محتويات
النابغة الجعدي
هو شاعر جاهلي مخضرم، اسمه عبدالله بن قيس بن ربيعة وذكرت بعض الروايات أنَّ اسمه حبّان بن قيس وكنيته أبو ليلى، وهو صحابيّ أدرك الإسلام وعاش عمراً طويلاً، ويعود سبب تسميته بالنابغة الجعدي حسب الروايات؛ لأنَّه نبغ في الشعر بعد سنين طويلة أمضاها في قول الأشعار، فنظم الشعر في مختلف الأغراض الشعرية من مدح وفخر وهجاء ووصف.[١]
عاش النابغة الجعديّ في العصر الجاهلي والإسلامي، لذلك كان من الشعراء المخضرمين المعمرين وظل حتى زمن عبد الله بن الزبير، إذ قيل إنَّه توفي في العام الخامس والستين للهجرة، وفي بعض المصادر تُبَين أنَّه عاش في فترة ملك الحيرة المنذر بن محرق والد النعمان بن منذر.[١]
شعر النابغة الجعدي
نظم النابغة الجعدي أبياتاً في مختلف الفنون الشعرية وجمع في شعره مزيجاً من منهجين تأثر بهما، وهما منهج العصر الجاهلي في الشعر وما يحويه من ألفاظ قوية متماسكة وصور تصور الحياة البدويّة آنذاك، والمنهج الثاني هو الذي تأثر به النابغة بتعاليم الدّين الإسلامي وكلّ ما فيه من المعاني السامية ذات التأثير القوي، وبسبب تأثير هذين العاملين في النابغة الجعدي ترك ديواناً شعريّاً احتوى مقطوعات عديدة وقصائد كثيرة في مختلف الفنون والأغراض الشعرية.[٢]
النابغة الجعديّ وشعر المدح
إذ اشتهر النابغة الجعدي بمدحه للملوك والأمراء، ومن ذلك مدحه ملوك الحيرة متذكراً الأيام عند المنذر بن محرّق:[٢]
تَذَكَّرتُ والذِّكرى تَهِيجُ لِذي الهَوى... وَمِن حاجَةِ المَحزونِ أَن يَتَذَكَّرا
نَدَامايَ عِندَ المُنذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ... أَرَى اليَومَ مِنهُمُ ظَاهِرَ الأَرضِ مُقفِرا
كُهولاً وَشُبّاناً كأَنَّ وُجُوهَهُم... دَنَانِيُر مِمّا شِيفَ فِي أَرضِ قَيصَرا
ولمّا َوصل النابغة الجعدي إلى نجران مدح ملكاً من آل جفنة واصفاً إيّاه بوراثة المجد من أخواله، ومن هذه الأبيات:[٢]
وَمَا زِلتُ أَسعَى بَينَ بابٍ وَدارَةٍ... بِنَجرانَ حَتّى خِفتُ أَن أَتَنَصَّرا
لَدَى مَلِكٍ مِن آلِ جَفنَةَ خاَلُهُ... وَجَدَّاهُ مِن آلِ اِمرىءِ القَيسِ أَزهَرا
يُدِيرُ عَلَينا كَأسَهُ وشِواءَه... مَناصِفُهُ وَالحَضرَمِيَّ المحبَّرا
حَنِيفاً عِرَاقِيّاً وَرَيطاً شآمِياً... وَمُعتَصِراً مِن مِسكِ دارينَ أَذفَرا
وَتِيهٍ عَلَيها نَسجُ رِيحٍ مَرِيضَةٍ... قَطَعتُ بحُرجُوجٍ مُسانَدَةِ القَرا
خَنُوفٍ مَرُوحٍ تُعجِلُ الوُرقَ بَعدَما... تُعَرِّسُ تَشكُو آهةً وتذمُّرا
وفي الإسلام توجّه النابغة مع قومه إلى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام معلناً إسلامه، وقال النابغة أبياتاً أمام الرسول، وكانت ألفاظه دالة على ذوقه وحكمته، ومن أبيات قصيدة النابغة في مدح الرسول:[٢]
وَلا خيرَ فِي حِلمٍ إِذَا لَم تَكُن لَهُ... بَوَادِرُ تَحمي صَفوَهُ أَن يُكَدَّرا
فَفِي الحِلمِ خَيرٌ مِن أُمورٍ كَثيرةٍ... وفِي الجَهلِ أَحياناً إِذا ما تَعَذَّرا
النابغة الجعدي وشعر الرّثاء
رثى النابغة الجعديّ ابنه محارب وأخيه وحوح، وتبدو مشاعر الحزن واضحة عند النابغ، ومن هذه الأبيات:[٣]
أَلَم تَعلَمي أَنّي رُزِئتُ مُحارِباً... فَما لَكِ مِنهُ اليَومَ شيءٌ وَلا لِيا
وَمِن قَبلِهِ ما قَد رُزِئتُ بِوَحوَحٍ... وَكانَ اِبنَ أُمّي والخَليلَ المُصافِيا
فَتىً كَمُلَت أَخلاقُه غَيرَ أَنَّهُ... جَوادٌ فَما يُبقي مِنَ المالِ باقِيا
فَتىً تَمَّ فِيهِ ما يَسُرُّ صَديقَهُ... عَلى أَنَّ فِيهِ ما يَسُوءُ الأَعاديا
يَقُولُ لِمَن يَلحاهُ في بَذلِ مالِهِ... أَأُنفِقُ أَيّامِي وَأَترُكُ مالِيا
يُدِرُّ العُروقَ بالسِنانِ وَيَشتَري... مِنَ الحَمدِ ما يَبقَى وَإِن كانَ غالِيا
النابغة الجعدي وشعر الوصف
ومن هذه الأبيات التي وصف فيه حصانه ما يأتي:[٤]
تَلافَيتُهُنَّ بِلا مُقرِفٍ... بَطيءٍ وَلا جَذَعٍ جَأَنَب
بِعاري النَواهِق صَلتِ الجَبينِ... أَجرَدَ كالقَدعِ الأَشعَب
يُقَطَّعُهُنَّ بِتَقرِيبِهِ... وَيَأوي إِلى حُضُرٍ مُلهِب
وَإِرخاءِ سِيدٍ إِلى هَضبَةٍ... يُوائِلُ مِن بَرَدِ مُهذِب
إِذا سِيقَتِ الخَيلُ وَسَطَ النهارِ... يُضرَبنَ ضَرباً وَلَم يُضرَب
غَدا مَرِحاً طَرِباً قَلبُهُ... لَغِبنَ وأَصبَحَ لَم يَلغَب
المراجع
- ^ أ ب "النابغة الجعدي"، ويكيبيديا. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أحمد بسج، النابغة الجعدي عصره وحياته وشعره، صفحة 37. بتصرّف.
- ↑ " ألم تسأل الدار الغداة متى هيا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2022. بتصرّف.
- ↑ "سما لك هم ولم تطرب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 22/3/2022. بتصرّف.