكام إلى الشريعة الإسلامية عند الخلافات والنزاعات.[٢]

وقواعد الشريعة الإسلامية هي الكتّاب والسنة، والقرارات التي يصدرها ولي الأمر والتي يجب ألّا تتعارض مع الكتاب والسنة النبوية، ويتبين ممّا سبق أن مصدر الأحكام القضائية الأساسية هي الشريعة الإسلامية، وهي الأحكام التي نص عليها في القرآن الكريم، وسنة سيدنا محمد -صلّى الله عليه وسلم- أفضل الخلق والمرسلين، والقرارات الصادرة عن قاضي الموضوع، ولكن يجب ألّا تتعارض قراراته مع الشريعة الإسلامية، ويجب مراعاة الترتيب في مصادر الشريعة الإسلامية، فأولها القرآن الكريم ثم السنة النبوية ثم قرارات القاضي غير المُخالِفة للشرع.[٢]

هدف نظام المرافعات الشرعية

إن الهدف الأساسي لنظام المرافعات الشرعية حل الخلافات القائمة بين الأفراد، وتقوم المحاكم بحلّ هذه الخلافات وإعطاء كل ذي حقٍ حقه، لكنْ يجب على القاضي صاحب الشأن أن يتفحص مرارًا وتكرارًا الوقائع المتعلقة بالدعوى، ليصل إلى حكم منطقي على ضوء الأدلة والراهين التي توفرت عنده، وبالتالي لا بد من وجود ما يبين للخصومة والقضاة الإجراءات التي يجب اتباعها عند رفع الدعوى والاحتكام إلى القضاء، ويبين نظام المرافعات الشرعية الإجراءات المتعبة أمام القضاء.[٣]

وفي حال غياب أي قاعدة لم ينص عليها نظام المرافعات، يتم اللجوء إلى اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، والتي تسد أي نقص في نظام المرافعات، حتى يتمكن صاحب الحق الحصول على حقه بعد أن أنكره المدين.[٣]

ومن خلال ذلك تظهر أهداف نظام المرافعات الشرعية التي توجه السلطات العامة في الدولة والأفراد على كيفية الحصول على حقوقهم، ويعد أيضًا نظام المرافعات الشرعية أحد الضمانات لحفظ حقوق المتقاضيين مما يكفل حسن سير قواعد العدالة، وذلك من خلال إتاحة الفرصة لدفاع الخصوم عن أنفسهم، ومواجهة كل خصم بأدلة خصمه ومناقشته بها مناقشة تفصيلية، وإبداء أي دفوع قد تعترض الدعوى إما خلال االسير بها أو قبل بدايتها، ويمنح نظام المرافعات الشرعية القاضي وقت مناسب لدارسة الدعوى دون أيّ تأثيرات خارجية تجعله ينحرف عن طريق الحق ويتجه نحو الضلال.[٢]

اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية

عندما صدر نظام المرافعات الشرعية عام 1421 هجري كان أول نظام يصدر في المملكة العربية السعودية، حيث بين هذا النظام الإجراءات المتبعة أمام المحاكم على مختلف أنواعها والدوائر القضائية، إلا أنه بعد التطورات التي حصلت صدر نظام المرافعات الشرعي الحالي، وبين أيضًا الإجراءات التي يتعين على المحكم والمحكومين اتخاذها منذ لحظة تحريك الدعوى إلى حين الفصل بها والنطق بالحكم الفاصل في الدعوى، وأيضًا بينت المصادر التي يجب على القاضي اللجوء إليها في إصداره لأحكامه، ألا وهي أحكام الشريعة الإسلامية.

كما أنّه صدر ما يسمى باللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية، وكان هدفها الإعانة على فهم نظام المرافعات الشرعية وإكمال أي نقص فيه، حيث إنّها تقوم بالشرح المجمل للنظام وإيضاح أي غموض، وتيسيرًا لفهمه والتسهيل على الأشخاص كافّة الذين يتعاملون معه كالقضاة والمحامين وغيرهم.[٤]

مناهج اللوائح التنفيذية

كما سبق الحديث عن اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية التي تسدّ أيّ نقص وعجز تغافل عنه نظام المرافعات الشرعية ولم يوضحه، يجب معرفة أن اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية تقوم على عدّة مناهج، وهي ثلاثة مناهج أساسيّة كالآتي:[٥]

  • إن اللائحة التنفيذية لا تقتصر فقط على توضيح القواعد والإجراءات المنصوص عليها في نظام المرافعات، بل إنها تضيف قواعد جديدة من الممكن أن يكون النظام قد أشار إليها فعلًا ولكن بإيجاز، ولو كانت تلك القواعد الجديدة ضعيفةً أمام نصوص نظام المرافعات؛ لأنه يكفي أن تكون قد حقّقت مصلحة مَرجُوّة، وهذا المنهج قد يفتح أبوابًا للجهة التنفيذية التي تتولى إصدار اللوائح التنفيذية معالجة المشكلات العملية والعلمية التي قد تواجهه المجتمع بأسره.
  • يجب أن تقتصر اللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية على بيان ما جاء به النظام، ولا تضيف أي شيء جديد على قواعده، فلا تنص على أي مسألة لم ينص عليها النظام؛ إنّما يجب أن تقتصر على تفصيل الأحكام للمبادئ الواردة في النظام لتنفيذه بالشكل الصحيح دون أي إضافة، فليس للائحة التنفيذية حسب هذا المنهج تقرير قواعد وأحكامٍ جديدة، حتى لو كانت هذه القواعد ضرورية لتنفيذ النظام ولتحقيق أهدافه، ولا يشمل المنع ما كان في تفسيره لا يخرج عن النظام.
  • المنهج المختلط وهو الذي يضم المنهجين السابقين، ففي الحالة الأولى عند إصدار اللائحة التنفيذية من الجهة المختصة لا بُدّ من التوسُّع في إصدار اللوائح التنفيذية المشتملة لأحكام جديدة وتحقق أهداف النظام وغايته المرجوة منه، أمّا الحالة الثانية فهي أن تصدر اللائحة التنفيذية من الجهة التنفيذية المختصّة ابتداءً، دون الإذن لها بإضافة أحكام جديدة لم ينصّ عليها النظام.

المراجع

  1. رواه معاذ بن جبل، في في الضعفاء الكبير، عن البخاري، الصفحة أو الرقم: 215/1، لا يصح ولا يعرف إلا مرسلًا.
  2. ^ أ ب ت عبدلله آل خنين (2001)، المدخل إلى علم المرافعات (الطبعة الأولى)، الرياض: دار العاصمة، صفحة 281-288. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبدالحميد أبو هيف (2016)، المرافعات المدنية والتجارية (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة الوفاء القانونية، صفحة 31. بتصرّف.
  4. عبدلله آل خنين (2012)، الكاشف في شرح نظام المرافعات السعودي (الطبعة الخامسة)، الرياض: دار ابن فرحون، صفحة 5-6، جزء 1. بتصرّف.
  5. "مناهج اللوائح التنفيذية في النظم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 05-08-2019. بتصرّف.
3947 مشاهدة
للأعلى للسفل
×