النسيان في علم النفس

كتابة:
النسيان في علم النفس

مفهوم النسيان في علم النفس

عرّف علماء علم النفس النسيان بتعريفات كثيرة منها قولهم أنه عجز الفرد أو إخفاقه في استعادة واسترجاع المعلومات والأفكار والخبرات التي سبق أن تعلَّمها في وقت سابق من حياته، أو هو الفقدان التدريجي لما سبق أن اكتسبه الفرد من معلومات وخِبرات.[١]   

ومن المعروف أن عالم النفس إبنجهاوس هو أول رجل يقوم بدراسة تجريبية للنسيان، حيث وضع نتائج دراسته على ورقة الرسم البياني، ورسم منحنى بياني، حيث تم تسمية المنحنى الذي تم الحصول عليه باسم "منحنى النسيان".[٢]

نظريات النسيان في علم النفس

لقد أحصى علم النفس نظريات كثيرة تفسّر النسيان، وسنقف فيما يأتي مع أبرزها بشيء من التفصيل:

نظرية عدم الاستعمال

استَمد علماء النفس هذه النظرية من حقيقة طبية ترى أن أي عضو في جسم الإنسان يُترك، ولا يُستعمل مدّةً من الزمن، فإنّه يضمر ويضعف، وهذه الحقيقة استعارها علماء النفس للذاكرة.[٣]

وقال علماء النفس إن أي معلومة أو خبرة قد اكتسبها الإنسان فيما مضى، وتركها من دون أن يستعملها، فإنّها مع مرور الوقت يُصيبها الوهن والضعف والضمور، فيتلاشى أثرها من الدماغ البشري، وبالتالي يصيبها النسيان، حيث أن الذاكرة قصيرة المدى لا يمكنها الاحتفاظ بالمعلومات إلا لمدة تتراوح بين 15 و 30 ثانية ما لم يتم التدرب عليها واستعمالها.[٣]

نظرية الكبت

ومعنى الكبت هو استبعاد الحوادث المؤلمة والذكريات الحزينة التي يهرب منها الإنسان عادةً من مكانِها في الذاكرة في ساحة الشعور والوعي إلى منطقة عدم الشعور وعدم الوعي -اللاوعي- وهي المنطقة التي تُسمى العقل الباطن.[٤]

ويحدث هذا عندما يكبت الإنسان ذكرى حزينة تمر به دائمًا أو موقفًا ما يُشكّل مصدر حزن وأسف لذلك الإنسان؛ إذ إنّ بقاءها يجعل الإنسان يعيش ألم الحزن والألم والأسى، فتذهب تلك الذكريات وتلك المواقف إلى منطقة عدم الشعور -أو اللاشعور- فتُكبت بفعل ذلك الإنسان نفسه، فيمكن القول حينها إنّ الإنسان قد نسي -أو تناسى- تلك الذكريات بنفسه وبِمحض إرادته.[٤]

نظرية التداخل والتعطيل

هذه النظرية هي أقدم النظريات المُفسّرة للنسيان وأكثرها رواجًا وشيوعًا وأكثرها دراسات وأبحاث علمية كذلك، ومُلخص هذه النظرية أنّ النسيان يعود في أصله إلى تداخل المعلومات القديمة مع المعلومات الجديدة، ما يؤدي إلى اختلاط الأفكار والخبرات والمهارات عمومًا وتشابكها مع بعضها بعضًا، وهذا السبب هو الوحيد للنسيان بحسب ما يرى المُنظّرون لهذه النظرية.[٣]

ويرى علماء النفس أنّه في حال تعلم الإنسان علمًا، وتعلم بعده علمًا مشابهًا إلى حدٍّ كبير، فإنّ المعلومات تتداخل وتتشابك مع بعضها بعضًا ما يؤدي إلى ضياع المعلومات الأولى التي قد تعلمها الإنسان.[٣]

ومثال على ذلك لو أنّ طالبًا يدرس علم النفس، ودرس مادة علم النفس العام، ثم درس بعدها مباشرة مادة علم النفس المعرفي، فإنّه سينسى معلومات المادة التي درسها أولًا -علم النفس العام- وذلك لوجود تشابه كبير بين المادتين، وهذا لا يحدث لو درس إحدى المادتين، ثم درس بعدها مادة اللغة الإنجليزيّة -مثلًا- أو أي مادة بعيدة عن هذا المجال.[٣]

وكذلك لو أُعطي إنسان ما رقم هاتف ليحفظه، ثم طُلب منه أن يدخله إلى الهاتف، ولكن قبل عملية الإدخال أُعطي هذا الشخص رقمًا ثانيًا ليحفظه؛ ففي هذه الحال سينسى الرقم الأول ويذكر الثاني، وعلى العكس من ذلك لو أُعطي رقمًا ثم أُعطي حروفًا، فإنّه سيذكر الأرقام والحروف ولن ينسى شيئًا منها؛ وذلك للتّباعد بين مجال المعلومتين.[٣]

ويرى الداعمون لهذه النظريّة بأنّ التّداخل هنا يحدث على نوعين هما:[٣]

  • التعطيل الرجعيّ

وهو أن تتداخل المعلومات اللاحقة بالمعلومات السابقة، فيؤدي ذلك إلى نسيان بعض من المعلومات.

  • التعطيل البَعْدِيّ

ويُقصد به أنّ المعلومات السابقة قد تُعطّل، أو تتداخل مع المعلومات اللاحقة، ما يؤدي إلى نسيانها أو تشويهها على نحو قليلٍ أو كبيرٍ.

نظرية إخفاق الاسترجاع

لقد أظهرت الوقائع والتجارب أنّه يمكن الاحتفاظ بآثار الذاكرة طويلة الأمد إلى آخر حياة الإنسان، وبذلك فإنّ الذكريات التي قد ظنّ الإنسان أنّه قد نسيها هي موجودة في الذاكرة، ويمكنها أن تظهر بشروطٍ معينة ودقة كافية، كما قد يحدث في حالات التخدير، والتنويم المغناطيسي، وتحريض الدماغ بالكهرباء.[٣]

وهذا الأمر جعل بعض العلماء ينظرون للنسيان على أنّه عملية مؤقتة، وأنّ الذكريات التي يظن المرء أنّه قد نسيها هي بالفعل موجودة في الذاكرة، وإن كان الوصول إليها في وقت واحد غير ممكن، ولكن يمكنها أن تُستَرجع من خلال تزويد الإنسان بما يُعينُه على تذكّرها من معلومات.[٣]

المراجع

  1. "Concept, Types and Causes of Forgetting in Psychology", benchpartner, 27/2/2022, Retrieved 5/9/2022. Edited.
  2. "Forgetting: Concept and Causes | Psychology", psychologydiscussion, Retrieved 5/9/2022. Edited.
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ "The Psychology of Forgetting and Why Memory Fails", verywellmind, 3/1/2021, Retrieved 5/9/2022. Edited.
  4. ^ أ ب "Theories of Forgetting: Distortion, Repression, Retroactive and Proactive Inhibition", edugyan, Retrieved 5/9/2022. Edited.
5855 مشاهدة
للأعلى للسفل
×