ما هي المرفوعات في اللغة العربية
تأتي الأحوال الإعرابية في النحو العربي على أربعة أحوال، هي: "الرفع، النصب، الجر، الجزم" ومن هذه الأحوال ما تخص الأسماء فقط كـ"الجر"، ومنها ما تخص الأفعال فقط كـ"الجزم"، ومنها ما تكون للأسماء والأفعال معًا كـ"الرفع والنصب"، ومن ذلك يتضح أن المرفوعات في اللغة العربية هي مجموعة من الكلمات، سواء أكانت أسماءً أم أفعالًا، تأخذ علامة الرفع الأصلية وهي الضمة الظاهرة أو المقدرة.[١]
تأخذ في حالات معينة علامات الرفع الفرعية، ويشترط في الأسماء أن تكون معربة لا مبنية؛ لأن الأسماء المبنية لا تظهر عليها حركة العلامات الإعرابية حتى وإن جاءت في محل رفع،[١] تكون الضمة مقدرة للثقل إذا كان الاسم منقوصًا أي؛ منتهيًا بياء مسبوقة بكسر مثل "القاضي يحكم بين الناس بالحق"، وتكون مقدرة للتعذر في حال كان الاسم مقصورًا أي؛ منتهيًا بألف مفتوح ما قبلها مثل: "هدى طالبة متفوقة".[٢]
وفيما يتعلق بعلامات الرفع الفرعية للمرفوعات، فهي: الواو في جمع المذكر السالم كقولنا: يصلي المسلمون كل يوم، والواو في الأسماء الستة، وهي: "أب، أخ، حم، ذو، هنو، فم"، فترفع هذه الأسماء بالواو، والألف في المثنى كقولنا: مات الشهيدان بالأمس، وبثبوت النون في الفعل المضارع، في حال كان من الأفعال الخمسة نحو: رأيت العمال يؤدون عملهم باجتهاد.[٢]
والمرفوعات تأتي على نوعين أصلٌ وملحٌق به؛ فالأصل هو الفاعل؛ وجُعل الفاعل أصلًا، لأن عامله فعل حقيقي، وعامل باقي المرفوعات ليس كذلك، والمعلوم أن الفعل الحقيقي أصل في العمل، فمن باب أولى أن يكون معموله أصل كذلك، ومن العلماء من جعل المبتدأ هو الأصل في المرفوعات كونه باقيًا على التقديم في الجملة.[٣]
المرفوعات من الأسماء
وضحنا فيما سبق أن المرفوعات تشمل الأسماء والأفعال، وفيما يأتي سرد المرفوعات من الأسماء على النحو الموضح كالآتي:
الفاعل
وهو الذي يقوم بالفعل، وحكمه الإعرابي الرفع، ويتخذ الفاعل في الجملة أشكالًا عدة؛ فقد يكون اسمًا صريحًا سواء أكان ظاهرًا أو مستترًا كقولنا: قام زيدٌ، وقد يكون مصدرًا مؤولًا كقولنا "يسرني أن تزورني" فتأويل المصدر المؤول "أن تزورني" هو قولنا "زيارتك" فيكون بذلك المصدر المؤول واقع في محل رفع فاعل.[٤]
