محتويات
ما هي المحسنات البديعية؟
إنّ المقصود عادة في قولهم المحسنات البديعيّة وجوه من الكلام تذكر في الجملة لتحسينها، وذلك بعد مراعاة مقتضى الحال، فيكون تحسين الكلام تبعًا لذلك من جهتين؛ اللفظ والمعنى[١]، فمن حيث اللفظ هنالك -مثلًا- الجناس والسجع، ومثال على المعنى الطباق والتورية[٢]، وقد بدأ الاهتمام بعلم البديع منذ القرن الثالث الهجري، ويُعدّ ابن المعتز المؤسّس الحقيقي لعلم البديع، ثمّ توالى العلماء الذين أولُو هذا العلم عناية خاصّة وزادوا في أنواعه، حتّى بلغت المحسنات البديعة 145 محسّنًا بديعيًّا مع صفي الدين الحلي.[٣]
أنواع المحسنات البديعية
ما أبرز الأنواع التي تتفرّع عن شطري المحسنات البديعيّة؟
تنقسم المحسنات البديعيّة في أصلها قسمين، وكلّ قسم من هذين القسمين تندرج تحته أنواع كثيرة.
المحسنات اللفظية
- الجناس: وهو تشابه اللفظين في النطق واختلافهما في المعنى، وسبب تسميته يعود إلى تجانس حروف لفظيه، فيتألفان من الحروف نفسها، وهو نوعان: جناس تام، وهو ما اتّفقت فيه الكلمتان في أربعة أمور، نوع الحروف وعددها وهيئتها وترتيبها، والنوع الثاني هو الجناس الناقص، وهو ما اختلف فيه اللفظان في أحد الأمور السابقة.[٤]
- السجع: وهو توافق الفاصلتين في الشعر والنثر على حرف واحد، وهو كالقافية في الشعر.[٥]
- رد العجز على الصدر: ويسمّى أيضًا التّصدير، ويكون في الشعر والنثر، فأمّا في النثر: فهو أن يؤتى باللفظين المكررين أحدهما في أول الفقرة والثاني في آخرها، وهذان اللفظان قد يكونان مكررَين "لفظًا ومعنى"، أو متجانسين أو ملحقين بهما مما يجمعهما الاشتقاق أو شبهه، وأمّا في الشّعر فهو أن يُؤتى بأحد اللفظين المكررين في أول صدر البيت والثاني في آخر البيت، وقد يكون هذين اللفظين مكررين لفظًا أو معنى أو متجانسين أو ملحقين بهما مما يجمعهما الاشتقاق أو شبهه.[٦]
- التوازن: وهو تساوي الفاصلتين في الوزن دون القافية.[٧][٨]
- التصريع: والتصريع هو استواء عروض البيت وضربه وزنًا وإعرابًا وتقفيةً.[٩]
- التشريع: يسمى التوشيح أيضًا، وهو بناء البيت الشعري على قافيتين يصحّ المعنى بالوقوف على كلّ منهما.[١٠]
- التزام ما لا يلزم: ويسمى الإعنات والتضييق والتشديد والالتزام، ومعناه أن يؤتى قبل الروي في الشعر وقبل الفاصلة في النثر بما ليس لازمًا في التقفية، والفرق بينه وبين السجع أنّ السجع يلزم في الآخر ورود فاصلتين على نفس الحرف، بينما لزوم مالا يلزم يلتزم فيه مجيء حرف بعينه أو أكثر، أو حركة مخصوصة قبل حرف الروي.[١٠]
- الازدواج: أن يأتي المتكلّم بكلمات مزدوجة، وأكثر ما يقع في الأسماء المثنّاة.[١١]
- التسميط: أن يبني الشاعر بيته على أربعة أقسام، ثلاثة على سجعة واحدة وآخر مغاير لقافية البيت.[١٢]
- التطريز: أن يؤتى بجمل من الذوات غير مفصّلة ثمّ يخبرعنها بصفات مكررة بحسب العدد.[١٣]
- التوشيع: أن يؤتى باسم مثنّى في حشو العجز ثمّ يفصّل ويجعل الأخير القافية.[١٤]
- التوشيح: أن يكون فيما تقدّم من البيت ونحوه دليلٌ على آخره.[١٤]
- الاحتباك: أن يحذف من بيت الشعر الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول.[١٤]
