بحث حول الصحافة الإلكترونية

كتابة:
بحث حول الصحافة الإلكترونية

مفهوم الصحافة الإلكترونية

بم يتحدد مفهوم الصحافة في ظل التقنية الحديثة؟

إنّ الصحافة الإلكترونية مُصطلح حديثُ النشأة، ظهرَ ليصل الإنسان بواقعه على نحوٍ أسرع من ذي قبل، ويمكن تعريف هذا المفهوم بأنّه: نوعٌ من أنواع الصحافة يتّخذ من وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت وسيلة أساسيّة لإيصال المعلومات التي يريدها أو المادة التي يطرحها إلى الجمهور القارئ، وقد لجأت الصحافة إلى اعتماد التكنولوجيا وسيلةً لانتشارها بشكل أوسع بالإضافة إلى رغبتها في تحسين الأداء.[١]


تُعدّ الصحافة الإلكترونية من أبرز مظاهر اندماج التكنولوجيا بوسائل الاتصال والإعلام من حيث التأثر والتأثير، لا سيّما أنّ الصحافة الإلكترونية أصبحت تؤدي دور إيضاح المعلومات عبر الصوت أو الصورة أو الفيديو فضلًا عن الكتابة، وهذا ما يجعلها من الأهمية بمكان، كما يؤدي إلى سرعة انتشارها وقبولها من قبل الجماهير في مجتمع يسوده حبّ الاطلاع على الأخبار اليومية، كما أنّ الصحافة الإلكترونية وفّرت القدرة على التواصل بين أفراد المجتمع الواحد، بالإضافة إلى السمة بالغة الأهمية التي تميزها عن غيرها، وهي إمكانية استرجاع المعلومات القديمة أو المفقودة في أي وقت، وإمكانية الاحتفاظ بها دون الحاجة إلى مساحة مكانية.[٢]


جعلت الصحافة الإلكترونية المشهد الإعلامي في متناول جميع أفراد المجتمع في أي مكان أو زمان، كما ساعدتْ على معرفة المعلومات لحظة بلحظة مع إمكانية التوثيق المباشر، بالإضافة إلى عدم وجود الرقيب على معرفة تلك الأخبار كمنع جهة معينة، لأن الإنترنت عالم واسع لا يمكن احتكاره من قبل جهة أو لمصلحة فئة محددة، فإنَّ كل تلك العوامل وغيرها من الأسباب جعلت الصحافة الإلكترونية واسعة الإنتشار، وسريعة التحليق نحو آفاق عديدة.[٢]


نشأة الصحافة الإلكترونية

ما هي البذرة التي نمت منها فكرة الصحافة الإلكترونية؟

ظهرت الصحافة الإلكترونية لأول مرة في منتصف التسعينات الميلادية[٣]، لكن الأرضية الأساسية الممهدة لها كانت قد بدأتْ منذ الستّينات، حيث أصبحت الصحف تستخدم نظام الجمع الإلكتروني، ثم دخلت أجهزة الحاسوب بشكل مكثّف في التسعينات إلى غرف الأخبار في الصحف الأمركية والكندية لاستخدامها للكتابة والتحرير، إلى أن أصبح الإنترنت هو الوسيلة الأساسية لجمع المعلومات والأخباروأدء الاتصالات بين المجتمع الواحد وبين العديد من المجتمعات، وكان ذلك هو النقلة النوعية التي أسفرتْ عن تحول كبير في الأداء الصحفي، وممارسات الصحفي الذي أصبح من أهم مؤهلاته قدرته على التعامل مع التكنولوجيا والاستفادة منها في ميدان الصحافة.[٤]


يُمكن القول إن بداية الصحافة الإلكترونية ونشأتها على وجه التحديد كان في عام 1976م[٤]، حيث ظهرتْ في البداية كملامح ناتجة عن شبكة الإنترنت العالمية، إذ إنّ شبكة الإنترنت كانت وليدة الامتزاج الحاصل بين ثورة تكنولوجيا الاتصالات وثورة تكنولوجيا الحاسبات من خلال ما يُعرف بالتقنية الرقمية، فكانت البداية الفعلية خُلاصةً لما فعلتْه ثورة الاتصال والمعلومات، فما تبعها من تغييرات جذرية في التطور والتقنية كان له الأثر البالغ في الصحافة المطبوعة بما أنها جزء من وسائل الإعلام المعروفة.[٤]


