بحث حول إثبات الحق

كتابة:
بحث حول إثبات الحق

الحق

إن الحق هو أمر واجب ومؤكّد، ومن المعلوم والمتفق عليه أنّ الحق قد يخوّل صاحبه عدة صلاحيات وفوائد لا يمكن لأي شخص أو سلطة أن تسلبها منه، والحقوق تمنح لجميع الأفراد دون أي إستثناء، وعلى قدرٍ من العدالة والمساواة، وتتنوع الحقوق وتتعدد تبعًا لحاجة الإنسان الملحة لها ورغبته بالحياة، فالطبيعة الإنسانية مجبولة على حب الحياة، ومن هذه الحقوق حق الحياة، وحق المسكن، كذلك حق التنقل الذي يخول الفرد الذهاب من مكان لآخر دون أي قيود، وحق التعليم، وحق تأليف الأحزاب الساسية، وحق العمل، وحق ممارسة الشعائر الدينية والكثير من الحقوق التي كفلتها الدولة، وكما أن الدولة فرضت هذه الحقوق، أيضًا كفلت حمايتها من أي إعتداء، وفي ذلك سيتم توضيح بحث حول إثبات الحق.

بحث حول إثبات الحق

الحق في اللغة العربية له معانٍ متعدّدة ومتنوعة ومنها، الثبوت والوجوب، والأمر الموجود الثابت، وكما أن كلمة الحق تطلق على العدل في مقابلة الظلم، وعرف بعض الأشخاص المعاصرين أن الحق هو مصلحة مستحقة لصاحبه، فالحق هو عبارة عن اختصاصية بين صاحب الحقّ والمصلحة التي يستفيد منها، وللحق ركنان، وهما صاحب الحق، ومحل الحق سواء كان دَيْنًا أم شيئًا عينيًّا، وفي بعض الأحيان قد يضاف للحق ركن ثالث إن كانت العلاقة بين الدائن والمدين وهو المدين المكلف بالحق.[١]


من خلال ما سبق، يُستَنتج أنّ الحق يُعرّف على أنه إنتماء شيء إلى شخص إنتماء يحميه القانون، وتتنوع الحقوق وتتعدد، فمنها الحقوق المالية والدينية والشخصية والمعنوية والخاصة والسياسية والكثير من الحقوق التي تكاد أن لا تحصى، فحق الحياة يحرم الاعتداء على الإنسان، وحق التعليم هو حق لجميع أفراد المجتمع، أما حق العمل فهو حق لازم للنهوض باقتصاد الدولة، وحقّ ممارسة الشعائر الدينية دون أيّ عوائق، وحق التعبير عن الرأي وإلى غير ذلك من الحقوق.[١]


يتمتّع كلّ فرد في أي مجتمع من المجتمعات الغربية والعربية بحقوق كاملة، ولا يوجد أي قيد على هذه الحقوق تمنعه من استغلالها، فالدولة القانونية يجب أن تكفل لجميع أفراد شعبها حقوقًا تلبي جميع رغباتهم واحتياجاتهم والتي توفر لهم الحياة الكريمة في ظلها، ويجب على الدولة ممثلة بحكومتها وجميع دوائرها ومؤسساتها احترام هذه الحقوق وصيانتها من أي عدوان قد يقع عليها، فمعظم دساتير الدول العربية والغربية نصّت على هذه الحقوق، والدستور يعدّ القانون الأسمى للدولة ويأتي على رأس الهرم ويسمو على جميع القوانين العادية، وهذا يعدّ من الأدلة الواضحة على أهمية حقوق الأفراد.[٢]


تعود فكرة حقوق الأفراد إلى المذهب الفردي الذي يحترم حقوق الأفراد ويقدسها، وهذا المذهب هو نتاج لفكرتي القانون الطبيعي، والعقد الاجتماعي، ثمّ اعتنق رجال الثورة الفرنسية هذه النظرية، ونص عليها إعلان حقوق الإنسان الصادر في فرنسا عام 1789، وسميت هذه النظرية بنظرية رجال الثورة الفرنسية.[٢]