- الاكتفاء: أن يدلّ الكلام الموجود على المحذوف.[١٢]
- التضمين: هو أن يضمّن الشاعر في شعره شيئًا من أشعار غيره مع التنبيه إليه إذا كان الشّعر لشاعرٍ ليس معروفًا لدى العرب، وإن كان مشهورًا فليس هناك حاجة للتنبيه لأنّ شهرته كفيلة بذلك.[١٥]
- حسن الابتداء والختام والتخلص: أمّا حسن الابتداء فهو البراعة في المطلع بحيث تكون المعاني واضحة والمطلع فريد في الاستهلال، وأمّا حسن الختام أو حُسنُ الانتهاء فهو أن يكون آخر الكلام جزلًا فخمًا له وقعٌ عظيم في نفس السامع، وأمّا حسن التخلص أو المخلص فهو أن ينتقل المتكلّم من معنى لآخر بلطف.[١٦]
لقراءة المزيد عن المحسنات اللفظية، ننصحك بقراءة هذا المقال: مفهوم المحسنات اللفظية.
المحسنات المعنوية
- الطباق: ويُسمّى أيضًا التطبيق والتضاد والمُطابقة والتكافؤ، وهو الجمع بين معنيين متضادين في العبارة، وللطباق نوعان: طباق إيجاب وهو أن يُؤتى بالكلمة وضدّها، وطباق سلب وهو أن يُؤتى بالكلمة ونفيها.[١٧]
- المقابلة: وهي أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ثمّ بما يقابلهما موافقةً أو تضادًّا، فهي كالطباق لكنّها أعم وقد قيل عنها طباقٌ متعدّدٌ، كقولهم: العلم نورٌ والجهل ظلام.[١٨]
- التورية: وهي أن يذكر المتكلّم لفظًا مفردًا له معنيان، أحدهما قريب غير مراد والآخر بعيد مراد.[١٩]
- حسن التعليل: وهو أن يذكر المتكلّم للأمر علّة غير علّته الحقيقيّة.[٢٠]
- المشاكلة: واسمها المشاكلة أو المشابهة أو المماثلة هي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه بصحبته.[٢١]
- المبالغة: وهو الوصول بالمعنى إلى أقصى غاياته وأبعد نهاياته، وذلك ادّعاء بلوغ وصف في الشدّة أو الضّعف حدًّا مستحيلًا وهو على ثلاثة أنواع:[٢٢]
- التبليغ: حين يكون المدعى ممكنًا في العقل وفي العادة.
- الإغراق: حين يكون المدعى ممكنًا عقلًا لا عادةً.
- الغلو: وهو حين يكون المدعى مستحيلًا عقلًا وعادةً.
- مراعاة النظير: وهو تناسب الألفاظ وائتلافها والتوفيق فيما بينها، أو أن يأتي الأديب بأمور متناسبة يحسن تجاورها ويصحّ توالي النظائر فيها.[٢١]
- العكس: وهو تقدّم جزء في الكلام ثمّ تأخّره، وذلك على نحو قولهم: عادات السادات سادات العادات.[٢٣]
- الرجوع: وهو العودة إلى الكلام السّابق بالنقض، فينفي المثبت ويثبت المنفي وذلك لنكتة تزيد المعنى حسنًا.[٢٤]
- الاستطراد: أن يكون المتكلم في مدح أو غيره فيتوهم السامع أنه سيستمر به ثم يخرج منه إلى غيره.[٢٤]
- الاطراد: وهو ذكر الممدوح وآبائه على الترتيب بلا تكلّف بألفاظ سهلة.[٢٤]
- الاستتباع: أن يُؤتى بالمدح أو الذم ثمّ يؤتى بمعنى آخر من جنس المذكور، فلا يؤتى بالذم بعد المدح مثلًا.[٢٤]
- التفريغ: وهو أن يُرتَّب حكمٌ على صفة، ثمّ يرتّب الحكم ذاته على صفةٍ أخرى.[٢٤]
- الإدماج: وهو أن يذكر المتكلّم معنى ثمّ يدمج فيه معنى آخر لا يقصده.[٢٤]
- اللف والنشر: وهو ذكر المتعدّد على التفصيل أو الإجمال ثمّ ذكر لكلّ واحدٍ ما له.[٢٥]
- الجمع والتفريق والتقسيم: وكلّ منها له تعريفه المستقل:[٢٦]
- الجمع: أن يجمع بين متعدّدٍ لفظًا وحكمًا.