مراحل تطور الصحافة الإلكترونية

كيف سارت الصحافة تحت ظلّ التقنية حتى يومنا هذا؟

مرّت الصحافة الإلكترونية بالعديد من التطوّرات خلال مسيرتها التي عبرت بها حدود الزمان والمكان، وطرأت عليها تغيّرات في شكلها المهني والفني حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، ويمكن تلخيص تلك المراحل بالتقسيمات الآتية:[٥]


مرحلة النشر من خلال الأقراص المدمجة

كانت تلك التجارب الأولى في ميدانها لإنتاج النصوص العربية الكاملة، وقد بدأتْ عدّة صحف منها: صحيفة الأهرام المصرية، والسفير والنهار اللبنانيّتين[٥]، وربما كانت مرحلة الأقراص المدمجة غير واضحة المعالم بما أنها مرحلة مؤقتة، فما لبثت تلك الصحف أن تبلورت فكرتها عن الصحافة الإلكترونية فيما بعد وأنتجتْ صحيفتها بالشكل المتكامل.[٦]


مرحلة إصدار النسخ الإلكترونية

تأخرت الصحافة العربية في تطوير الخدمات الصحفية على شبكة الإنترنت رغم تأثر الأوساط المحيطة بدخول العنصر الرقمي على الحياة الثقافية[٧]، ففي أواخر التسعينات كان لا بد من تحديد انطلاقة تشمل الصحافة وتعينها على تطوير أدواتها التقليدية للخروج عن النمط السائد في طريقة الإخبار اليومي، والذي أصبح بالإمكان أن يكون متوفرًا بشكل أفضل وأسرع مما هو عليه، ولا سيما أنها مكّنتْها من تخطي الموانع السياسية والاقتصادية التي كانت تقف في طريق العديد من تفرّعاتها.[٥]


مرحلة إصدار الصحيفة الإلكترونية

كان ذلك في عام 1995م، إذ أعلنت صحيفة الشرق الأوسط عن إمكانية قراءة مادّتها العلمية والأدبية اليومية من خلال شبكة الإنترنت على شكل صور يمكن الاطلاع عليها، ثم تلتها صحيفة النهار التي وفّرت الأمر ذاته بشكل يومي أيضًا، ثم تلتْها بعد ذلك صحيفتا الحياة والسفير في العام ذاته، ولكن يمكن القول إنّ أول صحيفة عربية يمكن إطلاق هذا المصطلح عليها هي صحيفة إيلاف اللبنانية.[٤]


خصائص الصحافة الإلكترونية

ما السمات التي تفرّدتْ بها الصحافة حين اعتمدت على الإنترنت؟

للصحافة الإلكترونية العديد من المميزات التي تجعلها في مقدمة وسائل الإعلام من حيث الانتشار والشهرة، ومنها المميزات الآتية:[٤]


السرعة والسهولة في الانتشار

استطاعت الصحافة الإلكترونية أن تمتد إلى الآفاق عبر أثير واسع المدى، فحققتْ النقل السريع والفوري للأخبار، وتابعت جميع تطوّراته ومراحله، بالإضافة إلى إمكانية التعديل على النصوص التي يتحدث عنها الخبر في أي وقت، فوجدتْ بذلك حلًّا لعدد من العقبات التي كانت تعترض الصحافة الورقية وتقف في طريقها، حتى غدت الصحافة الإلكترونية تسبق القنوات الفضائية في نقل الخبر للجماهير المهتمّة، وقد وصلتْ في بعض الأخبار إلى النشر عن الحدث بعد ثلاثين ثانية من وقوعهِ.[٤]


التنقل عبر الحدود والقارات

استطاعت الصحافة الإلكترونية بالإضافة إلى السرعة الزمنية أن تتمكن من السرعة المكانية أيضًا، وذلك من خلال تَوَفُّر الخبر في جميع أنحاء العالم عبر شبكة الإنترنت، فزالت الرقابة إلى حد كبير، بالإضافة إلى الموانع والرسوم التي كانت تفرضها الصحافة الورقية، فأتاحت بذلك فرصة كبيرة للصحف غير المشهورة أن تطوّر من إمكاناتها لتصبح منافسة لصحف عالية المحتوى.[٤]


