محتويات
علم الوراثة
ما هو علم الوراثة؟
علم الوراثة أو الجينات هو العلم الذي يدرس الوراثة، وهو لا يتعلق فقط بالبشر بل بجميع الكائنات الحية، فمثلًا هناك علم وراثة للبشر وللفئران ولذبابة الفاكهة وغيرها، ويضم اليوم علم الوراثة البشري العديد من المجالات المتداخلة مع بعضها البعض، فهناك مثلُا علم الوراثة الكلاسيكي وهو يدرس دراسة انتقال الجينات الفرادية في العائلات وتحليل أنماط أكثر تعقيدًا من التوريث.[١]
وهناك علم الوراثة السريري الذي يقوم على أساس تشخيص الأمراض الوراثية والتنبؤ بإنذارها، وفي بعض الحالات علاجها، وهناك أيضًا العديد من المجالات الأخرى التي لا يسع المقام هنا لذكرها جميعًا، إلا أنَّه سيتمُّ الحديث عن أحدها وهو علم الوراثة التطبيقي في فقرة منفصلة لاحقًا، بعد الحديث بشيء من التفصيل عن الصفات الوراثية عند الإنسان وتاريخ اكتشفاها وكيفية انتقالها.[١]
الصفات الوراثية عند الإنسان
ما هي الجينات؟ وما هي الصفات الوراثية عند الإنسان؟
قبل الحديث عن الصفات الوراثية لدى الإنسان، لا بدَّ من الحديث عن الجينات؛ فالجينات هي التي تلعب الدور الأساس في تحديدها، والجينات هي أجزاء من الحمض النووي DNA المسؤول عن العديد من الوظائف المختلفة كتكوين البروتينات، وعندما تجتمع شرائط طويلة من الحمض النووي DNA تشكل الصبغيات، وهذه الصبغيات هي التي تحمل المعلومات الوراثية المهمة التي تعبر من خلال طرق معقدة عن الصفات الوراثية، ويوجد عند الإنسان 46 صبغيًا أو 23 زوج، ويختلف عددها طبعًا في الكائنات الأخرى، فمثلًا عند ذبابة الفاكهة يوجد فقط 4 أزواج من الصبغيات، بحيث يمكن فهم الصفات الوراثية عند الإنسان.[٢]
فمن خلال دراسة الجينات المختلفة وانماطها الظاهرية يمكن تحديد الصفات الوراثية بشكل عام، إلا أنَّ الأمر ليس بهذه البساطة؛ فقد يؤثر جين معين أو أكثر على صفة وراثية، وقد تتفاعل هذه الجينات مع بيئة الشخص أيضًا وبالتالي تغير من الأثر المتوقع أن تحدثه المورثة أو مجموعة المورثات، ومن الصفات الوراثية مثلًا لون العينين والطول ولون البشرة، وكذلك أيضًا فإنَّ وجود بعض المورثات المرضية أو حذفها قد يؤدي إلى حدوث بعض الأمراض الوراثية، ومنها مرض هنتغتون وفقر الدم المنجلي والتلاسيميا وغيرها كثير.[٢]
تاريخ اكتشاف الصفات الوراثية عند الإنسان
هل يعد اكتشاف الصفات الوراثية عند الإنسان أمر مستجد؟
عند الحديث عن تاريخ تطور علم الوراثة يخطر بالبال أولًا اسم واحد وهو مندل وما قام به، إلا أنَّ الرجوع إلى الوراء أكثر قبل مندل يظهر أنَّ البشرية كانت على اهتمام بهذا العلم دون وعي منها بذلك، إلى أن جاء مندل ووضع بناءً على تجاربه اللبنات الأولى لهذا العلم، فمثلًا قبل مندل هناك أبقراط الذي اعتقد بتوريث الصفات المكتسبة، وله فرضية تعرف باسم شمولية التكون، والتي تفترض أنَّ هناك بذور غير مرئية تنتقل عبر الجماع من أحد الوالدين ثم تجتمع في الرحم لتشكل طفلًا.[٣]
وهناك أرسطو أيضًا الذي أكدَّ على أهمية الدم في الوراثة، وبين هذا الأخير ومندل لم يتمّ تسجيل إلا عدد قليل من الأفكار الجديدة فيما يخص طبيعة الوراثة والصفات الوراثية، وممن يمكن ذكرهم هنا دون ذكر أفكارهم لأنَّ المقام لا يتسع لها جميعًا جان لامارك، ألفريد والس وتشارلز دراوين، وعمومًا قبل جريجور مندل كانت النظريات حول آلية الوراثة تستند إلى حد كبير إلى المنطق والتخمين وليس على التجريب، أمَّا مندل فقد قام بالعديد من التجارب بناءً على التلقيح المتبادل بين بذور نبات البازلاء التي حصل عليها من سلالات نقية، وبعد ذلك حلّل النتائج التي حصل عليها، ليضع بذلك أسس علم الوراثة.[٣]