- التفريق: إيقاع تباين بين أمرين.
- التقسيم: ذكر متعدّد ثم إضافة ما لكلّ إليه على التعيين.
- صحة الأقسام: استيفاء المتكلّم أجزاء المعنى.[٢٦]
- التفسير: وهو أن يُؤتى بكلام لا يتمّ فهمه إلا إذا فُسِّر.[٢٦]
- الإيضاح: وهو أن يكون في ظاهر الكلا لَبْسٌ ثمّ يوضّح.[٢٦]
- الإشارة: وهي الإشارة إلى معانٍ كثيرة بألفاظ قليلة.[٢٧]
- الإرداف والتتبيع: أن يُعبّر عن المعنى لا بلفظه بل بمرادفه.[٢٧]
- التكميل: وهو أن يؤتى بمعنى غير كافٍ فيتمّم بآخر.[٢٧]
- الاحتراس: وهو أن يؤتى بكلامٍ يعترض عليه فيأتي قائله بما يخصّه.[٢٧]
- النكتة: وهي أن يُخصّ شيءٌ بالذّكر دون غيره لنكتة.[٢٧]
- المواربة: وهي أن يُؤتى بكلامٍ يتمكّن فيه الكاتب من الإنكار بتصحيفٍ أو تحريفٍ أو غيره.[٢٨]
- التعليق: وهو أن يؤتى بمعنى ثمّ يعلّق به معنى آخر.[٢٨]
- التوليد: والتوليد يحصل نتيجة لدمج لفظ بلفظ.[٢٨]
- الانسجام: وهو أن يكون الكلام سهلًا عذب الألفاظ.[٢٩]
- حسن البيان: وهو الإبانة عمّا في النفس بعبارة سهلة بليغة.[٣٠][٢٩]
- الاختراع: وهو أن يؤتى بمعنى لم يُسبق إليه.[٣١][٢٩]
- حسن الاتباع: وهو أن يُؤتى إلى معنى مسبوق فيحسن هذا الإتيان.[٢٩]
- الافتتان: وهو أن يؤتى بفنين متضادين في جملة واحدة.[٢٩]
- الاتفاق: وهو أن تتفق للشاعر واقعة تعلمه العمل في نفسها.[٢٩]
- النوادر: وهو الإتيان بمعنى غريب قليل الاستخدام.[٣٢]
- التخيير: وهو أن يكون البيتَ صالحًا لقوافٍ شتّى فيختار الشّاعر أحسنها.[٣٢]
- الاتساع: وهو أن يؤتى ببيت يتّسع فيه التّأويل.[٣٢]
- التوجيه: وهو أن يؤتى بكلام يحتمل وجهين مختلفين.[٣٢]
- المدح بما يشبه الذم والعكس: وهو أن يُؤتى بألفاظ ظاهرها مدح وجوهرها ذم، أو العكس إن أُريد المدح؛ أي أن يأتي الرجل بلفظ ظاهره الذم وباطنه المدح.[٣٣]
- التّهكم: وهو الإتيان بلفظ البشارة في موضع الإنذار.[٣٤][٣٣]
- الشماتة: وهي إظهار المسرّة بمن أُصيب بمصاب.[٣٥][٣٣]
- الهزل الذي يراد به الجد: وهو أن يقصد المتكلم مدح إنسان أو ذمه ثم يخرج ذلك مخرج الهزل.[٣٣]
- النزاهة: وهي نزاهة الألفاظ عن الفحش.[٣٣]
- الكناية: والكناية هي أن يعبّر عن المعنى القبيح بلفظ حسن، وعن الفاحش بالطاهر.[٣٣]
الفرق بين المحسنات اللفظية والمعنوية
بمَ تفترق المحسنات اللفظيّة والمعنويّة؟
ممّا مرّ آنفًا يظهر أنّ غَرض المحسنات البديعية هو تجميل اللفظ والمعنى وتزيينهما، فكثيرًا ما يُربَطُ بين المحسنات البديعية والصور البيانية عند الحديث على بلاغة الكلام، وبالعودة إلى الفرق بين المحسنات اللفظية والمحسنات المعنوية فإنّ المحسنات اللفظيّة تعود على اللفظ متعلّقة به فقط دون المعنى، فلو أُزيل اللفظ زال معه المحسّن، أمّا المحسّنات المعنويّة فهي متعلّقة بالمعنى بالإضافة إلى تجميل اللفظ أيضًا، ولكن ارتباطها بالمعنى أقوى.[٣٦]
أمثلة على المحسنات البديعية
ومن الأمثلة على المحسنات البديعية كلّ نوعٍ على حِدة كالآتي:
أمثلة على المحسنات اللفظية
- الجناس التام: كقول البحتري:
إذا العَينُ رَاحتْ وَهيَ عَينٌ على الهوى
- فَلَيْسَ بسِرٍّ ما تُسِرُّ الأضَالِعُ
فالعين الأولى بمعنى العين الناظرة، والعين الثانية بمعنى الجاسوس.
- الجناس الناقص: كقول حسّان بن ثابت:
وَكُنّا مَتى يَغزُ النَبِيُّ قَبيلَةً
- نَصِل جانِبَيهِ بِالقَنا وَالقَنابِلِ
فالجناس واقعٌ بين القنا والقنابل.
- السجع: مثاله في النثر قولهم: الحُرُّ إذا وعد وفى وإذا أعان كَفَى، وفي الشعر في قول الشاعر:
ومكارمٌ أوليتها متبرعًا
- وجرائمٌ ألغيتها متورّعًا
- رد العجز على الصدر: كقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}،[٣٧] وقولهم: القتل أنفى للقتل، وقولهم: يقيني بالله يقيني، وفي الشعر في قول الشاعر:
بَلِيغٌ متى يَشكُو إلى غَيرِها الهَوَى
- وإنْ هُوَ لاقَاهَا فَغَيْرُ بَلِيغِ
- التوازن: كقوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}.[٧]
- التصريع: كقول امرئ القيس:
أَلا عِم صَباحًا أَيُّها الطَلَلُ البالي
- وَهَل يَعِمَن مَن كانَ في العُصُرِ الخالي
- التشريع: كقول الحريري صاحب المقامات:
يا خاطِبَ الدنيا الدَّنيَّةِ إنَّها
- شَرَكُ الرَّدَى وقَرارَةُ الأَكدارِ
فإن وُقف على الردى فالبيت من الضرب الثاني للطويل وإن وقف على الأكدار فالبيت من الكامل.
