بحث عن التضاد

كتابة:
بحث عن التضاد

تعريف التضاد

التضاد هو الكلمة التي تحمل معنًى معاكسًا لكلمة أخرى، فكلمة طويل تقابلها قصير، فكل منهما مضادة في المعنى للأخرى، وعند إجراء بحث عن التضاد يتضح أن كلمة تضاد قد تُستعمل بمعنى الكلمات التي تدلُّ على عكس معنى كلمة أخرى، أو مثلما جاءت في التراث المعجمي العربي بمعنى الكلمة الواحدة التي تدلّ على معنيين متضادين مثل: جَوْن بمعنى أبيض أو أسود، وشَرَى بمعنى اشترى أو باع، ثم إن قسمًا لا بأس به من المعاجم يُتبع قائمة المترادفات بقائمة للأضداد وذلك لما للأضداد من أهمية في توضيح معنى الكلمات وشرحها؛ إذ إنّه -وفي كثير من الأحيان- لا يتضح معنى الكلمة إلا بذكر ضدها.[١]


بحث عن التضاد

المشترك اللفظيّ هو واحد من مباحث فقه اللغة، والتي أولى لها الباحثون اهتمامًا في عرض آرائهم والرد على آراء العلماء الآخرين، والباحث الذي يهتمّ بإجراء بحث عن التضاد لا بدّ له بادئ ذي بدء من معرفة المقصود بالمشترك اللفظي وهو اللفظُ الواحد الدال على معنيين مختلفين أو أكثر، مثل كلمة القرء تدل على الطهر والحيض وهما متضادين، ولذلك تعد من المشترك اللفظي، ويُعَدّ التضاد فرعًا له، إذ إنّ المشترك اللفظي قد يكون كلمة واحدة تحمل معنيين فأكثر، في حين أنّ التضاد يكون بين كلمتين فقط.[٢]


إن البحث عن التضاد يوصل إلى نتائج عدة تتعلق بأصول التضاد، وآراء اللغويين في نسبة التضاد إلى أصول اللغة، فالهروي مثلًا جعل التضاد فرعًا للمشتركِ اللفظي فقال: وإذا كان المشتركُ اللفظي يعني دلالةَ اللفظِ على معنيين فأكثر، فإنَّ التضادَّ فرعٌ له؛ فقد ورد في اللغةِ ألفاظٌ أخرى يدل الواحدُ منها على معنيين أيضًا، ولكنَّهما على التضاد، واصطلح العلماءُ على تسميةِ هذه الألفاظ الواردة بالأضداد.[٢]


وهناك من العلماء من قال: إن بابَ التضاد يُعدُّ ضربًا من المشترك، فيمكن أن يصدق ها هنا إذا ابتغينا لصورِ المادة جنسًا آخر من المعنى، يحتملُ الجمعَ بين القوةِ والضَّعفِ؛ كالجلل حين يقدر أنَّه موضوعٌ للغايةِ في الشيء فيُوصف به العظيمُ والحقير، ومما يؤكد ذلك قول أبي الحسين البصري المعتزلي: اعلم أنَّ في اللغةِ ألفاظًا مفيدة للشيء الواحد على الحقيقةِ، وألفاظًا مفيدة للشيء ولخلافه وضده حقيقة على طريقِ الاشتراك واستنادًأ إلى ما سبق يمكن القول إن التضاد فرعٌ للمشتركِ اللفظي.[٢]


والتضاد وفق مفهوم المشترك اللفظي له أمثلة عدة في القرآن الكريم، وقد عمل اللغويون المهتمون بالبحث عن التضاد وتفاصيله بعرض الشواهد وشرحها وتفصيلها، ومن أبرز ما ورد في القرآن الكريم على التضاد، أي ما ورد من كلمة واحدة تحمل معنيين مختلفين: كلمة عسعس في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}[٣] كلمة عسعس الواردة في الآية السابقة -حسب دراسات العلماء- تحمل معنى: إذا أدبر، وفي دراسات أخرى تحمل معنى إقباله بظلامه، ولما كانت كلمة واحدة تحمل معنيين مختلفيين فهي إذًا من الأضداد.[٢]


كلمة القرء مع وجود خلاف بين أهل التفسير في كلمة قروء الواردة في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[٤]، فبعض العلماء قال إن القرء هو الحيض، والبعض الآخر فسره بأنه الطهر، وبناء عليه عُدت هذه اللفظة من الأضداد في اللغة العربية، وذلك للتضاد بين الحيض والطُّهر.[٢]


كلمة وراءهم في قوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}[٥]، فقد قيل إن كلمة وراءهم تحمل معنى أمامهم، وقيل في موضع آخر إنها تعني خلفهم، وتأويل من فسرها بهذا المعنى أن رجوعهم كان في طريقِهم عليه، ولم يكونوا يعلمون بخبرِه فأعلمَ اللهُ الخضرَ - عليه السلام - بخبرِه.[٢]


ومما هو جدير بالذكر أن التضاد في فقه اللغة له الكثير من التفاصيل التي يغوص قي شعابها من يقوم ببحث عن التضاد، وبعد توضيح مفهوم التضاد في اللغة العربية، وعرض الأمثلة عليه وإن كانت جزءًا من أمثلة كثيرة عرضها العلماء وشرحوها وفصلوا فيها إلا أنها قد توضح المقصود بالتضاد وتبين وجهة نظر أهل اللغة به، إضافة إلى ما سبق لا بد من ذكر أمر مهم وهو أن البحث عن التضاد يثير فضول الدارس ليعرف ما هي الأسباب وراء نشوء التضاد، والتي أدت إلى حصول الخلاف في وجهات النظر بين علماء اللغة ما بين مُنكِر وموافق لهذه الظاهرة.[٦]


ولعل من أبرز الأسباب التي أسهمت في نشوء التضاد: اختلاف لهجات القبائل العربية وهذا يعني أن قبيلة من القبائل التي هي من أصول العرب قد تضع لفظة لمعنى، وثم تأتي قبيلة أخرى وتستعلمه لعكس هذا المعنى. ومن أمثلة ذلك لفظة وثب في لغة حمير تعني قعد، وفي لغة نزار تعني قفز، وإن كلًّا من حمير ونزار من قبائل العرب سابقًا.[٦]


ومن الأسباب أيضًا الانتقال من المعنى الأصلي إلى المعنى المجازي ولهذا أمثلة كثيرة منها مثلًا لفظة التفاؤل والمقصود بها تغطية المعنى الأصلي لإبعاد التشاؤم عن السامع، وكذلك لفظة المفازة وهي تُطلق على الصحراء، ومن المعروف سابقًا أن الذي يذهب إلى الصحراء ربما يكون فيها هلاكه، والسبب الثالث من الأسباب الاتفاق في الصيغة الصرفية ينشأ التضاد أحياناً في احتمال الصيغة الصرفية حيث تؤدي إلى المعنى وضده. فقد ترد صيغة فعيل بمعنى فاعل، وبمعنى مفعول، مثل الغريم بمعنى الدائن والمدين.[٦]

المراجع

  1. "تضاد"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 20-07-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح "التضاد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-07-2019. بتصرّف.
  3. سورة التكوير، آية: 17.
  4. سورة البقرة، آية: 228.
  5. سورة الكهف، آية: 79.
  6. ^ أ ب ت "التضاد"، www.almerja.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-07-2019. بتصرّف.
4206 مشاهدة
للأعلى للسفل
×