محتويات
كيف تتكون الموجة الكهرومغناطيسية؟
يبدأ تكوين الموجة الكهرومغناطيسيّة من جسيم مشحون متذبذب، وعندما تتسارع حركته التذبذبيّة يعمل هذا الجسيم على خلق مجالات كهربائيّة وكهرومغناطيسيّة، بحيث تكون هذه المجالات مستمرة ذاتيًا، وفي المجالين الكهربائيّ والمغناطيسيّ المذكوريْن ينتج موجات متحركة تتأرجح في مستويات متعامدة، فيتنج عن هذه الحركة طاقة وهيَ ما يعرف بالموجة الكهرومغناطيسيّة، ويمكن تعريف الموجة الكهرومغناطيسيّة بأنّها موجة عرضيّة ذاتيّة الانتشار،[١] تنتشر في الفراغ بسرعة الضوء، ويُطلق على الحزم من الموجات الكهرومغناطيسية اسم الفوتونات، والتي تتأثّر بقوّة الجاذبيّة الأرضيّة.[٢]
وقد اكتشفت الموجات الكهرومغناطيسية في القرن التاسع عشر على يد العالم الاسكتلنديّ كلارك ماكسويل، والذي لاحظَ بأنّ الحقول الكهربائيّة والمغناطيسيّة تتحد معاً لتكوّن الموجات الكهرومغناطيسيّة، وقد وضعَ مجموعة من المعادلات التي تصف العلاقة بينَ هذين الحقلين فيما يعرف بمعادلات ماكسويل.[٣]
كيف تعمل الموجة الكهرومغناطيسية؟
يقوم مبدأ عمل الموجات الكهرومغناطيسيّة على نقل الطاقة إلى نظام ما بعيداً عن مصدرها، وهذه الطاقة كانت قد تكوّنت من المجاليْن الكهربائيّ والمغناطيسيّ فيها، بالإضافة إلى الطاقة الموجودة في الموجات الكهرومغناطيسية ذاتها أساساً، وكلّما ازدادت قوّة المجال الكهربائيّ والمغناطيسيّ فإنّ الطاقة التي تمتلكها الموجة ستكون أكبر،[٤] وتسمى هذه الطاقة التي تسافر عبرَ الزمان والمكان بالطاقة المشعة، ويتم نقل طاقة هذه الموجات للأجسام الأخرى من خلال التصادم، إذ تتلامس الموجات مع الأجسام فتزداد حركة جزيئاتها، وبالتالي فإنّ الطاقة تنتقل إليها.[٥]
سلوك الموجة الكهرومغناطيسية
تعمل الموجة الكهرومغناطيسيّة أو الأشعة الكهرومغناطيسية ضمن نمط سلوكي معين، وفيما يأتي بعض سلوكيّات هذه الموجات:[٦]
- التشتت والانعكاس والانكسار: فالموجة قادرة على تغيير مسار جسيم مشحون إذا تفاعلَ معها، سواء أكانَ هذا الجسيم مادة صلبة أو سائلة أو غيرها، إذ تعمل على تغيير حركته ضمن مسار ترددها، فيصبح هذا الجسيم مصدراً للإشعاع الكهرومغناطيسيّ، وتسمّى هذه العمليّة بالتشتت، وترتبط بعمليّة التشتت انعكاس الإشعاع الثانوي المنبعث من سطح الجسيم بزاوية معيّنة، وانكسار جزء من هذا الإشعاع داخل الجسيم.
- التراكب والتداخل: يحدث التراكب عندما تصطدم موجتانِ لهما نفس التردد، فينتج عنهما مجالاً كهرومغناطيسيّاً مساوياً لمجموع شدة الموجتين، ويصبح الاتجاه نحوَ الموجة الأكثر شدّة، وفي حال كانت الموجتين في نفس الاتجاه فيكون مجموع شدتيهما مساوياً لأربعة أضعاف شدّة كلتا الموجتين المتراكبتين.
- الانتشار والتماسك: والذي يصف طبيعة انتشار الموجة ذاتيّاً حتى عندما يتوقف المصدر الذي ينتج الموجات الكهرومغناطيسيّة، ويطلق على طول الفترة التي تستمرّ فيها الموجة بالانتشار اسم "وقت التماسك".