خَدَمَ الْعُلَى فَخَدَمْنَهُ وَهِيَ الَّتِي
- لا تَخْدُمُ الْأَقْوامَ ما لَمْ تُخْدَمِ
فَإِذا ارْتَقَى فِي قِلَّةٍ مِنْ سُؤْدَدٍ
- قالَتْ لَهُ الْأُخْرَى: بَلَغْتَ تَقَدَّمِ
- الازدواج: ومثاله قول الشاعر:
وكانا جميعًا شريكي عنانٍ
- رَضِيعَي لبانٍ خليلي صفاءٍ
- التسميط: وذلك كقول الخنساء:
حامي الحقيقة محمود الخليقة
- مهديّ الطّريقة، نقّاعٌ وضرّار
- التطريز: كقول ابن الرومي:
كأنّ الكأسَ في يدِها وفيها
- عقيقٌ في عقيقٍ في عقيقِ
- التوشيع: كقول الشاعر:
قد خدّدَ الدّمعُ خدّي من تذكّركُم
- واعتادَني المُضنِيان: الوجد والكمد
- التوشيح: كقول دريد بن الصمة:
إذا لم تستَطِع شيئًا فدَعهُ
- وجاوِزهُ إلى ما تَستَطِيعُ
- الاحتباك: كقول أبي صخر الهذلي:
وإنّي لتَعرُونِي لذِكرَاكِ هِزّةٌ
- كما انتفَضَ العُصفورُ بَلّلَهُ القَطرُ
- الاكتفاء: كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}.[٣٨]
- التضمين: كقول الشاعر في أبيات من المديح النبوي:
لعينيكَ قُلْ إن زرتَ أفضلَ مُرْسَلِ
- (قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ)
وفي طَيْبةٍ فانزل ولا تغشَ منزلًا
- (بسِقْطِ اللِّوى بين الدّخول فحومل)
- حسن الابتداء: كقول الشاعر:
هل إلى أن تنامَ عينيِ سبيلُ
- إنَّ عهدِي بالنومِ عهدٌ طويلُ
- حسن الختام: كقول الشاعر:
فَلا هَجَمتَ بِها إِلّا عَلى ظَفَرٍ
- وَلا وَصَلتَ بِها إِلّا عَلى أَمَلِ
- حسن التخلص: نحو قول البوصيري في البردة حين انتقل من بيت الوعظ إلى بيت المديح ببراعة:
وَكَيْفَ تَدْعُو إلَى الدُّنيا ضَرُورُةُ مَنْ
- لولاهُ لَمْ تُخْرِجِ الدُّنيا مِنَ العَدَمِ
مُحَمَّدُ سَيِّدَ الكَوْنَيْنِ والثَّقَلَيْنِ
- والفَرِيقَيْنِ مِنْ عُرْبٍ ومِنْ عَجَمِ
أمثلة على المحسنات المعنوية
- الطباق: وهو نوعان:
- طباق سلب: كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}.[٣٩]
- طباق إيجاب: كقول الشاعر: فَالوَجهُ مثل الصُبحِ مبيضٌ ** والفَرعُ مِثلَ اللَيلِ مُسوَدُّ
- المقابلة: كقولهم: العلم نورٌ والجهل ظلام.
- التورية: كقول الشاعر:
وَرَبُّ الشعر عندهُمُ بَغِيضٌ
- وَلَوْ وَافَى بهِ لَهُمُ حبَيبُ
فكلمة حبيب معناها القريب هو عكس البغيض، وهذا المعنى غير مراد، أمّا المعنى البعيد المراد هو الحبيب بن أوس الطائي؛ أي: أبو تمام.
- حسن التعليل: كقول ابن الرومي:
لِمَا تُؤذن الدنيا به من صروفها
- يكون بكاء الطفل ساعة يولدِ
فقد علّل الشاعر بكاء الطّفل ساعة ولادته بسبب ما يأتيه من خبرٍ عن مصائب الدنيا وبلواها.
- المشاكلة: ومن ذلك قول الشّاعر:
قالوا: اتخذ دُهنًا لقلبك يَشْفِهِ
- قلتُ: ادهنوه بخدها المتوردِ
فقال الشّاعر ادهنوه، لمشاكلة دهنًا.
- المبالغة:
- التبليغ: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}.[٤٠]
- الإغراق: كقول الشاعر:
وَنُكرِمُ جارَنا ما دامَ فينا
- وَنُتبِعُهُ الكَرامَةَ حَيثُ مالا
- الغلو: كقول أبي نواس:
وأَخَفْتَ أهْلَ الشِّركِ حتى إنّه
- لَتَخَافك النطف التي لم تُخْلَقِ
- مراعاة النظير: وذلك كقول الشاعر مادحًا آل محمد عليه الصلاة والسلام:
أنتم بنُو طه ونونٍ والضُّحَى
- وبنو تَبارَكَ في الكتابِ المحْكَمِ
فقد أتى الشاعر بحسن تناسب بين أسماء السّور في البيت السّابق.
