المحسنات البديعية في قصيدة وصف الحمى

كتابة:
المحسنات البديعية في قصيدة وصف الحمى

المحسنات البديعية في قصيدة وصف الحمى

فيما يأتي أبرز المحسنات اللفظية والمعنوية التي اشتملت عليها أبيات القصيدة:

المحسنات اللفظية في القصيدة

فيما يأتي أبرز المحسنات اللفظية التي ظهرت في القصيدة:

الجناس

للجناس نوعان هما: الجناس التام، والجناس الناقص، فيما يأتي أمثلة على كلا النوعين: من الأمثلة على الجناس التام الوارد في القصيدة ما يأتي:[١]

  • وَإِن أَسلَم فَما أَبقى وَلَكِن

سَلِمتُ مِنَ الحِمامِ إِلى الحِمامِ[٢]

  • فَإِنَّ لِثالِثِ الحالَينِ مَعنىً

سِوى مَعنى اِنتِباهِكَ وَالمَنامِ[٢]

من الأمثلة على الجناس الناقص في القصيدة ما يأتي:[٣]

  • ما ورد في البيت الأول في كل من: (ملومكما- الملام)، و(الملام- الكلام):[٤]

مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ

وَوَقعُ فَعالِهِ فَوقَ الكَلامِ
  • قول الشاعر في البيت التاسع عشر، حيث إن الجناس الناقص في: (عائدي- حاسدي):[٣]

قَليلٌ عائِدي سَقِمٌ فُؤادي

كَثيرٌ حاسِدي صَعبٌ مَرامي[٢]

السجع

ومن الأمثلة عليه توافق فاصلتي الكلمتين: (بغام، بغامي) في الشطر الثاني من البيت الآتي:[٥]

عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَيني

وَكُلُّ بُغامِ رازِحَةٍ بُغامي[٢]

الاقتباس

هناك عدة أبيات ورد فيها اقتباس من آيات القرآن الكريم، منها قول الشاعر:[٦]

فَإِن أَمرَض فَما مَرِضَ اِصطِباري

وَإِن أُحمَم فَما حُمَّ اِعتِزامي[٢]

حيث اقتبس الشاعر لفظة (اصطباري) من قوله تعالى: (رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا).[٧]

المحسنات المعنوية في القصيدة

المُشاكلة

استخدم المتنبي في قصيدته هذه أسلوب المُشاكلة، ومن الأمثلة على المشاكلة التحقيقية -أحد أنواعها- إسناده المرض بالعزم والصبر والتحمل وذلك من خلال استخدامها، وقصد بذلك أنه إذا أصابه المرض فإن صبره وعزمه لن يخذلاه بل سيظلان على ما هما عليه من العزم والتحمل،[٨] فيقول:

فَإِن أَمرَض فَما مَرِضَ اِصطِباري

وَإِن أُحمَم فَما حُمَّ اِعتِزامي[٩]

الطباق

وظّف الشاعر الطباق في عدد ليس بالقليل من أبيات قصيدته، من أمثلته ما يأتي:[١٠]

  • يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسي وَعَنها
فَتوسِعُهُ بِأَنواعِ السِقامِ[٢]
  • يَقولُ لي الطَبيبُ أَكَلتَ شَيئاً
وَداؤُكَ في شَرابِكَ وَالطَعامِ[٢]

المقابلة

من أمثلة المقابلة في القصيدة قول المتنبي:[١١]

أَرى الأَجدادَ تَغلِبُها كَثيراً

عَلى الأَولادِ أَخلاقُ اللِئامِ[٢]

نص القصيدة

نظمَ المتنبي قصيدته الشهرة هذه في اثنين وأربعين بيتاً شعرياً واصفاً ما أصابه من حمى، فيقول:[٢]

مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ

وَوَقعُ فَعالِهِ فَوقَ الكَلامِ

ذَراني وَالفَلاةُ بِلا دَليلٍ

وَوَجهي وَالهَجيرَ بِلا لِثامِ

فَإِنّي أَستَريحُ بِذي وَهَذا

وَأَتعَبُ بِالإِناخَةِ وَالمُقامِ

عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَيني

وَكُلُّ بُغامِ رازِحَةٍ بُغامي

فَقَد أَرِدُ المِياهَ بِغَيرِ هادٍ

سِوى عَدّي لَها بَرقَ الغَمامِ

يُذِمُّ لِمُهجَتي رَبّي وَسَيفي

إِذا اِحتاجَ الوَحيدُ إِلى الذِمامِ

وَلا أُمسي لِأَهلِ البُخلِ ضَيفاً

وَلَيسَ قِرىً سِوى مُخِّ النِعامِ

فَلَمّا صارَ وُدُّ الناسِ خِبّاً

جَزَيتُ عَلى اِبتِسامٍ بِاِبتِسامِ

وَصِرتُ أَشُكُّ فيمَن أَصطَفيهِ

لِعِلمي أَنَّهُ بَعضُ الأَنامِ

يُحِبُّ العاقِلونَ عَلى التَصافي

وَحُبُّ الجاهِلينَ عَلى الوَسامِ

وَآنَفُ مِن أَخي لِأَبي وَأُمّي

إِذا ما لَم أَجِدهُ مِنَ الكِرامِ

أَرى الأَجدادَ تَغلِبُها كَثيراً

عَلى الأَولادِ أَخلاقُ اللِئامِ

وَلَستُ بِقانِعٍ مِن كُلِّ فَضلٍ

بِأَن أُعزى إِلى جَدٍّ هُمامِ

عَجِبتُ لِمَن لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ

وَيَنبو نَبوَةَ القَضِمِ الكَهامِ

وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلى المَعالي

فَلا يَذَرُ المَطِيَّ بِلا سَنامِ

وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً

كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ

أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائي

تَخُبُّ بِيَ المَطِيُّ وَلا أَمامي

وَمَلَّنِيَ الفِراشُ وَكانَ جَنبي

يَمَلُّ لِقاءَهُ في كُلِّ عامِ

قَليلٌ عائِدي سَقِمٌ فُؤادي

كَثيرٌ حاسِدي صَعبٌ مَرامي

عَليلُ الجِسمِ مُمتَنِعُ القِيامِ

شَديدُ السُكرِ مِن غَيرِ المُدامِ

وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً

فَلَيسَ تَزورُ إِلّا في الظَلامِ

بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا

فَعافَتها وَباتَت في عِظامي

يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسي وَعَنها

فَتوسِعُهُ بِأَنواعِ السِقامِ

إِذا ما فارَقَتني غَسَّلَتني

كَأَنّا عاكِفانِ عَلى حَرامِ

كَأَنَّ الصُبحَ يَطرُدُها فَتَجري

مَدامِعُها بِأَربَعَةٍ سِجامِ

أُراقِبُ وَقتَها مِن غَيرِ شَوقٍ

مُراقَبَةَ المَشوقِ المُستَهامِ

وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِدقُ شَرٌّ

إِذا أَلقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ

أَبِنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بِنتٍ

فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِنَ الزِحامِ

جَرَحتِ مُجَرَّحاً لَم يَبقَ فيهِ

مَكانٌ لِلسُيوفِ وَلا السِهامِ

أَلا يا لَيتَ شَعرَ يَدي أَتُمسي

تَصَرَّفُ في عِنانٍ أَو زِمامِ

وَهَل أَرمي هَوايَ بِراقِصاتٍ

مُحَلّاةِ المَقاوِدِ بِاللُغامِ

فَرُبَّتَما شَفَيتُ غَليلَ صَدري

بِسَيرٍ أَو قَناةٍ أَو حُسامِ

وَضاقَت خُطَّةٌ فَخَلَصتُ مِنها

خَلاصَ الخَمرِ مِن نَسجِ الفِدامِ

وَفارَقتُ الحَبيبَ بِلا وَداعٍ

وَوَدَّعتُ البِلادَ بِلا سَلامِ

يَقولُ لي الطَبيبُ أَكَلتَ شَيئاً

وَداؤُكَ في شَرابِكَ وَالطَعامِ

وَما في طِبِّهِ أَنّي جَوادٌ

أَضَرَّ بِجِسمِهِ طولُ الجِمامِ

تَعَوَّدَ أَن يُغَبِّرَ في السَرايا

وَيَدخُلَ مِن قَتامِ في قَتامِ

فَأُمسِكَ لا يُطالُ لَهُ فَيَرعى

وَلا هُوَ في العَليقِ وَلا اللِجامِ

فَإِن أَمرَض فَما مَرِضَ اِصطِباري

وَإِن أُحمَم فَما حُمَّ اِعتِزامي

وَإِن أَسلَم فَما أَبقى وَلَكِن

سَلِمتُ مِنَ الحِمامِ إِلى الحِمامِ

تَمَتَّع مِن سُهادِ أَو رُقادٍ

وَلا تَأمُل كَرىً تَحتَ الرِجامِ

فَإِنَّ لِثالِثِ الحالَينِ مَعنىً

سِوى مَعنى اِنتِباهِكَ وَالمَنامِ

المراجع

  1. حياة زنودي، أميرة يزيد، دراسة بلاغية لميمية المتنبي، أنموذجاً، صفحة 75-76. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "ملومكما يجل عن الملام"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022.
  3. ^ أ ب زبيش إيمان، قصيدة وصف الحمى لأبي الطيب المتنبي، دراسة أسلوبية، صفحة 59. بتصرّف.
  4. خطأ استشهاد: وسم غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة 59269b7b_473b_447f_a66d_39a3d7fe7bda
  5. حياة زنودي، أميرة يزيد، دراسة بلاغية لميمية المتنبي، أنموذجاً، صفحة 77. بتصرّف.
  6. حياة زنودي، أميرة يزيد، دراسة بلاغية لميمية المتنبي، أنموذجاً، صفحة 78. بتصرّف.
  7. سورة مريم، آية:65
  8. رائد الجبوري، التوظيف البلاغي للتجنيس والمشاكلة في شعر المتنبي، صفحة 151. بتصرّف.
  9. "ملومكما يجل عن الملام"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 13/3/2022.
  10. زبيش إيمان، قصيدة وصف الحمى لأبي الطيب المتنبي، دراسة أسلوبية، صفحة 60. بتصرّف.
  11. حياة زنودي، أميرة يزيد، دراسة بلاغية لميمية المتنبي، أنموذجاً، صفحة 81-82. بتصرّف.
6881 مشاهدة
للأعلى للسفل
×