خصائص الموجات الكهرومغناطيسية
تمتلك الطاقة الكهرومغناطيسيّة مجموعة خصائص رئيسيّة يمكن من خلالها وصف الموجات التي تنتج عنها، وهذه الخصائص هيَ:
- التردد: يقصد بتردد الموجة؛ عدد القمم التي تصل إليها الموجة خلال الثانية الواحدة، ويقاس التردد بوحدة الهيرتز، فإذا مرّت موجة بقمتين خلال الثانية الواحدة فذلك يعني أنّها تمتلك تردد يعادل 2 هيرتز.[٣]
- الطول الموجيّ: وهو المسافة بينَ القمم المتتالية للموجة، ويرمز له بالرمز "λ"،[٧]حيثُ لا يتجاوز أقصر طول موجيّ لها أجزاءً من حجم الذرة، أمّا أطول طول موجيّ فقد يكون أكبر من قطر الكوكب.[٣]
- السعة: وهيَ مقدار المسافة التي تصل ما بين منتصف قمّة الموجة وأقصى إزاحة رأسيّة لها، وتصف هذه الخاصيّة سطوع الموجة أو شدّتها.[٧]
- الطاقة: وهيَ الخاصيّة التي تنتج عن ترابط الخصائص السابقة معاً بعلاقات طرديّة أو عكسيّة،[٧] وتقاس بوحدة الإلكترون فوتون،[٣] فالعلاقة بينَ الطاقة والتردد والسعة الخاصّة بالموجة هي علاقة طرديّة، في حين أنّ العلاقة بينَ الطاقة والطول الموجيّ علاقة عكسيّة، فكلّما قلّ الطول الموجيّ فإنّ تردد الموجة سيزداد وبالتالي فإنّ الطاقة الناتجة عن الموجة ستزداد.[٧]
- الفترة الزمنيّة: وهو مقدار الوقت الإجماليّ الذي تحتاجه الموجة لتقطع طولًا موجيًّا واحدًا.[٧]
- سرعة الموجة: وهيَ مقدار ثابت، حيثُ تبيّنَ أنّ سرعة الموجة في الفراغ يعادل (8)^10×2.99 م/ث.[٧]
- الزخم: وهوَ مقدار كتلة الموجة في سرعتها، وبالرغم من أنّ الموجات الكهرومغناطيسيّة عبارة عن فوتونات عديمة الكتلة، فقد تمكن العالم ألبرت آينشتاين من إثبات أنّ الضوء قد يعمل كجسميات في بعض الظروف.[١]
- الاستقطاب: تصف هذه الخاصيّة حجم واتجاه المجال الكهربائيّ للموجة، ويتخذ عدّة أنواع كالاستقطاب الخطيّ، والدائريّ، والبيضاويّ.[٨]
أنواع الموجات الكهرومغناطيسية
ينقسم الطيف الكهرومغناطيسيّ إلى مجموعة منوّعة من الموجات، والتي تتميّز عن بعضها البعض باختلاف طولها الموجيّ، والطاقة التي تمتلكها، وفيما يأتي توضيح لهذه الموجات مرتبة من الأقصر في طولها الموجيّ والأكثر طاقة إلى الأطول والأقلّ طاقة:
- أشعة جاما: وهيَ الموجة الكهرومغناطيسيّة التي تمتلك أقصر طول موجيّ، حيث يصل طولها الموجيّ إلى أقلّ من 0.01 نانومتر، وتمتلك هذه الأشعة أكبر قدر من الطاقة الكهرومغناطيسيّة، حيثُ تنتج أكثر الأجسام سخونة في الكون، فهيَ المسؤولة عن إنتاج النجوم النيوترونيّة، والنجوم النابضة، وانفجارات السوبرنوفا؛ وهو حدث فلكي يتعلق بمراحل تطور النجوم، ويمكن إنتاجها من خلال الانفجارات النووية، وبالتالي فإنّ هذه الموجات تعدّ ضارّة للإنسان، لذلك يقوم الغلاف الجويّ بحجب غالبيّة الأشعة المتولّدة في الفضاء.[٩]
- الأشعة السينيّة: وتعرف بالرمز X-ray ، وهيَ موجة كهرومغناطيسيّة يترواح طولها الموجيّ بينَ (0.01-10) نانومتر، ومصدرها الأساسيّ هو غاز عالي التسخين الذي يصدر من النجوم المتفجرة وأشباه النجوم.[٩]
- الأشعة فوق البنفسجيّة: تتراوح الأطوال الموجيّة لهذه الأشعة مابين (1-380) نانومتر، ويعدّ المصدر الأساسيّ لها هوَ الشمس، وهيَ أشعة غير مرئيّة إلّا أنّ بعض الحشرات تستطيع رؤيتها مثل النحل الطنان،[٩] وتنقسم الأشعة فوق البنفسجيّة إلى 3 أنواع هيَ:[١٠]
- الأشعة فوق النفسجيّة الطويلة: وتتراوح أطوالها الموجيّة مابين (315-400) نانومتر، ويطلق عليها اسم الضوء الأسود.