- العكس: نحو قولهم: عادات السادات سادات العادات.
- الرجوع: كقول زهير بن أبي سُلمى:
قِف بِالدِيارِ الَّتي لَم يَعفُها القِدَمُ
- بَلى وَغَيَّرَها الأَرواحُ وَالدِيَمُ
فالأرواح هي جمع الريح، فالشاعر هنا قد أثبت دروس الدار بعد نفيه، لنكتة إظهار الحَيْرة.
- الاستطراد: من الاستطراد الرائق قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.[٤١]
- الاطراد: كقول الشاعر:
مَن يكُن رامَ حاجةً بعُدَتْ عَنـ
- ـهُ وأَعيَت عليهِ كُلَّ العَيَاءِ
فلها أحمدُ المُرجّى ابنُ يَحيَى بـ
- ـنُ معاذٍ بن مُسلِم بن رجاءِ
- الاستتباع: مثاله قول الشاعر:
نَهَبْتَ مِنَ الأَعْمَارِ مَا لَوْ حَوَيْتَهُ
- لَهُنِّئَتِ الدُّنْيَا بأَنَّك خَالِدُ
فمدح الشاعر شجاعة الممدوح ثمّ استتبع مدحه بكونه سببًا لصلاح الدنيا.
- التفريغ: كقول ابن المعتز:
كَلاُمُهُ أَخْدَعُ مِنْ لَحْظِهِ
- وَوَعْدُهُ أَكْذَبُ مِنْ طَيْفِهِ
- الإدماج: كقول الشاعر:
وَصِفَا لِي ثَغْرَ الحَبِيبِ فَإِنِّي
- ذُو اشْتِيَاقٍ إِلَى النَّقَا وَالعَقِيقِ
فقد أدمج الشاعر هنا في قوله: وصفا لي ثغر الحبيب، وذلك حين وصفه بالنقا والعقيق.
- اللف والنشر: مثال ذلك قول الشّاعر:
رأى جسَدي وَالدَّمْعَ وَالقَلْبَ والحَشَى
- فأضنَى وأفنى واسْتَمال وتيَّما
- الجمع: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.[٤٢]
- التفريق: كقول الشاعر:
مَا نَوَالُ الغَمَامِ وَقْتَ رَبِيْعٍ
- كَنَوَالِ الأَمِيْرِ يَوْمَ سَخَاءٍ
- التقسيم: كقول الشّاعر:
يَقُولُونَ صِفْ قَدَّ الحَبِيبِ وَلَحْظَهُ
- وَوَجْنَاتِهِ وَالثَّغْرَ قُلْتُ لَهُمْ: قُرُّوا
فَقَدٌّ وَلا رُمْحٌ، وَلَحْظٌ وَلا ظَبْيٌ
- وَخَدٌّ وَلا وَرْدٌ، وَثَغْرٌ وَلا دُرُّ
- صحة الأقسام: وذلك كقوله تعالى: {يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا}،[٤٣] إذ ليس هناك في رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق والطمع بالمطر.
- التفسير: وذلك كقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ}.[٤٤]
- الإيضاح: وذلك كقول الشّاعر:
يُذكِّرُنيكِ الخيرُ والشَّرُّ كُلُّهُ
- وقيلُ الخَنَا والحلمُ والعلمُ والجهلُ
- الإشارة: وذلك كقوله تعالى: {فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}.[٤٥]
- الإرداف والتتبيع: كقوله تعالى: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}،[٤٦] فورد لفظ استوت بدل جلست.
- التكميل: كقوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.[٤٧]
- الاحتراس: كقولهم: حليمٌ إذا ما الحلم زيّن أهله، فلولا زيادة ما بعد حليم لكان المدح معترضًا.
