بحث عن الخلافة الإسلامية

كتابة:
بحث عن الخلافة الإسلامية

معنى الخلافة

هي نظام الحكم القائم على تولية الأمر لقائدٍ مسلمٍ يحكم الدولة به من خلال تطبيق الشريعة الإسلامية، وقد سمّيَ خليفةً لأنه يخلف النبي -صلّ الله عليه وسلّم- في تسلمّه ناصية الأمور، ولعل الهدف الأسمى من الخلافة إنما يتمثل في حمل رسالة الدعوة الإسلامية إلى العالم وحفظ أمور المسلمين، وقد تتابع على الخلافة عددٌ من الدول والفترات؛ ابتداءً من الخلافة الراشدة عقب وفاته -عليه الصلاة والسلام- وانتهاءً بسقوط نظام الخلافة المتمثل في الدولة العثمانية عام 1923م، وخلال المقال سيتم عرض بحثٍ عن الخلافة الإسلامية، والدول التي تتابعت عليها من بداية نشأتها وحتى لحظة سقوطها.

بحث عن الخلافة الإسلامية

قبل الحديث عن الدول التي تتابعت على الخلافة الإسلامية، فإنه لا بدّ أن يتم توضيح أن كل الأحاديث التي وردت عن النبي- عليه الصلاة والسلام- تدل أن الخلافة في قريش ما أقامت دين الله، سواء أكانت ببيت النبوة أم كانت في غيره من بطون قريش، لذا فإن الدولة العثمانية مثلًا حين جاءت وإن لم يكن خلافاؤها من قريشَ ولكنّ خلافتهم صحيحة ثابتة، وهذا البحث لن يتطرق تفصيلًا إلا للخلافة الراشدة ثم الأموية ثم العباسية وانتهاءً بالعثمانية، وبذا يكون عموم الكلام ببحثٍ عن الخلافة الإسلامية.[١]

دولةُ الخُلَفاء الرَّاشِدين، هي الدولة الأولى من دول الخلافة الإسلامية، وقد نشأت عقب وفاة المصطفى -صلّ الله عليه وسلّم- في السنة الحادية عشرة من تاريخ هجرته وهو ما يوافق سنة 632 ميلادية، ولعلها الدولة الوحيدة التي لم يكن تعاقب خلفائها وراثيًا؛ بل قائمٌ على مبدأ الشورى على عكس باقي الدول التي تتابعت بعدها، توالى على حكم هذه الفترة أربعة من الخلفاء كلهم صحابة ومن المبشرين بالجنة، وهم حسب ترتيبهم الزمنيّ: أبو بكرٍ الصديق ثم عمر بن الخطاب، يليه عثمان بن عفان ومن بعده علي بن أبي طالبٍ -رضوان الله عليهم أجمعين-، وقد بلغت هذه الدولة أوج اتساعها زمنَ أمير المؤمنين عثمان بن عفان؛ إذ بلغت الشام ومصر وأقاصي المغرب فضلًا عن شبه الجزيرة التي كانت أصلًا تحت رقعة الخلافة الإسلامية.[٢]

أما عن انتشار الدين الإسلامي بين القبائل فإنه أكثر ما بلغ زمن الفاروق عمر -رضي الله عنه-؛ حيث كانت أكثر الفتوحات أيام خلافته، ودخل معظم أهل تلك البلدان في الإسلام أفواجًا، وأما عن أبرز القادة في تلك الفترة فقد برز أسماءٌ منها: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وسعد بن أبي وقاص وغيرهم كثير، ولعلّ أول مسمار دُقّ في جسم هذه الدولة هو تلك الفتنة التي وقعت بين المسلمين وأدت لمقتل عثمان على يد الخارجين، واتسع الأمر سوءًا بعد تولي علي بن أبي طالبٍ للخلافة بعد عثمان، والنهاية الفعلية لهذه الدولة كانت حين تنازل الحسن بن عليّ عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان حقنًا لدماء المسلمين بعد نزاعٍ طويل، وسميَ ذلك العام بعام الجماعة لاجتماع كلمة المسلمين فيه، وكان ذلك عام 41هجري، وهنا يمكن القول بأنّ الخلافة انتقلت تمامًا للأسرة الأموية.[٢]