- الأشعة فوق البنفسجيّة المتوسطة: وتتراوح أطوالها الموجيّة مابين (280-315) نانومتر، وهيَ التي تمتلك تأثيراً على الكائنات الحيّة، وتسبب الضربة الشمسيّة لها.
- الأشعة فوق البنفسجيّة القصيرة: وتتراوح أطوالها الموجيّة مابين (180-280) نانومتر، وهيَ الأكثر ضرراً ولكنّها لا تصل إلى سطح الأرض، إذ يمتصّها الغلاف الجويّ بشكلٍ كامل.
- الضوء المرئيّ: يبلغ الطول الموجيّ للضوء المرئيّ مابين (400-750) نانومتر، وهيَ الأشعة التي تتمكن عين الإنسان المجردة من رؤيتها، وتعدّ الشمس مصدراً لهذه الأشعة، ويتضمن الضوء المرئيّ ضمن أطواله الموجيّة مجموعة من الألوان، وهيَ مجتمعةً تمثّل الضوء الأبيض، حيثُ يمتلك كلّ لون طولاً موجيّاً معيّناً، وهيَ كما يلي:[٩]
اللون | الطول الموجي (نانومتر) |
بنفسجي | 380-450 |
أزرق | 450-495 |
أخضر | 495-570 |
أصفر | 570-595 |
برتقالي | 595-620 |
أحمر | 620-750 |
- الأشعة تحت الحمراء: تتراوح أطوالها الموجيّة مابين (750-10000) نانومتر، وتنقسم إلى 3 أنواع: الأشعة تحت الحمراء القريبة بأطوال موجيّة مابين 0.7-1.3 ميكرومتر، والأشعة تحت الحمراء القصيرة والتي تمتد أطوالها مابين 1.3-3 ميكرومتر، والأشعة تحت الحمراء البعيدة أو الحراريّة بأطوال موجيّة مابين (3-100) ميكرومتر.[٩]
- موجات الميكروويف: تترواح أطوالها الموجيّة مابين (1مم-1م)، وهذه الموجات الدقيقة في الأساس موجات راديو عالية التردد.[٩]
- موجات الراديو: وهيَ أطول الموجات الكهرومغناطيسّة، حيثُ تتراوح أطوالها مابين 1مم وتصل إلى عدّة مئات من الأمتار.[٩]
استخدامات الموجات الكهرومغناطيسية
ما فائدة الموجات الكهرومغناطيسيّة في حياة الإنسان؟ استفادَ العلماء من خصائص الموجات بكافّة أنواعها في تصنيع العديد من الاختراعاتِ التي ساعدت وسهلت العديد من الأمور في الحياة، ومن هذه الاستخدامات:
- الاستخدامات المنزليّة: استطاعَ العلماء استغلالِ بعضِ أنواع الموجات الكهرومغناطيسيّة في اختراعِ الأجهزة المنزليّة، مثل: الأفران التي تُسخّن الطعام فيما يعرف بأفران الميكرويف، والمصابيح المتوهجة التي توفّر طاقة الإضاءة الصناعيّة، وأجهزة التلفزيون، والراديو، والهاتف التي تتلقى الموجات الكهرومغناطيسيّة التي يتمّ بثها بواسطة محطات البثّ، والسخانات الشمسيّة التي تعمل على تسخين المياه فيها عن طريق الأشعة فوق الحمراء.[٦]
- الاستخدامات الحياتيّة: تدخل الموجات الكهرومغناطيسيّة في العديد من الاستخدامات التي تخدم البشريّة مثل الرادارات التي تعمل على توجيه حركة الطائرات والسفن، كما استخدمت الأشعة فوق البنفسجيّة في اللافتات الإعلانيّة المتوهجة، في حين تستخدم الأشعة تحت الحمراء في عمل الكاميرات التلقائيّة ذاتيّة التركيز، التي تضبط مكان الجسم المراد تصويره بصورة دقيقة، وفي أجهزة الإنذار الأمنيّ، والرؤية الليلية،[٦] واستخدمت الأشعة السينيّة لفحص البضائع والأمتعة دونَ فتحها.[٩]