الكلفة المالية الرمزية

تتوفر للصحافة الإلكترونية إمكانية بث المعلومات والخدمات للمتابعين من خلال كلفة مالية أقل بكثير من الكلفة التي كانت تعتمدها لنشرها الورقيّ، فلم تعد تحتاج متطلبات الكتابة والتحرير والطباعة والتوزيع والتسويق في ظل الشبكة العنكبوتية، مما جعل تأسيس الصحف الإلكترونية أخفّ عبئًا على الأشخاص الذين يرغبون بتأسيس مشروع في هذا الجانب حتى وإن كان مشروعًا فرديًّا.[٤]


الاطلاع على عدد القراء

من ميّزات الصحف الإلكترونية أنها تُتيح للناشر أن يطّلع على عدد القرّاء الذين شاهدوا كل تفصيل من تفصيلات موقع الصحيفة أو كل قسم من أقسامها بشكل دقيق ومضبوط، فكل مقال أو كل نص على سبيل المثال يحظى بعدد معين من المشاهدات يمكن للناشر أن يعلم من خلاله ذوق الجمهور المتابِع لتلك الصحيفة، ويشكل هذا الأمر عاملًا مهمًّا في تطوير محتوى الصحيفة وتقدمها ورغبة القرّاء في انتقائها مع مرور الوقت إذا استطاع الناشر ومن يعمل معه الاستفادة من تلك البيانات وتوظيفها لصالح صحيفته الإلكترونية.[٤]


إمكانية الاحتفاظ والأرشفة

يُمكّن التعامل مع الإنترنت ووسائل التقنية من الاحتفاظ بكمية كبيرة من المعلومات وأرشفتها، ويسهل الرجوع إلى تلك المعلومات عند الحاجة بسرعة فائقة بمجرد البحث حول الموضوع المراد، حيث يمكنه العودة حينئذٍ إلى عدد كبير من المقالات القديمة بلحظة واحدة، وقد تجعل بعض الصحف أرشيفها مدفوع الأجر، وقد يكون الاطلاع عليه مُتاحًا بالمجّان.[٤]


أنواع الصحافة الإلكترونية

ما المحتوى الذي تقسم وِفقَهُ أنواع الصحافة الإلكترونية؟

يمكنُ القول إنّ الصحف الإلكترونية تنقسم إلى قسمين، هي على الشكل الآتي:[٢]


  • الصحف الإلكترونية الكاملة: وهي صحف قائمة بذاتها، لها مؤسسون اختاروا أن يكون لها اسمها الخاص، فهي وإن كانت تحمل اسم الصحيفة الورقية الأم التي تتبع لها إلا أنها لا تحتوي على المحتويات ذاتها، بل تشكل نمطها الخاص في عرض محتوى محدد.
  • النسخ الإلكترونية من الصحف الورقية: تكتفي هذه الصحف على شبكة الإنترنت بنشر محتوى الصحف الورقية على الشابكة، أو نشر بعض الأجزاء منها، بهدف الإعلان عن الصحيفة الورقية والترويج لها، كما يفرد بعضهم موقع الصحيفة الإلكترونية للإعلان عن الصحيفة الورقية.


إيجابيات الصحافة الإلكترونية

ما المحاسن التي تأتي بها التكنولوجيا للصحافة؟

قد تكون إيجابيات الصحافة الإلكترونية أكبر من سلبياتها، لأنها جاءت لتكون ثورة في عالم التقنية فتتقدم به إلى الأمام، ومع ذلك فإنها قد لا تخلو من بعض السلبيات، ويمكن أن تبدأ هذه الفقرة بشيء من التفصيل في الإيجابيات وهي:[٤]


  • تعدد الوسائط: لقد أصبح بمقدور القارئ أن يتعرف على الأخبار من خلال عدة وسائل تناسب حواسّه وتقرّب الخبر إليه على النحو الذي يراهُ مناسبًا، فكانت الوسيلة الوحيدة التي تجمع الصوت والصورة والنص في مكان واحد، بعد أن انفرد الراديو بالصوت، وانفرد التلفزيون بالصوت والصورة، بينما انفردت الصحافة الورقية بالنص وحده.


  • التفاعل والمشاركة: فالخبر الذي يتلقاهُ القارئ لا يقف عنده بسلبية ليكون الخبر النهائي والحتمي، بل إنّ إمكانية البحث والتعبير والمناقشة جعلتْ من الصحافة الإلكترونية بابًا واسع الإطلاق للانفتاح الثقافي بين المجتمعات.


