محتويات
إليك أهم المعيقات التي تواجه المرأة اجتماعيا وتمنعها من الخضوع للفحوصات المنتظمة للكشف عن سرطان الثدي مبكراً.
في شهر أكتوبر من كل عام نلاحظ انتشار اللون الوردي، وذلك كإشارة ومحاولة لتسليط الضوء على أهمية التوعية بسرطان الثدي وضرورة القيام بالفحوصات المنتظمة للكشف عنه في مراحله المبكرة لما للكشف المبكر من أهمية في فعالية العلاج ونجاحه.
لكن وبالرغم من كل الحملات التوعوية التي تقوم بها دول العالم في هذا الشهر، وجهود المؤسسات والجمعيات النسائية والمختصة في حقوق الإنسان وصحته، لا تزال أرقام الإصابة والوفيات بسرطان الثدي مرتفعة بين نساء العالم أجمع، والعربي بشكل خاص.
سرطان الثدي في أرقام
قد يتساءل العديد من الأشخاص وبالأخص النساء عن سبب ارتفاع نسب الإصابة والوفيات بسرطان الثدي في الوطن العربي، وللإجابة عن هذا السؤال يجب علينا النظر في عدة نواحي مختلفة تؤثر بدورها على تجنب قيام النساء بالفحوصات اللازمة والمنتظمة، وتتنوع هذه الجوانب بما يأتي:
- الجوانب الاجتماعية: والتي تمثل المعيقات الاجتماعية التي تواجهها النساء في هذا المجال، والتي سنتحدث عنها موسعاً خلال هذا المقال.
- الجوانب الاقتصادية: فالتكاليف الباهظة في بعض الدول للفحوصات الخاصة بسرطان الثدي، وعدم قدرة بعض النساء على تحملها.
- الجوانب الطبية: أي العلاجات الطبية المتوفرة في الدول العربية لسرطان الثدي، والقدرة على الوصول إليها.
ان تأثير هذه الجوانب على المرأة العربية، جعلتها تبتعد عن القيام بالفحوصات الخاصة والمنتظمة لسرطان الثدي وتتجاهلها، مسببة بذلك ارتفاع نسب الوفيات بهذا النوع من السرطان فيما بينهم مقارنة مع الدول الأوروبية، حيث وصلت نسبة الوفيات ما بين النساء في الدول الأوروبية لعام 2012 حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى 16.8% من مجموع الإصابات، أما بالنسبة لبعض الدول العربية فجاءت الإحصائيات كالآتي:
الدولة | نسبة الوفاة بسرطان الثدي من مجمل المصابات |
لبنان | 26.7% |
المملكة العربية السعودية | 18.8% |
اليمن | 23.8% |
مصر | 21.6% |
الإمارات العربية المتحدة | 24.2% |
نلاحظ من الجدول السابق أن نسبة الوفيات من مجمل الإصابات بسرطان الثدي عالية، وبالأخص حين مقارنتها مع الدول الأوروبية، وهذا دليل على وجود عوائق كبيرة للخضوع لفحوصات الكشف عن سرطان الثدي من قبل النساء العربيات، مما يؤدي إلى اكتشاف السرطان في مراحل متأخرة، بالرغم من أن اكتشافه في مراحله الأولى يعطي فرصا تصل إلى 100% لعلاجه والشفاء منه.
الجانب الاجتماعي بوجه التشخيص
بالرغم من وجود عدد من الجوانب التي تقف حائلًا ما بين خضوع النساء في العالم العربي لفحوصات سرطان الثدي وإصابتهن به، إلى أننا سنقوم بالتركيز على الجانب الاجتماعي الذي يلعب دورًا أساسيًا ومهمًا في دفعهن باتجاه هذه الفحوصات أو إبعادهن عنها!
ففي العالم العربي تهرب النساء عادةً من فحوصات سرطان الثدي؛ نظرًا لاعتبار منطقة الصدر خاصة جدًا ولا يجوز لأي كان الاقتراب منها أو حتى الحديث عنها، كما يعد هذا الأمر محرمًا وغير مقبول بتاتًا في بعض المناطق الريفية والقروية في الدول العربية، حتى وإن لاحظت بعض هذه النساء من خلال الفحص الذاتي للثدي ظهور كتل أو تغيير في شكل الثدي لديها إلا أنهن يتجاهلن هذا الموضوع، ليتم اكتشاف الإصابة به في مراحله المتأخرة أو الوفاة دون الكشف عن الإصابة أصلًا.