- الاستخدامات الطبيّة: يستخدم الأطباء الأشعة السينيّة في التصوير الطبيّ المقطعيّ اللازم لمراقبة الأجزاء الداخليّة لجسم الإنسان، وفي طبّ الأسنان، كما تستخدم أشعة جاما لتعقيم الأدوات الطبيّة.[٦]
- الاستخدامات العلميّة: استفادَ العلم من موجات الميكرويف في الدراسات المتعلّقة بالأرض والفضاء، والاتصال بالأقمار الصناعيّة، بالإضافة لاستخدامها في التنبؤ بالطقس؛[٦] وذلكَ لامتلاكها القدرة على اختراق الضباب، والأمطار، والسحب، والدخان، كما استخدمت الأشعة تحت الحمراء لمعرفة تكوين التربة، ومحتوى رطوبتها.[٩]
- الاستخدامات العسكريّة: صنّعَ بواسطة أشعة جاما أنواعاً من الأسلحة النوويّة.[٦]
الخلاصة
تعرف الموجات الكهرومغناطيسية بأنها الموجات الناتجة عن حركة جسيم مشحون، ويتميز سلوك الموجات الكهرومغناطيسية بالتشتت والانعكاس والانكسار، بالإضافة إلى التراكب والتداخل، ويعد كل من؛ التردد والطول الموجي والطاقة والسعة والزخم والاستقطاب من أبرز خصائصها، ويوجد العديد من الأنواع للموجات الكهرومغناطيسية أبرزها؛ الأشعة السينية، والأشعة تحت الحمراء، والأشعة فوق البنفسجية، وأشعة جاما، بالإضافة إلى الضوء المرئي، وموجات الراديو والميكرويف، وقد استخدمت الموجات الكهرومغناطيسية في العديد من المجالات والتي حققت فائدة كبيرة للإنسان؛ فقد استخدمت في المجالات العلمية والطبية والعسكرية وغيرها العديد.
المراجع
- ^ أ ب "Electromagnetic Waves and their Properties", Lumen Learning, Retrieved 15/6/2021. Edited.
- ↑ Anne Marie Helmenstine. (30/1/2020), "Electromagnetic Radiation Definition", Thought Co, Retrieved 15/6/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث "Anatomy of an Electromagnetic Wave"، Nasa Science، اطّلع عليه بتاريخ 15/6/2021. Edited.
- ↑ "Energy Carried by Electromagnetic Waves", Press Book, Retrieved 15/6/2021. Edited.
- ↑ John Simmons, "What is Radiant Energy? - Definition & Examples", Study, Retrieved 15/6/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح Melba Phillips (20/7/1998)، "Electromagnetic radiation"، Britannica، اطّلع عليه بتاريخ 15/6/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح "Electromagnetic Radiation", Byju's Classes, Retrieved 15/6/2021. Edited.
- ↑ "Polarization of Waves", Engineering Library, 21/10/2020, Retrieved 15/6/2021. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "Electromagnetic Spectrum", Humboldt State University, Retrieved 15/6/2021. Edited.
- ↑ William L. Hosch (18-5-2008), "ultraviolet radiation", Britannica, Retrieved 15/6/2021. Edited.