تم اكتشاف تغيرات جينية تزيد من فرص الإصابة بسرطان الكلى، وهو اختراق بحثي مهم. يفتح هذا الاكتشاف آفاقاً لفهم أفضل وعلاج أكثر فعالية لهذا النوع من السرطان.
توصّلت الأبحاث التي يقودها مركز جونسون الشامل للسرطان بجامعة كاليفورنيا (UCLA Jonsson) ونشرت نتائجها في مجلة (Cancer Discovery) إلى أنّ عددًا كبيرًا من التغيرات الجينية، التي كنّا لا نعرف أهميتها، هي في الواقع طفرات، تُعرِّض الأفراد للإصابة بمتلازمة وراثية نادرة تزيد من خطر الإصابة بسرطان الكلى.
هذه المتلازمة هي متلازمة ريد أو الورم العضلي الأملس الوراثي وسرطان الخلايا الكلوية (HLRCC).
وبدراسة سلوك هذه التغيرات الجينية، فإنّ الباحثين والأطباء سيتمكّنون من التنبؤ بشكل أفضل بالمرضى الذين يعانون من هذه المتلازمة، ولديهم خطر متزايد للإصابة بسرطان الكلى، كما أنّ هذا فتح الباب أمامهم لإمكانية تطوير استراتيجية علاجية جديدة لهذه الحالة.
ووفقًا لمؤلف الدراسة الدكتور بريان شوش، فإنّ الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالمتلازمة أكثر عرضة للإصابة بأورام عدة، بما فيها أورام العضلات الملساء في الجلد والرحم، إلى جانب الشكل العدواني من سرطان الكلى، والذي يمكن أن ينتشر في الجسم بسرعة حتى لو كان صغير الحجم، وهنا نقف أمام مشكلتين:
- أنّ عدم تشخيص هذا السرطان مبكّرًا وعدم الخضوع للفحوصات المنتظمة على الرغم من الاشتباه في أن التغير الجيني يمكن أن يؤدي إلى تشخيص السرطان، سيؤدي إلى انتشار السرطان لأجزاء أخرى من الجسم بسرعة كبيرة، مما يجعل علاجه صعبًا ومحدودًا للغاية.
- أنّ وجود عدد كبير من التغيرات الجينية التي لم يتم تصنيفها بعد على أنها مسببة للأمراض، أو أنها تزيد خطر الإصابة بالسرطان، تقلل من القدرة على تشخيص السرطان والتدخل الطبي المبكر.
فمثلًا من المعروف أن التغيرات في جين معين يسمى فومارات هيدريز (Fumarate hydratase) يمكن أن تؤدي إلى متلازمة HLRCC، وبالتالي زيادة فرصة الإصابة بهذا النوع من سرطان الكلى.
ولفهم هذه المتغيرات الجينية بشكل أفضل ومعرفة أي منها قد يكون أكثر تسببًا للإصابة بالسرطان، نظر الباحثون في نشاط 74 متغيرًا من جين فومارات هيدريز، وبعد تحليل البيانات، وجد الفريق أن ما يقارب نصف التغيرات الجينية كانت غير نشطة تمامًا، مما يشير إلى أنها من المحتمل أن تساهم في تطور السرطان.
ولمزيد من التحقيق في تأثيرات هذه المتغيرات، قاس الباحثون مستوى الفومارات (Fumarate)، وهو العامل الأساسي لظهور السرطان، في مستويات مختلفة من نشاط المتغيرات الجينية فومارات هيدريز، وفحصوا تأثير هذه المستويات على كيفية معالجة الخلايا للطاقة والمواد المغذية.
واكتشفوا أنه عندما يتراكم الفومارات بسبب نقص فومارات هيدريز، فإنه يعطّل العديد من العمليات الضرورية لنمو الخلايا، ما يقلل من نمو الورم، ونتيجة لذلك، يبحث الورم عن طريقة أخرى ليضمن استمرار نموه، وهنا يستخدم مسار إنقاذ البيورين (Purine Salvage Pathway) الذي يساعد على إنتاج النيوكليوتيدات (Nucleotides)، وهي اللبنات الأساسية لنمو الورم وتكرار الحمض النووي، وبالتالي فإنّ إحدى الطرق لوقف نمو الورم هي استهداف هذا المسار، ومنع تصنيع النيوكليوتيدات، وفقًا للدكتور بليك وايلد، المؤلف الأول للدراسة وزميل ما بعد الدكتوراه في مختبر كريستوفك.
وقد تم تطوير عدة أدوية لاستهداف مسار إنقاذ البيورين، من بينها 6-ميركابتوبورين، الذي أظهر استجابة ناجحة في خفض مستويات النيوكليوتيدات والحد من نمو الورم، بعد أن تم اختباره على الفئران وخلايا الإنسان مخبريًا.
وفقًا للدكتورة كريستوفك، فإن هذه النتائج، المتمثلة باكتشاف المتغيرات الجينية التي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، تساعد في منع تطور السرطان من خلال التدخل الطبي المبكر، أو تقليل فرصة ظهور أعراض أو أضرار المرض، أي أنّ هذا سيُمكّننا من تحديد الكثير من المرضى الذين لديهم متغير ولم يعرفوا سابقًا ما إذا كانوا بالفعل أكثر عرضة للإصابة بسرطان الكلى، فضلًا عن فتح الباب أمام استخدام دواء 6-ميركابتوبورين كاستراتيجية علاجية جديدة فعالة وواعدة.
تم تمويل الدراسة جزئيًا من قبل جمعية سرطان الكلى (KCA)، والمعهد الوطني للسرطان (NCI)، والجمعية الأمريكية للسرطان (ACS)، ومنظمة (Drivens to Cure).
مصدر هذا المحتوى من: