المواقيت الزمانية للحج

كتابة:

المواقيت الزمانية للحج

يقصد بمواقيت الحج الزمانية الأوقات التي لا يجوز شيء من أعمال مناسك الحج إلا فيها، وقد ذهب أهل العلم في تحديدها إلى رأيين، وبيانهما فيما يأتي:[١]

  • الرأي الأول: جمهور الفقهاء

يرى جمهور الفقهاء أنّ المواقيت الزّمانية للحجّ تبدأ من بداية شهر شوال مروراً بشهر ذي القعدة وانتهاءً باليوم العاشر من شهر ذي الحجة، واستدلوا بأنّ اليوم العاشر محلٌّ لطواف الإفاضة، وبه يتمكّن الحاجّ من التّحلل.[٢]

  • الرأي الثاني: الإمام مالك

يرى الإمام مالك أنّ المواقيت الزّمانية للحجّ تشمل شهر شوال وشهر ذي القعدة وشهر ذي الحجّة كاملاً، يشمل شهر ذي الحجة كاملاً، ودليل ذلك قوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)،[٣]

ووجه الدّلالة المستنبطة من الآية الكريمة عند المالكية أنّ الجمع الوارد في قوله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)،[٣] يدلّ على شمول الأشهر الثلاثة جميعها في ميقات الحجّ الزّماني؛ لأنّ أقلّ الجمع في لغة العرب ثلاثة.[٤]

وعلى الرّغم من أنّ المالكية قالوا إنّ الوقت الأكمل لإحرام الحاج يكون ابتداءً من أوّل شوال، ويمتدّ إلى مقدار ما يمكنه الوقوف بعرفة ليلة العشر من ذي الحجّة، فيصح الإحرام بالحجّ قبله مع الكراهة، إلا أنّهم ذهبوا إلى أنّ آخر وقت الحجّ يمتد إلى نهاية شهر ذي الحجة باعتبار تمام نسك الحجّ لا باعتبار وقت الإحرام.[٤]

حكم إحرام الحاج قبل دخول أشهر الحج

بحث فقهاء المذاهب الأربعة المعتبرة مسألة إحرام الحاج قبل دخول أشهر الحج، وخلاصة ما ذهبوا إليه فيما يأتي:[١]

  • رأي الجمهور

ذهب أئمة أهل الفقه أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى أنّ الإحرام بالحج قبل بداية ميقاته الزّماني مكروه، ولكنّه ينعقد إحراماً صحيحاً، ووجه الكراهة أنّه أحرم بالحج قبل ميقاته، أمّا من فعله يظلّ على إحرامه إلى وقت الحجّ، واستندوا في ذلك لقول الله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ).[٥]

  • رأي الشافعي

ذهب الإمام الشافعي إلى أنّه لا يصح الإحرام للحج قبل بداية أوّل ميقاته الزّماني، ولو أنّ أحدهم أحرم بالحجّ قبل وقته انعقد إحرامه عمرةً، واستندوا إلى دلالة قوله -عزّ وجلّ-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ...).[٣]

أوقات بعض أعمال الحج

لا يخفى أنّ من شروط صحة أداء مناسك الحج أن يباشر الحاج أعمال النّسك في أوقات خاصّة، فإذا أدّاها في وقت غير وقتها المشروع بطل حجّه على تفصيل بين المذاهب، وفي بيان هذا الوقت تعدّدت آراء أهل العلم، وخلاصة ما ذهبوا إليه على النّحو الآتي:[٦]

  • مذهب الحنفية

الوقت الذي يعدُّ شرطاً لصحة الحجّ عند الحنفية هو وقت طواف الإفاضة، ووقت الوقوف، ووقت الوقوف يكون من زوال شمس يوم عرفة امتداداً إلى طلوع فجر العاشر من شهر ذي الحجّة -يوم النحر-، وأمّا طواف الإفاضة فوقته من فجر يوم النّحر ويمتدّ آخر العمر، بمعنى أنّه يصحّ الطّواف في أيّ وقت بعد الوقوف بعرفة.

وأما الوقت الذي لا يجوز القيام بشيء من أفعال الحج قبله، فهو شوال، وذو القعدة وعشر ذي الحجة، بمعنى أنّ الحاجّ لو طاف أو سعى قبل ذلك ميقات الحجّ الزمني، فلا يصح، إلا أنّه يستثنى من ذلك الإحرام، فإنه يصحّ قبل أشهر الحجّ من الكراهة.

  • مذهب المالكية

الوقت الذي يعدُّ شرطاً لصحة الحجّ عند المالكية منه ما يبطل الحج بفواته، ومنه ما لا يبطل الحج بفواته، وهو أنواع: وقت الإحرام بالحج، وهو من أول شوال إلى قرب طلوع فجر يوم النحر بحيث يبقى على الفجر زمن يمكن خلاله للحاجّ الإحرام والوقوف بعرفة.

أمّا وقت الوقوف بعرفة عند المالكية فهو من غروب شمس يوم عرفة إلى طلوع فجر العيد، وعدّوا الوقوف لحظةً من الوقت بين زوال شمس يوم عرفة وغروبها واجباً؛ بمعنى أنّه يلزم الهدي بتركه، ووقت طواف الإفاضة يكون من يوم العاشر من ذي الحجّة إلى آخر شهر ذي الحجة، وإنْ أخّره عن ذلك لزمه دم؛ وصحّ عنه، ولا يصحّ أداؤه قبل يوم العيد.

  • مذهب الشافعية

الوقت الذي يعدُّ شرطاً لصحة مناسك الحج عند الشافعية يبدأ من أوّل يوم من شهر شوال، ويمتدّ إلى طلوع فجر يوم عيد النحر؛ وهو شرط الإحرام بالحج، أمّا لو أحرم بالحجّ قبل هذا الميقات الزّمني أو بعده، فلا يصحّ منه حجّاً، وإنّما ينعقد عمرة، وللوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسّعي بين الصفا والمروة وغير ذلك من أعمال مناسك الحج أوقات مخصوصة لكلٍّ منها.

  • مذهب الحنابلة

الوقت الذي يعدُّ شرطاً لصحة مناسك الحج عند الحنابلة وقت الإحرام، ووقت الوقوف بعرفة ووقت طواف الإفاضة، ووقت بقية أعمال الحج؛ كالسعي بين الصفا والمروة، أما وقت الإحرام، فيكون منْ بداية شهر شوال إلى قرب طلوع فجر يوم العاشر من شهر ذي الحجّة -يوم النّحر-.

واشترطوا أنْ يبقى على طلوع الفجر وقت يمكن فيه للحاجّ الإحرام والوقوف، والإحرام في هذا الوقت مسنون، أمّا إنْ أحرم قبله، فيصح مع الكراهة، وأما وقت الوقوف بعرفة وغيره من بقية الأعمال فلها أوقات مخصوصة.

المراجع

  1. ^ أ ب عبد الله الطيار (2012)، الفقه الميسر (الطبعة 2)، الرياض:مدار الوطن، صفحة 23-24، جزء 4. بتصرّف.
  2. فريق الموقع، "التحلل الأصغر والأكبر"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2023. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت سورة البقرة، آية:197
  4. ^ أ ب أبو بكر الكشناوي، أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك (الطبعة 2)، بيروت:دار الفكر، صفحة 450، جزء 1. بتصرّف.
  5. سورة البقرة، آية:189
  6. عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة 2)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 576-577، جزء 1. بتصرّف.
4456 مشاهدة
للأعلى للسفل
×