ينبغي التنبيه أنّ الفاعل قد يُسبق بحرف جر زائد كـ"اللام، والباء، ومن" فيقوم بجر الفاعل لفظًا ورفعه محلًا أو يعرب مرفوعًا بحركة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد كقولنا: لم يبق في المكان من أحد، فهنا كلمة "أحد" سبقت بحرف جر زائد فإما أن يُعرب بحركة مقدرة أو أن نقول بأنّه مجرور لفظًا مرفوع محلًا.[٤]
نائب الفاعل
وهو المسند إليه بعد الفعل المجهول كقولنا: أُكِلتْ التفاحة، فهنا وقعت "التفاحة" نائبًا للفاعل، كذلك ويسند إلى نائب الفاعل بعد شبه الفعل المجهول كقولنا: الممدوح خُلُقه محبوب، فهنا وقعت "خلقه" نائب للفاعل بعدما سبقها اسم مفعول شبيه الفعل المجهول" الممدوح".[٥]
يتبين لنا أن نائب الفاعل يقوم مقام الفاعل ويُحذف الفاعل من الجملة لغرض من الأغراض كالعلم به فيُحذف لأننا لسنا بحاجة لذكره، أو للجهل به بمعنى أننا لا يمكننا تعينه فيُحذف في الجملة ليحل نائب الفاعل محله وغيرها من الأغراض الكثير.[٥]
المبتدأ
وهو اسم أو ما في تأويله يقع في بداية الجملة، ويحتاج إلى خبرٍ ليتمّ معناه، وليس له أي عامل لفظي كما الفاعل، إنّما العامل هو معنى الابتداء نفسه وهو عامل معنوي غير ظاهر مفهوم في الذهن، والأصل في المبتدأ أن يكون معرفة إلا أنّه قد يأتي في بعض الأحوال نكرة بشرط إذا أفادت النكرة معنى محددًا حتى يتم الأخبار عنها وتتم الفائدة.[٦]
يتخذ المبتدأ أشكالًا عدة كأن يكون اسمًا صريحًا أو ضميرًا مبنيًا في محل رفع أو مصدر مؤول في محل رفع وغيرها من الأشكال، وقد يكون للمبتدأ الواحد أكثر من خبر كقولنا: زيد قائمٌ ضاحك، فهنا يحتوي الجملة على خبرين الأول "قائم" والثاني "ضاحك".[٦]
خبر المبتدأ
وهو ما يتمم معنى المبتدأ، ويعتبر مخبر به بينما يعتبر المبتدأ مخبر عنه، ومن أحكامه وجوب رفعه، كذلك وجوب مطابقته للمبتدأ إفرادًا وتثنيةً وجمعًا وتذكيرًا وتأنيثًا، وهو على قسمين: مفرد وجملة، أما المفرد فهو ما كان غير جملة وإن كان مثنى أو مجموعًا نحو: أحمد مهذب، وقد يكون الخبر المفرد مشتقًا وقد يكون جامدًا، أما الجملة فقد يأتي الخبر جملة اسمية وقد يأتي جملة فعلية كقولنا: أحمد يكتب القصائد.[٧]
خبر إنّ وأخواتها
تدخل على الجملة الاسمية حروف ناسخة وهي "إِنَّ، أَنَّ، كَأَنَّ، لكِنَّ، لَيْتَ، لَعَلَّ، لا النافية للجنس" تنسخ عمل المبتدأ والخبر بمعنى تنصب المبتدأ ويسمها اسمها، وترفع الخبر ويسمى خبرها، ونحن بصدد تناول "خبر إنّ" باعتباره من المرفوعات.