دولة الأمويين، قامت الدولة الأموية عام 41 للهجرة وهو ما يوافق سنة662 ميلادية، وكان أول الخلفاء معاوية بن أبي سفيان الذي اتخذ من دمشق عاصمةً له، وفي عهد دولة بني أمية ومن عاصمتها دمشق انتشر الإسلام والفتوحات حتى بلغت إسبانيا في أوروبا، والصين سنة 715 م، فكانت أكبر دولةٍ في التاريخ الإسلامي، ونجح الأمويون في فتح الكثير من البلاد وانتشر الإسلام أيام خلافتهم، واهتموا بالعلوم والفقه والمساجد والعمارة حيث كانت عاصمتهم دمشق أهم مدن العالم الإسلامي آنذاك، ومن أهم آثارهم العمرانية الخالدة المسجد الأموي بدمشق، والمسجد الاقصى بالقدس، والمسجد النبوي بالمدينة المنورة وجامع قرطبة في الأندلس والكثير من القصور الذائعة الصيت، ولعلّ أهم ما يميز هذا العصر من ناحية العمران كثرة الزخارف والفسيفساء.[٣]

وللأمويين أعمالٌ تمّتْ في عهدهم يشهد لهم بها كمثل صكّ الدينار الأموي زمنَ عبد الملك بن مروان أحد أقوى خلفائهم، وبناء دور العلم والمدارس والمكتبات، وتشجيع العلم والعلماء، وتعريب الدواوين، وتنقيط المصحف الشريف، وإقامة نظام البريد الذي ربط العاصمة دمشق بباقي دول الخلافة، وغير ذلك الكثير، وقد تعاقب على هذه الفترة أربعة عشر خليفة أولهم معاوية بن أبي سفيان وآخرهم مروان بن محمد، وبين هذا وذاك عدد من الخلفاء الأقوياء والضعفاء، ولعل أهم خلفائهم هو خليفتهم الثامن عمر بن عبد العزيز الذي ملك ورعًا وصلاحًا جعل الكثيرين يعدونه خامس الخلفاء الراشدين، وقد برز عدد من القادة في هذا العصر كأمثال: الحجاج بن يوسف الثقفي والمهلب بن أبي صفرة وابنه يزيد وعقبة بن نافعٍ وقتيبة بن مسلمٍ الباهليّ، وإذا أريدت الدقة فإن نهاية هذه الخلافة كانت سنة 132هجري على يد بني العباس الذين انحدروا من خراسان ثم العراق، وبذا ابتدأ عهد الدولة الثالثة في تاريخ الخلافة الإسلامية.[٣]

دولة العباسيين، هي ثالث دولةٍ تعاقبت على الخلافة الإسلامية؛ حيث سيطر بنو العباس على الخلافة وقضوا على بني أمية حتى لم ينجُ منهم إلا من فرّ بنفسه إلى الأندلس، وكان أهم الناجين عبد الرحمن بن معاوية الذي لقب فيما بعد بالداخل لأنه دخل الأندلس وحده وسيطر عليها كلها، ابتدأت سنة 132هجري، ولعلّ نجاح العباسيين أول أمرهم يعود لاعتمادهم على الفرس الناقمين على الأمويين بسبب اقصائهم عن مناصب الدولة واستئثار العرب بها، وقد نقل العباسيون عاصمة خلافتهم من دمشق إلى الكوفة فالأنبار وذلك قبل تشييد بغداد زمن أبي جعفر المنصور، لتصبح بعدها زهرة المدن وحاضرة الدنيا، ثم لم يلبث المعتصم أن نقل العاصمة إلى سامرّاء لتعود إلى بغداد بعد أربعين سنة.[٤]

