الليث بن سعد
اسمه ونسبه
هو الليث بن سعد بن عبد الرحمن بن عقبة الفهمي أبو الحارث، الإمام الفقيه الحافظ الحجة، شيخ الإسلام في مصر، وإمام أهل مصر في الفقه والحديث، ولد في قرية قلقشندة بدلتا مصر سنة (94هـ/ 713م)، وكان مولى لآل مسافر بن خالد الفهمي من قبيلة القيسية المُضرية فانتسب لهم.[١]
يذكر المؤرخون أنَّ الليث من أصول فارسية، نزلت أسرته مصر منذ عقود قبل ميلاده، وكان اسمه في ديوان مصر في موالي بني كنانة من فهْم، وأهل بيته يقولون: نحن من الفرس من أهل أصبهان، وقال الذهبي فيه ذلك.[٢]
وقد ذكر ابن خلكان في تاريخه أن الليث بن سعد أصبهاني، ويؤكد صاحب كتاب النجوم الزاهرة ولاء الليث لبني فهْم، إذ يقول في حديثه عن قلشقندة: قرية بأسفل مصر ولد بها الليث بن سعد مولى بني فهْم ثم مولى آل خالد.[٢]
توفي الإمام الليث بن سعد-رحمه الله- في يوم جمعة من شهر شعبان سنة (175 هـ/ 791 م)، عن عمر يناهز الواحد والثمانين، وقد قال خالد الصدفي في جنازته: شهدت جنازة الليث بن سعد مع والدي، فما رأيت جنازة قط أعظم منها، ورأيت الناس كلهم عليهم الحزن، فقلت: يا أبتِ، كأن كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازة، فقال: يا بني، لا ترى مثله أبداً.[٣]
نشأته وطلبه للعلم
نشأ الليث في قلقشندة وهي قرية تمتاز بالخصوبة وكثرة الفواكه، وسهولة العيش وقد أكسبته هذه القرية بطبيعتها لين الجانب ورقة النفس، ورضى الخلق، فكان مقصد ذوي الحاجة، وكان يشتري الأراضي من بيت المال وينفقها في أوجه الخير.[٤]
وقد اشتهر منذ شبابه بالتدين، ومما يذكر في ذلك قول جميل بن يزيد: أدركت الناس أيام هشام وكان الليث بن سعد حدث السنِّ، وكان بمصر عبيد الله بن جعفر، وجعفر بن ربيعة، وحارث بن يزيد، وغيرهم من أهل مصر ومن قدم علينا من فقهاء المدينة وإنهم ليعرفون لليث فضله، وورعه، وحسن إسلامه، على حداثة سنه.[٥]
وكانت تحت يده ثروة ضخمة، أنفقها في العلم وسد حاجات الناس، فكان مثلاً للزهد لا يأكل إلا الخبز، ويجود بالعزيز للفقراء وبسطاء الناس، حتى أصبح أشهر فقهاء زمانه، فاق علمه وفقهه إمام المدينة المنورة مالك بن أنس، حتى قال الشافعي: الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به.[٦]
ومما يُشتهر عن الإمام الليث بن سعد ما يأتي:[٢]
- يتميز أنه كان ذا ثروة كبيرة، مصدرها الأراضي التي كان يملكها، فكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر، وفي الصيف كان يطعمهم اللوز بالسكر، أما هو فكان يأكل الخبز بالزيت.
- قيل في سيرته إنه لم تجب عليه زكاة قط من شدة كرمه، فلا ينقضي الحول عنه حتى ينفق ويتصدق.
- اتصف الليث بالزهد، والورع، والتواضع، والكرم، والحكمة، وصفاء النفس، والخلق الكريم.
- مما ذكره العلماء في الثناء عليه: حفظه للحديث وضبطه، وعلوه في الإسناد وتفرده.
- كان له صلة وثيقة بالخلافة، ومحل تقدير وتكريم الولاة.
- له أصول فقهية وضوابط لا يخرج عنها ولم يكن ذا مذهباً شاذاً أبدا، بل كان مُتبعاً للدليل شأنه شأن بقية الأئمة.
- كان على مذهب الإمام مالك -رضي الله عنه-، ثم اختار لنفسه مذهباً، وكان ذو صلة مميزة مع مالك فكان يكاتبه ويسأله، وأرسل لمالكاً رسالة كشف له عن أصول مذهبه وضوابطه.
- يعود السبب الرئيسي في اندثار مذهب الليث؛ إلى عدم قيام أصحابه بنشره ونقله.
- كان يعطي العلماء رواتب دائمة منها مائة دينار للإمام مالك كل سنة.
- تتلمذ على شيوخ بلده ثم ارتحل إلى الحجاز وإلى الشام وأخذ من علمائها، وارتحل إلى العراق وأخذ من علمائها.
- كان له في اليوم أربعة مجالس: مجلس لنائبة السلطان، ومجلس لأصحاب الحديث، ومجلس للمسائل، ومجلس للحوائج.
مصنفات الليث بن سعد
لم يترك الإمام الليث مؤلفات عديدة بالرغم من مناقبه العلمية وما روي عن وجود منهجه الفقهي الخاص به، وهناك بعض العناوين مما كتبه هو ومما نُقل عنه، منها ما يأتي:[٧][٨]
- كتاب التاريخ ويتناول فيه فتح مصر، وفتح إفريقيا وغيرها.
- كتاب المسائل في الفقه وهذا الكتاب به أقواله في تفسير بعض آيات الأحكام.
- جزء فيه مجلس من فوائد الليث بن سعد.
- عشرة أحاديث من الجزء المنتقى الأول والثاني من حديث الليث.
المراجع
- ↑ خير الدين الزركلي، الأعلام للزركلي، صفحة 248. بتصرّف.
- ^ أ ب ت سعود بن فرحان الحبلاني، الإمام الليث بن سعد ومنهجه الفقهي، صفحة 48. بتصرّف.
- ↑ أحمد محمود أبو حسوبه، فقدان الجهود العلمية والحديثية لإمام الديار المصرية الليث بن سعد، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ فاطمة مُحمَّد منصور (2021)، "رسائل الإمامين؛ الليث بن سعد ومالك بن أنس دراسة في القضايا والمنهج"، اللغويات والثقافات المقارنة، العدد 2، المجلد 13، صفحة 1424. بتصرّف.
- ↑ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد ج14، صفحة 524. بتصرّف.
- ↑ عباس إبراهيم محمود، القواعد الأصولية التي اعتمدها الليث بن سعد في رسالته للإمام مالك، صفحة 11. بتصرّف.
- ↑ "فهرس المؤلفين"، المكتبة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 11/4/2022. بتصرّف.
- ↑ "الليث بن سعد .. المجهول الأفقه من مالك "، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 11/4/2022. بتصرّف.