إنّ هناك علاقة وثيقة بين القانون والحق، فلا ينشأ أي حق إلا إذا اعترفت به قاعدة قانونية من قواعد القانون، فالقانون يهدف بشكل أساسي إلى توضيح جميع الحقوق وكيفية اكتسابها والإستفادة منها وصيانتها وإثباتها، وبالتالي الحق هو ثمرة القانون ونتائجه التي تؤدي إليه حتمًا، ويعرف القانون على: "أنه مجموعة من القواعد التي تطبق على الأشخاص في علاقاتهم الإجتماعية ويفرض عليهم احترامها ومراعاتها في سلوكهم من أجل تحقيق وحفظ النظام في المجتمع"، وبالتالي فإن القانون ينظم جميع شؤون الأفراد الدينية والإجتماعية والتجارية والمدنية والجزائية، بغض النظر عن مصدره سواء كان التشريع أم أيّ مصدر من مصادر القانون الأخرى.[٣]


أما الحقّ فهو: "السلطة أو الإمكانية أو الامتياز الذي يمنحها القانون للشخص تمكنه من تحقيق مصلحة مشروعة يعترف له بها ويحميها"، وعلى سبيل المثال القاعدة القانونية التي تمنح المستأجر الحق في السُّكنى في المأجور، والقاعدة التي تخول البائع حق استيقاء ثمن المبيع من المشتري، وبالتالي فإن ما ينتج عن جميع هذه القواعد من منافع ومصالح تعدّ حقوقًا يخولها القانون لأصحابها، وهذا يوضح العلاقة بين القانون والحق، فلولا القانون لما وجد الحق، والعكس غير صحيح.[٣]


أيّ شخص يريد أن يدعي بحق ما يقع عليه عبء إثباته، والحقيقة إن الإثبات لا ينصب على الحق ذاته، وإنما ينصب على المصدر المنشِئ لهذا الحق، سواء أكان القانون أم كان واقعة ماديّة، ويعرف الفقه الإثبات على أنّه: "الوسيلة التي يستطيع المدعي بالحق بمقتضاها إقناع القاضي بالواقعة التي يراد إقناعه بها"، أو "الوسيلة التي تستعمل لإقناع القاضي بحقيقة واقعة معينة"، أما عن الادعاء بحق أمام القضاء ينقسم إلى عنصرين: الأول مصدر الحق المدعى به، والذي يجب على مدعي هذا الحق أن يثبت مصدره بالطرق التي خولت له بها في القانون.[٤]


أمّا العنصر الثاني فهو استخلاص الحق من مصدره الذي قام بإثباته المدعى عليه، أي يعني تطبيق القانون على ما ثبت لدى القاضي من وقائع؛ لأنه المكلف الوحيد بإثبات القانون ولا يكلف مدعي الحق بإثباته، فالدائن الذي يريد إثبات التزام في ذمة مدينه عليه أن يثبت مصدر هذا الالتزام إن كان عقدًا أم إرادة منفردة أم فعلًا ضارًّا أم فعلًا نافعًا، حيث إنّ مصدر جميع الحقوق إما أن تكون واقعة طبيعية، أو واقعة اختيارية والتي بدورها إما أن تكون عملًا ماديًّا أو عملًا قانونيًا، والعمل القانوني قد يكون عقدًا أو إرادة منفردة.[٤]

المراجع

  1. ^ أ ب وهبة الزحيلي، كتاب الفقه الإسلامي وأدلته، سوريا: دار الفكر، صفحة 2838-2841، جزء الرابع. بتصرّف.
  2. ^ أ ب هاني علي الطهراوي (2014)، النظم السياسية والقانون الدستوري (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 108-109. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد سامر عاشور (2018)، مدخل إلى علم القانون، سوريا: الجامعة الإفتراضية السورية، صفحة 3-4. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 229-230. بتصرّف.
6372 مشاهدة
للأعلى للسفل
×