انتقال الصفات الوراثية عند الإنسان
كيف تنتقل الصفات الوراثية عند الإنسان؟
تدعى مجموعة الجينات التي يرثها الشخص من والديه بالنمط الجيني، وهذا النمط يتقاطع مع النمط الظاهري، بل هو المحدد له ضمن إطار واسع، ويشمل النمط الظاهري المظهر الخارجي للشخص والعمليات الفيزيولوجية والسلوكية لديه، وعلى الرغم من أنَّ النمط الجيني يلعب دورًا في تحديد النمط الظاهري، إلا أنَّ هذا الأخير هو نتاج عمليات معقدة بين الجينات والبيئة، والبداية تكون بدءًا من الإخصاب حيث تعطي النطفة 23 كروموسوم والبويضة 23 كروموسوم يتم اتحادهما سويًا ليتم بهذا استكمال 46 كروموسوم في الجينوم البشري.[٤]
وبتفصيل أكثر يوجد لكل جين أليلان؛ واحد من الأب وواحد من الأم، والفرد يرث لكل جين أحد الأليلين من الأب والآخر من الأم، ويجتمع هذان الأليلان في البيضة الملقحة ليكونا بذلك مادة وراثية جديدة تكون مسؤولة عن صفات وراثية تحمل طابعًا من الأب وطابعًا آخر من الأم، ولكنها مع ذلك تختلف عنهما، وبعد ذلك تبدأ البيضة الملقحة بالانقسام انقسامًا خيطيًا وليس منصفًا، حيث الأول ينتج عنه خلايا تحتوي على نفس العدد من الكروموسومات في الخلية الأم أي البيضة الملقحة، أمَّا الانقسام المنصف فيحتوي على نصف العدد من الكروموسومات في الخلية الأم، وتتوالى هذه الانقسامات ليتشكل أخيرًا الجنين.[٤]
علم الجينات التطبيقي
ما هو علم الجينات التطبيقي وما دوره؟
يقصد بعلم الجينات التطبيقي استخدام التقنيات الوراثية في الممارسة الطبية لتشخيص وعلاج الأمراض الوراثية، حيث تساعد معرفة التاريخ العائلي للحالات الوراثية مثل السرطان واضطرابات أخرى مختلفة في تحديد وجود ميل وراثي لحدوث بعض الأمراض، ولهذا الغرض يؤخذ مثلًا بعض الخلايا من الأنسجة الجنينية وتحليلها للكشف عن وجود بعض التشوهات الجينية، كالكشف مثلًا عن عوز بعض الأعواز الأنزيمية التي قد تتظاهر عند حديثي الولادة، وهذا يسمح بالتالي بالعلاج المبكر للحالة، وكتطبيق لذلك تجرى في العديد من البلدان اختبارات دموية لحديثي الولادة لتحديد وجود بعض الإنزيمات الضرورية لقلب الحموض الأمينية والفينيل ألانين إلى مركبات أبسط، فمثلًا بيلة الفينيل كيتون PKU التي تحدث بسبب عوز في الإنزيم القالب للفينيل ألانين تُسبب أذيةً دائمةً في الدماغ إذا لم يتم علاجها بوقت قصير بعد الولادة.[٥]
كما يمكن أيضًا الكشف عن أنواع مختلفة أخرى من الأمراض الوراثية في الأجنة ابتداءً من عمر 12 أسبوعًا؛ حيث يُجرى ذلك من خلال أخذ عينة من السائل المحيط بالجنين وهو ما يدعى ببزل السلى أو السائل السلوي، أو قد يتم أخذ خزعة من الزغابات المشيمية ودراستها، وأخيرًا فيما يخص العلاج الجيني فهو يقوم على تعديل الأنماط الجينية عن طريق إضافة مورثات أو جينات وظيفية من خلال تقنية DNA المأشوب.[٥]
المراجع
- ^ أ ب "Medical Definition of Genetics", www.medicinenet.com, 2020-05-06. Edited.
- ^ أ ب "What are genes and why are they important?", www.medicalnewstoday.com, 2020-05-06. Edited.
- ^ أ ب "Heredity", www.britannica.com, 2020-05-06. Edited.
- ^ أ ب "Heredity", www.britannica.com, 2020-05-07. Edited.
- ^ أ ب "Applied Genetics", www.britannica.com, 2020-05-06. Edited.