وهذا ما حاولت القيام به الدكتورة السعودية سامية العامودي بعد إصابتها بسرطان الثدي قائلة: "إن عدم قدرة النساء العربيات الحديث عن سرطان الثدي سيمنعهن من الخضوع للفحوصات المبكرة لكشف سرطان الثدي، وحملت على عاتقي بعد إصابتي به كسر الصمت حول هذا الموضوع ونشر الرسالة التي توصي بضرورة الاهتمام بصحة الثدي للنساء العربيات من أجل حفظ أرواحهن وحمايتهن". وتجدر الإشارة أن الدكتورة العامودي قامت بتأسيس مركز الشيخ محمد حسين العمودي للتميز في سرطان الثدي للمساهمة في زيادة الوعي حول سرطان الثدي.
ومما يزيد الأمر تعقيدًا، هو قلة النساء العاملات في هذا المجلات والمسؤولات عن القيام بهذه الفحوصات، فهذا الأمر جعل الكثير من النساء تمتنعن عن القيام بالفحوصات على حساب صحتهم بالطبع، مما يسلط الضوء على أهمية وجود النساء في هذا القطاع الصحي بالذات، وأثره الكبير في تقليل أعداد الوفيات بسرطان الثدي، وزيادة خضوع النساء للفحوصات بشكلها المنتظم.
إن العوائق الاجتماعية بهذا الموضوع لا تنتهي هنا، حيث أن وضع المرأة لاحتياجاتها وصحتها في أسفل قائمة أولوياتها، جعلها متجاهلة للأمور كلهم التي تحتاجها ومن ضمنها الأمور الصحية، معتبرة أن الاهتمام بزوجها وأطفالها ومنزلها هي الأولولية، متناسية أن إصابتها بأي مرض من الممكن أن يؤثر على عائلتها ومنزلها بشكل سلبي، فالاهتمام بالنفس يعد جزءًا أساسيًا وعاملًا كبيرًا في جودة الاهتمام بالعائلة.
كما تشير المعلومات والإحصائيات العالمية بأن النساء أقل اندماجًا في القطاعات الصحية، بمعنى أنهم لا يذهبون لاستشارة الطبيب في حال إصابتهم بأي مرض صحي، مما يؤدي إلى زيادة حالتهم الصحية سوءًا وقلة التوعية لديهن في أهمية الحفاظ على صحتهم أصلًا.
حملات توعوية شاملة لتبديد الخوف من السرطان
إن تخطي العوائق الاجتماعية السابقة وغيرها العديد، يعني ضرورة تكثيف الحملات بخصوص الكشف المبكر عن سرطان الثدي، بشرط أن تكون حملات شاملة، وتستطيع الوصول إلى النساء جميعها، سواء في المدن أو في المناطق النائية.
بالتالي استخدام الإعلام بالطريقة الصحيحة ساهم في الوصول إلى عدد كبير من النساء في العالم العربي وتشجيعهن للخضوع لفحوصات الكشف عن سرطان الثدي، إلا أن عددًا قليلًا من هذه الحملات استطاع أن يصل إلى النساء في المناطق النائية، أو ربات المنازل، مما يستدعي إلى التفكير وإيجاد حلول وأفكار خلاقة تصل إلى الجميع في منازلهم دون استثناء.
فتوعية النساء بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، تعني أن المصابات بإمكانهن تلقي العلاج اللازم والحصول على فرص نجاة كبيرة، فمن الملاحظ أنه يتم الكشف عن سرطان الثدي لدى النساء العربيات في مراحله المتأخرة؛ مما يبدد فرص النجاة ويقلصها، دون معرفتهن أن الكشف المبكر عن سرطان الثدي يعني العلاج والشفاء منه، وهذا ما أكدته الأبحاث العلمية المختلفة، وتكون فرص النجاة اعتمادا على مرحلة الإصابة كالتالي:
مرحلة الإصابة بسرطان الثدي | نسبة البقاء بعد 5 سنوات |
المرحلة 0 | 100% |
المرحلة 1 | 100% |
المرحلة 2 | 93% |
المرحلة 3 | 72% |
المرحلة 4 | 22% |
إن معرفة هذه النسب والتأكد منها، ونشر الوعي حول سرطان الثدي وإمكانية الشفاء منه، سيبدد الخوف من كلمة "سرطان" أو ما يسمى "هداك المرض" باعتباره غير قابل للقهر في ذهن الناس، وهنا تأتي أهمية هذه الحملات التوعوية في التأكيد للناس جميعها وبكل فئاتها بأن الكشف المبكر عن جميع أنواع السرطانات يعني الحصول على فرص نجاة وعلاج كبيرة.
إذًا من الحكمة أن تستغل هذا الشهر والخضوع لفحص الكشف عن سرطان الثدي، فصحتكن أغلى ما تملكن!