  • السرعة والفورية والتحديث: إنّ الصحافة الإلكترونية تعتمد على السرعة في نشر الأخبار ووصولها إلى أكبر قدر ممكن من الفئة المهتمة بنوع تلك الأخبار المحلية أو الدولية أو العالمية، كما تمكّن الناشر من متابعة الأحداث شيئًا فشيئًا مع إمكانية التعديل والإضافة.


  • المساحة والمرونة: إنّ الصحافة الإلكترونية وما تعتمد عليها من مساحاتتخزين غير محدودة تُمكّن الناشر من الحريّة في حجم النص الذي يختاره لموضوع معين، كما أنّ المرونة التي تجعلها تجمع بين جميع أنواع وسائل الإعلام التقليدية يُعد من إيجابياتها الكُبرى.


  • توفير الوقت والجهد والمال: بما أنّ الصحافة الإلكترونية لا تشترط لنفسها مقرًّا مكانيًّا يجمع العاملين عليها فهي تلغي كل التكاليف المترتبة على تأسيس مقرٍّ لها في مكان معين، وهذا ما يخفف العبء المادي عنها ويوفر الكثير من الوقت والجهد الذي كان سيبذله الموظفون تقيُّدًا بدوام محدد.


سلبيات الصحافة الإلكترونية

ما الجوانب التي أساءت بها التكنولوجيا للصحافة؟

قد لا تكون سلبيات الصحافة الإلكترونية كثيرة، بل يُمكن تجاوُزها مقارنةً بالإيجابيات الغزيرة التي تقدمتْ، ولكن مع ذلك لا بد من ذكر بعض السلبيات وهي:[٤]


  • بيئة خصبة لانتشار الإشاعة: تُعد السرعة في نشر الخبر سلاحًا ذو حدّين، فقد يصل إلى عدد كبير من الناس قبل التأكد التام من صحّته، فيساعد ذلك على انتشار العديد من الأخبار المغلوطة، بالإضافة إلى تعمُّد الكثيرين نشر الأخبار والإشاعات التي لا صحة لها لأغراض شخصية أو اجتماعية.


  • الشك حول مصدر المعلومة: لا يزال الشك يحاصر الصحافة الإلكترونية من حيث المصادر العلمية التي تعود إليها قبل نشر المحتوى، ومنشأ ذلك عائدٌ إلى توفر الإمكانية لأي شخص بأن يدّعي الثقافة ويُنشئ صحيفة إلكترونية، فمن الممكن أن تكذب أخبارها من خلال استعمال مصادر غير موثوقة، أما الأخبار التي تأتي عبر الصحف الورقية فتكون غالبًا تحت إشراف هيئة أكاديمية تابعة للبلد الذي تصدر فيه.


  • تعزيز خمول الجسم: يرتبط التصفّح الإلكتروني بالجلوس خلف الحاسب، ذاكَ الجلوس الذي تتعدد منه أسباب ألم الظهر والعينين ومشاكل المفاصل والجهاز الهضمي، بينما الصحف الورقية كانت تُقرأ في أماكن شتى وبأوضاع مختلفة، ممّا يُمكّن الجسم من حرية الحركة.  


  • ارتباطها بخدمات الإنترنت: إنّ ارتباط الصحافة الإلكترونية بالإنترنت بالدرجة الأولى يجعل منه ركيزةً أساسيّة، ولكنّه في بعض الأحيان قد يكون غير متوفّرًا بسبب سوء أوضاع الاتصالات في مكان معين، أو بسبب الضيق الاقتصادي ممّا لا يسمح لساكنيها باستخدام خدمة الإنترنت.

المراجع

  1. علي عبد الفتاح، الصحافة الإلكترونية، صفحة 9. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت الدكتور فتحى حسين عامر، الصحافة الإلكترونية: الحاضر والمستقبل، صفحة 11. بتصرّف.
  3. علي عبد الفتاح، الصحافة الإلكرتونية العربية، صفحة 5. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س علي عبد الفتاح، الصحافة الإلكترونية في ظل الثورة التكنولوجية، صفحة 12. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت جمال محمد أحمد، الإعلام والتوجهات الدولية الراهنة، صفحة 241. بتصرّف.
  6. عبد الأمير مويت الفيصل، الصحافة الإلكترونية في الوطن العربي، صفحة 96. بتصرّف.
  7. الدكتور خالد محمد غازي، الصحافة الإلكترونية العربية : الالتزام والانفلات فى الخطاب والطرح، صفحة 44. بتصرّف.
5346 مشاهدة
للأعلى للسفل
×