والناظر يجد أن عهد هارون الرشيد يعدّ عصر دولة بني العباس الذهبي؛ بسبب نشاط حركة الترجمة وازدياد الحركة العلمية، وفي هذا العصر اكتمل تدوين المذاهب الفقهية الأربعة وهم: الحنفيّ والشافعيّ والحنبليّ والمالكيّ، وقد انتهى الحكم العباسي فعليًّا سنة 1258م حين قام هولاكو بنهب بغداد وإحراقها وقتل معظم قاطنيها آنذاك حتى الخليفةِ وأبنائه، فكان أن اتجه من بقي من العباسيين إلى القاهرة ليجددوا خلافتهم فيها سنة 1261م، ولكن هنا لم يعد لهم منها إلا الاسم، أما الفعل فكان بيد سلاطين المماليك الذين كان أبرزهم الظاهر بيبرس الذي أحيا خلافة العباسيين في القاهرة من جديد، وظل هذا حال الخلافة حتى أتت جيوش العثمانيين لتسيطر على بلاد الشام ومصر عام 1519م، وبعدها على العالم الإسلامي كله، وبهذا فقد صار العثمانيون هم الخلفاء الجدد للأمة الإسلامية.[٤]

دولة العُثمَانِيَّين، -الدولة التي سيختم بها البحث عن الخلافة الإسلامية- هي رابع دولةٍ تعاقبت على الخلافة، كان عثمان الأول هو أول من أنشأها، وقد امتدت ما يقرب من 600 عامٍ، من 1299- 1923م، وكانت بدايتها إمارة تركمانية تعمل عند سلاجقة الروم وتدافع عن حدودها من البيزنطيين، ولكن بعد أن أفل نجم دولة السلاجقة انفرد العثمانيون بأنفسهم كولايةٍ، وسيطروا على غيرهم من الولايات، فغدت دولةً مترامية الأطراف استطاعت فيما بعد أن تفتح القسطنطينية سنة 1453م زمن السلطان محمد الفاتح، وقد بلغ عدد ولاياتها فيما بعد 29 ولاية، منها ما لها سيطرة حقيقية عليها ومنها ليس لها عليها إلا الاسم، وبذا فإن سلاطين آل عثمان قد غدوا خلفاءً للمسلمين منذ أن سيطروا على الشام ومصر عام 1517م، واستطاعوا أن يزيحوا دولة المماليك من ساحة الخلافة.[٥]

أما عصر القوة لهذه الدولة فهو مؤكدًا عصر السلطان سليمان القانوني الذي نقل العاصمة إلى القسطنطينية، أما السلطان عبد الحميد الثاني يعتبر آخر سلطانٍ لهذه الدولة؛ إذ إن من جاء بعده لم يكونوا يتمتعون بقوته، وأهم ما جرى في زمن هذا السلطان هو ازدياد الانفتاح على الغرب، وظهور أزمة الصهاينة مع أرض فلسطين، وفي سنة 1908م وصل حزب الاتحاد والترقي لناصية الحكم، فدخل العثمانيون الحرب العالمية الأولى إلى جانب الألمان محاولين بذلك كسر العزلة التي فرضت عليهم من الغرب، لكنّ انفجار الثورات الداخلية في أراضي السلطنة أضعف وجودها، وهي ثورات خرجت كردة فعلٍ على ظلم الاتحاد والترقي، وقد دعمها القوميون العرب والحلفاء أيضًا، فلم تتمكن السلطنة من الصمود طويلًا فكان أن استسلمت سنة 1918م في الحرب، وانتهت كدولةٍ نهائيًا سنة 1923م.[٥]

المراجع

  1. "هل كان العثمانيون خلفاء كالعباسيين والأمويين ؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "العصر الراشدي"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "دولة بني أمية"، www.al-hakawati.la.utexas.edu، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "الدولة العباسية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019. بتصرّف.
  5. ^ أ ب "الدولة العثمانية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-05-2019.
4964 مشاهدة
للأعلى للسفل
×