الفتوحات الإسلامية
بعد تأسيس الدولة الإسلاميّة في المدينة المنورة، بدأ الإسلام بالانتشار خارج الجزيرة العربية من خلال الفتوحات الإسلامية التي بدأت في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام-، واستمرّت خلال عهد الخلفاء والراشدين، ومن ثمّ في عهد الدولة الأموية ثم الدولة العباسية، وقد امتدّت الفتوحات الإسلامية إلى أماكن بعيدة حتى وصلت إلى أوروبّا، ومن ضمن البلاد التي فُتحت كانت الأندلس، وقد ظلّت الأندلس تحت الحكم الإسلامي فترة طويلة من الزمن، حتى أصبح فيها حضارة إسلامية كبيرة باقية آثارها إلى اليوم، وفي هذا المقال سيتم الحديث عن الأندلس وما يتعلق بحضارتها حتى سقوطها، وذلك من خلال كتابة بحث عن الأندلس.
بحث عن الأندلس
قبل البَدء بكتابة بحث عن الأندلس، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ اسم الأندلس لم يعد متداولًًا اليوم، بل هو اسم أطلقه المسلمون على منطقة شبة الجزيرة الأيبيرية، حيث كان اسم الأندلس معروفًا في الفترة ما بين عامَيْ سبعمئة وإحدى عشر وألف وأربعمئة واثنين وتسعين ميلاديّة، وقد تأسست الأندلس أثناء الخلافة الأموية، وكانت إمارة منفصلة تابعة للدولة الأموية، وأول قيامٍ لها كان في عهد الوليد بن عبد الملك، حيث غزا المسلمون تلك المنطقة بقيادة القائد المسلم طارق بن زياد، وذلك في عام اثنين وتسعين من الهجرة الموافق لعام سبعمئة وإحدى عشر ميلاديّة، وضمّوا الأندلس إلى الدولة الإسلامية.[١]
بعد فتح الأندلس بشكلٍ تامّ أصبحت ولاية من ولايات الدولة الأموية، وأول والٍ عليها هو عبد العزيز بن موسى بن نصير، حيث عرف ذلك العهد باسم "عصر الولاة"، في الأندلس، وذلك لتمييزه عن عهد الإمارة فيما بعد، ثم عهد الخلافة، وقد كان للفتح الإسلامي للأندلس الكثير من الآثار الإيجابية على تلك البلاد، فقد انتشلها المسلمون من حالة الفوضى والنزاع التي كانت بها، وتغيرّت التركيبة السكانية والاقتصادية والاجتماعية للسكان، كما منح المسلمون للسكان الأصليين الحرية الدينية وأحسنوا معاملتهم، على النقيض تمامًا من المعاملة السيئة التي كانوا يتلقونها في العهد القوطي، أي قبل فتح الأندلس من قبل المسلمين، وقد كان للنصارى فيها محاكم خاصة بهم وقُضاة يُطلق عليهم اسم "قاضي النصارى" أو "قاضي العجم"، وقد منح مسلمو الأندلس النصارى الحرية السياسية كاملة، واحتفظوا بلغتهم الخاصّة وحريّتهم الدينيّة.[٢]
يُعدّ عبد الرحمن الداخل المعروف بصقر قريش هو مؤسّس الدولة الأندلسية التي تأسست فعليًا في عام سبعمائة وخمسين ميلادية، وقد ظلت الأندلس دولة مستقلة عن الدولة العباسية حتى بعد سقوط الدولة الأموية، واعتبرت امتدادًا للدولة الأموية، وكانت الأندلس تضم عدّة مدن من بينها مدينة قرطبة التي بناها عبد الرحمن الداخل في عام سبعمئة وستّة وخمسين ميلادية، وجعلها عاصمة الأندلس، والتي أصبحت هي المدينة المنافسة لعاصمة الخلافة العباسية بغداد، ومما يجدر ذكره أنّه بعد سقوط الدولة الأموية أصبحت الأندلس مجزأة إلى عدة دويلات صغيرة ومتنازعة فيما بينها، وذلك في عام ثلاثمئة وتسعة وتسعين هجرية، وأُطلق عليها في ذلك الوقت اسم دويلات ملوك الطوائف وأبرزها طليطلة.[١]