- النكتة: وذلك كقول الخنساء:
يُذَكِّرُني طُلوعُ الشَمسِ صَخرًا
- وَأَذكُرُهُ لِكُلِّ غُروبِ شَمسِ
فذكرها لذكرى أخيها في عند طلوع الشمس وغروبها فقط لنكتة، فطلوع الشمس وقت الغارة وغروب الشمس وقت الضيوف، وهنا إشارة على شجاعته وكرمه.
- المواربة: وذلك كقول الشّاعر:
وَإِنْ أُصَرِّحْ أُجَامِلْ فِي مُوَارَبَةٍ
- لأَنَّهُمْ مِنْ ذوي الأَقْدَارِ وَالحَشَمِ
فالأقدار بالمهملة للمقام الرفيع وبالمعجمة -أي أن تصبح الدال ذالًا- للنجس.
- التعليق: كقول الشاعر:
أتُرى القاضي أعمى
- أم تُراه يتعامى
سرقَ العيدَ كأنّ الـ
ـعيدَ أموالَ اليتامى
فعلّق خيانة القاضي بأموال اليتامى بخيانته بأمر العيد.
- التوليد: مثل قول الشاعر:
كأنَّ عِذَارَهُ في الخَدِّ لاَمٌ
- ومَبْسِمَه الشَّهِيَّ العَذْبَ صادُ
فقد ورد من التشبيه باللام والصاد كلمة لص.
- الانسجام: مثل قول الشاعر:
إِن شِئتَ أَلّا تَرى صَبرًا لِمُصطَبَرِ
- فَاِنظُر عَلى أَيِّ حالٍ أَصبَحَ الطَلَلُ
- حسن البيان: مثل قوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ}.[٣٠]
- الاختراع: مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا}.[٣١]
- حسن الاتباع: مثل قول جرير:
إذا غضِبَت عليكَ بنو تميمٍ
- رأيتَ الناس كلهم غضابا
فتبعه أبو نواس بقوله:
وليسَ على اللهِ بمُستَنكرٍ
- أن يجمع العالم في واحدِ
- الافتتان: كقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}،[٤٨] فقد جمعت الآية الكريمة بين التعزية والفخر.
- الاتفاق: كقول صلاح الدين: دعوا بيت يعقوب فقد جاء يوسف.
- النوادر: كقول الشاعر:
غيرِي جَنَى وأنا المُعاقَبُ فيكُمُ
- فكأنَّنِي سَبّابَةُ المُتَنَدِّمِ
- التخيير: كقول الشاعر:
إنّ الغريبَ طويلُ الذَّيلِ مُمتَهن
- فكيفَ حالُ غريبٍ ما لَهُ قوت
فيجوز أن يقال ما له سبب، ما له حال، وغيرها.
- الاتساع: كقوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}،[٤٩] فظاهر الآية هو الجمع بين تسع أو ثماني عشرة، والصحيح هو الجمع بين أربع فقط.
- التوجيه: كقولهم: ويرغب أن يبني المعالي خالدًا، فإن جُعلت الرغبة الأولى مقدّرة بفي كان مدحًا، وبعن كان ذمًّا.
- المدح بما يشبه الذم والعكس: مثل قول الشاعر:
لو شاءَ من رِقَّةِ ألفاظِه
- ألّف ما بين الهُدى والضّلال
يكفيكَ منه أَنَّه رُبَّما
- قادَ إِلى المهجورِ طَيفَ الخيال
وأما المدح في معرض الذم فهو كقولهم: أخزاه الله ما أشعره.
- التّهكم: كقوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.[٣٤]
- الشماتة: كقوله تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.[٣٥]
- الهزل الذي يراد به الجد: كقول الشاعر:
إِذَا مَا تَمِيمِيٌّ أَتَاكَ مُفَاخِرًا
- فَقُلْ: عَدِّ عَنْ ذا كَيْفَ أَكْلُكَ للضَّبّ؟
- النزاهة: كقول الشاعر:
وَلَوَ انَّ تَغلِبَ جَمَّعَت أَحسابَها
- يَومَ التَفاضُلِ لَم تَزِن مِثقالا
- الكناية: كقوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ}،[٥٠] وفي ذلك كناية عن الزناة.
