المنهج البنيوي وخصائصه

كتابة:
المنهج البنيوي وخصائصه


مفهوم المنهج البنيوي

البنيويّة لغةً من بَنى يبني بناءً، أيّ صورة أو هيئة البناء، والعناصر التي أدت إلى تكوينه،[١] والبنيوية اصطلاحًا هو منهج نقدي، يعتمد على قراءة النص وفق مبادئ وأسس مضبوطة، إذ ينظر هذا المنهج إلى النص على أنّه بنية لها قواعدها التي تُنظم عناصر الخاصة على نسق واحد، وتستقل دلالتها عن الخارج، فالمفاهيم والأفكار والدلالات تُستخرج من خلال قراءة النص.[٢]


خصائص المنهج البنيوي

اتسم المنهج البنيوي بعدة خصائص ميزته عن باقي المناهج الحديثة في النقد الأدبي، وهذه الخصائص تتمثل فيما يأتي:


الكلية أو الشمولية

تعني خضوع العناصر التي تُشكّل البنية لقوانين تُميّز المجموعة كمجموعة، أو الكل ككلّ واحد، وهذه الخاصية انطلقت منها البنيوية في نقدها للأدب من المُسَلَّمة القائلة إنّ البنية تكتفي بذاتها، ولا يتطلب إدراكها اللجوء إلى عناصر غريبة عنها وعن طبيعتها.[٣]


إنّ العمل الأدبي إذًا يخضع لعدة قواعد وقوانين تطبع هذه العناصر بصفات تختص بها عن غيرها، أيّ أنّ البنيوية تُضيف طابعًا من التركيبة على العمل الأدبي، مثل: خاصية شمولية البنية وكليتها التي لا تسمح بالاكتفاء بأجزاء منها عند الدراسة، ولا تسمح بإدخال ما ليس منها؛ لأنّ ذلك يُؤدي إلى تغيير في البنية.[٣]

التحوّل

يعني أنّ هناك قانونًا داخليًّا يقوم بالتغيرات داخل البنية التي لا تبقى في حالة ثابتة، فهي دائمة التغير، فكلّ عنصر من عناصر المنهج يتضمن جزءًا من البناء الداخلي للعمل الأدبي وله دور في البناء الهيكلي للعمل، وهو ما يُعطي النص عملية التجدد لكون النّص الخاضع للتحولات الداخلية حاملًا لأفكار في داخله ومنتجًا لأفكار جديدة إذا ما دخلت على البنية التحوّلات.[٣]

الانتظام الذاتي

أي أنّ البنية تستطيع تنظيم ذاتها بذاتها لتُحافظ على وحدتها واستمراريتها، فكما يقول بياجي إنّ أيّ بنية باستطاعتها ضبط نفسها ضبطًا ذاتيًّا يُؤدي للحفاظ عليها، ويضمن لها نوعًا من الانغلاق الإيجابي، وهو ما يجعل البنية تحكم الذاتية بمكوناتها، بحيث لا تحتاج إلى شيء آخر يلجأ المُتلقي ليستعين به على فهمها ودراستها وتذوقها.[٣]


مبادئ المنهج البنيوي

لقد قام المنهج البنيوي على مبادئ عديدة، من أبرزها ما يأتي:

  • "الأدب نصّ مادّيّ تام منغلق على نفسه"
حيث تتمّ دراسة الأعمال الأدبية في ذاتها، بغض النظر عن العوامل والظروف المحيطة بها، فالنص الأدبي قائم على كلماته وجمله، مُنغلق في وجه التأويلات كلها التي تُعطيه أبعادًا تاريخية واجتماعية ونفسية.[٤]
  • "اللغة هي التي تتكلم، وليس المؤلف"

هذا المبدأ نادى به رولان بارت في مقالته (موت المؤلف) من كتابه (نقد وحقيقة)، حيثُ يُلغي شخصية الكاتب في النص؛ ليتولّد المعنى بعيدًا عن الظروف الخارجية، فيبقى الدور على القارئ في فهم سياقات النصوص والوصول إلى دلالاتها.[٥]

مستويات المنهج البنيوي

يقوم المنهج البنيوي في تحليله النصوص الأدبية على مستويات مُتعددة، يُمكن تقسيمها على النحو الآتي:[٦]

  • المستوى الصوتي

يقوم هذا المستوى على دراسة الحروف (أصوات اللغة) وتكويناتها ورمزيتها وموسيقتها من تنغيم، ونبر، وإيقاع.

  • المستوى النحوي

يقوم هذا المستوى على دراسة تنظيم الكلمات وتركيب الجمل وتأليفها وخصائصها الدلالية والجمالية.

  • المستوى الصرفي

يقوم هذا المستوى على دراسة الكلمات والبُنى اللفظية لها، ووظيفتها في التكوين اللغوي.

  • المستوى الدلالي

يقوم هذا المستوى على دراسة وتحليل المعاني المباشرة وغير المباشرة، والصور المتصلة بالأنظمة الخارجة عن حدود اللغة، المرتبطة بالعلوم النفسية والاجتماعية والتاريخية.

  • المستوى الرمزي

يقوم هذا المستوى على دراسة رمزية اللفظ، واستنتاج وتركيب ما تقوم به المستويات السابقة من دور في المعنى الجديد، وإنتاج مدلولات أدبية جديدة.

أنواع المنهج البنيوي

اعتمد المنهج البنيوي طرقًا منهجية في نقد النص الأدبي، منها ما يأتي:[٧]

  • المنهج الشكلاني

يقوم هذا المنهج على الاعتناء بالشكل أكثر من المضمون، فهو لا يُعنى بالظروف والعوامل الخارجية، ولا يُسقطها على النص عند تحليله، حيث يدعو هذا المنهج للاكتفاء بالنصوص في تحليلها، ويُؤمن أنصاره بذاتية القارئ في فهم النصوص واستنتاج دلالاتها.

  • المنهج التكويني

يقوم هذا المنهج على تحليل النصوص الأدبية من منظور اجتماعي وآلي، أيّ لا ينظر للنص بانعزالية تامّة عن الواقع الذي أنتج فيه، بل يرى أنّ الأدب تعبير عن الواقع، فقد حاول هذا المنهج الدمج بين الشكل والمضمون، وبذلك يُمكن للدال الواحد إنتاج مدلولات مُختلفة باختلاف المُتَلقّين، لكنها مع ذلك تتفق مع ضرورة إهمال المؤلف.

المراجع

  1. "تعريف و معنى بنى في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 22/2/2023. بتصرّف.
  2. صلاح فضل، النثر العربي الحديث: أشكال نثرية ومناهج نقدية، صفحة 1. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ث عبد الله خضر حمد، مناهج النقد الأدبي الحديث، صفحة 107-108. بتصرّف.
  4. عبد الله خضر حمد، مناهج النقد الأدبي الحديث، صفحة 105-111. بتصرّف.
  5. فاطمة البريكي، قضية التلقي في النقد العربي القديم، صفحة 29. بتصرّف.
  6. بشير تاوريريت ، نظرية التحليل البنيوي للنص الشعري في كتابات النقاد العرب المعاصرين، صفحة 121. بتصرّف.
  7. عبد الله خضر حمد، مناهج النقد الأدبي الحديث، صفحة 144. بتصرّف.
7650 مشاهدة
للأعلى للسفل
×