المدرسة الطبيعية المتأخرة

كتابة:
المدرسة الطبيعية المتأخرة

المدرسة الطبيعية المتأخرة

هي تيار فلسفي تتكون من مجموعة من الفلاسفة اليونانيين، دارت بحوثهم الفلسفية حول أصل الكون أو أصل الأشياء،[١] لكن السبب في تسميتهم بالطبيعيين، هو أنهم لم يبحثوا عن السبب الأول للوجود من خلال الميتافيزيقا وإنما من خلال البحث التجريبي والمادي، ومعظم هؤلاء الفلاسفة علماء لهم إنجازاتهم العلمية، وتكمن أهمية بحوثهم في استكمال البحث الفلسفي الذي بدأه طاليس، وفلاسفة آخرون.[٢]

عُرفوا في المراجع المتخصصة في تاريخ الفلسفة بالطبيعيين المتأخرين، وهم أكثر حداثة من الطبيعيين المؤسسين، ولا شك أنهم تأثروا بالفلسفات السابقة سواءً أكانت طبيعية أم غير ذلك مثل الفيثاغورية.[٢]

رواد التيار الفلسفي الطبيعي المتأخر

هنالك العديد من رواده، مثل ما يأتي:

أنبادوقليس

ولد أنبادوقليس في إغريغنتا، وهي من أشهر مدن صقلية، اهتم منذ طفولته بالفلسفة، ودرس الشعر والطب، والخطابة، وقال أرسطو فيه: "أبيادوقليس مؤسس علم البيان"، تأثر بفيثاغورس، وكانت عواطفه الدينية قوية، كما أنه عمل على توظيف علمه، وعرف عنه حسن الخلق، وطيب العمل، أما فلسفته فلم يحاول أنبادوقليس رد الوجود إلى عنصر أولي واحد، بل أسس لنظرية مختلفة.[٣]

أساس هذه النظرية أنه من المستحيل رد الأشياء إلى عنصر واحد، لكن من الممكن ردها إلى أربعة عناصر، وهي الماء والهواء، والنار والتراب، وأحدث أنبادوقليس نقلة نوعية في الفلسفة الطبيعية من خلال إضافة عنصر التراب، فمن المتعارف عليه أنه كان يستثنى من النظريات الفلسفية الطبيعية التي تبحث عن أصل الكون، وذلك بسبب ثقل وزنه، والاعتقاد بأنه ليس عنصرًا بسيطًا بل مركبًا من عناصر أخرى.[٣]

قال أنبادوقليس أن هذه العناصر الأربعة ذات نسب متساوية، ولا يوجد تراتبية بينها، كما لا يوجد أسبقية لعنصر على آخر، وكل عنصر من هذه العناصر يتمتع بخاصية، فالنار لها خاصية الحرارة، والماء لها خاصية الرطوبة، والتراب له خاصية اليبوسة، أخيرًا الهواء، وله خاصية الجفاف، وهذه العناصر إما أن تجتمع لتكون أشياء أخرى مركبة، أو تفترق، واجتماعها وافتراقها يكون بفعل خاصيتي المحبة والكراهية.[٣]

ديموقريطس

ديموقريطس هو فيلسوف يوناني ولد في مدينة أبديرا، وهي مدينة بناها الأيونيين، عرف بكثرة الترحال، وقيل فيه أن لا أحد من أهل زمانه قام بالرحلات التي قام فيها ديموقريطس، واهتم بالرياضيات والهندسة، أنشأ مدرسة خاصة به، وتأثر بالفيلسوف لوقيبوس، وكان له أثر كبير في فلسفة أرسطو، فكان يقرن اسم ديموقريطس باسمه، كانت له أعمال موسوعية في الفلسفة إلا أن المعلومات المذكورة عنه شحيحة.[٣]

أما نظريته حول أصل الكون، فحاول التوفيق بين المدرسة الإيلية والتجارب العلمية، واقتنع بصحة ما قاله الإيليون بأن الوجود كله ملاء، ولا مكان للفراغ، وتوصل إلى أن أصل الأشياء هو الذرات المتكونة منها، وهذه الذرات مادية، وبالتالي سمي مذهبه بالمذهب الذري، وكان ديموقريطس من رواده، أما موقفه من الكون والفساد، فذهب إلى أن الحركة تعصف بالجوهر، وهذا منذ القدم.[٣]

أما الأشياء فترجع إلى موقعها حسب الثقل، فالأخف يتصاعد للأعلى أما الأثقل فيهبط إلى الأسفل، ومثال ذلك الهواء والتراب، فالهواء يتصاعد إلى الأعلى، أما التراب فتهبط ذراته إلى الأسفل، أما رأي ديموقريطس في النفس، فهي مادية بالطبع، وتتألف من جواهر دقيقة وسريعة الحركة، وذلك لأن النفس مبدأ الحركة في الأجسام الحية، وقال إن النفس جسم ناري، وطور على نظريته في النفس وجسم الإنسان.[٣]

وقد ذهب إلى أن جواهرها النارية منتشرة في الهواء من حيث الأصل، إلا أن الهواء يدفعها إلى الجسم فتتغلل فيه وتتجدد، وما دامت النفس أساس الحياة والحركة، فهي مركز الإحساس والفكر.[٣]

أنكساغورس

هو فيلسوف يوناني ولد بالقرب من مدينة إزمير، من أسرة يونانية نبيلة، كان من نخبة المتعلمين، انتقل إلى أثينا في الأربعينيات من عمره، وله اهتمام في العلوم الطبيعية والإنسانية، ذهب أنكساغورس إلى أن الأشياء تختلف عما تبدو عليه، وله رأي في انقسام الأشياء إلى ذرات فقال إن الانقسام الحاصل لا يلغي أن الأجزاء تحمل نفس طبيعة الكل.[٣]

بناءً على ذلك أكد على أنه لا يمكن إرجاع الأشياء إلى عنصر أولي واحد، بل إنها ترجع إلى طبيعة الشيء المراد تحليله، وأخذ بالفكرة القائلة أن لا شيء يخرج من العدم، وهو مبدأ يوناني، كما أنه أقر أن طبائع الأشياء أزلية، إلا أنها لا تتحرك بذاتها، ولا بد من وجود ما يحركها.[٣]

المراجع

  1. "History of Naturalism", naturalism, Retrieved 12/2/2022. Edited.
  2. ^ أ ب "Greek Philosophy", world history, Retrieved 12/2/2022. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية، صفحة 51-60.
4716 مشاهدة
للأعلى للسفل
×