المراجع
- ↑ عبد العزيز عتيق، علم البديع، صفحة 76. بتصرّف.
- ↑ أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، صفحة 172. بتصرّف.
- ↑ عبد العزيز عتيق، علمُ البديع، صفحة 75. بتصرّف.
- ↑ علي الجارم، مصطفى أمين، البلاغة الواضحة، القاهرة:المعارف، صفحة 263. بتصرّف.
- ↑ علي الجارم، مصطفى أمين، البلاغة الواضحةُ، القاهرة:المعارف، صفحة 272. بتصرّف.
- ↑ مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 68. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الغاشية، آية:1 - 3
- ↑ محمد هيثم غرة، منيرة محمد فاعور، البلاغةُ العربيّةُ، دمشق:منشورات جامعة دمشق، صفحة 269. بتصرّف.
- ↑ عيسى علي العاكوب، المفصّل في عُلوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 692. بتصرّف.
- ^ أ ب ت عيسى علي العاكوب، المفصل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 692. بتصرّف.
- ↑ مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 94. بتصرّف.
- ^ أ ب عيسى على العاكوب، المفصل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 695. بتصرّف.
- ↑ مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 96. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 99. بتصرّف.
- ↑ مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 116. بتصرّف.
- ↑ مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 116. بتصرّف.
- ↑ محمد هيثم غرة، منيرة فاعور، البلاغة العربية، دمشق:منشورات جامعة دمشق، صفحة 187. بتصرّف.
- ↑ محمد هيثم غرة، منيرة فاعور، البلاغة العربية، دمشق:منشورات جامعة دمشق، صفحة 191. بتصرّف.
- ↑ محمد هيثم غرة، منيرة محمد فاعور، البلاغة العربية، دمشق:منشورات جامعة دمشق، صفحة 197. بتصرّف.
- ↑ عيسى علي العاكوب، المفصل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 630. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد هيثم غرة، منيرة محمد فاعور، البلاغة العربية، دمشق:منشورات جامعة دمشق، صفحة 205. بتصرّف.
- ↑ عيسى علي العاكوب، المفصل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 625. بتصرّف.
- ↑ عيسى علي العاكوب، المفصل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 605. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح عيسى علي العاكوب، المفصل في علوم البلاغة، حلب:منشورات جامعة حلب، صفحة 634. بتصرّف.
- ↑ محمد هيثم غرة، منيرة فاعور، البلاغة العربية، دمشق:منشورات جامعة دمشق، صفحة 221. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 142. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 149. بتصرّف.
- ^ أ ب ت مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 153. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 157. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الدخان، آية:40
- ^ أ ب سورة الحج، آية:73
- ^ أ ب ت ث مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 167. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح مرعي بن يوسف الحنبلي، القول البديع في علم البديع، الرياض:كنوز إشبيليا، صفحة 173. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة النساء، آية:138
- ^ أ ب سورة يونس، آية:91
- ↑ محمد هيثم غرة، منيرة محمد فاعور، البلاغة العربية، دمشق:منشورات جامعة دمشق، صفحة 181. بتصرّف.
- ↑ سورة نوح، آية:10
- ↑ سورة يوسف، آية:82
- ↑ سورة الزمر، آية:9
- ↑ سورة النور، آية:40
- ↑ سورة الإسراء، آية:78
- ↑ سورة الكهف، آية:46
- ↑ سورة الرعد، آية:12
- ↑ سورة يس، آية:36
- ↑ سورة طه، آية:78
- ↑ سورة هود، آية:44
- ↑ سورة الحجرات، آية:29
- ↑ سورة الرحمن، آية:26 - 27
- ↑ سورة النساء، آية:3
- ↑ سورة النور، آية:26