توسعت الممالك الكاثوليكية الإسبانية، وكان هذا التوسع على حساب الدويلات الإسبانية المسلمة، حيث استغلّ الكاثوليكيون تنازع الدويلات المسلمة، حتى سقطت طليلطلة في أيدي جيوش الفونسو السادس، فاستنجد ملوك الطوائف بالمرابطين الذي كانت لهم دولة قوية في شمال أفريقيا، وعبروا للاندلس لنجدة المسلمين فيها وهزموا الإسبان الكاثوليك في معركة الزلاقة في مملكة غرناطة ودولة الموحدين، وبهذا حُكمت الأندلس من قبل ملوك الطوائف ومن ثمّ المرابطين والموحدين، ثم بدأت بالانقسام حتى آلَ الحكم إلى ملوك الطوائف مرة ثانية، لكن الحكم الإسلامي سقط تمامًا في الأندلس عندما دخلها فرناندو الثاني ملك الإسبان في الثاني من كانون الثاني من عام ألف وأربعمئة واثنين وتسعين ميلادية.[٢]
بعد سقوط دولة الموحدين أصبحت الأندلس معرضة لهجمات الصليبيين، فسقطت الحواضر والمدن الأندلسية تباعًا، حتى جاء ابن الأحمر وحمى ما تبقى من التراث الأندلسي في غرناطة التي كانت آخر القلاع الأندلسية، ثم سقطت المدن الأندلسية تباعًا في يد الصليبيين، وكان آخرها غرناطة في عام ثمانمئة وسبعة وتسعين هجرية، وبعدها واجه العرب والمسلمون شتى أنواع المهانة، لكنهم وضعوا شروطًا للتسليم وهي سبعة وستون شرطًا، مثل: تأمين حياة المسلمين وبقائهم في دورهم وأماكنهم، واحتفاظهم بطقوس شريعتهم ومساجدهم، وأن يسيروا آمنين في بلادهم، وإطلاق سراح أسرى جميع المسلمين.[٣]
ولم يكن أمام المسلمين أي خيار آخر إلا التسليم، وحين ذاك وقف أبو عبد الله حاكم المدينة في ذلك الوقت، وسلم مفاتيح المدينة ونظر إليها من بعيد وأخذ يبكي مجدًا ضائعًا، ولما رأته عائشة "عائشة الحرّة" أمه قالت له قولها المشهور: "ابكِ مثل النساء ملكًا مضاعًا لم تحافظ عليه مثل الرجال"، وللأسف لم يلتزم النصارى بالشروط التي وضعوها المسلمون، وأخذوا يجبرونهم على ترك دينهم، وحولوا المساجد إلى كنائس، ومنعا وجود المسلمين فيها وفي جميع الممالك الأندلسية التي سقطت في يدهم.[٣]
ترك المسلمون في الأندلس الكثير من الآثار العريقة العظيمة التي ظلت شاهدة على حضارتهم إلى اليوم، مثل: الطرق والجسور والمساجد والقلاع والمشاتي، بالإضافة إلى الكثير من الكتب والمكتبات، والآثار العلمية في مختلف أصناف العلوم والكتاتيب التي كانت منتشرة في كلّ مكان، ومن المباني العربية العظيمة في الأندلس: مدينة الزهراء التي لم تزل باقية إلى اليوم، وحصون وأبواب طليطلة الشهيرة، وجامع قرطبة، وآثار مدينة الحمراء، وغيرها الكثير، وبهذه المعلومات المختصرة، تمت كتابة بحث عن الأندلس التي تحتاج إلى الكثير من المجلّدات لوصف عظمة تاريخها الإسلاميّ.[٤]
المراجع
- ^ أ ب "الأندلس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 27-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "الفتح الإسلامي للأندلس "، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 27-07-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "مختصر قصة الأندلس"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 01-08-2019. بتصرّف.
- ↑ "الحضارة العربيّة في الأندلس وأثرها في أوربا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-07-2019. بتصرّف.