يأتي خبر إنّ وأخواتها مفردًا كقولنا: إنّ محمدًا رجلٌ كريم، كذلك ويأتي جملة اسمية كقولنا: ليتّ الطالبَ أخلاقه نبيلة، كذلك ويأني جملة فعليك كقولنا:" لعلك تدرس جيدًا، كذلك وقد يأتي شبه جملة كقولنا: إنّ العالم في زمرة المتقين.[٨]
اسم كان وأخواتها
تعتبر كان وأخواتها "كان، أصبح، أضحى، أمسى، ظل، بات، صار، ليس، ما برح، ما انفك، ما زال، ما فتئ، ما دام" أفعالًا ناقصة تدخل على الجملة الاسمية فترفع المبتدأ تشبيهًا بالفاعل ويسمى اسمها، وتنصب الخبر تشبيهًا بالمفعول به ويسمى خبرها.[٩]
الأصل في اسم كان وأخواتها أن يلي الفعل الناقص ومثال ذلك قولنا: أصبح الرجُل صاحبَ أدب، وقد يُقدم الخبر على الاسم لغرض ما، وقد تأتي "كان" تامة وليست ناقصة وللتفريق بينها وبين الناقصة فإنّ "كان" التامة تأتي بمعنى "حصل أو وقع" والاسم الذي بعدها يُعرب فاعلًا نحو قولنا: تكون الأمطار في فصل الشتاء، فهنا "تكون" جاءت تامة وتسلتزم فاعلًا وهو "الأمطار".[٩]
التابع للمرفوع
التوابع في اللغة هي الكلمات التي لا يمسها الإعراب إلا على سبيل التبعية لغيرها فإن كان متبوعًا لرفع كان التابع مرفوعًا، وإن كان متبوعًا لنصب كان التابع منصوبًا، وإن كان متبوعًا لجرٍ كان التابع مجرورًا، وهي خمسة أنواع موضحة على النحو الآتي:[١٠]
- النعت
وهو تابع مشتق مباين للفظ متبوعه، ومن الأمثلة على النعت المرفوع قولنا: أحمد طالب نشيط؛ فكلمة نشيط نعت للمتبوع "طالب" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- التوكيد
وهو تابع يذكر تقريرًا لمتبوعه لرفع احتمال التجوز أو السهو وهو على نوعين: التوكيد اللفظي كقولنا: الحرية الحرية أغلى المطالب، فكلمة الحرية "الثانية" توكيد لفظي مرفوع، أمّا النوع الثاني فهو التوكيد المعنوي ومنه قولنا: جاء زيدٌ نفسُه، فكلمة "نفسه" توكيد معنوي مرفوع.
- عطف البيان
وهو تابع موضِّح جامد غير مؤول ومثال ذلك قولنا: هذا خاتمٌ حديد.
- البدل
وهو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة بينه وبين المبدل عنه، كما ويمكن أن يحل محل المبدل عنه، ومثال ذلك قولنا: أعجبني زيدٌ أخلاقه، فكلمة "أخلاقه" بدل مرفوع.
المرفوعات من الأفعال
المعلوم أن الأفعال في اللغة تنقسم إلى أفعال ماضية وأفعال مضارعة وأفعال أمر، أما الأفعال الماضية والأمر فهي أفعال مبنية لا تدخل في دائرة المرفوعات، بينما الأفعال المضارعة هي أفعال معربة دائمًا إلا في حالتين الأولى: إذا اتصل بالفعل نون النسوة فإنه يُبنى على السكون، الثانية: إذا اتصل بنه نون التوكيد الخفيفة أو الثقيلة فإنه يُبنى على الفتح.[١١]
يرى علماء النحو أنّ الفعل المضارع ليس بأصلٍ في الإعراب إنّما هو محمول على الاسم "باعتبار الأسماء الأصل في الإعراب دون الأفعال والحروف" لمضارعته للاسم أي لمشابهته للاسم.[١١]
أمثلة على المرفوعات
فيما يأتي مجموعة من الأمثلة المتنوعة والمختلفة على المرفوعات في اللغة العربية:
- قال الله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ}[١٢]
رسول: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}[١٣]
المؤمنون: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم.
- قال الله تعالى: {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا}[١٤]
الأرض: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- قال الله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[١٥]
الإنسان: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- قال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[١٦]
غفور: خبر إنّ الأول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. رحيم: خبر إنّ الثاني مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- قال أبو تمام: خَرقاءُ يَلعَبُ بِالعُقولِ حَبابُها ** كَتَلَعُّبِ الأَفعالِ بِالأَسماءِ[١٧]
خرقاء: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- قال أبو المعالي الطالوي: أَسَدٌ عَليّ وَفي الحُروبِ نَعامَةٌ ** فَتخاءُ تَنفر مِن صَفير الصافِرِ[١٨]
أسد: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والمبتدأ محذوف تقديره هو أو أنت. نعامة: خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والمبتدأ محذوف تقديره هو أو أنت.
- قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: لَيسَ الجَمالُ بِأَثوابٍ تُزَيِّنُنا ** إِنَّ الجَمالَ جَمالُ العَقلِ وَالأَدَبِ[١٩]
الجمال: اسم ليس مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. جمال: خبر إنّ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- قال الفرزدق: هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ ** وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ[٢٠]
البطحاء: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. يعرفه: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والهاء ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.
- قال المتنبي: لَولا العُقولُ لَكانَ أَدنى ضَيغَمٍ ** أَدنى إِلى شَرَفٍ مِنَ الإِنسانِ[٢١]
العقول: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وخبر المبتدأ محذوف تقديره موجود. أَدنى: اسم كان مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر.
- جاء الطالب النشيط مبكرًا.
النشيط: نعت للموصوف "الطالب" مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- رجع السيّاح كلهم.
السياح: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره. كلهم: توكيد معنوي مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- يسعى المؤمن لفعل الخير.
يسعى: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره للتعذر. المؤمن: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
- المسلمون يؤدون الصلاة في المساجد.
المسلمون: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره لأنه جمع مذكر سالم. يؤدون: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
تدريبات على المرفوعات
فيما يأتي مجموعة من التدريبات والتمارين على المرفوعات حتى تترسخ المعلومات في الأذهان:
صوب الخطأ
- أصبح المعلمين نشيطين.
- زارَ العمَ أخاه.
- قُتل البطلَ في ساحة المعركة.
- هذه فتاةٌ بريئةً.
- لعل النصُر قريبًا.
اضبط الكلمات التي تحتها خط
- كان أحمد يؤدي الصلاة المفروضة في المسجد.
- ليت العامل يعمل بإخلاص واجتهاد.
- أُسِر الجندي أثناء قتاله مع الأعداء.
- الشاب الناجح يخطط ليومه قبل بدايته.
- أعجبني أحمد تفوقه.
املأ الفراغ بالكلمة المناسبة
- ما زالت..... تدرس بجد. (اسم مازالت).
- راقني البيتُ..... (بدل مرفوع).
- هذا رجل..... (نعت).
- سُكن..... بالأمس (نائب فاعل).
- ..... المؤمن لفعل الحسنات (فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة).
المراجع
- ^ أ ب باسم موسى الخوالدة، حمزة محمود الخوالدة، القواعد والتطبيق النحوي، صفحة 41. بتصرّف.
- ^ أ ب باسم موسى الخوالدة، حمزة محمود الخوالدة، القواعد والتطبيق النحوي، صفحة 42_47. بتصرّف.
- ↑ الزمخشري، شرح الأنموذج في النحو، صفحة 26. بتصرّف.
- ^ أ ب عبده الراجحي، التطبيق النحوي، صفحة 173. بتصرّف.
- ^ أ ب مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، صفحة 246. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن حمدون، حاشية ابن حمدون على شرح المكودي لألفية ابن مالك، صفحة 203. بتصرّف.
- ↑ مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، صفحة 254. بتصرّف.
- ↑ مصطفى الغلاييني، جامع الدروس العربية، صفحة 298. بتصرّف.
- ^ أ ب محمود حسين مغالسة، النحو الشافي، صفحة 192. بتصرّف.
- ↑ كاملة الكواري، الوسيط في النحو، صفحة 447. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو البركات الأنباري، أسرار العربية، صفحة 24_26. بتصرّف.
- ↑ سورة التوبة، آية:128
- ↑ سورة المؤمنون، آية:1
- ↑ سورة الزلزلة، آية:1
- ↑ سورة النساء، آية:28
- ↑ سورة المزمل، آية:20
- ↑ "قدك اتئب أربيت في الغلواء"، الديوان موسوعة الشعر العربي.
- ↑ "قسما بصبح جبين بدر باهر"، الديوان موسوعة الشعر العربي.
- ↑ " ليس البلية في أيامنا عجبا"، الديوان موسوعة الشعر العربي.
- ↑ "هذا الذي تعرف البطحاء وطأته"، الديوان موسوعة الشعر العربي.
- ↑ "الرأي قبل شجاعة الشجعان"، الديوان موسوعة الشعر العربي.